10 - 06-1434 08:02
المثقف الجديد: علي طه :
[IMG]http://www.al-muthaqaf.net/index/*******s/myuppic/051724bb8a89c4.png[/IMG]
العالم كله كان مقتنعاً بأن أسامة بن لادن وتنظيمه يقف وراء احداث الحادي عشر من سبتمبر إلا سيدة سورية تدعى (فضة) كانت تعيش في مرتفعات جبال الساحل السوري كانت تصر على انه (آدمي)، وتعني باللهجة السورية أنه رجل محترم ولا يغضب الله. كانت تقول لمن حولها إنه رجل آدمي طيب خلوق, كان يساعدنا بالمال ,وتربى على يدي منذ صغره, حيث كانت تلتقيه كل صيف.
قصة ابن أسامة بن لادن مع جبال اللاذقية وأهلها عرفتها بمجرد التفاق المحض ,وذلك عندما كنت أتحدث مع زميل صحفي في مكتبه عن أحداث الحادي عشر من سبتمبر ومن يكون وراءها, وقد كثرت التكهنات والتحاليل حينها عمّن يمكن أن يقف خلف هذه التفجيرات، جاء ذلك الرجل الذي يقدم الشاي والقهوة ليقدم لنا الضيافة، فسمع حديثي فوقف مستمعاً, ثم حدّق في قائلاً: أستاذ علي أنا من ضيع الجبل (يقصد جبال اللاذقية)، هل أفشي لك سراً ,وهو ليس بسر يعرفه الكثيرون عندنا، فقلت له: تفضل قال بلهجة الواثق من نفسه : أسامة بن لادن من (قرايبيينا) (يقصد أنه من قرابته ).ضحكت من كلامه ,وأعتقدت بداية أنه يمزح فقلت له: عم أبوحيدر
، يكفي شكراً لك, نحن نتحدث عن الموضوع بجدية, ولا مكان للهزل هنا، قال لي وهو مستغرب من طريقة حديثي معه: (والله ماني كاذب وأنا مستعد لإعطائك عنوان القرى التي يسكنها أقارب أسامة ! قلت له: أعطني، فذكر لي أسماء قرى (جبريون/ العمرونية)، وقال لي: أسأل عن (عائلة غانم) هناك ,وإذا كنت كاذباً لك أن تفعل ما تريد، ولكن إذا صدق كلامي فستعطيني مكافأة.
كنت بين مصدق ومكذب للرجل، وقد وثق كلامه بأسماء القرى بل وبأسماء عوائل تسكن هناك وبعد السؤال عن القرى توصلت إلى ان الموضوع ليس مزحة او كذبة او من مخيلة الرجل، وبالفعل توجد قرى تتسمى بهذه الأسماء وعائلة كبيرة تتسمى بآل غانم.
قررت أن أشد الرحيل لتلك المناطق في يوم 2/12/ 2001م الموافق ١٧ رمضان ١٤٢٢ .
الجو جميل والطريق ممتعة الى تلك المنطقة التي تبعد عن اللاذقية المدينة 40 كلم على سفوح جبال العلويين كما تسمى في سورية .قصدنا القرية المطلوبة (جبريون) ,نزلت من السيارة التي أقلتني الى هناك, سألت عن منازل آل غانم، الكل كان يصد عني ويحجم عن الإجابة، إلى أن قادني شاب يافع إلى المكان المطلوب.
بيت قديم تقطنه سيدة تدعى (فضة) ,تقول إنها خالة أسامة بن لادن، وأن لها الفضل في جزء من تربيته عندما كان يزورهم في الصيف، وفي تلك اللحظات كانت تحدثنا والحزن في عينيها على ابن اختها المختبئ الملاحق في افغانستان, وعلى شقيقتها وخالته (سعاد) التي توفيت قبل زيارتنا للمكان بيومين فقط.قدمنا واجب العزاء ,وجلسنا مع السيدة التي تبدو عليها آثار السنين وتقدم السن، كانت الوحيدة التي استجابت للحديث عن أسامة ,وقالت وهي تتحدث بصوت حنون عنه: (الكل فجع بما حدث في أمريكا ,ولكنني لا أصدق أن أسامة من فعلها فقد كان دائما هادئاً خجولاً. عرفته شاباً طيباً يحب التجول بين الحقول والاشجار. وتضيف: عندما أتحدث عن أسامة يرتفع ضغط الدم لدي ,وأشعر بالتعب ووالدته أيضاً مريضة (شقيقتها عالية غانم) ,فوقع الخبر عليها كان شديداً جداً ,وصدمت بمجرد سماع الخبر واتهام ولدها به.
وتضيف (فضة): كان يعيش حياة هنيئة مريحة يحسد عليها من قبل الجميع، ولم يكن هناك داع لأن يضع نفسه موضع الاتهام. لقد حاولت والدته حثه على الابتعاد عن فكره ومعتقداته ,ولكنها فشلت في ذلك.عائلة أسامة من جهة والدته (عالية)، وزوجته (نجوى) في منطقة اللاذقية التي تقطن في قرى جبريون والعمرونية من الطائفة العلوية ,أو كما يسمون علمياً (النصيرية)، وهو الابن الوحيد لوالدته عالية، التي تزوجت بعد وفاة الاب محمد بن لادن من رجل آخر من عائلة العطاس.
وكان محمد الأب يزور سورية لغرض تجاري ويتردد عليها كثيراً، وكان مما قصده منطقة اللاذقية ,حيث تعرف هناك على عائلة غانم, ومنهم تزوج زوجته عالية غانم. والعشرات من أقارب أسامة ,ومن الذين لعبوا معه في مزارع القرية ما زالوا يعيشون في قرى جبريون والعمرونية, حاملين معهم ذكريات صبي هادئ طيب خجول أصبح في ليلة وضحاها المطلوب الأول الذي أزعج العالم بأسره.