وقف عمر يخطب الناس وعليه ثوب طويل فقال: أيها الناس اسمعوا وعوا.
فقال سلمان الفارسي: والله لا نسمع ولا نعي.
فقال عمر: ولِمَ يا سلمان؟
قال تلبس ثوبين وتُلبسنا ثوبا.
فقال عمر لابنه عبد الله: يا عبد الله قم أجب سلمان.
فقال عبد الله: إنّ أبي رجل طويل فأخذ ثوبي الذي هو قسمي مع المسلمين ووصله بثوبه.
فقال سلمان: الآن قل يا أمير المؤمنين نسمع وأمر نُطع.
وقال عمر مرة على المنبر للناس: ما أنتم فاعلون لو حدت على الطريق هكذا؟ وحرف يده.
فقام رجل من آخر الناس وسل سيفه وقال: والله لو حدت عن الطريق هكذا لقلنا بالسيوف هكذا.
فقال عمر: الحمد لله الذي جعل في رعيتي من لو حدت على الطريق قومني.
وقال له رجل: اتق الله يا عمر. فدمعت عيناه، وقال: لا خير فيكم إذا لم تقولوها ولا خير في إذا لم أقبلها.
وطالب عمر على المنبر بتقليل مهور النساء، فقامت امرأة من آخر المسجد فقالت
يا أمير المؤمنين إنّ الله يقول :
(وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنطَارا فَلاَ تَأْخُذُواْ مِنْهُ شَيْئا)
فقال عمر: أصابت امرأة وأخطأ عمر.
يقول ابن عباس: والله لقد رأيت في قميص عمر وهو خليفة أربع عشرة رقعة.
ولهذا حيَّاه الشاعر محمود غنيم، فقال:
* يا من يرى عمرا تكسوه بردته - والزيتُ أدمٌ له والكوخُ مأواهُ
* يهتز كسرى على كرسيه فرقًا - من خوفه وملوكُ الروم تخشاهُ
وجاء الهرمزان الوزير الفارسي يبحث عن عمر، فوجده نائما تحت شجرة عليه قميص مرقع بلا حراسة، فهزّ الهرمزان رأسه وقال: حكمت فعدلت فأمنت فنمت، فنظمها حافظ إبراهيم في قوله:
فقال قولة حق أصبحت مثلا - وأصبح الجيل بعد الجيل يرويها
أمنت لما أقمت العدل بينهمُ - فنمتَ نوم قرير العين هانيها
وقال عمر: والله لو عثرت بغلة في ضفاف دجلة لخشيت أن يسألني الله عنها
لِمَ لم تصلح الطريق لها يا عمر؟
ووجد حلوى عند أطفاله فقال لزوجته: من أين لكم ثمن هذه الحلوى؟
قالت كنت أوفّر من حصتنا من الدقيق الذي يأتينا من بيت المال،
فقال عمر: توفرين الدقيق وفي المسلمين من لا يجد دقيقا؟
وأخذ الحلوى من أيدي أطفاله وقال ردوها لبيت مال المسلمين
فقال حافظ إبراهيم:
لمّا اشتهت زوجه الحلوى فقال لها - من أين لي ثمن الحلوى فأشريها؟
ما زاد عن قوتنا فالمسلمين به **** أولى فقومي لبيت المال رديها