منتديات شمس الحب

منتديات شمس الحب (http://www.x2z2.com/vb/index.php)
-   سلة المحذوفات والمواضيع المكررة (http://www.x2z2.com/vb/forumdisplay.php?f=36)
-   -   * اتكل على الله واشتغل لبرالي!! (http://www.x2z2.com/vb/showthread.php?t=397153)

لميسـ 11-06-2018 01:32 PM

* اتكل على الله واشتغل لبرالي!!
 
حدثني صاحبي قائلا: لم تستقم لي حالة مُذ وُلدت، ولم يخِفَّ عني كرب منذ نشأت، ولم تلِن لي نفسٌ منذ حييت - إلا أني مع ذلك قد عشتُ عذْبًا وسطَ عذاب، وريحانًا في سَموم، وأملًا داخلَ ألم، أتخلل السعادة من كل ذلك بيدٍ وقلب: سائرًا لا أخاف، وخائفًا لا أسير!

ثم إنه كان من أمري في الصغر، أن حبّب الله لي هذه القراءة والنهل منها، فكنتُ أقضي على أيامي بكتابي، أتتبع ( عيون الأخبار) بـ ( أغاني) الشباب، وأسقي ( ثمر الألباب) على طول ( الأيام)، وكل هذا كان ( تحت راية القران)! فقد كنتُ يا صاحبي: أقرأ بنهم، وأتصفح بعافية، وأستزيد على غير قناعة - في وقتٍ كان الحفلُ فيه للكتاب نادرًا أو مُعابًا .. إلاّ أن الله مع ذلك: قد حبّب لي ذلك!

ومضى بي العمر إلى حلو الشباب، حيث اللهو بلا نهي، والسنّ بلا رسن، والأمل بلا أجل، فكان من شأني فيه: أن تمنيت الأدبيةَ العالية، والمجلسَ الصدر، والإمامةَ على الجماهير .. وصالونَ ( مي)! ولذا فقد غذوتُ السير إلى ذاك، وغذيته بذاك: أقرأ لأكتب، وأكتب لأقرأ!

وإلى هذا وذاك، فقد كنتُ امرأً مجبولًا على الفخر – كحال من قحّ من الأعراب أو استعرب – متبسمًا إلى الزهو، متزيّنًا للمديح، ومعتدًا بما فيّ وما ليس فيّ؛ شعاري من ذلك: " إنّ أبا سفيان رجلٌ يُحبُ هذا الفخر .. فلو جعلتَ له شيئًا يا رسول الله"! وشعاري عند ذاك: " امدحني وخذ ما في جيبي" ! – ويجدر لي أن أخبرك بأني لا زلت على ذاك الطبع؛ فالتزمني آخر الشهر! -. :)

والحاصل من كل هذا بخلاصة: تجمّع لي من كل شيءٍ شيءُ، ولم يبق إلاّ سانح الفرصة!

فصرت – يا صاحبي – أتحينها فلا تجيء، وأرصدها فلا تظهر، وأصبر لها فلا تنفرج! كل هذا وأنا أكتب، ويشيع خبري أني أكتب! وفيما بين ذاك وذينك: تذهب الحسرةُ بقلبي حين أرى فلاناً "الساذج" يكتب في صحيفة كذا، وفلاناً " التافه" يُلقي محاضرةً في دار كذا! وأنا على كلٍ مشغول القلب بهم، متشاغل العقل عنهم؛ بحديث أولئك الأكذبين الأقدمين: ( ما أضيق العيش لولا فسحة الأمل)! إذْ والله ما ضيق عليّ عيشي وصدري مثل هذا الأمل الذي لا يجيء ولا يحين!!

وعكفتُ على حالي هذه سنينَ عددا: قلبي يتلمظ على ( مافيش)، ونفسي تتوق إلى ( الدناديش)! حتى وصل بي الحال والمآل إلى شهرة خفيّة كتلك التي تجيء في الإعلانات الضمنية - حين يُعلنُ عن مُنتجٍ داخلَ مسلسلٍ أو فلمٍ أو نشيد. ( كالتي تراها من شرب لبن المراعي في ثنايا مسلسل طاش ما طاش)!

عجبتُ من صاحبي حينها فسألته: وكيف صار ذاك؟!

فضحك وقال: لقد ذعتُ ( شَعبياً) أني أكتبُ؛ فصرتُ حديثَ الحيِّ من أهلي وربعي: هذا أكتب له كلمة أولياء الأمور في مدرسة ابنه الابتدائية، وذاك أكتب له معروضاً إلى وزارة الشؤون القروية، والثالث: بكلماتي شُقّت أخاديدُ الصرف الصحي له، والرابعة المسكينة – آهٍ لتلك المسكينة! - أخرجتُ لها زوجها ( المدين) من سجون الدائنين!

ثم عاودَ صاحبي الضحكُ الهستيري، فقال يبكي: وهكذا تحولت أمنيةُ الأديب إلى كاتب معاريض!

واسيتهُ أنا بعد ذلك قائلاً له: اتكل على الله واشتغل لبرالي!


* المعاريض في اللهجة السعودية هي الخطابات التي تكتب إلى المسؤلين طلبًا أو شكايةً .


الساعة الآن 07:55 PM بتوقيت مسقط

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.
Search Engine Optimization by vBSEO 3.6.0 Designed & TranZ By Almuhajir

Adsense Management by Losha

جميع الحقوق محفوظة لمنتديات شمس الحب

1 2 3 4 6 7 8 9 10 11 12 13 15 16 17 18 19 20 21 22 23 28 29 30 33 34 35 36 37 39 41 42 43 44 45 46 47 48 49 53 54 55 56 57 58 59 60 61 62 63 64 65 66 77 78 79 80 98