![]() |
ضحوا تَقَبَّل الله ضحاياكم؛ فإني مضحٍ بالجعد بن درهم ... خطب خالد بن عبد الله القسري -رحمه الله- يوم الأضحى بالبصرة فقال في آخر خطبته: انصرفوا إلى منازلكم وضحوا -بارك الله لكم في ضحاياكم-، فإني مضحٍ اليوم بالجعد بن درهم ؛ فإنه يقول: لم يتخذ الله إبراهيم خليلا، ولم يكلم موسى تكليما، سبحانه وتعالى عما يقول الجعد علوا كبيرا. ونزل عن المنبر فذبحه بيده وأمر بصلبه. وهذه القصة فيها قتل الجعد بن درهم وهو أول من ابتدع القول بنفي الصفات، وهو أول من حفظ عنه في الإسلام مقالة التعطيل، وكان الذي تكلم به في صفتين: أنكر صفة التكليم، وصفة الْخُلَّة. أنكر أن يكون الله اتخذ إبراهيم خليلا وأن يكلم موسى تكليما، فأنكر صفتين، لكن هاتين الصفتين ترجع إليها جميع الصفات؛ لأن إنكاره للكلام إنكار للشرائع والنبوات والكتب المنزلة، الله -تعالى- تكلم وأرسل الرسل، وأنزل الكتب بالكلام، فمن أنكر كلام الله معناه أنكر الكتب المنزلة والرسل، وأنكر الشرائع. وكذلك أيضا أنكر الخلة، وهي كمال المحبة، وقال: إنه قطع العلاقة بين الله وبين خلقه، يقول: المحبة لا تكون إلا لمناسبة بين الخالق والمخلوق، ولا مناسبة بين الخالق والمخلوق، قطع الصلة بين الله وبين خلقه. ولكن أي مناسبة أعظم من رب وعبد الله -تعالى- هو اللي ربي خلقه وأوجدهم من العدم، وربارهم بنعمة وأرسل إليهم الرسل، وأنزل الكتب، والعباد يعبدون ربهم، ويتألهونه ويتضرعون إليه، فهذه أعظم صلة. فلما أنكر هذه الصفات أفتى العلماء في زمانه -وكانوا من التابعين- بقلته، وكان خالد بن عبد الله القَسْري أمير العراق والمشرق بواسط كان هو الأمير، فأفتاه العلماء -وكانوا من التابعين- بقتله وأنه مستحق القتل، فأمر به فَقُيِّدَ وَوُثِّقَ بالأغلال، وكان ذلك قُبَيل عيد الأضحى، وكان خالد بن عبد الله القَسْري هو الذي يصلي بالناس على عادة الأمراء، يصلي بالناس الجمعة والعيد. فصلى بالناس يوم عيد الأضحى، وأوتي بالجعد بن درهم مقيدا موثقا مربطا، وجُعِل في أصل المنبر، وخطب خطبة العيد، ثم قال في آخر الخطبة: ضحوا تَقَبَّل الله ضحاياكم؛ فإني مضحٍ بالجعد بن درهم فإنه زعم أن الله لم يتخذ إبراهيم خليلا، ولم يكلم موسى تكليما، ثم نزل وأخذ السكين وذبحه في المُصَلَّى أمام الناس، وشكره العلماء وأثنوا عليه، ومن ذلك ابن القيم -رحمه الله- في الكافية الشافية أثنى عليه وقال: ولذا ضحى بجعد خالد القسري يوم ذبـــائح القــربان إذ قـال ليس إبـراهيم خليله كلا ولا موسى الكليم الداني شكر الضحية كل صاحب سنة لله درك مـن أخي قربـان ولا شك أن هذه الضحية أفضل وأعظم أجرا من الضحايا؛ لأن هذه فيها قطع لدابر الفتنة والشر والفساد، ثوابها أعظم من ثواب الضحية، وإن كانت الضحايا سنة الرسول -عليه الصلاة والسلام- لكن قتل هذا الرجل فيه قطع لدابر الفتنة، لكن مع الأسف، إن هذا الرجل قبل أن يقتل اتصل به الجهم بن صفوان وأخذ عنه عقيدة نفي الصفات، ثم نشرها واتصل بغيره وبالمشركين وبالصابئين واليهود ونشر عقيدة نفي الصفات، فنسبت إليه العقيدة، فقيل: عقيدة الجهمية . بسم الله الرحمن الرحيم يقول السائل ما نصه: لماذا هذا التحامل على هذا الشخص الذي سأل الإمام مالك -رحمه الله-، أليست هذه شبهة عرضت له فيجب بيانها له وتوضيحها دون إخراجه من المسجد؟ لا، هذا ليس تحامل، وإنما هذا نفي للبدع؛ لأن هذا الشخص سأل عن الكيفية، سأله عن الكيفية، والكيفية لا يعلمها إلا الله؛ لأنه لو فتح الباب لهذا الرجل لكثرت البدع وانتشرت البدع، وصار أهل البدع لهم جرئة على أهل السنة وصاروا ينشرون البدع، فالإمام مالك -رحمه الله- أراد أن يبين أنه لا يجوز للإنسان أن يتكلم ويتفوه بما في نفسه من البدع. يقول السائل: هل للمعتزلة وجود الآن، وكيف نعرفهم ؟ نعم، المعتزلة موجودون الآن، والأشاعرة موجودون والجهمية موجودون، بل الاتحادية موجودون الآن، الاتحادية أكفر خلق الله يقولون: الرب عبد، والعبد رب. تطبع كتبهم الآن وتحقق وتطبع في أوراق ثقيلة، وموجودون في كل مكان: في الشام وفي مصر وفي السودان وفي أفريقيا وفي ليبيا وفي كل مكان، وقد قتل شخص في زمن النميري حاكم السودان قبل سنين رجل ينفض جبته ويقول عن نفسه: إنه الله. فقتل. فالصوفية موجودون الآن، والاتحادية والجهمية والأشاعرة موجودون منتشرون في كل مكان، لو خرجت من المملكة وجدت هذا صريح، وجدت في كل بلد طرق صوفية، تجد بالبلد فيها الطريقة عشر طرق، عشرين طريقة، لكل طريقة لها شيخ يقودهم إلى النار -والعياذ بالله- الطرق الصوفية منها ما هو طريقة مكفرة، ومنها ما هو طريقة مبتدعة. يقول السائل: هل عرف عن السلف خلاف في تكفير الجهمية وهل جاء عن الإمام ابن تيمية -رحمه الله- حكاية للخلاف في ذلك؟ نعم، العلماء لهم خلاف في هذا: من العلماء من كفَّر الجهمية بإطلاق، ومنهم من بدَّعهم، ومنهم من كفر الغلاة، وذكر العلامة ابن القيم -رحمه الله- أنه كفر الجهمية خمسمائة عالم، خمسمائة عالم قالوا: ولقد تقلد كفرهم خمسون في عشر من العلماء في البلدان، خمسون في عشر بكام؟ خمسمائة. ولقد تقلد كفرهم خمسون في عشر من العلماء في البلدان، ولا لكان الإمام قد حكاه عنهم بل قد حكاه قبله الطبراني . |
الساعة الآن 10:09 PM بتوقيت مسقط |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.
Search Engine Optimization by vBSEO 3.6.0 Designed & TranZ By
Almuhajir