![]() |
رؤيا الإمام نور الدين زنكي رؤيا الإمام نور الدين زنكي يعتبر السلطان الملك العادل نور الدين محمود بن زنكي الشهيد من الملوك الصالحين وكان له تهجد يأتي به بالليل وأوراد يأتي بها، فنام عقب تهجده فرأى النبي صلى الله عليه وسلم، في نومه وهو يشير إلى رجلين أشقرين ويقول: أنجدني أنقذني من هذين، فاستيقظ فزعاً ثم توضأ وصلى ونام فرأى المنام بعينه، فاستيقظ وصلى ونام فرآه أيضاً مرة ثالثة، فاستيقظ وقال: لم يبق نوم وكان له وزير من الصالحين يقال له جمال الدين الموصلي فأرسل خلفه ليلاً وحكى له جميع ما اتفق له فقال له: وما قعودك، اخرج الآن إلى المدينة النبوية واكتم ما رأيت، فتجهز في بقية ليلته وخرج على رواحل خفيفة في عشرين نفراً وصحبته الوزير المذكور ومال كثير فقدم المدينة في ستة عشر يوماً فاغتسل خارجها ودخل فصلى بالروضة وزار ثم جلس لا يدري ماذا يصنع. فقال الوزير وقد اجتمع أهل المدينة في المسجد: إن السلطان قصد زيارة النبي صلى الله عليه وسلم، وأحضر معه أموالاً للصدقة فاكتبوا من عندكم فكتبوا أهل المدينة كلهم وأمر السلطان بحضورهم، وكل من حضر ليأخذ يتأمله ليجد في الصفة التي أراها النبي صلى الله عليه وسلم، له فلا يجد تلك الصفة فيعطيه ويأمره بالانصراف إلى أن انقضى الناس، فقال السلطان: هل بقي أحد لم يأخذ شيئاً من الصدقة، قالوا: لا، فقال: تفكروا وتأملوا، فقالوا: لم يبق أحد إلا رجلين مغربيين لا يتناولان من أحد شيئاً وهما صالحان غنيان يكثران الصدقة على المحاويج، فانشرح صدره وقال: عليَّ بهما؛ فأتي بهما فرآهما الرجلين اللذين أشار النبي صلى الله عليه وسلم، إليهما بقوله (أنجدني أنقذني من هذين)، فقال لهما: من أين أنتما? فقالا: من بلاد المغرب جئنا حاجين فاخترنا المجاورة في هذا العالم عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: أصدقاني، فصمما على ذلك، فقال: أين منزلهما فأخبر بأنهما في رباط بقرب الحجرة فأمسكهما وحضر إلى منزلهما فرأى فيه مالاً كثيراً وختمتين وكتباً في الرقائق ولم ير فيه شيئاً غير ذلك فأثنى عليهما أهل المدينة بخير كثير وقالوا: إنهما صائمان الدهر ملازمان الصلوات في الروضة الشريفة وزيارة النبي صلى الله عليه وسلم، وزيارة البقيع كل يوم بكرة وزيارة قباء كل سبت ولا يردان سائلاً قط بحيث سدا خلة أهل المدينة في هذا العام المجدب، فقال السلطان: سبحان الله، ولم يظهر شيئاً مما رآه، وبقي السلطان يطوف في البيت نفسه فرفع حصيراً في البيت فرأى سرداباً محفوراً ينتهي إلى صوب الحجرة الشريفة فارتاعت الناس لذلك، وقال السلطان عند ذلك: أصدقاني حالكما، وضربهما ضرباً شديداً فاعترفا بأنهما نصرانيان بعثهما النصارى في زي حجاج المغاربة وأمالوهما بأموال عظيمة وأمروهما بالتحيل في شيء عظيم خيّلته لهم أنفسهم وتوهموا أن يمكنهم اللَه منه وهو الوصول إلى الجناب الشريف ويفعلوا به ما زينه لهم إبليس في النقل وما يترب عليه فنزلا في أقرب رباط إلى الحجرة الشريفة وفعلا ما تقدم وصارا يحفران ليلاً ولكل منهما محفظة جلد على زي المغاربة، والذي يجتمع من التراب يجعله كل منهما في محفظته ويخرجان لإظهار زيارة البقيع فيلقيانه بين القبور وأقاما على ذلك مدة فلما قربا من الحجرة الشريفة أرعدت السماء وأبرقت وحصل رجيف عظيم بحيث خيّل انقلاع تلك الجبال فقدم السلطان صبيحة تلك الليلية واتفق إمساكهما واعترافهما فلما اعترفا وظهر حالهما على يديه ورأى تأهيل اللَه له لذلك دون غيره بكى بكاءً شديداً وأمر بضرب رقابهما فقتلا تحت الشباك الذي يلي الحجرة الشريفة وهو مما يلي البقيع، ثم أمر بإحضار رصاص عظيم وحفر خندقا عظيماً إلى الماء حول الحجرة الشريفة كلها وأذيب ذلك الرصاص وملأ به الخندق فصار حول الحجرة الشريفة سوراً رصاصاً إلى الماء، ثم عاد إلى ملكه وأمر بإضعاف النصارى وأمر أن لا يستعمل كافر في عمل من الأعمال وأمر مع ذلك بقطع المكوس جميعها. وقد أشار إلى ذلك الجمال المطري باختصار فقال: وصل السلطان نور الدين محمود بن زنكي بن أقسنقر في سنة سبع وخمسين وخمسمائة إلى المدينة الشريفة بسبب رؤيا رآها ذكرها بعض الناس وسمعتها من الفقيه علم الدين يعقوب بن أبي بكر المحترق أبوه ليلة حريق المسجد عمن حدثه من أكابر من أدرك أن السلطان محموداً المذكور رأى النبي صلى الله عليه وسلم، ثلاث مرات في ليلة واحدة وهو يقول في كل واحدة: يا محمود أنقذني من هذين الشخصين الأشقرين تجاهه فاستحضر وزيره قبل الصبح فذكر له ذلك، فقال له: هذا أمر حدث في مدينة النبي صلى الله عليه وسلم، ليس له غيرك فتجهز وخرج على عجل بمقدار ألف راحلة وما يتبعها من خيل وغير ذلك حتى دخل المدينة على حين غفلة من أهلها، والوزير معه، وزار وجلس في المسجد لا يدري ما يصنع، فقال له الوزير: أتعرف الشخصين إذا رأيتهما? قال: نعم، فطلب الناس عامة للصدقة وفرق عليهم ذهباً كثيراً وفضة وقال: لا يبقين أحد بالمدينة إلا جاء فلم يبق إلا رجلان مجاوران من أهل الأندلس نازلان في الناحية التي قبلة حجرة النبي صلى الله عليه وسلم، من خارج المسجد عند دار آل عمر بن الخطاب التي تعرف اليوم بدار العشرة فطلبهما للصدقة فامتنعا وقالا: نحن على كفاية ما نقبل شيئاً، فجدّ في طلبهما فجيء بهما فلما رآهما قال للوزير: هما هذان، فسألهما عن حالهما وما جاء بهما فقالا: لمجاورة النبي، صلى الله عليه وسلم، فقال: أصدقاني، وتكرر السؤال حتى أفضى إلى معاقبتهما فأقرّا أنهما من النصارى وأنهما وصلا لكي ينقلا من في هذه الحجرة الشريفة باتفاق من ملوكهم ووجدهما قد حفرا نقباً تحت الأرض من تحت حائط المسجد القبلي وهما قاصدان إلى جهة الحجرة الشريفة ويجعلان التراب في بئر عندهما في البيت الذي هما فيه فضرب أعناقهما عند الشباب الذي في شرقي حجر النبي صلى الله عليه وسلم خارج المسجد |
الساعة الآن 01:04 AM بتوقيت مسقط |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.
Search Engine Optimization by vBSEO 3.6.0 Designed & TranZ By
Almuhajir