نتيجة إستفتاء اليونان ليست مهمة بحد ذاتها ولا تعني شيئاً لإختلاف وجهات النظر بين الحكومة والدائنين حول معناها
ولهذا فإن المهم هو نتيجة المفاوضات التي تعقبها وليس نتيجة الإستفتاء.
القصة بإختصار
الحكومة اليسـارية اليونانية كانت تتفاوض مع الدائنين والمفاوضات وصلت لطريق مسدود لعدم الوصول إلى إتفاق مشترك.
الخلاف الجوهري أن الدائنين يريدون فرض المزيد من إجراءات التقشف في حين ترفض الحكومة اليونانية ذلك وتريد أن
تخفف إجراءات التقشف وهذا كان برنامجها الإنتخابي قبل وصولها للحكم. عندما إقترب 30 يونيو وهو الموعد الذي ينتهي
فيه برنامج الإنقاذ فضلاً عن أنه نفس الموعد الذي يحين فيه سداد دفعة لصندوق النقد الدولي. وبالرغم من كثرة العروض
من الجانبين والمفاوضات لخمسة أشهر لم يصلوا إلى حل بسبب تمسك كل طرف برأيه.
المفاجأة
فجأة أعلن رئيس حكومة اليونان إستفتاء يوم 5 يوليو على شروط الدائنين لتمديد برنامج الإنقاذ. وكان هذا الإعلان عن
الإستفتاء من طرف واحد ولم يعلم عنه الدائنون. لهذا كانوا متفاجئين من القرار خصوصاً وأنه يأتي بعد الموعد النهائي
لبرنامج الإنقاذ والإستفتاء كان على شروط الدائنين لتمديده ولهذا صرح وزير مالية ألمانيا أن البرنامج إنتهى وأي مفاوضات
بعد الإستفتاء هي على برنامج جديد وشروط جديدة ستكون أصعب.
لهذا بعد 30 يونيو توقفت المساعدات المالية التي يرسلها البنك المركزي الأوربي بحكم إنتهاء البرنامج وإضطرت الحكومة
اليونانية لإغلاق بنوكها لمدة إسبوع حتى ينتهي الإستفتاء ويعودوا للمفاوضات مع الدائنين يوم الإثنين. وهذا سبب وصف
وزير مالية اليونان للدائنين بالإرهاب لأنهم يحاولون إبتزاز الشعب والحكومة للموافقة على الشروط بإذاقتهم المعاناة.
ماذا يعني الإستفتاء
ترى حكومة اليونان أن الإستفتاء هو على قبول أو رفض شروط الدائنين.
ويرى الدائنون أن الإستفتاء هو على قبول أو رفض عملة اليورو.
وهذا خلاف جوهري يجعل الأحداث التي تعقب الإستفتاء لا يمكن توقعها بسهولة. حكومة اليونانية صرحت أن التصويت
بنعم سيؤدي إلى إستقالتها وإجراء إنتخابات جديدة وتأتي حكومة أخرى توقع على الشروط التي رفضوها. لهذا تعتقد حكومة
اليونان أن التصويت بلا سيقوي موقفها بالمفاوضات في حين يرى الدائنون أنه سيصعبها لأنهم سيضطرونهم للخروج من
اليورو إذا لم يقبلوا بالشروط. وقد صرح رئيس مجموعة اليورو بالأمس أن التصويت بلا يعني أن حكومة اليونان يجب أن تكون
مستعدة لإصدار عملتها المحلية. لأنه لن تكون هناك يوروهات ترسل للبنوك اليونانية. رئيس البنك المركزي الأوروبي قال إذا
كان التصويت بلا فهذا يعني أن اليونان ستدخل منطقة مجهولة. في حين أبدى وزير مالية اليونان تفائله بأن البنك المركزي
الأوروبي سيواصل دعم البنوك اليونانية بعد الإستفتاء. لا أحد يعلم ماذا سيحدث فعلاً!
ماذا بعد الإستفتاء؟
بما أن الجو متكهرب والخلافات على معنى الإستفتاء متباينة بين الحكومة اليونانية والدائنين لهذا مصير اليونان ستحدده
المفاوضات التي تبدأ من يوم الإثنين. فالإستفتاء ليس مهماً بحد ذاته وإنما المهم هو المفاوضات التي تعقبه ونتيجتها.
لذلك من الممكن أن يصلوا إلى إتفاق مشترك بتنازل من حكومة اليونان والدائنين أو أن حكومة اليونان ستوقع على
نفس الإتفاق القديم بعد أن تُجبر على الخروج من اليورو وهي مالا تريده وهذه نقطة قوة في يد الدائنين. أو أنها تخرج
فعلاً من اليورو وتصدر عملتها الخاصة ولكنها ستعاني أكثر من لو وافقت على شروط الدائنين ومددت برنامج الإنقاذ.