المملكة العربية السعودية
الرياض
حــي راقي اخر
الاثنـين
7:15 صباحاً
يستمع لصوتـها الرقيـق يطالبه بالاستيقاظ .. ولكنه ما زال يمثل النوم .. فهو مستمتع للغاية بطريقتها في ايقاظه .. : حبيــبي يالله اصحى .. – تقبل وجنته ومن ثم تهزه بحركة بسيطة – نصوور .. قووم ..
لم يجبها اطلاقاً .. نصور ؟ من اين اتت بهاذا الاسم المخزي ؟ .. نادته مرة اخرى بالحاح : نااصر .. نااصر .. نااصر ..
تقلب بطريقة – النائــم المنزعــج – وهو يصدر همهمة خفيفة واضعاً رأسه في حجرها .. وبدأت هي بتحريك شعره يميناً ويساراً .. : نااصر .. حياتـي يالله .. امك وابوك تحت ينتظرونا ..والحين صارت الساعة ثمانية ..
الثــــامنة ؟؟ .. نهض بسرعة ليستوي جالساً وهو يقول : حضري لي الحمام .. وجهزي ملابسي ..
ضحكة قصيرة صدرت منها .. نظر لها باستغراب .. تقربت وطبعت قبلة اخرى على وجنته وبعدها نهضت متحركة باتجاه باب الغرفة : الحمام جاهز .. وملابسك بعد .. والساعة الحين سبعة وثلث ..
ناصر وهو يقول بصوت مرتفع نسبياً ليصل اليها خارج الغرفة : هيــن يا سموور ..
بقي جالساً في فراشه لعدة دقائق .. ومن ثم دخل الى دورة المياه ليغتسل ..
*
*
*
تطمنت على ابنتهم الصغيرة .. لا تريد ايقاظها الان .. ستحاول ابقاءها – على الاقل – الى الساعة العاشرة .. لكي تستطيع اكمال اشغالها دون ازعاج ومقاطعة .. وكذلك دون اهمال للطفلة .. احكمت تغطيتها خوفاً عليها من البرد .. فالجو في هذه الايام بارد .. وخرجت متوجهة نحو غرفتها وزوجها .. صوت المياه الجارية في دورة المياه اكد لها نهوضه .. ففي بعض المرات يهم بالنهوض صباحاً – بعد ايقاظه – ولكن حينما تخرج من الغرفة يعود للنوم .. تمددت على الفراش .. وتعلقت عينيها بالسقف .. ماذا سيحصل اليوم ؟ .. هل من الممكن ان يغفر عمها لابنته ؟ .. تشعر بالقلق .. وبنفس الوقت هي سعيــدة جداً بعودة تلك المتغربة لأكثر من ثلاث سنوات الى ديارها .. لقد اشتاقت لهـا كثيراً .. اشتاقـت لرفيقة دربها .. ستصبح طبيبــة .. لا .. لا .. هي اصبحت طبيبة .. عسى ان يشفع لها هذا الامر عند والدها .. ربما غضبه منها طوال هذه الاعوام سيمحيه الفخر بها .. لكن عمها انسان صعب المراس .. يا ربـ .. يا ربـ انزل المحبة والرحمة في قلب هذا العم .. تتمنى بصـدق ان تعود المياه لمجاريها الطبيعية .. قطع حبل افكارها صوت ناصر : ايش فيك ؟ ..
اعتدلت بجلوسها .. : ما فيني شي .. بس كنت افكر بنــدى ..
عقد حاجبيه والتفت نحو المرآة : اهـآ ..
هذا الشبل من ذلـك الاسد : تتوقع ابوك بيكلمها ؟ .. هي لحد الاسبوع اللي راح تتصل فيه وهو ما يرد عليها ..
عطره عبئ الغرفة بالكامل : هي السبب .. ما ضربناها على يدها وقلنا لها سافري ..
قالت سمر بترجي : انت ابوك يسمع لك دايم .. كلمه .. واطلب منه يسامحها .. هي الحين دكتورة .. اصلاً هذا الشي فخر للعائلة كلها ..
تحدث بضيق والغضب ارتسم على ملامحه .. : دكتورة لنفسها .. لا ابوي ولا انا ولا حتى العائلة بتهتم في هالموضوع ..
اجابت بغضب .. : ليــه ما بتهتمون في الموضوع .. لو صارت دكتورة ناجحة .. الناس بيقولون نـدى بنت عبد الرحمن العالي .. ما يكفيكم هالفخر .. ؟؟ ..
نظر لها بحدة .. فابتلعت ريقها .. خوفاً من غضبه .. لكنها لن تستسلم .. اكملت كلامها بهدوء وترجي وهي تقترب منه وتضع كفها على كتفه .. : انت تعرف ان هي بترجع اليوم .. بتبقى زعلان عليها ؟ ما كلمتوها ثلاث سنين .. ما اشتقتلها ؟ .. حـ ...
بترت جملتها وهي تراه يرفع يدها المعلقة بكتفه بهدوء ويتجه نحو الباب : ما في داعي لهالكلام الحين .. لا وصلت بالسلامة .. يصير خير ..
لحقت به ومشت بجانبه دون ان تتحدث .. اعطته جرعة من كلامها الان .. وستداوم على هذه الجرع حتى يلين قلبه وقلب والده .. فتلك – مهما فعلت – تبقى ابنتهم .. ستعمل ما بوسعها من اجل رفيقتها .. دخلوا الى غرفة المعيشة – المكان الذي يجتمعون فيه لتناول الطعام صباحاً – حيث يجلس كل من والد ناصر ووالدته واخيه الاصغر ..
تحدث بصوت واضح : صباح الخيــر ..
ردوا جميعاً : صبـــاح النور ..
تقدم من والده مقبلاً رأسه ومن ثم والدته وهي تتبعه بذلك الامر ليستقروا اخيراً في مواقعهم المعتادة على طاولة الطعام .. : خييييييير .. وين ملــوكة ؟؟
اجابت سمر على ذلك الشاب : فوق نايمة ..
اجابها وهو يشير بيديه نحو السُلّم : يلاا .. يلاا اصعدوا هاتوها .. اصلاً هي تذكرتكم عشان تدخلون هنا .. ما في ملوكة .. يعني ما في فطور ..
ضحك والده بهدوء : خالــد يكفي كلام ..
خالد .. وهو يمثل الشوق : يبااا اشتقتلها .. تخيـــل من امس العصر وللحين انا ما شفتها ..
تحدث ناصر الذي تناسى غضبه بشأن اخته : عن العيارة الزايدة .. اللي يسمعك يقول خاشينها عنك .. ما كأنك انت اللي داشر بالمجمعات 24 ساعة ..
شهــق بعنف كاذب وتحدث باستنكار : انـــــا ؟؟؟
قالت والدته مؤيدة لكلام ابنها الاكبر .. وحاثة زوجها على الاستماع لشكواها من ابنها الصغير بطريقة غير مباشرة .. : ايــه انت .. لا دراسة ولا ابد .. كله جالس مع ربعك ..
نهض بسرعة وهو يردد بهمس : طحــت فيها يا خلوود .. – رفع صوته وتحدث بسرعة – يباا .. يماا انا رايح .. لان الواضح ان الكلام صار جدي .. توصون على شي ..
نظر له والده بغضب : لا سلامتك .. بس السنة هذي لو ما نجحت من اول دور احسب السيارة بتنعرض للبيع ساامع ؟؟ ..
تقدم نحو والده وطبع قبلة على جبينه .. : افــا .. يا بو خالد .. بانجح وبتشوف كيف .. يالله مع السلامة ..
- اللـــــه معك ..
سطا الهدوء على البقية بعد ذلك .. فكل منهم فكره مشغول بتلك الغائبة .. منهم من هو خائف عليها من رد فعل الاخرين لدى وصولها .. ومنهم من يحمل في قلبه صــدمة فعلتها .. ومنهم من هو غاضب لغضب الاخرين .. ومنهم من يحمل شـــوقاً عظيماً في كل خلية من جسده .. اختلفت المشـاعر ولكن حب تلك ال * ندى * متربع على قلب كل شخص ضمن حدود هذا المنزل .. قد لا يظهرونه .. رداً على ما فعلت بهم .. لكنــه موجود .. حبهــا موجــود ..
نهض ابا ناصر : الحمــد لله .. يالله ناصر .. تأخرنا اليوم ..
وقف ناصر .. وهو يقول : يباا اسبقني ع السيارة ..
خرج الوالد بعد ان ودعته زوجته بكلماتها المحببة .. وعيون ناصر تتابع خروجه حتى اصبح الجدار يفصل بينهما .. التفت لوالدته .. متحدثاً ببرود .. : مين بيستقبلها في المطار ..؟ ..
اجابت بلهفة .. : خالد قال هو اللي بيوصلها ..
تحرك بعيدا عنهم .. ماشياً على خطا والده : توصون على شي ..
قلن بنفس الوقت : ســلامتك ..
- ناااااصـــر انتــظرني ..
عقد حاجبيه .. : حضرتك الحين يالله صحيتي ؟؟
اجابت وهي تركض نحو طاولة الطعام : راحت علي نومة .. بس البس العباية والحقكم ..
هز رأسه بعلامة النفي استنكاراً .. وخرج .. اما هي فقبلت جبين والدتها .. وارتدت عباءتها .. ومن ثم اخذت قطعة من الكعك المصنوع من قبل والدتها وهمت بأكله وهي في طريقها نحو الخارج .. وكل هذا كان يحدث اثناء دقيقة واحدة وربما اقل ..
ضحكة من سمر .. قطعت جو السكون الذي خلفه خروج تلك الشابة ..اما * ام ناصر * فلم يعجبها تصرف ابنتها الطائش : خالد و نادية بيموتوني ناقصة عمر .. نااقصة عمر ..
ردت سمر بسرعة : اســم الله عليك خالتي ..
ابتسمت ام ناصر : اصعدي وهاتي ملاك ..
نهضت سمر متوجهة نحو السُلّم : الحين باصحيها ..
******
المملكة العربية السعودية
الريــاض
شـركة العـــالـي
الاثنين
11:15 صباحاً
عقد حاجبيه .. وهو يسمع صوت الصراخ الصادر من غرفة المدير العام للشركة .. وبذات الوقت استمع لصوت تهامس بعض الموظفين في الطابق .. والبعض الاخر في حالة انصات متعمق للكلام الذي يدور داخل الغرفة ..
صرخة منه افزعت الجميع : كـــل واحــــد يقابــل شغلــــه ..
التفت كل موظف نحو مكتبه .. دون اي كلمة .. اما هو فأكمل طريقه نحو الغرفة القابعة في اخر الممر .. فتح الباب دون استئذان .. والقى التحية بصوت معتدل : الســــلام عليـــــكم ..
لم يجبه اي احد .. زفر بضيق .. ما الذي حدث اليوم ؟؟ .. لم هذه الوجوه الواجمة .. ؟؟ ..
- ال ×××× .. كيـــــــف اخذها كذا بــــــــاردة مبــــــــردة .. ؟ .. كيييييييييييييييف ؟ .. انـــــا اللي الكل يحسب لي الف حســــــاب يجي بــــــزر مثله يهز اسمي قــــــدام اللي يسوى واللي ما يســــوى .. ابــن ال ×××× ..
رُسم تعبير عدم الفهم على وجهه الوســيم .. وتقدم من الـمقاعد الجلدية التي يجلس عليها ابن اخيه * سـيف * .. وجلس بجانبه وهو يهمس .. : ايش صايــر ؟؟ ..
رد عليه سيف .. وباله مشغول بغضب والده المفاجئ .. وثورته العارمة خصوصاً بعد خسارة هذه المناقصــة .. : اششششش عبد الله .. مب وقتك ..
تحدث عبد الرحمن * ابو ناصر * الجالس بجانب ولده : يا عبد العزيز اهدى .. الموضوع ما يستاهل كل هالعصبية ..
صرخ عبد العزيز بانفعال وهو يقطع الغرفة ذهاباً واياباً : لااا يستاااااهل .. يستاااهل .. لو كان غيره يمكن بتكون اهون عليّ .. انا اخسر ضد واحـــد جــــــــاهل .. حتى انه ما يفهـــم بالامور ذي .. مـــــــا يفــــــــــهم ..
تكلم عبد الله موجهاً سؤاله لسيف .. : مين ذا ؟
لم يجبه سيف .. بل بقي بصره معلقاً بوالده .. واذنيه تستمع لما يدور بين عمه واباه باهتمام ..
قال عبد الرحمن : كــم خسرت .. مليــون ؟؟ .. مليونيـــن ؟؟ .. طز فيهم يا خوي .. بتعوضهم ان شالله في مناقصة المنتجع السياحي ..
جلس على المقعد الخاص به – خلف مكتبه – واغمض عينيه بتعب .. : الشي الوحيد اللي مصبرني هو المناقصة تبع المنتجع ذا .. لانها شبه مضمونة ..
سأل بغضب فصبره قد بدأ بالنفاذ .. وللمرة الثالثة : ايــــــش صايــــــر ؟ ..
اجابه سيف بصوت هامس .. : فــاروق ربح صفقة المجمع السكني اللي بيبنــوه في منطقة ال **** ..
انفلتت ضحكة قصيرة منه .. لتعود موجة الغضب الجارف لعبد العزيز وهو يلتفت بعنف نحو عبد الله و يصرخ : خييييييييييير ... جاي تطنز حضرتـــك ..؟ ..
رد عبد الله ببرود : حسستني كأن فاروق سوى شي غلط .. ما كأنه ربح الصفقة وهو تعبان فيها ..
ارتفع صوت ناصر طالباً من عمه السكوت .. فالموقف خطيـــر جداً .. : عبـــــــــــد الله ..
نهض سريعا وتوجه نحو عبد الله .. اطبق بقوة على ياقة قميصه .. ثم صرخ .. : طبعـــــــاً .. ايش ارتجي من واحــــــــد باع اخــوه .. ووقف بصف العـــــــــدو ..
نهض عبد الله ليقف مواجهاً لاخيه .. وقد نحتت ابتسامة باردة على شفتيه : عــدوك انت يا عبد العزيز .. انــت بس ..
وقف سيف وهو يفلت يد والده .. ويحول بين الاثنان : يبا صلي ع النبي .. ايش صار لك ..
ثم التفت نحو عمه وهو ينظر له بطريقة غاضبة ..
مشى عبد العزيز نحو مقعده وانفاسه قد بدأت بالاضطراب .. جلس بهدوء وهو يتمتم بـ : عليه الصلاة والسلام .. استغفــر الله .. استغفــر الله ..
خرج عبد الله بهدوء .. وتلاه ناصر .. ثم عبد الرحمن .. الذي قال لاخيه : الفلوس تروح وتجي .. بس الصحة اهم شي ياخوي .. انتبه لنفسك ولصحتك ..
تقدم سيف من مكتب والده وهو يقول .. : لا تتضايق يبا .. تعرف ان عبد الله وفاروق اصحاب من زمــان ..
عبد العزيز وهو ينظر ناحية ولده : وانــــــــت ؟
اجاب سيف باستغراب : انا ايــش ؟ ..
رد والده ببرود .. : انت كمان صاحب فاروق .. صح كلامي والا ؟ ..
تحدث سيف بضيق : يباا واللي يسلمك المشاكل اللي بينك وبين فاروق .. لا انا ولا عبد الله لنا دخل فيها .. ليه مكبر الموضوع ..
عبد العزيز .. وهو يطلع على بعض الاوراق امامه .. : اطــلع وخذ الباب معاك ..
سيف .. في محاولة اخيرة لثني رغبة والده بقطع رباط الصداقة الذي يجمعه وفاروق .. : انــا ما اعرف المشــ ..
قاطعه والده بغضب .. : قلت اطلع وسكر البــاب ..
خرج من هذه الغرفة التي شهدت الكثير والكثير من المشاحنات هذا اليوم .. وتوجه نحو الطابق التاسع ليحادث عبد الله .. ويوضح له ما حدث .. لا يريد لعلاقة والده بعبد الله ان تتوتر .. متأملا ان ينتهي هذا اليوم الكئيب على خيــــــر ..
******
يتبــــع