ليس غريبا أن يُخطئ الإنسان في حق الآخرين ولكن المشكلة تكمن في إصلاح ذلك الخطأ بالاعتذار فنحن العرب نرى الاعتذار أنه خضوع وذل ومهانة بل هو على العكس قوة وشجاعة ومراجعة للذات ونقدها.
في بعض المجتمعات الغربية خاصة يملكون شجاعة الاعتراف بالخطأ والاعتذار أيضا فمثلا اليابان اعتذرت للدول التي احتلتها في جنوب شرق آسيا ، واعتذرت كذلك عن ممارساتها الوحشية تجاه أسرى الحرب البريطانيين آنذاك ، وفرنسا اعتذرت عن ماضيها الإجرامي في الجزائر وتقدمت باعتذار رسمي لدولة الجزائر ، والولايات المتحدة تقدمت باعتذار رسمي لقارة أفريقيا عن ممارستها لعدة قرون من الزمن لتجارة العبيد ، هذا اعتذار بين الدول فكيف يكون الاعتذار بين الأفراد.
نحن بحاجة كبيرة لنشر ثقافة الاعتذار في مجتمعنا، فحين نُربي أبناءنا ونُعودهم على كلمات ومفردات التواضع والاعتذار ومن ثم نعلمهم كيفية الاعتذار فهذا بلا شك يستوجب منا الإشادة بتصرف الطفل أمام الآخرين وتعزيز تلك الفضيلة فيه.
وقبل ذلك يجب أن يغير الآباء والمعلمين والمسئولين من سلوكهم ويكتسبوا هذه الصفة كدليل على التحضر والرقي ويكونوا قدوة للأجيال الصاعدة.
وكما يقولون دائما أن الاعتذار من شيم الكبار..
فمثلا الأنبياء كانوا يعتذرون عن أي خطأ يرتكبوه ، موسى عليه السلام : بعد أن وكز الرجل بعصاه فقتله
وآدم عليه السلام : أعترف بذنبه عندما أخطأ هو وزوجة وأكل من الشجرة المحرمة
(( قَالَا رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ )) ( الأعراف : 23)
نحن في أشدِ الحاجة لغرس وتعميق هذه الثقافة في مجتمعنا وفي بيوتنا إذا أردنا النهوض والتقدم والتطور والرفعة لديننا ولوطننا ولمجتمعنا.