حذر باحث متخصص في دراسات علم النفس من ارتفاع نسبة المعاكسات في المملكة إلى 215%، مؤكداً أن الإحصاءات الرسمية المتعلقة بظاهرة التحرش بالنساء والمعاكسات تسجل ارتفاعاً ملحوظاً، مطالباً الجهات المختصة إلى المبادرة بسرعة معالجة الظاهرة بعد دراستها والخلوص إلى توصيات علمية تساعد في التصدي للظاهرة والحد من آثارها.
وشدد الباحث في الوقت ذاته على عدم إلصاق تهمة المعاكسات بالشاب، واصفاً ذلك بالأمر الخاطئ الذي يولد ضغطاً نفسياً يلقي بثقله على الشاب بشكل سلبي، خاصة عندما يتم منعهم من دخول المجمعات والمراكز التجارية بحجة منع معاكسات النساء أو التحرش بهن.
وقال رئيس قسم علم النفس في جامعة طيبة الدكتور نايف الحربي، في حديثه لـ «الشرق» بأن المعاكسات التي تكون ساحتها في أغلب الأوقات المجمعات التجارية تمثل انتكاسات دينية وتربوية بالمقام الأول، ومعالجتها تكون من عدة جوانب، أهمها الشاب نفسه ومن ثم الأسرة ويليهما المجتمع، فمتى ما كانت الأسرة والمجتمع قريبين من الشاب سيشعر بالأمان والاستقرار العاطفي وهو ما يفتقده كثير من الشباب ويبحثون عنه داخل أروقة المجمعات التجارية.
وطالب الباحث الحربي في الوقت ذاته بالتنبه إلى ضرورة أن الشاب يحتاج لتوعية وصحوة ضمير، وأنه لو حصل ذلك ووقف مع نفسه وعلم أن ما يقوم به أمر يؤثر على دينه وتربيته وسمعته لعاد خطوة للخلف، مؤكداً بأن الدور الأكبر في كل ذلك يقع على عاتق العائلة ومن بعد العائلة المحيط الاجتماعي الذي يجب أن يحتويه بشكل سليم وغير منفر.
وقد استطلعت «الشرق» آراء عدد من الشباب بالمدينة المنورة حول ظاهرة المعاكسات التي يتم إلقاء المسؤولية فيها عليهم، فأبدوا تذمرهم واستياءهم من سوء تعامل المجمعات التجارية معهم، ومنعهم من دخول تلك المجمعات.
وفي جولة ميدانية لـ «الشرق» في أحد المجمعات التجارية في المدينة المنورة لاستطلاع آراء الشباب عن هذه الظاهرة، قال الشاب عبدالله المرواني: «أكثر ما يضايقني هو قرار منع الشباب من دخول المجمعات بالمناسبات والإجازات الرسمية، وحالياً أنا هنا للتسوق والنزهة وقضاء أعمالي بوقت واحد، فالمجمعات الآن تحتوي على كل ما يتطلبه الفرد فهناك شركات اتصالات بالإضافة لوجود بعض فروع البنوك».
كما أضاف عبدالرحمن المحمدي بقوله :»أكثر ما يضايقنا نظرة المجتمع للشاب بأنه غير سوي وقصده مضايقة الفتيات» وعما تعانيه العائلات من بعض تصرفات الشباب أضاف المحمدي «لماذا تعاملونني بذنب غيري؟! من المفترض أن الشخص لا يحاسب إلا عن نفسه فقط». وشاركه الرأي سلطان المالكي بقوله: «اسمحوا لنا بالدخول وإذا أخطأنا عاقبونا».
وفي السياق ذاته، أوضحت زينب العامودي، بأن المشكلة تكمن لدى الفتاة فمتى ما أدارت ظهرها لمضايقة الشاب فسينسحب سريعاً عنها»، وعن دواعي المعاكسات لفتت العامودي إلى أنه من الممكن كون السبب تصادم حضارات وعادات وتقاليد، فالمملكة تُعد شبه قارة، ففي كل منطقة منها لها عادات وتقاليد باللبس، وأخص اللبس لأنه الشرارة الأولى التي تثير الشاب فهناك عائلات ترى ما تقوم ابنتهم بارتدائه طبيعياً بينما الشاب يرى عكس ذلك».
وسألت «الشرق» مشرف الأمن في أحد المجمعات التجارية في المدينة المنورة محمد المولد، عن أسباب منع الشباب من الدخول، فقال: «لا نمنع الشباب من الدخول ولكن هناك عملية تنظيم للدخول، ويوما الأربعاء والخميس يتم تخصيصهما للعائلات»، مؤكداً أن دور الأمن يكمن بموازنة الأمور وضبط النظام أثناء دخول الشباب.
وأشار المولد إلى أنه من الصعب السيطرة على مجمع تجاري من خلال تصرفات شخصية تصدر بثوانٍ معدودة، مما حدا إدارة المجمع إلى وضع تصور لأفضل الحلول وهو تخصيص أوقات لدخول الشباب وهي غالباً ما تكون صباحية.
نشرت هذه المادة في صحيفة الشرق المطبوعة العدد رقم (٤٦٥) صفحة (١١) بتاريخ (١٣-٠٣-٢٠١٣)