البشت -ويقال: المشلح- أحد أشهر الأزياء الرجالية في منطقة الخليج العربي.. يضعه الخليجي فوق ثوبه، ويضعه بعض العرب فوق البنطلون والقميص!
كان العرب القدماء يطلقون عليه «العباءة».. تأريخه ممتد عبر العصور.. تطور حتى وصل إلى صورته الجميلة الحالية التي نشاهدها في مناسباتنا العامة، حيث يتزين بـ»الزري» الذي كلما ازداد عرضه ازداد جماله.
يرتديه أهل الخليج بشكل تقليدي صيفاً وشتاءً.. يميل البعض إلى ارتداء مشالح ثقيلة خشنة الملمس عند حلول فصل الشتاء، يطلق عليها «بشت الوبر» استناداً على خيوط الوبر المصنوع منها هذا البشت.
تعتبر منطقة الأحساء -شرقي السعودية- أشهر المناطق على مدى سنوات طويلة في صناعة هذا النوع من الملابس الرجالية الفاخرة.. وتنفرد الكثير من العائلات الحساوية بهذه الصناعة التقليدية، ومع دخول المستورد للسوق الخليجية إلا أن البشوت الحساوية تختلف بجودتها عن غيرها.
ما شأننا والبشوت هذا الأسبوع؟!
ارتبط البشت بالمسؤول الخليجي بشكل غريب وعجيب.. أنت مثلاً، لا يمكن أن تشاهد أميراً أو وزيراً خليجياً دون البشت.. حتى لو كان يتسوق وسط «كارفور»!
بل ولا أبالغ شاهدت أمراء ووزراء كثر، في المطارات وهم يرتدون البشت.. لك أن تتخيل هنا الصورة الكاريكاتيرية المضحكة لإنسان يرتدي البشت وسط المطار.. لو شعر هؤلاء أن الصورة بالغة السخرية لما فعلوا!
بل -وهذه ثالثة الأثافي كما تقول العرب- هناك من يحضر للقنوات الفضائية والبرامج التلفزيونية والمباريات الرياضية وهو يرتدي المشلح.. بل إن أحد المسؤولين لكثرة ما رأيته مرتديا «البشت» بدأت أشك أنه ينام به! أتفهم ارتداء هذا الزي أثناء الاجتماعات، أو احتفالات الدولة أو استقبالاتها الرسمية.. العرف هنا هو ضابط المسألة، والمحدد الرئيس لها، إذ لا يوجد مادة في النظام تنص على ارتداء البشت.. هنا نقبل بالعرف.. ونأمر به.. غير أن الذي لا يمكن قبوله هو الحالة السيامية التي تربط البشت بهؤلاء خارج هذه الإطارات الرسمية.. أنا ليس لي موقف سلبي تجاه الزي.. أو اللباس الشعبي.. أو الموروث.. لم أصل بعد لمرحلة الاستلاب الثقافي.. ولم أصبح شخصاً آخر.. لكنني ضد الإفراط في ارتداء هذا الزي في كل زمان ومكان.
ارتداء هذه الأزياء التراثية أثناء العمل لا يخدم العمل، وحتى لو سلمنا جدلاً بحق الوزير ارتداء المشلح أثناء العمل، هل يحق لبقية الموظفين ارتداؤه؟! - تخيل معي: ماذا لو أن موظفي الإدارة ارتدوا المشالح أسوةً بوزيرهم.. هل سيكون أمراً مقبولاً.. هل هناك ما يمنع.. هل قلتم يعيق العمل.. أليس من باب أولى أن يبدأ صاحب المعالي بنفسه ويحارب معوقات العمل؟!
لاحظوا أننا لم نخرج من دائرة العمل نحو المجتمع.. هناك حكاية أخرى من حكايات ألف ليلة وليلة.. هناك ستجد الكثيرين ارتدوا المشالح.. الكل أصبحوا شيوخاً وأمراء ووجهاء.. وهناك شريحة أخرى وجدته مفتاحاً سحرياً للأبواب المغلقة! خلاصة ما سبق: «البشت» له قيمته المعنوية في ثقافتنا ومشهدنا الاجتماعي ولا شك.. لكن ليس بهذه الصورة المزعجة! يقول أحد الأصدقاء: البشوت نعمة كبيرة لدى الخليجيين.. لأنها تستر بلاوي سوداء تحتها!