كُنا لانهتم بتحري رؤية الشهر إلا مرتين في العام أُولاهما فرحة دخول رمضان والأُخرى فرحة ليلة العيد، إلا أن
وزارة المالية جعلت للتحري وجها آخر، فاعتمدت نظام رواتب يعود للآشورين ، وأصبحنا بفضل هذا التوجه الموظفين الوحيدين في الكون الذين لايعرفون موعد أُجورهم على وجه التمام، فتجد كل الموظفين الحكومين في هذه البلاد يتحرون رواتبهم في آخر عدة كل شهر وترتفع الأيدي بالدعاء لله بأن يُعجل لهم في قبض أجورهم المستحقة، فيأتي الفرج أما بصرفها آخر يوم بالشهر وأن غُم علينا فعدِتٌ من الشهر الذي يليه، وفي ظروف استثنائية يتم التعجُل للموظفين في رمضان لمن أراد أدخل فرحة العيد على ابنائه، تعجُل كفارته 40 يوماً وهي الفترة الزمنية التي يحتاجها الموظف للأستحقاق الذي يليه ،والمرأة للطهر بعد الولادة!
وصراحة لا اجد مبرر لنظام الرواتب هذا، بل هو زيادة في هم الموظف البسيط الذي بالكاد يفي بمتطلبات الحياة دون الكريمة لأسرته عندما كان شهره لايتعدى 30 يوما.
ما تفعله
وزارة المالية هو تجني على الموظفين لبخسِهم أجورهم، فالاشهر بالتقويم المعتمد حاليا من
وزارة المالية أكثر من 30 يوماً، بعضها يصل ألى 33 يوماً، مما يعني زيادة المدة المتفق عليها للشهر الوظيفي في عقود الخدمة المدنية بين الموظف والدولة، هذا البخس من حقوق الموظفين لتوفير شهر مجاني لوزارة
المالية هو تعدي على حقوق الموظفين التي كفلتها تشريعات الدولة ممثلة في أنظمة الخدمة المدنية ،
ففي نظام الخدمة المدنية لموظفين الدولة في المادة الأولى من حقوق الموظفين يُعرّف الرتب بالتالي (الراتب: هو المقابل المادي الذي ينالُه الموظف من الإدارة نظير قيامه بالعمل، وهو مبلغ نقدي يحدِّده النظام ويستحقُّه بصفة دوريَّة في نهاية كلِّ شهر،) وليس نهاية كل برج شمسي، ودورية تعني نفس التاريخ من كل شهر أي منتظم، وما تفعله
وزارة المالية حاليا بالرواتب هو نهج غير دوري وغير منتظم .تم صرف رواتب رمضان لموظفين الدولة هذا العام في 24 الشهر في مكرمة من ولي الأمر مراعاة لحاجة الناس وترتيبات الشهر الكريم وقرب العيد،وفي المقابل سيتم صرف الراتب الذي يليه 2 القعدة، أي42 يوما كأطول شهر وظيفي في تاريخ الموظفين.كل هذا من أجل مد الشهر يوماً من هنا ويومين من هناك ، لتوفير أربعة اوخمسة ايام من كل عام هي من حق الموظف أجتُزت بغير حق شرعي اوسند قانوني إلا التقويم الآشوري.
نقول لوزارة
المالية يجب أن تعي بأن غالبيتنا في هذه البلاد موظفين بسطاء عمود حياتنا هو الراتب الشهري، فهو لنا ولمن حولنا بمثابة الغيث الذي ننتظره نهاية كل شهر فيُفرح أطفالنا وتبتهج أُسرنا وترتوي أسواقُنا،ونقول لوزير
المالية ربما صليت يوماً صلاة الأستسقاء عند تأخر نزول الغيث، فلا تعجب اذا سمعت غدا بأن الموظفين يصلوُّن صلاة إستغاثة قد يُصبح إسمها صلاة الراتب!
ونُذكرك بقول شعيب عليه السلام (وَيَا قَوْمِ أَوْفُوا الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ ۖ وَلَا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ ..الآية ).
ربما يكون إعادة صياغة زمن استحقاقات الرواتب هو جزء من مشروع التحول الوطني، لكن في المقابل أعلم وأجزم بأن القيادة لن تُمضي برنامجاً أو مشروعاً يتبين إضرارهُ بالبسطاء من الموظفين مهما كانت مُبرراتهُ أو وعوّدهُ.
وقد نعلم يامعالي الوزير قول قائل ليس لوزارتكم من الأمر شيئ ، لكن لديكم نقل الضرر والمعاناة التي لحقت بالمساكين من الموظفين من تبعات هذا القرار للقائمين على مشروع التحول الوطني ،فقيادتنا تهدف من البرامج والمشاريع إلى تحقيق هدف واحد وهو تلبية متطلبات الحياة الكريمة لأبناء هذا الوطن، وقد سمعت بأذنيّ عن ولي العهد الأمير محمد بن سلمان في حديثه للصحافيين بأن اكتبوا انقلوا هموم المواطن فلدينا من الشجاعة والشفافية ما يجعلنا نعيد النظر في أي قرار لأي جهة كانت لايلبي رغبات وتطلعات المواطنين .
وأعلم يامعالي الوزير أن أربعين يوما هي فترة طويلة جدا على البسطاء من الموظفين وأصحاب الأجور المتوسطة في بلد السواد الأعظم من أهله هم من موظفي الدولة والبقية ملحق بهم ،فحيث ماكان موقع الموظفين من الإعراب كانوا.
الكاتب : محمد السحيمي
تستطيع المشاركة هنا والرد على الموضوع ومشاركة رأيك عبر حسابك في الفيس بوك