![]() |
الجهاد بسم الله الرحمن الرحيم الإسلام هو النظام الأمثل للإنسان ، منفرداً أو مجتمعاً ، مهتماً بجسده أو متطلعاً إلى روحه، ناظراً إلى دنياه ، أو مستشرفاً لآخرته مسالماً أو محارباً ، مطالباً بحق نفسه ، أو معطياً حق غيره ، فلا يكون المسلم مسلماً ، إذا ترك دنياه لآخرته ، ولا إذا ترك آخرته لدنياه إلا أن يأخذ منهما معاً ، فإن الأولى مطية للثانية. والإسلام رسالة الإنسان ، ومنهجه في كل مجالات الحياة ، وفي جميع ميادين النشاط البشري ، فلا يدع جانباً ، من جوانب الحياة الإنسانية إلا كان له فيها موقف ، قد يتمثل في الإقرار والتأييد ، أو في التصحيح والتعديل ، أو في الإتمام والتكميل ، أو في التغيير والتبديل، وقد يتدخل في الإرشاد والتوجيه ، أو بالتشريع والتقنين ، وقد يسلك سبيل الموعظة الحسنة ، وقد يتخذ أسلوب العقوبة الرادعة ، كلٌ في موضعه. والغاية الأخيرة ، والهدف البعيد ، هو الحصول على مرضاة الله ثمناً لحسن الصلة به ، والسعادة الأبدية في قربه.. قال تعالى: ﴿ يا أيها الإنسان إنك كادح إلى ربك كدحاً فملاقيه ﴾ [سورة الإنشقاق الآية 6] وفي الإسلام غايات ، وأهداف أخرى ، إنسانية ، واجتماعية، ولكنها بعد التأمل فيها ، لا تخرج عن خدمة الهدف الأكبر ، وهو مرضاة الله تعالى ، وحسن مثوبته ، فهو هدف الأهداف، وغاية الغايات. * ففي الإسلام تشريع ، ومعاملات ، ولكن المقصود منها تنظيم حياة الناس ، حتى يستريحوا ، ويبرؤوا من الصراع على المتاع الأدنى ، ويفرغوا لمعرفة الله ، وعبادته ، والسعي لمرضاته. * وفي الإسلام حث على المشي في مناكب الأرض ، والأكل في طيباتها ، ليكون العمل أساساً للابتلاء ، والنعمة وسيلة لمعرفة المنعم وأداء حقه وشكره ، قال تعالى: ﴿ كلو من رزق ربكم واشكروا له ﴾ [سورة سبأ الآية 15] * وفي الإسلام جهاد وقتال للأعداء ، قال تعالى: ﴿ وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين لله ﴾ [سورة البقرة 193] فكل ما في الإسلام من تشريع ، وتوجيه ، وإرشاد ، إنما يقصد إلى إعداد الإنسان ، ليكون عبداً خالصاً لله ، يعرفه ويطيعه ويوحده ويعبده قال تعالى: ﴿وما أرسلنا من قبلك من رسول إلا نوحي إليه أنه لا إله ألا أنا فاعبدون ﴾ [سورة الأنبياء الآية 25] وبعدئذ يستحق رحمته.. ﴿ ألا من رحك ربك ولذلك خلقهم ﴾ [سورة هود الآية 119] لقد ضمن القرآن الكريم الجهاد معنى إنسانياً نبيلاً وفريداً ، وحدد له مقاصده العليا ، منزهة عن الهوى والأغراض المادية العاجلة ، والمطامح الشخصية ، أو العنصرية ، من شهوة العلو في الأرض ، أو التوسع فيها لتكون أمة هي أربى من أمة ، وجرَّده وسيله رئيسة لترسيخ القيم والمثل العليا ، في الوجود البشري بعامة ، والحفاظ عليها. وإن الإسلام لم يجعل الجهاد مفروضاً في أعلى مراتب الفرضية ، وأعظمها مثوبة من أجل الدفاع عن الوجود ، أو الحفاظ على مقوماته فحسب ، بل يوليه عناية فائقة إذ جعله سنداً مكيناً لدعوته ، التي تسعى إلى نشر رسالة السماء إلى الأرض ، لتتحقق خلافة الإنسان فيها.. عن طريق التمسك بمبادئ الحق ، والخير السامية ، وقيم العدل والإحسان الرفيعة ، فجعله خالصاً ومخلصاً لوجه الله تعالى ، وابتغاء مرضاته ، ومرضاته لا تتم إلا إذا سادت تعاليمه ، وعلت في الأرض مُثُلُه ، وحتى لا تكون فتنةٌ ويكون الدين لله ، ولا أدل على صحة هذه المبادئ ، وتلك المفهومات من هذه السعادة ، التي تملأ جوانح الإنسان حينما يكتشف سرَّ وجوده ، وجوهر رسالته ، وينطلق في طريق الهدف الكبير ، الذي خُلق من أجله. * * * وإليكم هذا المشهد: لما فرغ الناس لقتالهم في أُحد قال النبي صلى الله عليه وسلم: (( من رجلٌ ينظر لي ما فعل سعد بن الربيع: أفي الأحياء هو أم في الأموات ؟ " فذهب رجل من الأنصار ، فوجده جريحاً في القتلى وبه رمق ، فقال له: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرني أن أنظر أفي الأحياء أنت أم في الأموات ؟ قال: أنا في الأموات ، أبلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم عني السلام ، وقل له: إن سعد بن الربيع يقول لك: جزاك الله عنا خير ما جزى نبياً عن أمته ، وأبلغ قومك عني السلام ، وقل لهم: إن سعد بن الربيع يقول لكم: إنه لا عذر لكم عند الله ، إن خُلِصَ إلى نبيكم وفيكم عين تَطرِف.. قال: فلم أبرح حتى مات.. فجئت رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبرته خبري فبكى ، حتى أخضل لحيته )) (راجع السيرة النبوية لابن هشام (3/75) و" أسد الغابة " لابن الأثير (2/348) وقد ظهرت من ثمرات هذه المبادئ ، وتلك القيم ، بطولات فذة ، يندر أن نرى مثلها في المجتمعات التي أدارت ظهرها لمنهج الله ، وانغمست في وحول الشهوات ، قال تعالى: (( فخلف من بعدهم خلف أضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات فسوف يلقون غياً)) [سورة مريم الآية 59] والحمد لله رب العالمين __________________ قال صلى الله عليه وسلم : سيأتي على الناس سنوات خداعات ، يصدق فيها الكاذب ، و يكذب فيها الصادق ، و يؤتمن فيها الخائن ، و يخون الأمين ، و ينطق فيها الرويبضة . قيل : و ما الرويبضة ؟ قال : الرجل التافه يتكلم في أمر العامة |
| الساعة الآن 11:44 AM بتوقيت مسقط |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.
Search Engine Optimization by vBSEO 3.6.0 Designed & TranZ By
Almuhajir