![]() |
التغافل الذكي عندما ترقيت إلى منصب ” مدير ” كان من ضمن الموظفين شابٌ نشيطٌ جداً ، وناجحٌ في عمله ، وكان يقوم بكل ما يطلبُ منه بذكاءٍ وسرعةٍ ودقةٍ ، كما أنه يحقق نسبةَ إنجازٍ عاليةً ، لكنه كان لعوباً إلى حد ما … كان يغادرُ مقرَّ عملهِ كثيراً بدون إذن ، إجازاتُه وأذوناتُه أكثر من المُعتاد. ذاتَ مرة تقدّم الشاب بإجازة ليسافر مع أصدقائهِ في رحلة .. لكنني رفضتها .. !!! فما كان منه إلا أن تقدَّم بإجازةٍ مرضيةٍ ، واتصل مدعياً المرض معتذراً عن الحضور … ولأنني أعرف أنه ليس مريضاً ؟!… ذهبتُ صباحاً إلى بيته وانتظرتُ هذا الشاب باكراً ثم قابلته وهو يحمل عدّة الرحلات .. !! كاد الموظف يذوبُ خجلاً ، ووجههُ يتقلّب بين الخجلِ والحرج … بينتُ له أنه لم يكن قادراً على خِداعي ، وأنني لستُ بتلك السذاجة التي يظنُّها .. وبرهنت له أنه كاذب ، وخصمتُ عنه أجرَ اليوم مضاعفاً .. *لكن ماذا حصل بعد ذلك ؟!!!!!* بعد أيامٍ ، تقدَّم الشابُّ باستقالته …!!! من جهتي ، خسرتُ جُهده ونسبةَ الإنجاز العالية التي كان يُحققها ، ولم يعُد بالإمكان أن أرفع لإدارتي العليا نسبَ الإنجاز السابقة ، وصرتُ بحاجةٍ للبحث عن شاب يمكنه أن يحقِّق ذات الإنجاز وهم قليل … *كان غباءاً منقطعَ النظير ، ما الذي استفدتُه من ذلك* ؟؟ !!! *يومها ، اكتشفت أنَّ بعض ما نخسره في حياتنا ، يكون بسبب التضييق على الآخرين ، وإغلاق منافذ الهروب* ما يجعل الطرف الآخر أمام خيارين : *- إما أن يهربَ مِنك* وتَخسر جهده .. *- أو يتخذك عدواً* ، فيكيدُ لك ، ويدعو عليك وسيتراجع نشاطه كنوع من الدفاع عن النفس .. *وفي كلا الحالتين تكونُ خاسراً* لذلك أجدُ من المناسبِ أن تختارَ اللحظةَ ، لتسمحَ للطرفِ الآخر أن يتراجَع ، أن يهربَ بِكرامة ، فبعضُ التغافل مفيدٌ جداً… لن تكون منتصراً فعلياً فيما لو كشفتَ المرء أمامكَ وأمام نفسه حد التعرية ، حيث لن يجد بداً من المواجهة أو الهروب … *التجمُّل و التّغافل هو ورقة التوت التي تسترنا وتحمينا…* ليس الغافل بسيد في قومه لكن سيد قومه المتغافل *الأفضلُ دائماً أن تفتحَ لخصمكَ طريقاً يخرجُ منه كريماً فيحترمُك ، بدل أن تُحرجه فيُعادِيك* .. لا يُشترط أن تفوزَ بكل المعاركِ فبعضُ الفوزِ هزيمة .. ولا تُحرق مراكبكَ أبداً … فقد تحتاجها قريباً .. *هذه إهداء لكل أب وأم ولكل زوج وزوجة ولكل الاخوه والاصدقاء ولكل مدير ومديرة ومعلم ومعلمة* *لابد أن تكسب الجميع بنوع من التغافل الذكي والتجاوز وذلك ليس غباء بل هو منتهى الذكاء والفطنة |
| الساعة الآن 04:29 PM بتوقيت مسقط |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.
Search Engine Optimization by vBSEO 3.6.0 Designed & TranZ By
Almuhajir