1- بعد تخرجي من الجامعة ذهبت على سيارتي مع أحد أصدقائي إلى بلد عربي، وبعد يوم من وصولنا توقفنا عند محطة وقود لتعبئة السيارة بالبنزين، وفيما نحن كذلك إذ أقبل علينا رجل من بعيد، ثم قال لنا: استبدلوا إطار السيارة الأيمن! فقلنا: لمه؟ فقال: استبدلوه!
ساعتئذ ظننا أنه صاحب مركز صيانة يريد الارتزاق بهذه الطريقة، فتغافلنا عنه وأهملناه، فذهب عنا وهو يلوّح بيده مهددًا: قلت لكم استبدلوه ... استبدلوه!!
تركناه ومضينا في طريقنا، ولم نلبث دقائق إلا وتصادمنا مع سيارة أجرة، وكان أول صوت سمعناه بعد الاصطدام هو صوت انفجار ذلكم الإطار الذي أشار علينا بتغييره!
تحليلنا هو: أنه أصاب السيارة بعين حاسدة، ثم وضعها في الإطار، وأراد تبرئة ذمته لما يعلمه من نفسه!
2- النادرة الثانية كانت عند زيارتي إلى مدينة تبوك شمال غرب السعودية في شتاء لم يمر على البلاد مثله منذ سنوات!
صليت الفجر وخرجت على سيارتي للتنزه وتقطيع الوقت، وكان مسارها على طريق مدينة ضبا الساحلية، وفيما أنا عائد إلى تبوك والوقت آنئذ مظلم موحش مقفر من المارة؛ إذا بي أنظر إلى رجل يشير بيده طالبًا مني التوقف لإيصاله.
توقفت، وفتحت النافذة، فطلب مني الرجل إيصاله إلى مدينة تبوك، فرحبت به، وصعد معي إلى السيارة.
تعجبت من وجوده في هذا المكان المقفر وهذا التوقيت الغريب مع البرد القارس؛ فأخبرني أنه مصري قادم من مدينة جدة السعودية، وأنه كان راكبًا في حافلة مصرية متجهة إلى ميناء ضبا السعودي تمهيدًا لركوب البحر إلى مصر، ولكنه نسي حقيبته في محطة النقل الجماعي في تبوك، فأنزله سائق الحافلة منها استعجالًا للحوق العبّارة المقلة لهؤلاء الركاب نحو مصر.
سألته: كم لك مذ غبت عن أبنائك؟ فقال: سنتان! فقلت: يا ظالم! سنتان وتنسى حقيبتك! فأجابني: هذا قدر الله، والحمد لله على كل حال.
وصلنا إلى محطة النقل الجماعي التي فيها حقيبته، ثم سألته: ماذا ستعمل الآن؟ فقال: سأبيت في تبوك إلى الغد!
من قدر الله تعالى أن ذلك اليوم هو يوم غرق العبّارة المصرية!!
3- النادرة الثالثة: في رمضان من أعوام فائتة، صليت الفجر ثم ذهبت إلى مكتبتي لاستلال كتب أتسلى بها قبل النوم.
اخترت كتابًا ثم رددته، وآخر ثم رددته، ثم استقر رأيي على كتابين من المكتبة.
استلقيت على السرير، فتحت الأول فسقطت منه 200 ريال، ابتسمت وقلت: رزق ساقه الله.
ألقيت بالكتاب جانبًا ثم فتحت الآخر فسقطت منه 3آلاف ريال!!
ووالله أني لا أذكر أني دسست فيهما هذين المبلغين سابقًا، ولا أدري كيف انسلا من هذين الكتابين، وفي كل الأحوال فلله الحمد على فضله ونعمته.