عندما تتصور المشهد ، يعتريك الذهول ، ويتخطفك الاستغراب من كل جانب ، حتى أنك ولوهلة .. تظن أنك أمام المشهد واللحظة نفسها ، تعيش آي القرآن كلمة كلمة ، ولحظة بلحظة وكأنك ترى ذلك الملك المهيب ، ذو العظمة والكبرياء والجبروت. وهو يقف خطيبا في قومه ، وهم في خضوع وسكينة وطاعة عمياء .. وهو يقول : ذروني أقتل موسى !! قال ابن كثير : وهذا عزم من فرعون - لعنه الله - على قتل موسى عليه الصلاة والسلام .. قال بعض المفسرون : و إنما قال هذا لأنه كان من خاصة قوم فرعون من يمنعه من قتله خوفا من الهلاك ( انتهى ) . فالقتل كان قد عزم عليه ولربما رده عن ذلك ، ما قد تكون عواقبه عليه أوخم ، ولو كان يستطيع سجنه لكان أسلم !! وهكذا يمضي ذلك الطاغية فيقول : وليدع ربه !! إي ولست أبالي ، وهذا في غاية العناد والجحود والمكابرة .. فكم قال بعضهم : إيت بربك لأضعه في زنزانة ، كبرت كلمة !! أو : لونزل ربك لوضعته في زنزانة !! ثم يأت الخوف على قومه والرأفة والرحمة ، فها هو يبين لهم شرف مقصده فيقول : إني أخاف أن يبدل دينكم !! فهذا المدعي النبوة و الدعوة إلى الله وتوحيده ، قد يبدل دينكم فيضلكم عنه ، وهؤلاء الإرهابيون سيفسدون عليكم عيشكم وينغصونه ، بما يحملونه من أفكار وقيم ورجعية .. بل حتى أخاف أكبر من ذلك ، ليكمل قوله منشيا بجماهيره ، فيقول : أو أن يظهر في الأرض الفساد !! وهنا يأتي دور الإعلام لنشر مفاد الرسالة ، وتوعية القوم حتى تظهر حسن نية الطاغية ورحمته لقومه .. يالك من فرعون .. شفيق رفيق ، ناصح واعظ مشفق !! فتبا لك من واعظ ، ولمن حمل موعظتك من داعية !! ..