لا يخفى على كثير أن علم التحليل الفني بجميع أنواعه هو بالأساس علم مبني على التحليل النفسي لسلوك المتداولين بطريقة غير مباشرة
عن طريق تكون أنماط معينة نشأت من دراسة البيانات التاريخية للأسهم ولكن هذه الأنماط السعرية والنماذج بالأساس كانت نتيجة النفس
البشرية وتفاعلها مع الأحداث والتحركات السعرية.
كثير يستغرب إنخفاض السيولة منذ أسابيع بالإتجاهين وتجد الأمر غريباً لأنه بالعادة السيولة تقل في إتجاه واحد وتزيد بالآخر ومنها نستطيع
تحديد إتجاه الترند. وقد فكرت في سبب ذلك وحاولت تحليل السوق تحليل نفسي مباشر فوصلت إلى هذه الإستنتاجات التي أعتبرها إجتهاد أقرب إلى الخطأ من الصواب.
لا يخفى على كثير أن المحفز الأساسي والوحيد للسوق الفترة الأخيرة كان فتح الباب للمستثمر الأجنبي، وبسبب غياب توعية الأفراد عن التأثير
الحقيقي للمستثمر الأجنبي والذي يأخذ وقت طويل ليظهر، إنتشرت إعتقادات خاطئة وكثيرة بين الناس عن تأثير دخولهم من أول أيام، فتجد
الكثير يتحدث عن إرتفاع السيولة أضعاف ما نراه قبل فتح الباب والآخرون يتحدثون عن أن الأسعار القديمة لن نراها مجدداً من شدة الشراء
الذي سيحدث أول أيام، وغيرها الكثير من الإعتقادات الخاطئة التي لم تساهم الهيئة في القضاء عليها بالتوعية الصحيحة.
كثير من الناس تحول إلى مستثمر حتى المضارب منهم. وقرروا الشراء بالأسهم المستهدفة والإنتظار فيها. ولهذا قل عدد المضاربين
بشكل كبير لتحول الكثير إلى مستثمرين، وكما هو معروف أن السيولة اليومية للسوق معظمها سببها المضاربين اليوميين. وكان شيء طبيعي
أن تقل السيولة لزيادة عدد المستثمرين وإنتظارهم البيع على الأجانب بعد حين.
السيولة قليلة في الإرتفاع لأن جميع من دخل للإستثمار لا يريد أن يبيع حتى يتحقق هدفه ولا يوجد بالخارج إلا مضاربين فلا يوجد مستثمر يريد الشراء مثلما كان قبل فتح الباب.
السيولة قليلة في الإنخفاض لأن المستثمرين لا يريدون البيع لأنهم بإنتظار الأجانب ويعتقدون أن النزول لن يستمر فقد يرتد السوق بأي لحظة.
ساهم في هذا إعلان الهيئة أن هناك صناديق كبيرة جداً في الطريق وكأنهم يقولون للناس تمسكوا جيداً لم يبقى إلا القليل. ولكن كلما هبط
المؤشر وكسر المزيد من الدعوم سيبدا ينتشر الخوف ويبيع البعض وترتفع السيولة وهذا ماحدث في الأيام الأخيرة.
الأدلة على السلوك الجمعي والتفكير الواحد
لاحظ السيولة في شهر إبريل كيف كانت قبل الخبر المفاجيء وبعده، قبل 19 إبريل كانت السيولة في أقصاها 9 مليار وبعده كانت السيولة
في أدناها 9 مليار. طبعاً الكثير كان بالخارج ينتظر إعلان سابك وكان يتوقع أن إعلان الهيئة في نهاية إبريل ولكن إعلان الهيئة كان مفاجيء
فبدأ السلوك الجمعي يأخذ مجراه فدخل الكثير من الناس فيما تبقى من شهر إبريل حتى أوصلوا المؤشر إلى 9834 بنهايته.
يتضح ذلك أكثر عندما ترى أن السيولة بعد الخبر مباشرة كانت 14.8 مليار وهي سيولة كبيرة في الفترة الأخيرة لم نعتد أن نراها.
بالتأكيد هناك من لم يشأ أن يدخل إلى قبل فتح الباب بأيام قليلة والبعض ربما خرج مع هبوط المؤشر لكن هؤلاء الذين لم يقرروا أو الذين
خرجوا عادوا قبل فتح الباب بيوم ورفعوا المؤشر 126 نقطة تقريباً.
في خلال هذه الفترة كنت أقرأ الكثير من الردود التي جعلتني أحذر ثم أخفف الكميات خصوصاً قبل فتح الباب بيوم. أولاً حديث الكثير
أنه وضع كل ريال لديه في الشركات ذات العوائد وأنه ينتظر فتح الباب بفارغ الصبر. والبعض يتحدث أنه جمع شقى عمره ووضعه
من أجل هذه الفرصة. وأحد الأعضاء هنا كتب موضوع أنه لن يدع ريال واحد يمرح خارج المحفظة والكثير. فكرت في نفسي وقلت
إذا كان معظم الناس في السوق وكل منهم أخذ مركزه وأدخله سيولته فكيف سيرتفع السوق بدون سيولة الأجانب.
كنت أعلم أن الأجانب سيدخلون على هدوء وعلى فترات طويلة وهذا سلوك الصناديق، لذلك إن لم تأتي سيولة بعد فتح الباب
لترفع السوق فلن يخترق 10,000 لأن المؤشر لا يرتفع كثيراً بدون سيولة ولكنه قد يهبط بدونهأ أو كما يقولون يهبط بسبب وزنه.
لذلك قلت في نفسي أنه في أفضل الأحوال سيستقر المؤشر عند هذه الأرقام ولن يرتفع كثيراً حتى تأتي سيولة ترفعه. ولكن بما أن
الناس يتوقعون سيولة مرتفعة وشراء من الأجانب فماذا سيحدث إن لم تحدث توقعاتهم؟ بالتأكيد سيكون تاثيره سلبي،
لأن الأخبار نسبية تعتمد على التوقعات التي يضعها الناس لها فإن جاءت أعلى من التوقعات كان إيجابياً وإن جاءت أقل كان سلبياً.
وسقف التوقع الذي وضعه الناس غير منطقي وبالنهاية سينصدمون بالواقع. مازاد الطين بله هو الهيئة حيث أعلنت أن لديها طلبات
ولم تنتهي من إصدار الرخص في حين أن الناس كانوا يتوقعون شراء من أول يوم، ولهذا حاولت الهيئة تهدئة الناس بإطلاق عبارات
عاطفية مثل حديث مدير الهيئة عن صناديق "كبيرة جدا" على حد وصفه وهو وصف عاطفي فأساساً شروط الهيئة هي التي جعلت
الذين يتقدمون يجب أن يكونوا صناديق كبيرة. والأمر الأخرى حديثها عن إصدار تقارير شهرية للطلبات والرخص الممنوحة.
ولكنهم تأخروا بالشفافية والإفصاح وتركوا السلوك الجمعي يأخذ إعتقاداته ويأخذ مجراه.
خاتمة
هذه القراءة كما أسلفت أقرب للصواب من الخطأ لذلك لم أشأ ذكرها في حينه حتى لا أشوش على الناس فربما أكون مخطئاً ولكن
أقدمها الآن لعل بعض مما ذكرت يكون سبب لما يحدث من ضعف في السيولة والسوق. لكن الشيء الإيجابي أن هناك الكثير
من الأخبار الإيجابية التي قد تحرك السوق فهناك النفط الذي قد يرتفع في النصف الثاني وهناك الحرب والتي لا محالة ستنتهي
وبما أننا محاطين بأخبار سلبية كثيرة فلن يضر ورود أي خبر سلبي إضافي ولكن أي خبر إيجابي ولكن كان صغيراً سيكون مؤثراً.