لا .. لا .. لست أكتب إليكِ ،
فقد تعب الواعظ ، ونفدت المواعظ ..
إنما أعزي النفس ، وأبكي على الأمس ..
عشقتك بصمت وبصوت ..ولقد عجبت - والله - من العشق كيف يعمل ،
وأيقنت - بالله - أنه قد يقتل .. فلا حول إلا بالله .
بالأمس القريب .. عندما تركتِني وغادرتِ عشيَ الآمن ؛
لم اكن قط أفكر في أنك ستطلبين الطلاق ولا لوهلة ،
ولكم فوجئت لذلك ، حتى أصبحت في أشد من الحيرة ..
كنت أذكرك بالله ، وبأنه لا يجوز لك طلبك هذا ،
أذكرك بحقي عليك و بمعسول كلامك و ... و .
..
كنت كالنافخ في قربة مشقوقة .. لم أجد صدى كلماتي ،
ولا أثر تنهداتي ، ولا رجع آهاتي.. لكم أنت قاسية ،
وكم أنت عنيدة ، بل كم أنت مجرمة !!
ولكم هو مؤلم ، أن يكون العشق من طرف واحد !!
أظنه قد يؤدي إلى الجنون ، بل سيؤدي إلى ذلك حتما ،
إن لم تدرك العبد رحمة الله !!
الآن وأنت هناك وليس ثمة رشيد .
ومن حولك لا يسدون نصحا ، ولا يبغون صلحا .
فقد انقطع الأمل ، ويئس الرجاء، وقفل باب العودة.
ولا أملك إلا الاسترجاع !!
ولكن ، هل يبكي الرجل ؟ بل هل من العيب أن يبكي الرجل !!
لكم كنت معيبا إذن !! كم بكيت ولم يرق لي دمع ..
بكيت حتى جف دمعي ، لم أستطع أن أخفي آهاتي وآلامي ،
كيف إن رأيتِني أعانق بعض ثيابك ..
وأشتم بعض ريحك !!
كنت أهرب ممن هم أمامي ، ممن علم بمصابي ..
أختلق الأعذار و أبدي الاعتذار.
كنت أتصنع القوة ، وأزعم الصبر ، وأدعي الصمود ..
ثم أغدو في انهيار تام عندما أخلو بنفسي ،
أصبحت كالمجنون ، بل رحمت حاله ، وكرهت مآله .
وهل يشفع لي كل ذلك !!
وقالوا قد جزعت فقلت كلا ... وهل يبكى من الطرب الجليد
ولكنى أصاب سواد عينى ... عويد قذى له طرف حديد
فقالوا ما لدمعهما سواء ... أكلتا مقلتيك أصاب عود
كم كنت أخجل مما أجد ، ولا يسرني قط أن يراني أحد ،
وأنا أبكي بكاء الثكلى ،
أندب حظي ، ولكن !!
قد سطرت ما سطرت .
فقد يرى سطري من هو مثلي ،
أو من قد مر بحالي ..
ولرب داعٍ لي بخير مستجاب الدعاء ،
أو رب متصبر يقتدي بي ، فيصلني أجر الاقتداء...
سأطلقك اضطراراً لا اختياراً .. وسأتركك
صبرا واحتساباً.
وسأقدم لك مبتغاك بصمت ، وإن كنت من داخلي أتقطع !!
وسأحمد الله أن نجوت !!
اللهم أجرني في مصيبتي واخلف لي خيرا منها ..
..