كتب الكثير من المقالات، والكتب أيضاً، عن مظلومية الشيعة في ظل النِّظام السابق، وما عكسه هذا على الحالة السياسية الراهنية، من دون تمييز بين العمل الحزبي الديني، الذي كان النِّظام السابق ضده، وهي عملية نزاع على السلطة، ونحن إذ لا نعطي الحق في الفتك بحزب أو جماعة، لكن بالوقت نفسه أن لا يُعمم هذا على طائفة بطاملها، فالأحزاب الدينية، كحزب الدعوة كان يعمل من أجل السلطة ولاسقاط النظام السابق، وبعون من دولة خارجية هي إيران، ولم يكن النظام السابق ديمقراطياً كي لا نتفهم القسوة التي جوبهت بها تلك الأحزاب والحركات الدينية، فمعلوم أن أول المقتولين من الإسلام السياسي كان سنياً وهو الشيخ عبد العزيز البدري وأخيه السنة 1969 أي قبل قتل السيد محمد باقر الصدر بأحد عشر عاماً.
لكن ما جرى في النظام السابق لم يكن موجهاً ضد طائفة الشيعة، بقدر ما كان موجهاً ضد الحراك السياسي، فلا يجب أن تعمم المظلومية على كل الشيعة، أو بكلمة أخرى لا يجب أن يُوضع السُّنَّة في خانة النظام السابق وكأن الشيعة ليس لهم دور في وجود وقوة ذذلك النظام، ولماذا يكون البعثي الشيعي لا يعبر عن الطائفة ككل بينما يكون فعل البعثي السُّني معمماً على الطائفة السنية كافة. أدنا نذكر الأسماء الشيعية التي تولت مهام خطيرة في ظل النظام السابق من 1968 وحى سقوطه 2003، وهذه الأسماء عينات من جمهور شيعي عريض كان جزءاً من السلطة السابقة، والسبب الذي دفعنا إلى ذِكر ذلك، هو محاولة تكريس الطائفية بنزع المسؤولية عن الشيعة ومحاولة ربطها بالسنة فقط، مع علمنا أن النظام السابق طائفي لسلطته فقط ولا يعنيه السًّنة ولا الشيعة، وهذه الأسماء والمسؤوليات هي كالآتي، وليس لأحد إنكار أن هؤلاء من الشيعة:
الفريق أول الركن سعدي طعمة الجبوري كان وزيراً للدفاع، ومعلوم أن وزارة الدفاع تُعد وزارة سيادية ومن أخطر الوزرات آنذاك. كان أول رئيس أركان للجيش العراقي من الشيعة هو الفريق الركن عبد الواحد شنان آل رباط. أطول مدة قضاها في المنصب كوزير خارجية للعراق كان من الشيعة، وهو الدكتور سعدون حمادي من كربلاء، ثم تولى الوزارة طيلة التسعينات محمد سعيد الصحاف، من الحلة، وهو شيعي أيضاً، ثم انتقل لاحقاً إلى وزارة الإعلام، وحتى الغزو الأمريكي، وأصبح سعدون حمادي رئيساً للوزراء ورئيس المجلس الموطني وكذلك تولى رئاسة المجلس نعيم حداد. كذلك قضى سعدون حمادي أطول فترة كمسؤول عن قطاع النفط، وظل يشرف على وزارة النفط عندما كان يترأس اللجنة الاقتصادية في مجلس الوزراء. وكان حسن علي مسؤول مكتب الفرات الأوسط لحزب البعث ووزير التجارة، وعضو القيادة القطرية، وهناك أعضاء عديديون من الشيعة في القيادة القومية والقطرية. وأن الذين اعدموا في بعد تموز 1979 كانوا من السنة والشيعة، وهم أعضاء في القيادة القطرية ومسؤولون كبار في الدولة والحزب.
تولى من الشيعة منصب محافظ البنك المركزي العراقي عبد الحسن زلزلة وطارق التكمه جي، وهو منصب سيادي أيضاً في الدولة مثلما هي وزارة الدفاع والخارجية.
تولى مسؤولية الأمن كمدير أمن عام ناظم كزار وكان معاونه هو علي رضا باوة (شيعي فيلي)، ونائبه الآخر حسن المطيري. وكان المسؤول الأول عن التحقيقات الجنائية للمنتمين إلى حزب الدعوة إثر القيام بتفجيرات في داخل العراق في الثمانينات والتسعينيات عقيد الأمن علي الخاقاني، وهو من أهالي النجف، وفي القضاء الخاص تولى رئاسة محمكة الثورة شيعيان هما هادي علي وتوت ومسلم الجبوري.
تولى وكالة وزارة النفط الدكتور فاضل الجلبي، والدكتور عبدالأمير الأنباري، وتولى ورمزي سلمان رئاسة هيئة تسويق النفط (سومو)، وهي الجهة المسؤولة عن تصدير النفط العراقي. أكثر من 60 % من المدراء العامين في هيئة التصنيع العسكري كانوا من الشيعة وأكثر من 70 % من الكادر الهندسي والفني المتقدم فيها هم من الشيعة.
لم تخلو القيادة العسكرية من متنفذين شيعة
معظم رؤوساء الجامعات والمعاهد وعمداء الكليات والأساتذة الجامعيين، كانوا من الشيعة، وخاصة في جامعات جنوب ووسط العراق، التي افتتحت في الثمانينات والتسعينات. معظم خبراء وعلماء منظمة الطاقة الذرية كانوا من الشيعة من بينهم جعفر ضياء جعفر وحسين إسماعيل البهادلي والمحلل الكيمياوي في مركز الطاقة حسين الشهرستاني.
أكثر من 60 % من المدراء العامين في الدولة العراقية وكوادرها الفنية والتقنية والعلمية الذين يشغلون المناصب والمسؤوليات المتقدمة فيها هم من الشيعة. أطول فترة قضى فيها شخص في منصب مدير عام في الدولة العراقية منذ تأسيسها وحتى الغزو كان من الشيعة، وهو مدحت الهاشمي مدير عام الشركة العامة للسيارات.
معظم محافظو المحافظات العراقية في الفرات الأوسط والجنوب كانوا من الشيعة، وكذلك معظم أمناء سر فروع الحزب في جميع محافظات العراق، ومنهم ضياء يحيى العلي، وهو ابن عم نوري المالكي، كان محافظاً لمحافظة صلاح الدين، وكذلك طعمة ضعيف كيطان، وقائد حسين العوادي، وغيرهم.
إبان الحرب العراقية الإيرانية كان قائد صنف المدفعية هو اللواء الركن حامد الورد، شيعي، وقائد صنف الدروع هو اللواء الركن صبيح عمران الطرفة شيعي، وأمين السر العام لوزارة الدفاع (أي الشخص الثاني بعد وزير الدفاع) هو اللواء الركن سعدون شكارة المالكي شيعي، ثم لاحقا اللواء الركن جياد الإمارة، وقائد الفيلق الثالث هو الفريق الركن سعدي طعمة الجبوري، ومدير دائرة التوجية السياسي عبد الجبار محسن اللامي، وقائد قوات الحدود هو الفريق الركن علي الشلال، وآمر الانضباط العسكري لسنوات طويلة خضر علي النصار العامري، ومن قبل كان علي هادي وتوت.
المندوبون الدائمون للعراق في الامم المتحدة خلال حكم البعث كان عددهم 10 اشخاص توالوا على هذا المنصب، منهم أربعة شيعة، هم: طالب شبيب، عبدالأمير الانباري، الذي أمضى أطول مدة في المنصب وتولاه مرتين، محمد صادق المشاط، سعيد الموسوي. وشغل ممثلية العراق في اليونسكو: عزيز حاج قلي، شيعي فيلي، وعبد الامير الانباري شيعي.
وكان آخر رئيس تحرير لجريدة الثورة الناطقة بحزب البعث هو سامي مهدي،و المستشار الاعلامي للرئيس وهو عبد الجبار محسن. وكان وكيلا وزارة الاعلام حميد سعيد وعبد الأمير معلة، وهما مع سامي مهدي، أعضاء في مكتب الثقافة والإعلام القومي، في القيادة القومية للحزب. رئيس تحرير مجلة ألف باء لسنوات طويلة، حسن العلوي، وهو الذي أسسها، وكامل الشرقي، ثم تسلمها منه أمير الحلو.
رئيس تحرير جريدة الجمهورية الرسمية، الناطقة باسم الدولة صاحب حسين السماوي، وبعده بسنوات، تسلمها سلمان زيدان، وأصبح الأخير وكيلا لوزارة الثقافة ثم سفيراً. مستشار رئيس الجمهورية للشؤون الحزبية شيعي وهو محسن راضي سلمان.
ومرافق الرئيس صدام منذ 1968 وطيلة فترة السبعينات والثمانينيات وحتى بداية التسعينيات هو صباح ميرزا محمود وهو كردي فيلي. وسكرتيره الشخصي لأكثر من 30 سنة الدكتور علي عبدالله. كما شغل منصب سكرتير الرئيس للشؤون الصحفية صباح سلمان وهو شيعي أيضا.
هذه مجرد نماذج، كي تتضح الصورة أن الدولة السابقة كانت تتعامل على أساس الحزب، لا على أساس الطوائف. فلا يجب أن تتحمل العناصر السُّنية وحدها ما حصل في ظل النظام السابق، هذا من جهة ومن جهة أخرى أن التمييز على أساس الطائفة لم يكن هو السائد، إنما نظام السابق كان مبنياً على الأساس الحزبي، فالسُّني أو الشيعي المعارض لا محل له.
(( منقول للفائدة ))
المواضيع المتشابهه 
علاقة الرافضة بحزب البعث العراقي .. حقائق تاريخية 
العرض الشجري
