هو ليس عنوانا لراوية أدبية أو قصة من عالم الخيال، لكنها واقعا حقيقيا تجسد في أسواق بريدة ومنازلها. فالجردة سوق بريدة القديم ومحط رحال البائعين والباحثين عن البيع والشراء كان يضم بين جوانبه وفي دكاكينه كل ما يهم المتسوق، إذ لا وجود للتخصص آنذاك.
وفي هذا الوقت أضحت «الجردة» سوقا خاصا لما كان يباع في السابق، مثل الخيام والهيل والإقط والفقع والجراد والسمن والملابس وغيرها.
وفي هذه الايام تمتلئ جوانب السوق وبسطات البائعين فيه بأكياس الجراد الحي، والتي تتراوح أسعار الكيس الصغير منه ما بين ١٢٠ - ١٥٠ ريالا، فيما يصل سعر الكيس الكبير منه إلى ٤٥٠ ريالا وذلك تبعا لنوعه، والذي ينقسم إلى «مكن، وزعيري».
هذا ولم يعد الامر مقتصرا على كبار السن فقط، حيث استهوى الجراد حتى الصغار، ليس حبا في طعمه ولكن حبا في تجربة جديدة يتذوقها الفم وتتفنن الايدي في التعامل مع تفاصيل جسم هذه الحشرة التي يتم طبخها بالماء ومن ثم تنشيفها لتضيف لموائد البيت القصيمي وجبة مثيرة يعتقد الكثيرون انها سببا في شفاء الكثير من الامراض. على الرغم أن وزارة الزراعة قد حذرت من جمع وبيع وأكل الجراد الصحراوي المعامل بالمبيدات الكيميائية نتيجة مقاومة الوزارة له بالرش، كما حذرت من أن طبخ الجراد يزيد من خطورة المواد الكيميائية فيه وتصبح أكثر سميّة.
وكان البدو يستعدون لصيد الجراد بتحضير الأكياس الفارغة والأواني المنزلية وكل ما يمكن استخدامه لجمع أكبر كمية منه، ولأنهم كانوا لا يستطيعوه صيده إلا في الظلام أو البرد الشديد فغالبًا ما يلاحقونه في الليل تحت ضوء القمر وفي الليالي المظلمة، حيث يبيتون بالقرب من أماكنه في انتظار بزوغ الفجر، وهي اللحظات التي يكمن فيها الجراد بسبب برودة الجو، فيبدأون بجمعه في الأكياس والأواني، بل كان البعض يربط أكمام ثوبه لاستخدامه ككيس يجمع فيه الجراد، ويشارك في ذلك الجميع من رجال ونساء وأطفال، وبعد الانتهاء من جمع الجراد يعود الجميع إلى بيوتهم حاملين معهم ما غنموه في رحلة الصيد المثيرة.
أما طبخه، فكانوا يقومون بغسله وتنظيفه من الرمال وما يعلق فيه، ثم يوضع في قدر مليء بالماء فوق النار حتى يغلي، وبعد عشر دقائق من طبخه يوضع الملح ويترك على نار هادئة لمدة نصف ساعة، ثم يرفع بعدها الجراد من الماء ويقومون بنشره على الحصير أو السجاد تحت أشعة الشمس حتى يجف، ثم يوضع في أكياس للتخزين، كما كان يؤكل الجراد مطبوخا أو مشويا، أو يتم طحنه وشربه مع الحليب، ويؤكل أيضًا مع الأرز حسب رغبة الآكلين.