المنتسبون زوراً إلى النسب الشريف او غيره من الأنساب
الم يبق في وجوههم حياء .!؟
روى البخاري في صحيحه برقم 3509 في مناقب قريش عن واثلة بن الأسق رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : إن من أعظم الفرى أن يدعي الرجل إلى غير أبيه ، أو يُري عينه ما لم تر ، أو يقول على رسول الله صلى الله عليه وسلم ما لم يقل .
وروى البخاري في صحيحه برقم 3508 عن أبي ذر رضي الله عنه أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول : ليس من رجل ادعى لغير أبيه – وهو يعلمه – إلا كَفَرَ ، ومن ادعى قوماً ليس له فيهم نسب فليتبوأ مقعده من النار .
وللبخاري أيضاً برقم 6767 من حديث سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : من ادعى إلى غير أبيه – وهو يعلم أنه غير أبيه – فالجنة عليه حرام .
وأخرج ابن ماجة في سننه برقم 2658 بإسناد صحيح من حديث ابن عباس رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من انتسب إلى غير أبيه ، أو تولى غير مواليه فعليه لعنه الله والملائكة والناس أجمعين .
وأخرج ابن ماجة أيضاً في سننه برقم 2793 بسند حسن صحيح عن عبد الله بن عمرو ، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : كُفر بامررئ ادعاء نسب لايعرفه ، أو جحده ، وإن دق .
وكذا هو عند أحمد كما في المسند 2 / 215 بلفظ : كفر تبرؤ من نسب وإن دق ، وادعاء نسب لا يُعرف .
وفي مصباح الزجاجة في زوائد ابن ماجة للبوصيري 2/ 326 من حديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من ادعى إلى غير أبيه لم يرح ريح الجنة ، وإن ريحها ليوجد من مسيرة خمسمائة عام . والحديث صحيح .
إلى غير ذلك من الأحاديث التي حَمْلُها على ظاهرها يحتاج إلى تأويل ، و ذلك بالمستحيل له ، أو بأن المراد كفر النعمة ، وإن لم تحمل على ظاهرها ؛ فيكون ورود ذلك على سبيل التغليظ لزجر فاعله ، أو المراد بإطلاق الكفر أن فاعله فعل فعلاً شبيهاً بفعل أهل الكفر .
انظر شرح مسلم للنووي 2 / 57 والفتح لابن حجر 6 / 540 .
وقد ثبت عن مالك بن أنس رحمه الله أنه قال : من انتسب إلى بيت النبي صلى الله عليه وسلم – يعني بالباطل – يضرب ضرباً وجيعاً ويُشَهَّر ، ويحبس طويلاً حتى تظهر توبته ؛ لأنه استخفاف بحق الرسول صلى الله عليه وسلم . أورده السمهودي في جواهر العقدين ص 470 – 471 .
ورحم الله مالكاً ، كيف لوأدرك من يتسارع إلى ثبوت ما يغلب على الظن التوقف في صحته من ذلك بدون تثبت ، غير ملاحظ ما يترتب عليه من الأحكام ، غافلاً عن هذا الوعيد الذي كان معيناً على الوقوع فيه ؟! إما بثبوته ولو بالإعذار فيه ؛ طمعاً في الشيء التافه الحقير ، قائلاً : الناس مؤتمنون على أنسابهم !! وهذا لعمري توسع غير مرضي .
فائدة ..
ذكر البقاعي في تاريخه الموسوم بـ إظهار العصر لأسرار أهل العصر في حوادث شهر محرم سنة 861هـ أن قاضي القضاة وشيخ الإسلام السعد الديري الحنفي ، ضرب أحمد المغربل المشهور بـ المدني ضرباً شديداً ! وطوفه في القاهرة ينادى عليه : هذا جزاء من يريد أن يدخل في النسب الشريف بغير حق ! .
وسبب ذلك أن المذكور أراد أن يثبت أنه شريف ، وكذا غيره من الفجرة بواسطته ، وذلك أن اتفق مع بعض شهود الزور وادعى أنه من قرية الجعفرية ، وأن أهلها من أولاد جعفر الصادق ، فما كفاه كذبه لنفسه حتى أراد أن يثبت الشرف لجميع أهل القرية !! مع أن المذكور من أولاد نصارى بعض قرى دمياط ، وأنه كان يحترف بالغربلة في بولاق . انظر تاريخ البقاعي 2 / 230 – 231 .
1- أن انقطاع ذرية خالد أمر متفق عليه بين نسابي قريش وعلمائها وهم :
أولاً : ابن زبالة توفي قبل سنة 200 وهو مولى لبني مخزوم ومولى القوم منهم كما قال النبي صلى الله عليه وسلم , وعالم بأخبار المدينة , وقد أخبرنا بتفاصيل الخصومة على الميراث التي حصلت بين يدي قاضي المدينة والتي تدل دلالة قاطعة على انتهاء الذرية , وأن هذا معلوم عند القاضي وعند أطراف النزاع.
ثانيًا : محمد بن الضحاك الحزامي القرشي توفي قرابة سنة 200 وهو علامة نسابة ومن الفقهاء الملازمين للإمام مالك بن أنس إمام دار الهجرة , وقد تناول القضية من زاوية أخرى فحدثنا عن اطلاعه على كيفية تفرد أيوب بميراث آخر شخص كان معروفا عند الناس أنه آخر ذرية خالد بن الوليد.
ثالثاً : مصعب الزبيري ونصه معروف .
رابعاً : الزبير بن بكار ونصه معروف, وهو الذي تتلمذ على نسابة بني مخزوم محمد بن مسلمة المخزومي.
فهؤلاء أربعة من أعلم الناس بأخبار قريش وأنسابها.
2- أنّ خبر الميراث معلوم مشهور مذكور نقله غير واحد من أهل العلم ومن المحال أن يحكم قضاة المدينة الذين كانوا أيضا من قريش لأيّوب بن سلمة بالميراث مع وجود أي مستحقّ له من ذرية خالد بن الوليد رضي الله عنه.
3- أنّ وجود الذريّة يعني بقاء الدار صدقة أي وقف ذري وهو ما كان يحتجّ به إسماعيل بن الوليد , فيما احتجّ أيوب بأنّه يرثها بالقعدد لأنّ عهد الصدقة قد انتهى بانقراض الذرية , فلا صحة للقول بأن الورثة من جهة النساء لهم حق , لأن الوقف كان على الموجود من الذرية وقفا لا يورث فلما انقرضت تحول إلى ميراث.
4- أن إسماعيل بن الوليد بن هشام بن إسماعيل بن هشام بن الوليد بن المغيرة خصم أيوب نيابة عن آل هشام بن الوليد أخي خالد بن الوليد غير معترض على انقراض الذرية , وإنما يخاصم في أن الوقف يجب أن يستمر , وأيوب بن سلمة بن عبد الله بن الوليد بن الوليد جده الوليد بن الوليد أخو خالد يقول بل تنتهي الوقفية وأرثها أنا بالقعدد , وقد حكم القاضي والقاعدة الشرعية أن حكم الحاكم يرفع الخلاف.
5- أن هؤلاء النسابين لا يتكلمون عن عدم علم بالذرية كما يتوهم البعض , بل يتكلمون عن اطلاع تام على أدق تفاصيل القضية , فهم أولا شهود معاصرون , وعدد لم ينفرد أحد منهم , ويتكلمون من عدة جوانب فواحد قد ضبط اليوم الذي انتهت فيه الذرية , والآخر يتكلم عن خصومة العصبة بعد الانقراض ويسجل لنا حكم القاضي , وهذه شهادات مفصلة مضبوطة متظافرة تفيد العلم اليقيني بالانقراض.
6- أن أيوب بن سلمة كان حيا كما في تاريخ الطبري سنة 145هـ , وابن زبالة توفي قبل 200 هـ ومحمد بن الضحاك قرابة 200 شابا. فابن زبالة قد عاصر القضية , وابن الضحاك يرويها عن شيوخ قريش الذين شهدوها , وأبوه الضحاك بن عثمان علامة قريش ونسابتها , وهو وأبوه من شيوخ الزبير بن بكار.
7- ثم جاء ابن قتيبة توفي سنة 276 هـ في كتاب المعارف فنقل القضية من جانب ثالث لم يرد ذكره عند هؤلاء , ألا وهو سبب تناقص الذرية حتي انقرضت فأخبر أن الطاعون قتل منهم أربعين رجلا فبادوا.
8- ثم جاء المؤرخ العالم أبو عمر محمد بن يوسف الكندي المصري ت350هـ : قد انقرض ولد خالد بن الوليد من كل موضع فلا يجب أن يسمع ممن انتمى إليه. كتاب الذيل والتكملة لكتابي الموصول والصلة 1/61 – 62.
ثم تتابع العلماء على نقل الإجماع على هذا الأمر وصاروا يردون به على من ينتسب خطأ من المتأخرين , فتبين أن مؤرخي قريش المعاصرين لفترة الانقراض لا خلاف بينهم على أن الذرية قد انقطعت , وأن العلماء ساروا على طريقهم , ونحن لا يسعنا إلا ما وسع علماء الإسلام والله تعالى أعلم