منتديات شمس الحب

منتديات شمس الحب (http://www.x2z2.com/vb/index.php)
-   قصص - روايات - حكايات (http://www.x2z2.com/vb/forumdisplay.php?f=16)
-   -   نصف القمر - رواية نصف القمر كاملة (http://www.x2z2.com/vb/showthread.php?t=24677)

صـ ـدى‘آلآهـ ـآت 02-18-2012 01:05 AM

5- ضيف بالقوة


في الصباح التالي اختارت باميلا ثيابها بعناية فائقة . كانت كلمات بول ما تزال تطن في اذنيها ففيما هي تنتقي الثياب فكرت في ان بول سيعتبر ارتداء زيا عمليا غير ملائم تنكرا

فكان ان اختارت اخيرا بلوزة بيضاء عالية الياقة مزررة من الامام وتنورة متعددة الالوان طويلة وحذاء منخفض الكعبين يقلل من طولها .

وقفت تتأمل نفسها في مرآة الخزانة كانت ثيابها بسيطة كتلك التي ارتدتها سابقا انما حلة تختلف عن تلك بلونها وحجمها اللذين ابرزا جاذبية جسمها .

مشطت شعرها الحريري الاشقر ثم عقدته كما كانت تفعل دائما حين تذهب الى المكتب .

وضعت نظارتها البلاستيكية الاطار على انفها آمله ان تعطيها بعض الوقاية من العوين المتسائلة التي ستطولها دون ريب .

كانت تعلم ان التحدي الحقيقي سيأتيها من السيده تاوتسند فتساءلت عما اذا كانت المرأة ستحاول الضغط عليها لتترك وظيفتها , وان حدث ذلك تصبح عالقة بين عداء السيده تاوتسند وانذار السيد غراينجر .

تعلم ان بول يتوق للخلاص منها , لكن غروره الرجولي يدفعه الى استبقائها حتى ينزل بها انتقامه النهائي .

من الواضح ان بول كان في المتب يوم امس ومادل على ذلك وجود شريط مسجل قرب آلة الطباعه وهذا يشير الى ان لديها عملا تقوم به .

وضعت السماعات حول اذنيها فتناهى اليها صوت بول واضحا . بدأت تطبع الرسائل التي كانت تتلقاها من جهاز التسجيل .

في الـ10 انفتح الباب عرفت من القادم دون رفع نظرها . وماهي الا ثوان حتى كان امام الطاولة يطفئ آلة التسجيل , فأبعدت السماعات ونظرت اليه .

تفرس في وجهها لحظات ثم قال :

- هلاّ اتيت الى مكتبي آنسة سامرز , على ان تقفلي الباب وراءك .

لحقت به الى مكتبه واقفلت الباب تنتظر ان يقعد سعيا الى تلقي رسائله. لكنه تقدم منها وعيناه تجولان في جسدها بشكل واضح .

فأحست بالحرارة تشتعل فيها , فغضت طرفها لأنها لم تكن مهيئة نفسيا لنظرته هذه , حارت كيف تتصرف ازاء نظرته اخيرا احست ببعض الشجاعة فقالت ببرود :

- هل انهيت تفرسك في ؟ وهل نلت اعجابك يا سيدي ؟ ان لم احظ باعجابك اكن سعيده في مغادرة هذا المكتب !

رفع بول رأسه والتوت شفتاه بابتسامة متعجرفة :

- ولماذا ارغب في ان تغادري ؟ اشعر وكأنني لا اعرفك مع ان فيك شيئا مألوفا لكنه غامض لمَ اشعر اننا التقينا من قبل . انما اين ؟ لا اذكر .

ارتد قليلا وكانه يريد امعان النظر اكثر :

- انت امرأة غامضة ظهرت في البداية غير جذابة عانسا عجوزا ذابلة ... ثم بالامس في شقتك بدوت انثى خلابة اما الآن فيبدو وكان كل ذرة فيك لسيدة اعمال انيقة قديرة , اراني حائرا في معرفة من انت حقيقة ؟

- ولماذا الحيرة ؟ ألم تطلب مني ارتداء ثياب تليق بالمكتب فكان ان حاولت تطبيق تعليماتك . ارجو صادقة ان تكون راضيا عن مظهري .

لمعت عينا بول ثم عاد للتحديق في جسدها يمعن ويقوّم كل خط فيه بشكل دقيق ثم قال :

- لكنك آنسة سامرز مخطئة كل الخطأ. فليلة امس اعجبتني الا انني اشرت فقط الى ان ثيابك لن تليق بالمكتب .. وعليك الاعتراف ان ماكنت ترتدينه لا يليق بسيدة اعمال , بل يليق بحريم السلطان وزيك اليوم يخفي ما كان ظاهرا بالامس غير ان عندي ذاكرة قوية وبأمكاني تخيل ما تحت هذه البلوزة البيضاء .

وتقدم نحوها مردفا :

- لديك خصائص مميزة آنسة سامرز , لذا ستكونين ذات فائدة لشركتنا لم اكن اتصورها .

رمت باميلا قلمها ودفترها على طاولت تتصاعد الى عينيها النار التي كانت تحرق وجنتيها :

- رويدك قليلا ّ انت تعرف كل شيء عن تنكري لذا لاتظن ان بأمكانك دفعي للاحساس بالذنب . اعترفت انها كانت غلطة وعرضت عليك ترك العمل . فكنت من اصر على العمل معا ودعيا ان اخلاقك فوق الشبهات ... حسنا ... لا تتصور انك قادر على اعتباري جارية عندك فلن تكون هذه الوظيفة الاولى التي ارتكها بسبب رب عمل فاسق !

فظهر الغضب على وجهه وفمه :

- لا تغتري بنفسك آنسة سامرز ! لا سبب يدفعني الى ان تسيئي الظن في نواياي . كنت احاول فقط تعويد نفسي على صورتك الجديده فالتغيير الذي طرأ على مظهرك كبير لذا اعود فأقول انني لن اسمح لك بالتصرف بطريقة غير لائقة مع أي موظف أخر في المكتب فأنا لا اتسامح ابدا بما يتعلق بالتصرفات اللااخلاقية سأعذرك هذه المرة , لأنني ادرك شعورك بالذنب . انما لن اتساهل في المستقبل هل كلامي واضح ؟

كانت باميلا من الداخل تغلي . فتحت فمها لتلطق اللهيب لكنها تذكرت قسمه بانه لن يدعها تجد ويفة اخرى في عالم السكرتاريا . وكانت نظرة واحده الى تعبير وجهه المصمم كافية فتقنع بأنه لا يهدد جزافا , فأبتلعت كبرياءها وتذوقت مرارة الهزيمة .

- نعم سيد غراينجر . لقد اوصلت كلامك فأعتذر عن تصرفي . واعد الا اكرر ما حدث .

لمعت شارارت الانتصار في عيني بول :

- هذا افضل آنسة سامرز . والآن فلنبدأ العمل الذي اعتقد ان يدير استثمارات زبائننا .. لدي رسائل امليها عليك . فهل تكرمت واستعدت قلمك ودفترك لنبدأ ؟

املى بول الرسائل بالسرعه التي كان يفكر فيها . وما هو الا وقت غير طويل حتى نسيت غضبها وانغمست في عملها . قلبت الصفحة وانتظرت .. فقال بول :

- اعتقد ان هذا يكفي حاليا آنسة سامرز . هلاّ احضرت لي فنجان قهوة ثم تنهين بعد ذلك هذه الرسائل ؟ اريد ان تخرج من المكتب اليوم .

دخل عليها تود المكتب حالما غادرت مكتب بول :

- صباح الخير باميلا . اسفت عندما سمعت عن مرضك بالامس .

التفتت اليه وكانت على وشك التفوه عندما لاحظت وجهه المشدوه وفمه المفتوح وعينيه المتسعتين :

- باميلا ؟ اهذا انت حقا ؟ ماذا حدث لك ؟ لم اتعرف عليك .

دخل بول الغرفة بغضب فتناول فنجان القهوة من يدها المرتعشة :

- الافضل ان آخذه منك قبل ان تحرقي نفسك به .

ثم التفت الى تود :

- حسنا .. تود اقفل فمك واطلق قدميك فقد لاحظت دون ريب التغيير الذي طرأ على مظهر الانسة سامرز . ولكن اعلم انني لن اسمح ان تتعرض الى استجواب بشأن حياتها الخاصة لذا اتوقع الا يجري نقاش في هذا الصدد . وبما اني اعرف انك على صلة وثيقة بمعظم الموظفين فأرجو ان تعتبر نفسك مكلفا بايصال رغبتي الى الجميع . لا اريد نقاشا بشأن مظهر الآنسة سامرز وساتولى بنفسي امر من يعصي هذه التعليمات أواضح كلامي ؟

انتفض تود مسويا كتفيه , ثم اتجه الى الباب :

حاضر سيد غراينجر سأفعل هذا حالا .

رمى بول باميلا بنظرة بارده ثم دخل الى مكتبه حاملا فنجان قهوته .

مرت ساعات الصابح بسرعة فقد كان بول خلالها يتحدث هاتفيا وكان ان انشغلت باميلا بطبع الرسائل .

عندما طلب منها مرة اخرى ارسال من يحضر لهما ساندويشات للغداء احست باميلا بالسعادة لغياب السيدة تاوتسند في اجازة تدوم 3 اسابيع .

فهي والحال هذه لن تضطر لمواجتها حاليا , كما ان تود قام بعمل رائع في نشر الخبر عن التغيير الطارئ. فلم تلاحظ ان موظفا حاول التحديق اليها بنظرات مختلسة .

اكملت الرسائل وادخلتها ليوقعها بول . كان مشغولا في بعض الارقام على الورق فلم يرفع رأسه اليها بل اشار بيده لتجلس :

- سأكون معك بعد لحظات . كنت اسعى وراء الاسهم البحرية من ذ اشهر ويبدو ان لدينا دلائل عن مشتر لها .

بعد قليل رمى القلم من يده .

- ها قد انتهيت ىنسة سامرز . اذا انخفض سعر هذا السهم في الغد قد نشتريها لحساب عدة زبائن لدينا كنت اتكلم هاتفيا طوال الصباح مسجلا طلبات الشراء امامنا غدا يوم عمل شاق .


نظرت باميلا الى ماكان يكتب فلم تجد الا حروفا وارقاما اين منها الاغريق .. لاحظ بول تقطيبتها واهتمامها .

- الم يعلموك هذه الارقام والحروف في المعهد الذي تدرسين فيه ؟ انها من اهم الامور في عالم الاستثمار الحديث . كيف يتوقعون منك تعلم أي شيء ان لم يعلموك القواعد الاساسية ؟ ستتعلمين في هذا المكتب خلال اسابيع اكثر مما ستتعلمينه هناك في سنة ! تقدمي لأشرح لك فلن تتمكني من القيام بأي عمل ان لم تفهميها !

وضعت باميلا الرسائل على حافة المكتب ودارت حوله الى حيث تجلس . ارجع كرسيه الى الخلف , ليفسح المكان لها , ثم رده الى الامام ثانية , تعلقت باميلا بينه وبين الطاولة , بدأ في انه يعي اضطرابها ولكنه انحنى فوق الورق يتابع بدقة خطا مرسوما بحرف محدد بأصبعه :

- هنا بدانا الملاحقة منذ عدة اشهر . وهذا سعر اليوم السابق للبورصة ... وبهذا السعر بيع اليوم . افهمت الآن لماذا اهتم بمستوى سعره ؟

حرك كرسيه ليفتح درجا اخرج منه ملفا . عندما عاد الى مكانه وضع ذراعه خلف باميلا بدلا من وضعها بينهما , فأضطرت للالتصاق به اكثر لئل تمسها ذراعه .

وتطايرت الى خايشيمها رائحة عطره آخاذه فأحست بالارتباك انما ما من وسيلة تستطيع بها تحرير نفسها نه دون اثارة ريبة بول , وهذا اخر ما تريده . عضت على شفتيها واجبرت نفسها على التركيز على ما يقول .

كان صوته عميقا وعمليا ... كان يتكلم وكأنه لا يحس بتوترها الذي يسببه قربه منها . كان منكبا على شرحه فأشتدت ذراعه فجأة حول خصرها ليجذبها اكثر اليه حتى تستطيع رؤية الاوراق المنثورة على طاولته بطريقة افضل . ثم التفت فجأة لينظر الى عينيها:

- هاك .. اتوضح الامر لك الآن ؟ افهمت ما كنت اقوله ؟ غدا ستتاح لنا فرصة تحولك رؤية كيفية هذا كله عمليا . يبدو ان يوم الغد طويل وممتع .

احس فجأة بوضع باميلا وقلقها , فرد الكرسي الى الوراء وتركها لتعود الى مقعدها . اسند ظهره الى ظهر كرسيه مقلبا قلمه بين اصابعه مفكرا ثم ضاقت عيناه :

- لم تسمعي كلمة مما قلت .. ألأيس كذل ؟ آنسة سامرز .. انت تصدمينني حقا ! بداية طالبت ان اعاملك معاملة رجل ..وعندما فعلت تحولت الى عذراء آتية من القرن الـ16 يجب عليك ان اردت المضي في عالم المال كبح جماح مخيلتك ارجوك , تذكري اننا في مكتب لا في غرفة نوم . وضعي افكارك في القنوات الملائمة . والآن ماذا كنت تريدين مني قبل ان ننشغل بهذا ؟

اعطته باميلا الرسائل :

- رغبت في ارسال هذه اليوم , ولكنني تاخرت فالبريد رحل دون ريب . انها الـ6 ومن عادة البريد ان يرسل في الـ5,30 .. فالدرس الذي كنت تشرحه لي استغرق وقتا طويلا و لأنها غلطتي سأحملها بنفسي الى مكتب البريد اثناء التوجه الى منزلي .

لم يرد عليها بول بل سارع الى توقيع الرسائل . فتركت المكتب مقفلة الباب وراءها , ثم اكملت ما تبقى من عمل لديها بانتظار انتهاء بول .

خرجت لتضع شيئا على مكتب السيده تاوتسند وحينما عادت وجدته يجلس على طرف مكتبها يمسك غلافات بيده :

- الرسائل مضبوطه كل الضبط وقد وضعتها في غلافاتها لكنني لم اجد الطوابع . فأنا لك اكن خبيرا قط في معرفة خبايا مكتب سكرتيرتي . ارجو ان تلصقي الطوابع على المغلفات لتخرج بعد ذلك .

وجدت الطوابع بسرعه ثم راحت تلصقها وقالت لبول :

- لا تنتظرني رجاءا سانهيها بعد قليل .

- لا بأس . استطيع الانتظار , فليس لدي مواعيد الليلة المكتب فارغ ولا اجد من المناسب تركك وحيده .

- لكنني فتاة ناضجه قادرة على العناية بنفسي .

عاد بول يحدق فيها بتصميم وقصد ثم قال :

- ارى ذلك بوضوح. اما بالنسبة اذا كنت قادرة على العناية بنفسك فهذا ما يجب ان نراه .

كست بسمة متكبرة وجهه فاضطربت بحنق من سخريته الواضحه . لكنها حملت حقيبتها والمغلفات واتجهت نحو الباب .

- عمت مساء سيد بول . وشكرا لبقائك وحمايتك لي من كل الاخطار التي لا تصدق .

فتحت الباب وخرجت بسرعه ... لكن بول منعها من اغلاق باب المصعد لأنه سده عليها . ثم بعد ذلك انزل يد باميلا عن زر الطابق السفلي بحزم وضغط على زر الكاراج ... فعبست :
اريد النزلو الى الطابق السفلي لا الى الكاراج فلا امسلك سيارة !
فابتسم بلطف :
- لكنني املك واحده .. وهذا يعني ان بامكاني ايصالك الى مكتب البريد انه على طريقي فبريدي هو ما تحملين .
حاولت مرة اخرى الضغط على الزر ..
- قد يكون بريدك ولكنني المسؤولة عن اصاله انه عملي ارجوك دعني وشاني فأنا افضل ان اسير .
امسك يدها من جديد :
- آه .. لكنني مصر . اياك ان تنسي انني رئيسك .
تمت الرحلة الى مكتب البريد بصمت وهناك اوقف السيارة في مكان مخصص , ثم قبض على حقيبتها وهي تحاول فتح الباب .
تصاعد اثناء الرحلة من المكتب الى البريد التوتر النفسي في نفس باميلا حتى اد يصل الى حد لا يطاق , فحاولت السيطرة على نفسها لئلا يظهر توترها في صوتها وهي تقول له :
- اتسمح بان تعطيني حقيبتي ؟
لكنه لم يتأثر :
- لماذا ؟ الا تثقين بي ؟
افلت لسانها من عقاله فصاحت بصوت حانق غاضب :
- بالطبع اثق بك ! وما شان هذا بذاك ؟ اريد حقيبتي ! انها لي وانا بحاجة اليها . ولا اجد فائدة من هذا النقاش السخيف .
- نقاش سخيف . اجل اتظنين انني احتاج لحقيبتك او لمحتواها ؟ ساحتفظ بها حتى تعودي من مكتب البريد ... فالرسائل جاهزة ولت تحتاج الى حقيبتك .
- لكنني لن اعود لسيارتك .. سأذهب مباشرة الى المنزل .
- عظيم .. ضعي الرسائل ثم اقلك بعد ذلك الى منزلك انه ليس ببعيد عن طريقي. اما حقيبتك فستكون في الحفظ والصون معي . والآن لماذا لا تتحركين ؟ الوقت يضيع بهذا النقاش السخيف كما تفضلت وقلت . فهيا بسرعه .
صفقت باب السيارة وراءها بغضب ثم توجهت الى البريد وما هي الا دقائق حتى عادت ولكن هذه الفترة القصيرة لم تقلل من سخطها ارتمت على مقعد السيارة ثم صفقت الباب من جديد .
شغل بول المحرك ثم نظر اليها :
- اين تحبين ان نتناول العشاء ؟
قالت باصرار :
- اود الذهاب الى منزلي .
- حسنا .. الى المنزل .. رغباتك اوامر .
راح يصفر وهو يقود السيارة . حسنا لقد قام بمهمته بنجاح , وعليه ستمضي هي ما تبقى من الامسية مصطلية بغضبها اما هو فسيحتفل بنجاحه.
أسواء مافي الامر انها غير قادره على فعل شيء وما من شك في انه كان جادا حينما قال انه سيدمر مستقبلها اذا حاولت الاستقاله من العمل . سيجعلها تدفع الثمن حقا , ثمن خدعتها .
توقفت السيارة وهي ما تزال غارقة في افكارها . فمدت يدها بسرعه لتفتح الباب . ما ان طلت برأسها الى الخارج حتى جمدت . انها ليست امام مبنى شقتها .. بل في منطقة شعبية من لندن مزدحمه بمحلات لبيع النقانق والسجق والجبنه وبدكاكين البقالة وهي في هذه المحلات مأكولات اوروبية وعربية .
التفتت باميلا الى بول , وفتحت فمها استعدادا للسؤال , لكنه ابتسم وربت يدها بلطف .
- لن ارغيب سوى دقيقة .
وانتزع مفتاح السيارة مبتسما لها ابتسامة ما تزال قادرة على اشعال خفقات قلبها , ثم اختفى في احد المحلات .
فتحت باب السيارة بسرعه ثم هرعت الى الخارج حتى اختفت عن الانظار . عندما وصلت شقتها ودخلت الى غرفة نومها وجدت مذكرة من بيرل ( ذهبت للقيام ببعض التمارين المسرحية سأتعشى مع تالبوت تركت لك طعاما في البراد اراك لاحقا بيرل .)
طعاما في البراد ...! لم ترق لها الفكرة... ربما ستنسى امر العشاء فأول ما يجب ان تفعله هو الاسترخاء في المياه الدافئة علها تترك التوتر يخفف ويتلاشى .
ماكادت تسترخي في المياه الدافئة حتى رن جرس الباب .
اف! لماذا كلما دخلت الحمام رن جرس الباب او جرس الهاتف حسنا .. لن ترد .. وليذهب كائنا من يكون وليعد لاحقا .
لكن الرنين لم يتوقف . بدا لها وكان شخصا ما قرر الاستناد الى الجرس والباقء هكذا حتى يستجاب طلبه .. فأطلقت لعنات غليظة ولفت نفسها بمنشفة كبيرة وذلك دون ان تجفف جسمها , لنها لا تريد فتح الباب ,
وحالما تتخلص من الطارق تعود الى دفء الحوض . صاحت من خلف الباب الموصد :
- من هناك ؟
- هذا انا بول .. اتسمحين ان تفتحي الباب ؟
خفق قلب باميلا بجنون ... لقد لحق بها الى المنزل ولكنها لم تفكر في انها قد تضطر الى مواجهة قودة اندفاع غضبه الكاملة قبل صباح الغد .
عصفت بها اعصابها وهي تفكر في الرد المناسب .
- ماذا تريد ؟
- اريد الدخول ! افتحي الباب !
- لا يمكنك الدخول فأنا اغتسل .
- لا آبه لما تفعلين . فانا احمل كيسا ثقيلا واريد الدخول لأضعه من يدي . والآن هلا توقفت عن التصرف كالطفل المدلل ففتحت الباب ؟
جعلتها تلميحات بول المشيرة الى عدم نضوجها تستعر غضبا فلفت المنشفة جيدا حول قدها الرشيق ثم ابعدت سلسلة الامان وفتحت الباب :
- تفضل تصرف وكأنك في بيتك . انما لا تتوقع مني ان استقبلك !
وقبل ان تنتظر ردة فعله دخلت غرفتها واقفلت الباب .ولكنها تضايقت من سخرية الموقف .. لقد جعلها بول سجينة في دارها , وهي لا تنوي قضاء ما تبقى من الامسية في تأمل السقف لا لسبب الا انه قرر الاستيلاء على شقتها .
رمت المنشفة على السري ثم راحت ترتدي ثيابها فاختارت جينزا قديما وقميصا .. هذا منزلها لذا لن تسمح لا لبول ولا لأي شخص اخر في الدنيا ان يحتجها فيه .
كان بول مشغولا بتفريغ كيس ضخم في خزانة المطبخ فرفع رأسه عندما دخلت ونظر اليها ببرود :
- ارى انك غيرت ملابسك استعدادا لتناول العشاء ... لم تكوني مضطره فالمنشفة كانت راعه عليك .
فأفلت غضبها من عقاله :
- ماذا تفعل هنا ؟
- وماذا ترينني افعل ؟ انا احضر العشاء الذي كنت اتوقع ان تعديه انت لأنك من دعوتني الى منزلك .
نظرت اليه وهي لاتصدق :
- انا دعوتك ؟ هل انت مجنون ؟ انا لم افعل هذا مطلقا !
فتنهد :
- يبدو انك فعليا تفقدين ذاكرتك .. لقد سالتك اين تودين تناول العشاء فأصررت على المجيء الى المنزل كنت سعيدا لصطحابك الى افخم مطعم في لندن , لكنني كما تعلمين احاول دائما ارضاؤك , لذا توقفت لأشتري بعض المأكولات الايطالية اللذيذة . وعندما عدت الى السيارة وجدت غير موجوده , فأفترضت طبعا انك قررت العودة الى المنزل لتحضري مائدة العشاء , تصوري دهشتي عندما وجدت في الحمام كسولة , تتوقعين مني ان اقوم بكل هذا العمل ... في الواقع اؤمن حقا ان الآنسة سامرز العجوز كانت اكثر منك كفاءة ولباقة ايضا.
- كيف تجرؤ على هذا القول ؟ فلم يحدث ان تكاسلت قط فعملي اتمه على افض وجه .
قعد بول على الكرسي قرب طاولة المطبخ واسند ظهره عاقدا ذراعيه حول صدره العريض :
- حسن جدا .. اريني اذن كيف كنت تمثلين دور المضيفة الرشيقة واشرعي في اعداد عشاء لذيذ مما شاتريته . ليس من حسن الضايفة دفع الضيف الى القايام بالواجبات , الا اذا كان لديك ما تقدمينه قبل العشاء ؟ في الواقع تمنيت لو تتركين تلك المنشفة , فما اسهل نزعها !.
توجهت باميلا الى المطبخ كالمجنونه وهناك راحت تضع الاطباق والمناديل على الطاولة . ثم راحت تفك الاكياس التي اشتراها قائلة بحنق :
- انت ضيف غير مدعو .
- هذه نقطة قابلة للنقاش .. فانا واثق انك دعوتني للعشاء في منزلك ... حتى ولو كنت مخطئا في تقديري فالمضيفة الرشيقة الكريمة تفعل ما بوسعها ليشعر الضيف بانه في منزله , مدعوا كان ام لا ؟
فكرت في نفسها : حسنا سيد بول هذه لعبة يستطيع ان يلعبها شخصين . وانا لست غبية كما تظنني .. قد لا اكون مثلك شهيرة في عالم البورصة لكنني قادرة تماما على تلقينك ما يتعبك .
- انت على حق سيد غراينجر ..انا مقصرة في واجباتي كمضيفة . لا اعرف ماذا دهاني . والآن اجلس وسأقوم بما وسعني .
ولكن سخريتها ضاعت معه فقد استرخى في مقعده
- هكذا افضل .. اعطيني مفتاح العلب لأفتح هذه الزجاجه .
فأبتسمت باميلا واعطته ما طلب ثم وضعت امامه كوبين فوقف ليتقدم الى الناحية الاخرى من الطاولة وامسك الكرسي ليقدمه لها , فجلست تنظر الى ما حضرته من طعام امامها .
- يبدو انك اشتريت كل مافي المخزن . ما كل هذا ؟
- انها الاطعمة الفرنسية والايطالية المفضلة لدي . احب هذا النوع من الاطعمه ... هذا باذنجان متبل على الطريقة التركية , وهذا فطر مخلل وتلك قرون فليلة حمرا ... جربيها ثم سأشرح لك ماهي .
جربت باميلا قليلا من كل شي وتمتعت بها كل التمتع , ما ان انتهى الطعام حتى كانت قد نسيت غضبها فقد ارتفعت معنوياتها .
واستطاعت تبادل الحديث مع بول بيسر وود . بعدما نظفت باميلا الطاولة اعدت القهوة كما يحبها .. ثم حملت الحلوى والقهوة الى غرفة الجلوس , وهي تشعر بالراحه فقد كان بول دمثا بطريقة ساحرة اثناء العشاء .
خلعت حذائها ورفعت قدميها التين اسرعت تضعها تحتها قبل ان تجلس على المقعد الوثير متناسية عدائتها وغضبها سألها فجأة :
- لماذا لا تطلقين شعرك .. هذا الرباط السخيف يفسد صورتك الجميلة .
فتمطت بكسل :
- انا متعبة جدا الآن .. كما انه لا يضايقني .
هب من مقعده :
- حسنا ولكنه يزعجني لذا ساحل عقدته .
عندما اقترب منها انتفضت باميلا ولكنه مد يده الى شعرها وراح ينزع الدبابيس ثم يحل العقده وبعد ذلك راح يمرر اصابعه في كثافته الحريرية ولم يلبث ان رفع رأسها حتى التقت عيناها عينيه اللتين ما ان قرات ما فيهما من معاني , حتى استوت في جلستها توشك ان تعترض .....
فجأة سمعا صوت المفتاح في قفل الباب ثم ماهي الا لحظة حتى دخلت بيرل الغرفة يتبعها تالبوت .
نظرت بيرل الى بول وهو منحن فوق باميلا ثم رفعت حاجبها بأناقه وقالت بصوتها العذب الصافي :
- آسفة على مقاطعتكما .. لكنني ماكنت اعلم ان بصحبتك احد .
ارجع بول ظهره مستقيما وسحب يده عن عنق باميلا :
- تاخرنا في انهاء العمل في المكتب فاقترحت ان نتمتع ببعض الطعام في المنزل . لقد احتسينا القهوة منذ برهة وها انا اوشك على المغادرة .
جلس تالبوت في كرسي هزاز :
- لا ترحل بسببنا بول . كنت سازورك غدا .. ربما توفر علي العناء .
- ما من فائدة في هذا تالبوت , امامنا غدا يوم شاق لذا يجب ان اذهب .. اتصل بي لنحدد موعدا للغداء فيما بعد .
لوح بيده لباميلا وخرج . فقالت بيرل :
- حسنا ...ماكان كل هذا ؟
- كما سمعت . تاخرنا في العمل وقررنا تناول عشاء سريع في المنزل . الآن سأذهب لأنام .
تمنت ليلة سعيده ودخلت غرفتها ثم اخذت تتجول فيها محتارة ما سترتديه غدا صباحا , وعندما انهت اختيارها راحت تعلق الثياب بعناية على باب خزانتها ...
ولكنها انثاء ذلك لم تستطع الا ان تفكر واحمرار الاثارة يحرق وجهها , في مكا كان سيحدث لولا وصول بيرل وتالبوت في تلك اللحظة .
انسلت بين اغطية الفراش ترفعها فوقها .. لكن ما من شيء قد يمنع افكارها من العودة الى بول , والى تصرفاته الطيبه الرقيقة وما من شيء ايضا قد يحول دون ان تتمنى لو لم يقاطعها احد .




نهايه الفصل الخامس

صـ ـدى‘آلآهـ ـآت 02-18-2012 01:06 AM

6- يأخذ ما يريد:

كان اليوم التالي يوما مجنونا كما توقع بول ..وكذا كان حال الأيام التالية .
فقد سعى بول وراء عدة أسهم تصدرت واجهة المبيعات .
فكان أن بقيت باميلا مشغولة بتسجيل طلباته .
كان الساعة يوم الخميس قد تجاوزت السادسة عندما استدعاها قائلا إن الطلبات جميعها نفذت .
وإن عليها تسجيلها وإرسالها الى قسم الحسابات جميعها للتأكد من الأرقام المسجلة.
وفيما هي واقفه قرب مكتبة تهادت إليها رائحة عطر فرنسي فاخر.
رفت باميلا رأسها فشاهدت قوام سوزي هاليداي النحيل المكسو بزي أنيق أزرق اللون حريري .
في اللحظة التي التقت عيونهما ، شاهدت باميلا الصدمة الكاملة تجمد وجه سوزي وانفتح فمها الرائع دهشة:
- أنت ! ماذا فعلت....!
وقبل أن تكمل جملتها وقف بول مرحبا بها. فنسيت كل ما يتعلق بباميلا وأسرعت اليه ترتمي بين أحضانه.
- حبيبي ..أشتقت الى رؤيتك كثيرا ، فلم أستطع البقاء مدة أطول.
هل أشتقت إلي.؟
نظر بول من فوق رأس سوزي الى باميلا :
- هذا كل شيء الآن آنسة سامرز . رجاء أهتمي بتصحيح الطلبات مع المحاسبة؟
تركت باميلا المكتب نغلقة الباب وراءها ، وضحكة سوزي الناعمة ترن في أذنيها. أحست بقبضة تمسك بقلبها وتشده ،
فلسوزي جو من الرفعه لن تصل اليه .
إنه جو التقة الأكيدة التي تتأتى من العيش في وسط ارستقراطي يسمح للمرء بشراء كل ما يرغب فيه.
انشغلت بترتيب طلبات الشراء كل يحسب فئته لتواصلها الى غرفة الكومبيوتر ...وخرج بول وسوزي ، التي كانت تتعلق بذراعه بتملك يظهر بوضوح أن هذا الرجل ...لها.
حرر بول ذراعه من سوزي وربت على يدها . ثم تقدم الى طاولة باميلا ونظر بسرعه الى الطلبات المرتبة :
- لقد كان يومنا حافل بالعمل اليوم آنسة سامرز . سأخرج الآن . لماذا لا ذهبين أنت أيضا الى المنزل وغدا نهتم بهذه ؟
- لا بأس سيد غراينجر ، ليس لدي معهد اليوم . وأستطيع البقاء قليلا حتى أنقل هذا العمل الى غرفة الكومبيوتر .
فقطب جبينه :
- لا حاجه الى العجلة خاصة وأنني لا أحب أن تتأخري ـ فهذة الشوراع تُقفر ما أ تقفل سوق القطع .
دنت سوزي من بول وأمسكت يده تجذبه نحو الباب :
- حقا يا بول . .. إنها ليست عادتك ..تبدو كأنك أم رؤوم .
الآنسة سامرز قادرة على العناية بنفسها ...فللفتيات العاملات مقدرة على تخطي الصعاب .
جرته الى خارج الغرفة والتقطيبة ما أنفكت على وجهه .
عملت باميلا بسرعة ، مدركة أن الطاقة الغاضبة هي التي تدفعها.
كانت الساعة توشك أن تصبح الثامنة عندما سمعت وقع أقدام ثقيلة في الممر المهجور .
فذعرت لأنها تذكرت فجأة أنها لم تقفل الباب الخارجي .
وأنها وحيدة في مكتب فارغ .
حين أنفتح الباب كانت تمسك سماعة الهاتف بيد مرتعشة وتطلب طوارئ الشرطة ، ولكن الجسد الذي سدّ الباب كان جسد بول غراينجر .
فتنفست باميلا الصعداء ثم أعادت السماعة الى مكانها .
- لقد أرعبتني ، لم أتوقع عودتك هذا المساء.
انعقد حاجباه بعبوس أسود:
- أنت لا تسمعين أبدا ، ألم أطلب منك عدم البقاء بعد ساعات العمل ؟
كان بإمكان مطلق شخص الدخول من هذا الباب كما فعلت أنا تماما ...ماذا كنت ستفعلين عندئذ ؟
- أنا قادرة على التعامل مع الموقف . كنت أتصل بالشرطة عندما دخلت .
- قد يجدونك ميتة عندما يصلون ..ألم أقل لا تتأخري ..أنا أتوقع من موظفي تنفيذ أوامري .
ولكنني أراك مصممه على بذل المستحيل حتى أفقد صبري وأطردك ..حسنا...لن تنجحي في هذا...ربما أمضيت حياتك تديرين الرجال حول أصبعك ..
ولكنني مختلف . فأنا لا أجد باميلا الجديدة أكثر جاذبية من باميلا العجوز .
لذا سأختفظ بك حتى أثبت لك هذا . ستبقين ملتصقة بهذه الوظيفة حتى أطلب منك الرحيل لكنني لن أسمح لك بإغضابي حتى أطردك ..والآن وضبي أغراضك ..سنخرج.
أمسكت كومة الأوراق:
- سأضع هذه مكانها ..لن أتأخر .
فقاطعها ضاربا يدها بعنف ليعيد الأوراق الى الطاولة.
- دعيها من يدك ! قلت سنخرج!
أمسك بمعصمها وجرها الى الباب .
عندما أصبحا في المصعد نظرت إليه:
- لا أستغرب عدم أحتفاظك بسكرتيرة أخرى غيري . فأنت طاغية !
نظر إليها بول ببرود:
- لا أعتقد أن هناك شيئا من الديكتاتورية إذا توقع رب العمل من موظفية الطاعة.
لقد طلبت منك ألا تتأخري في العمل ، فكان أن تعمدت عصيان رغباتي .

- كان لدي عمل أنهيه .....فمن صميم عملي تحضير هذه الطلبات للكومبيوتر صباح الغد.
- ومن صميم عملك أن تطيعي أوامري أنا ...مسؤوليتك الوحيدة هي الإذعان لتعليماتي .
- حسنا ..أنا لا أوافقك الرأي سيد غراينجر ، فأنا مسؤولة أمام الشركة.
- أنا الشركة ..آنسة سامرز ...ومسؤولياتك لي وحدي!
اقتادها نحو السيارة حيث جلست في المقعد الأمامي صافقا الباب خلفها، ثم أستوى الى مقعد القيادة وقال بصوت متزن :
- هل تناولت الطعام ؟
- لست جائعة .
- لا أدري لماذا أزعج نفسي بالسؤال ..حسنا لا أظنك تناولت طعاما ..وربما أنك غاضبة غضبا سيجعلك تذهبين مباشرة الى النوم دون عشاء فقد قررت أن نأكل شيئا قبل أن أوصلك.
التفتت إليه وقطع الجليد تتساقط من صوتها :
- قلت لك لست جائعة !
- حسنا أنا جائع . فإن شئت راقبيني وأنا مسترسل في إرضاء شهيتي .
فسألته بصوت خفيض :
-ألم تأكل مع الآنسة هاليداي ؟
- لم أكن جائعا ..وقد حدص أن أصيبت بالصداع فكان أن أوصلتها الى البيت .
فقالت بسخرية لاذعة :
- آه ....وهكذا سعيت إلي بديلة عنها .
لمعت عينا بول بدهاء ، وكأنه يسترخي من مزاجه السوداوي :
- يا عزيزتي الآنسة سامرز ..لن تكوني أبدا بديلة عنها . ليس هناك كقارنة بينكما على الأطلاق .
غلت باميلا غضبا :
- أووه ..تكاد تجنني غضبا!
ظل بول يقود السيارة وقد أسترخت أساريرة :
- أجل ..هذا صحيح ..أليس كذلك؟
وابتسم لها بخبث .
تجاوزت السيارة مبنى البريد في شارع أوكسفورد ، ذلك البرج المرتفع الشهير.
ثم أنعطفت فوق أحد الجسور مرورا بالوسط التجاري الذي راحت باميلا تتأمل مبانيه المرتفعه حتى وصلا الى أحد المجمعات التجارية المزدحمة بمحلات الثياب ومحلات العطور والزينة والمطاعم .
هذا المكان يبدو بعيد المنال عنها هي الموظفة البسيطة التي تعتمد في معيشتها على أجر السكرتارية . أشاحت بصرها عن الواجهات المغرية:
- إلى أين نحن ذاهبان؟ أنا متعبة حقا وأريد العودة الى البيت.
- لا تقلقي ، ستصلين الى المنزل في الوقت المناسب.
دار حول المجمع وتوقف أمام مدخل تظللة خيمة حمراء ، وهو مدخل فندق فخم .
حينما أصبحا على مقربة من المدخل أسرع الحارس لفتح باب باميلا ، فيما أسرع موظف آخر لأخذ مفاتيح السيارة لركنها في مكان جيد . بعد ذلك وضع بول يده على خصر باميلا
واقتادها بثبات ليجتازا الباب الخارجي ذي الأطار النحاسي اللماع ، مستخدمين مصعد المطعم وصولا الى طابق المبنى العلوي ، حيث تناهت الى أسماعها موسيقى رومانسية مؤثرة كانت
تأتيهما من باب المقهى المضاء بالشموع.
حيا كبير السقاة بول بأسمه وتقدمهما الى طاولة منعزلة مخصصة لأثنين تشرف على الهايد بارك الشهير وعلى قصر وستمستر الذي تتلألأ أنوارة على نهر التايمز .
طلب بول لنفسة كوكتيلا ولباميلا كأس عصير الليمو ن البارد ثم ودون أن يسألها ماتريد من طعام ، طلب من الساقي أن يحضر لهما
ما يطلبه ، ثم استراح في مقعدة ..وعيناه فضوليتان وهانئتان في آن معا .
- أحب المجئ الى هذا المطعم لأنني أحظئ بمنظر للهايد بارك مختلف عن المنظر الذي أراه مطلا من شرفتي .
تذكرين ذلك المنظر ، أليس كذلك؟
احر وجه باميلا وقد تذكرت المناسبة جيداَ . ارتشفت رشفه من شرابها البارد ثم التفتت الى الباب الخارجي
القريب منها . نعم بول يتحدث عن المنظر البادي أمامهما ولكن عينيه مابرحتا وجهها لحظة .
عضت على شفتها السفلى بعصبية ، محاولة السيطرة على التوتر الذي بدأ يتصاعد في داخلها .
- سألتك أن كنت تتذكرين المنظر من شقتي . أتودين الأجابة أم تفضلين قضاء الأمسية بوجوم ؟
- لست واجمه إنما لم أحب وجودي في هذا المكان . أن تعبة وأود الذهاب الى المنزل .
- إذن عليك الذهاب الى المنزل في الوقت المناسب . اعتبري هذا العشاء حزءاً من عملك . وإن وجدته عملا شاقا، أقترح عليك إطاعة أوامري في المستقبل . فأنا على عكسك آنسة سامرز .أعني ما أقول ، ولا أتلاعب دون التفكير في العواقب .
- أنا آسفه لما فعلت ، ولقد أعتذرت . فلماذا تريد غير هذا ؟ لا أرى سبباً لغضبك .
- أنا لا أغضب عادة آنسة سامرز بل أنتقم . وما أنا الآن أطالب بأن تدفعي ثمن السخرية التي كانت على حسابي .
- أنا لم أسخر ، بل كان ما أرتدته وظيفة فقط أتعلم منها المزيد عن عالم المال .
أكمل بول شرابه قبل أن يجيب :
- حسنا ..أستطيع القول إنك حققت مرامك . وجيب أن تعترفي أنك تتعلمين الكثير عن عالم الأستثمار.
هزت باميلا رأسها :
- صحيح . الوظيفة رائعه أتمتع بها في الواقع .....لكن الأمر ....
- أي أمر آنسة سامرز؟
- أوه ... لا أدري ..أعتقد أنه لا شيء.
كيف تقول له إنه مو من يصعب الأمور عليها؟
لو يتركها وشأنها لاستطاعت السيطرة على نفسها.
لكنها لن تنجو إن بقي يضغط عليها كما يفعل .
وصل العشاء فتمتعت باميلا بلحم الخروف الطري مع البطاطا المسلوقه.
بعد العشاء أصر بول على أن تجرب ما تخصص بصنعه المطعم من قهوة غنية سوداء.
مضافا إليها الشكولا والكريما .
فجلست هانئة تتمتع بطعم الشراب الدافئ الحلو.
راقبها بول وهي تشرب قهوتها . ثم مال الى الأمام يمد إصبعه ليمررها على شفتيها العليا ليزيل أثر الكريما .
توقفت أنفاسها في حلقها لهذه الحركة الطوعية ، فتراجعت الى الوراء، خائفة من الأحساس المجنون الذي اجتاح جسدها.
أنزل بول يده ولكنه ظل يحدق فيها . ثم وقف دون أن يبعد نظرتة عنها .
ودنا منها واضعا يديه على كتفيها قائلا بصوت دافئ :
- فلنرقص.
- يستحسن ألا نفعل . فلدي الكثير من العمل غدا وأنا أريد البدء باكرا.
أمسك سدها ورفعها عن الكرسي :
- لا داعي الى حضورك باكرا عندما تقضين الأمسية مع رئيسك.
كانت أنفاسة دافئة وناعمة على أذنها وهو يقول :
- استرخي ..أنها مجرد رقصة . هيا...تحركي ....أحس بك متصلبة كالخشب.
دفعت باميلا يدها عن صدره ، وأبعدت رأسها لتنظر أليه .
صوتها أجش يرتعش هامسا ، وعيناها تتوسلانه :
- أرجوك دعني أذهب .
قست تعابير وجهه ولكنه خفف من ضغط ذراعية عليها وألقى يده بلطف على خصرها ثم اقتادها ثانية الى الطاولة.
فالتقطت حقيبتها ، ثم غادرا المبنى دون أن يتفوها بكلمة.
زج بول بالسيارة بين زحام السيارات ، ثم بعد ضعة دقائق ، ألتفت أليها ولكنها لم ترَ على وجهه بادرة تشير الى تأثرة .
- لا أعتقد أنك قد تفكرين في البقاء عندي موفرة بذلك علي توصيلك الى منزلك؟
فإن بقيت أستطيع اصطحابك الى المكتب صباحا ، ولن يجرؤ أحد عندئذ على أنتقاد تأخرك.
تحول توتر باميلا الى غضب عارم:
- لا ....بالطبع لن ينتقدوا تأخري ، لأنهم سيكونون مشغولين بالأقاويل .
أعلم أنه لن تساوي سمعتي شيئا عندما تنتهي أقاويل الشركة مني . لماذا لا تذهب باحثا عن الغالية ....سوزي؟
فأنا واثقة أنها ستسعدك الليلة !
- هذا صحيح بالطبع ...أنها على عكسك تماما . عاطفية ، رقيقة ، لا تملك لسانك اللاذع الشرير.
وأوقف السيارة ..فأدركت باميلا أنهنا وصلا الى شقتها ، مدت يدها الى الباب لكن بول أمسك بها .
- السيدة المهذبة تنتظر عادة السيد المهذب حتى يفتح لها باب السيارة .
بقيت جامدة في مكانها فيما أسرع يترجل من السيارة ليفتح لها الباب . قالت له ببرود:
- لم أكن أعلم بوجود سيد مهذب في الجوار القريب.
- نكتة ظريفة ...لكنك ستدفعين ثمنها .
أغلق باب السيار ووقف ينتظرها حتى تدخل الى المنزل فألتفتت إليه تشير إليه بنفاذ صبر أن يبتعد ولكنه أسرع يتقدمها لفتح لها باب المنزل الأمامي بطريقة
أضطرت معها للمرور تحت ذراعه ...بعد ذلك تابعت سيرها ، مع العلم أنها ماتزال تشعر به يتعقبها ، فقع أقدامه الثابتة تدوي في المدخل .
وقفت أمام باب شقتها ، وأرجت مفتاحها من الحقيبة ، ولكن سرعنا ما غطت يده الضخمة يدها ، وأخذ المفتاح بلطف ، فتح الباب ثم أعاد المفتاح .
فلما تحركت لتدخل مدّ يديه يمسك بكتفيها ويديرها إليه.
- لم تنته الأمسية بعد!
كانت النار الملتهبة في عينيه مزيجا غريبا من الرغبة والغضب .
جذبها إليه بوحشية فجاء عناقه خاليا من اللطف لأنه لم يكن يطلب منها شيئا بل كان يأمرها ، يخذ مايريد ، يسحق جسدها بين ذراعية القويتين .
بلغت درجة حرارة دمها الغليان ، وغمرتها زوبعه ودوامة من العاطفة المشبوبة حتى أصبحت عاجزه بين يديه.
فارتفعت ذراعاها تطوقان عنقه استجابة لعناقة .
عندما أحس بتجاوبها ، رقت لمساته وأصبحت يداه الفولاذيتان أخف من الريشة .
كانت تسمع خفقات قلبه المتسارعة تحت يديها اللتين راحت تمررهما على صدره.
عندما رفعت عينيها أحست بذراعيه ترتفعان الى عنقه ، وبيديه تبعدان يديها عن عناقه .
كان ينظر الى أرتعشتها والسخرية تلمع في عينيه :
- سأعتبر هذا العناق دفعة على هجومك علي منذ لحظات .
أمسك أكرة الباب يفتحه بها ثم تركها تدخل الى الشقة قائلا:
- اقفلي الباب وراءك ، فلا يمكن أن تعرفي أي نوع من السادة غير المهذبين قد يكون مختبئا في الظلام.
دوت ضحكته المتعجرفة في أذني باميلا عندما كانت خطواته تبتعد .
فأقفلت الباب ودخلت الى غرفة نومها ، وبدأت تستعد للنوم .اندست تحت الغطاء تحملق الى السقف متذكرة دغدغة لمساته واستجابتها له .
إن آخر ما ترغبة في الحياة ، هو الوقوع في حب بول غراينجر .
لكن هذا ما وقع فعلا ، وهذا الواقع يتطلب منها بذل ما أوتيت من قوة إرادة لتقاوم تهجماته إن قرر حقا تنفيذ رغباته .
أمضى بول اليوم التالي في مقر الشركة الرئيسي الكبير يحضر أجتماعا للإدارة ، فتنفست باميلا الصعداء وصبت اهتمامها على عملها ، متحررة من التوتر الذي يولده وجود بول .
أمنت لها نهاية الأسبوع كذلك راحة من عذاب وجوده ، باتت بيرل في الوقت الحالي تقضي معظم أوقات الفراغ مع تالبوت ، لذا كانت باميلا تسترخي في الشقة وحيدة.
في صباح هذا الأحد سمعت بيرل تغادر للأنضمام الى تالبوت في منزل أحد المنتجين ولكنها لم تودع بيرل بل عادت الى النوم .
أزعج رنين متواصل متواتر مسمعيها فمدت يدها لتسكت المنبه ولكنها أكتشفت أنه صامت .
قطبت ونظرت الى الهاتف قرب السرير و إذا بالرنين مستمر فعلمت أنه جرس الباب .
تناولت روبها عن طرف السرير ، ولبسته دون أن تربطه وأسرعت حافية القدمين ترد.
كانت ما تزال نعسى عندما صاحت :
- من الطارق ؟
- هذا أنا ..بول .
حاول عقلها الناعس التفكير في الموقف . إنه الأحد ولا يعقل أن يتوقع منها أن تكون في العمل .
إذن لماذا حضر بول غراينجر ال هنا ؟
هل حدث شيء ؟ أأصيب وجاء يطلب مساعدتها ؟
فتحت الباب بسرعة . فدخل بول كالعاصفة ، ولكنها ضغطت بيديها على صدره وسألته بلهفة وخوف :
- ماذا حدث ؟ ما الأمر؟
طافت عيناه على جسدها ثم استقرتا على وجهها قبل أن يغلق الباب وراءه ليحتويها بعد ذلك بين ذراعية برقه ، مخفضا رأسه ليطبع قبه على شعرها :
- لم يحدث شيء باميلا ...لم هذا القلق كله؟
تنهدت بارتياح . ثم تذكرت مظهرها غير المحتشم فشعرت بالأحمرار يكسو بشرتها خاصة وأن عينيه لم تبرحا وجهها .
وقفت بعيده عنه تجذب أطراف الروب حول جسمها وتعقده عقده مضاعفه :
- إذن ، لماذا أنت هنا ؟
خمدت النار في عينيه قليلا بعدما قعد على كرسي هزاز .
- كنت في الجوار ، فاغتنمت الفرصة ، لأراك في المنزل .
- حسنا .....ماذا تريد؟
- رويدك ، رويدك ..أنت لست ودودة هذا الصباح ..أليس كذلك؟
- لست مضطرة الى إظهار الود . فاليوم الأحد ، ومؤسسة غراينجر لا تدفع أجر خدماتي في العطلة الأسبوعية .
فابتسم :
- وهذا أمر جيد كذلك . يبدو أنك تنوين قضاء يومك في السرير ، والمؤسسة كما تعلمين لا تؤمن خدمات كهذه لزبائنها .
حاولت قدر طاقتها أخفا ء غضبها :
- أتسمح ، أرجوك ، قل لي ما تريد ثم أرحل ، فأنا غير مستعدة للتعرض الى تهجماتك .
أصبح وجهه فجأة جادا ، فترك الكرسي الهزاز وتقدم ليجلس على الأريكة قربها .
- لم أقل شيئا أريد منه مهاجمتك باميلا . ألا تعرفين متى يقصد المرء المزاح ؟
في الواقع ..جئت معتذرا عن تصرفي ذلك المساء .
لقد وعدت ألا أتحرش بك ، فكان أن نكثت بوعدي غير أنني أؤكد لك أن هذا لن يحدث ثانية .
وفي الواقع أريد قضاء اليوم كله معك لأبرهن لك أنني سأتصرف بلباقة معك من الآن وصاعدا .
هزت باميلا رأسها ...الأمر مذهل ..كيف تتغير علاقاتهما مع كل التفاف في الحديث.
- حسنا . أقبل أعتذارك ، لكن لم يكن هناك ضرورة لأجتياز هذه المسافة لتخبرني بهذا . لِمَ لم تستخدم الهاتف؟
- لو كلمتك هاتفيا لوجدت عذرا لئلا تمضي اليوم معي . أليس كذلك؟
- لا حاجة الى أختلاق عذر ما . لأنني بكل بساطة غير قادرة على تمضية النهار برفقتك ، فلدي أسياء أفعلها .
- أنا ..لدي ..يجب أن أقوم بأعمال منزلية . وهناك جريدة لأحد أحب قراءتها هذا عدا رسائل علي كتابتها .
- فليؤجل هذا كله الى وقت آخر . ولتكن الصراحة حليفتك ، فما تقصدينه بالتحديد أنك لا ترغبين في قضاء اليوم معي .
وهذا ليس إنصافا . فأنا أستحق فرصة لأظهر لك أن بإمكانك الثقة بي .
بدأت باميلا بالتململ ..فالمشكلة على الرغم مما يعتقد ، أنها تريد بالفعل تمضية اليوم برفقته.
لاحظ ترددها ، فأمسك يديها ، وأوقفها عن الأريكة :
- ارتدي ملابسك . ولا تتأخري . لم أتناول فطوري حتى الآن وأنا جائع.
اقتادها الى غرفة النوم التي ما إن أصبحت فيها حتى أغلق الباب وناداها من وراء الباب :
- لدي مفاجأة لك ، أيضا :
- أرتدي ثيابا بسيطة .
أعلمتها عيناه الراضيتان أن ثوبها أعجبه . كان سروالها القطني عاجي اللون يليق بقميصها القطني المستدير الياقة الذي يصل الى حد وركيها .
رافقها الى الشارع ، وسار بها متجاوزا سيارته ، فنظرت اليه حائرة لكنه أمسك يدها وأكملا المسير .
- لن تركب السيارة ...فلن تبتعد كثيرا ...والسير يساعد على إذكاء الشهية للطعام .
فضحكت :
- أن اشتد جوعي فلن نجد طعاما في المدينة يشبعني ، فأكاد أموت جوعا لأنني لم أتناول حتى الآن فطوري.
- أعدك أن تجدي المكان الذي نقصده يستحق العناء ، فستحصلين فيه على أفضل فطور ذقته في حياتك.
كانت الأرصفه مكتظة بالناس المسرعين نحو الشارع وكانت تتناهى إليهما نغمات موسيقية هي مزيج من اليونانية والإيطالية.
رفعت باميلا رأسها متسائلة ، فابتسم بول واستمر يشدها وراءه .
بدا لها أن الجموع جميعها تتوجه الى مسار واحد . عندما وصلا الى أحد المنعطفات سلكاها وهناك علت الموسيقى ، وشاهدت الزينة
مدلاة من الأبنية وكأنه يوم عيد الميلاد ـ الشارع مقطوع في وجه السير وعربات الأطعمة تصطف على الجانبين تفوح منها رائحة الطعام الأوربي اللذيذ .قال لها :
- هذه ساحة مونتساي ، لا بد تعرفينها والكنيسة المحلية تحتفل سنويا بعيد شفيعها ..
وهذه عادة مازالت سائدة منذ زمن بعيد ، يأتي الناس من كل حدب وصوب للأحتفال ، وأكثرهم من الأوربيين ، أما أنا فلا تفوتني سنة دون أن أشارك في الأحتفال .
وفي هذه السنه سعيد أنا بك لأنك تشاركينني فرحتي .
اقتادها الى عربة صغيرة اشترى منها بعض الخبز بالنقانق والجبن .
ثم حثا الخطى نحو الساحة يلتهمان فطورهما غير العادي .
وكأن هذا أول طعام إيطالي لذيذ تتذوقة باميلا ذلك اليوم .
انضما الى المحتفلين الراقصين رقصا فلولكلوريا والى الغناء الأيطالي والأوبرالي .
وأخيرا أمسك بول بمرفقها ليقودها بعيدا عن الزحام .
- لقد تأخر الوقت . و علينا العودة .
عندما كانا يغادران الشاحنة رأيا الشوارع أهدأ من ذي قبل ففكرت أنها لم تتمتع قط كما تمتعت هذا اليوم ...
وتصديقا لوعده كان بول سيدا مهذبا معها بل في غاية التهذيب ، فهو لم يحاول إزعاجها بالمزاح .
ولا حاول إثارة غضبها ، كانت ذراعة مستقرة بنعومة على خصرها وهما يجتازان المسافة المؤدية الى شقتها وسرعان ما أصبحا هناك .
فأخذ منها المفتاح وفتح الباب . ثم قادها الى الداخل .
بقي أمام الباب المفتوح ، لم يخطَ الى الداخل . وقال لها :
- أضيئي الأنوار ، فتشي الشقة وسأنتظر هنا .
ففعلت ما قاله وعادت بسرعة:
- كل شئ على مايرام ..لا داعي لكل هذا الحذر .
- ربما لا .... لكنني أظنك تخاطرين جدا ، فهذة لندن وأنت في ضاحية نائية لا في بلدة صغيرة.
- أعتدت أن أعتني بنفسي ...فلا تقلق يا بول .
ما زال أسمه غريبا على لسانها ولكنه أصر على أن تستخدمة أقله خارج المكتب .
قال لها بصوت متهدج:
- هذا ما أنا متأكد منه ..ربما أعتدت على العناية بنفسك والمرء قد يكون كثير الأعتماد على نفسة .
إنما لا ضير أن يترك شخصا آخر يهتم به ويرعاه .
نظرت الى عينيه ، فإذا فيهما اهتمام حنون لم تشاهده فيهما من قط....
نظر إليها عن كثب والرغبة تشتعل ثم تتلاشى بسرعة تحت سيطرته الفولاذية .
حبست أنفاسها لتلتقي نظراتهما ، آمله أن تقرأ عيناه رسالة الحب التي أرسلتها عيناها ...لكنه نتهد تنهيدة عميقة قبل أن يرتد على عقبيه متجها الى الدرج .
أقفلت باميلا الباب ، تحس بالبرد والوحدة على الرغم من حرارة أواخر الصيف.



نهايه الفصل السادس

صـ ـدى‘آلآهـ ـآت 02-18-2012 01:07 AM

7- على العشب الاخضر غفوة

كان العداء على وجه السيدة تاوتسند بارزا وكانت كلماتها تنفث سما في وجه باميلا :
- يجب ان تكوني فخورة بنفسك , الكلام عن طريقة خداعك يسيطر على جو المكتب حسنا ... اذا كان هناك ما لم ولن يسامح عليه السيد هو الكذب لذا انا استغرب عدم طرده لك من العمل .
كانت باميلا تتوقع ثورة الغضب هذه لدى عودة السيدة تاوتسند لذا كانت جزئيا متحفزة لهجومها :
- لم اصرف من العمل لن السيد غراينجر ادرك انني سكرتيرة ماهرة . اليس عملي هو المهم ؟ وهل لمظهري تأثير كبير ؟
نظرت السيدة الى باميلا نظرة ازدراء :
- بالطبع كله تأثير . فربما ظننت ان باستخدامك الماكياج المغري وبارتداء السياب الفاضحة قد تشقين طريقا الى عطف السيد غراينجر . لكنك لن تنجحي .. فلن تخدع الاعيبك بول غراينجر .
- الا يقدر احد ان يفهم انني ما اردت يوما سوى فرصة تخولني القيام بعمل جيد ؟ فلست مهتمه بسرقة بول غراينجر من سوزي هاليداي رجاء لدي عمل على غاية من الاهمية يتوجب عليّ انهاؤه.
ارتدت السيدة تاوتسند على عقبيها تاركة المكتب فتنهدت باميلا وعادت الى عملها , ولكنها علمت ان الامر لم ينته مع السيده .
كانت باميلا تجيل التفكير في الامر الطارئ عندما رن جرس الهاتف . فردت عليه لتفاجأ بصوت سوزي هاليداي :
- آسفة أنسة هاليداي .. فالسيد غير موجود .
- لا بأس أنسة سامرز . انما اريد محادثتك على انفراد قبل وصوله الى المكتب . لقد لا حظت التغيير غير العادي الذي طرأ على مظهرك في الاسبوع الماضي . ولقد سمعت المزيد عن هذا الامر من السيدة تاوتسند فأردتك ان تعلمي انني وبول خطيبان تقريبا لذا لا تفكري في استخدام انوثتك لإثارة اهتمامه .
شدت باميلا على سماعة الهاتف سعيا للسيطرة على غضبها .
- انا آسفة اذا كان مظهري يزعج الجميع لكنني غير مهتمة في بحث الامر مع احد ما دام ليس عندي اقل اهتمام بالسيد غراينجر وما تعاملي معه الا عملي بحت .
فكرت بينها وبين نفسها وكم اتمنى الا يكون كذلك .
- يسعدني ما اسمع فأنا اكره ان اراك متألمه .. حسنا اسعدني هذا الحديث الذي جرى بيننا .. ارجوك آنسة سامرز لا تذكريه امام بول . فلنبقه فيما بيننا .
وقفت باميلا تحدق بالسماعه الصامته في يدها ثم صفقتها في مكانها لم تتوقع ان تكلمها سوزي كذا ! ... اما كافاها اضطرارها الى السكوت امام السيدة تاوتسند ؟ والى تقبل مضايقات بول ؟ ليس من سبب يدعوها للسكوت عن اهانات سوزي كذلك !
تنهدت بعمق لأنها وجدت صعوبة متزايده في التركيز على عملها والمشاكل العاطفية تحدق بها على هذا النحو .
وصل بول الى المكتب حوالي الساعه العاشرة , فأطلع على الاوراق المكومة فوق مكتب باميلا قبل ان يتحدث اليها :
- هل من رسائل ؟
تعقبته باميلا الى مكتبه تحمل رزمة من الاوراق الزهرية اللون المخصصة للرسائل , فاستند الى ظهر كرسيه
متفحصا كل رسالة على حده ثم طلب منها اجراء اتصال ببورصة نيونيورك ومن ثم حمل القهوة اليه .
فعلت ما امره وهي مندهشة من قدرته على رمي احداث نهاية الاسبوع وراء ظهره بسهولة .
حينما دخل تود حاملا بريد الصباح توقف ليثرثر قليلا .. كانا يتحدثان بهدوء عندما دخلت السيدة تاوتسند تنظر ببرود وكانها تنظر الى عمل فاسق .
- اليس لديكما ما هو افضل من الثرثرة ؟ سأبلغ السيد غراينجر بالامر .باميلا , تعلمين خير علم ما احس به تجاه خدعتك ..فإن كنت لا تهتمين كذلك بالقيام بعملك ...
مرت بطاولة باميلا وقرعت باب السيد غراينجر .. فوقفت باميلا بحده :
- لايمكنك فعل هذا. فالسيد غراينجر يتحدث هاتفيا ولن اسمح لك بالتطفل عليه .
وضعت السيدة تاوتسند يدها على اكرة الباب ونظرت بازدراء الى باميلا :
- سأتحمل كامل السؤولية آنسة سامرز .
وفتحت باب المكتب .
رفع بول نظره اليها بانزعاج لم يحاول اخفاءه . واشار بيده لها بالدخول , ثم اشار الى باميلا بالابتعاد .فابتسمت السيدة تاوتسند بلؤم لباميلا المنسحبه الى مكتبها .
بعد فترة قصيرة انطفأ نور خط الهاتف مشيرا الى انتهاء مكالمة بول . ثم رن الهاتف الداخلي ليطلب منها ايقاف المخابرات حتى ينهي عمله مع السيده .
مرت على الاقل ساعه قبل ان تغادر السيدة المكتب كانت النظرة الباردة كالثلج التي وجهتها لباميلا خير دليل على مزاجها الاسود . فراحت باميلا تفكر في ما حدث حتى قاطعها رنين الهاتف الداخلي :
- ارجوك احملي الي فنجان قهوة اخر .
احضرت باميلا القهوة ووضعتها بصمت على طاولته استدارت لتخرج ولكن صوت بول المتجهم ارجعها :
- اجلسي ... هناك ما اود بحثه معك .
جلست باميلا على حافة الكرسي الى جانب مكتبه متسائلة عما اذا كانت السيدة تاوتسند قد اقنعته بطردها وبانهاء لعبة الانتقام . ومع انها تكره بشده الموقف الذي هي فيه . الا انها تعجز في الوقت نفسه عن مواجهة فكرة عدم رؤيته ثانية .
قد تبعده عن فكرها وتتجاهله ولكن قلبها سيبقى ملهوفا الى لمسته . تقلصت معدتها تقلصات صغيرة فشبكت اصابعها بقوة حتى احست بأظافرها تنغرس في راحتي يديها .
ارتد بكرسيه شابكا اصابع يديه محركا اياها كمن يصفق ناظرا الى السقف مفكرا. ثم انزل بحركة واحدة الكرسي ووضع يديه على الطاولة :
- السيدة تاوتسند غير مسرورة من عملك ... فهي تظن انك تضيعين وقت الشركة باقامة علاقة خاصة مع تود .
نسيت باميلا توترها امام الغضب الذي اعتراها :
- هذا حديث سخيف حقا .. فما انا وتود الا اصدقاء .
- ومع ذلك يجب ان تعرفي بانك تقفين وقتا معه .. تقول السيدة انها قاطعتكما وانتما تتبادلان حديثا حميما .
لمعت عينها بالغضب :
- كنا نتبادل حديثا .. وماذا في الامر ؟ لماذا لا تسألها عما يزعجها حقا ؟ انها تكاد تجن لأنني ماعدت قبيحة كعانس عجوز ولا علاقة لغضبها وسخطها بتود .. انها تريد طردي من العمل .
فرفع رأسه بعجرفة :
- آنسة سامرز أنسيت انه لا انت ولا هي من يتخذ القرارات المتعلقه بموظفي ؟ على كل حال انا لا احب هذا التنافر بين افراد شركتي ... لذا حاولي مهادنة السيدة تاوتسند , وتجنبي أي نقاش شخصي مع تود في المستقبل .
احست باميلا بانها مظلومة فعلاقتها مع تود بريئة لذا لاتفهم ما الذي يدفع بول الى هذا التصرف . الا اذا كان يريد التأكد ان لا صديق لها في كل الشركة .
بدا لها انه انما يسعى لتضييق السجن الذي بناه حولها فتساءلت عما اذا كان هناك شخص ما مهما علا شأنه يستحق هذه المشاكل كلها . لكنها تذكرت ان على المرء اذا صبا الى امر وقرر الحصول عليه ان يقاتل في سبيل الوصول اليه
وهي تريد مستقبلا مهنيا في عالم المال كمل لم ترد شيئا قط الا حب بول .
وما من شك لديها انه على الرغم من كل شيء سيعلمها الكثير عن الاستثمارات المالية .
- سأحاول ان اتودد الى السيدة تاوتسند ... ولكنني اشك في ان ينفع توددي . انها ترغب في تصديق كل سوء عني .. اما بالنسبة لتود فسأوجل حديثي معه الى ما بعد ساعات العمل .
فهز رأسه موافقا :
- يسرني تفهمك... عودي الى عملك .
جعلت احداث هذا الصباح من المستحيل عليها التركيز على عملها وكانت تكمل اعمالا مهملة في بعض الملفات عندما دخل تالبوت, فرفع رأسه يتأملها وهي تستدير لتحييه , ثم غمزها وقال :
- حسنا .. يجب ان اعترف بان المظاهر هنا تحسنت ... هل لدى بول وقت للغداء ؟
وجلس على حافة مكتبها ينتظر اتصالها ببول , الذي فتح باب غرفته بنفسه على الفور تقريبا .
- كيف حالك تالبوت ؟ الا يجب ان تكون حاليا في المسرح تتمرن ؟عرفت ان الافتتاح في الاسبوع القادم .
- هذا صحيح , وما زال هناك بعض العقد علي تذليلها . ارجو ان اتغلب عليها لئلا اواحه غضب النقاد وألسنتهم الطويلة .في الواقع يبدا التمرين في الـ2 بعد الظهر واريد ترتيب اموري قبل ان اغرق في العمل .. فيتعسر الاتصال بي متى بدات المسرحية . وانا لا اريد ترك أي عمل ما معلق ورائي.
فأشار اليه بول بالدخلو , ثم اعطى تعليمات لباميلا لمنع أي اتصال به حتى يتهيا اجتماعهما .
عادت باميلا الى ملفاتها . كانت قد ملأت اخر ما لديها من اوراق عندما دخلت بيرل الى المكتب .
- بيرل .. ماذا تفعلين هنا ؟
كان في صوت باميلا دهشة ولكن بيرل ابتسمت .
طلب مني تالبوت ان القاه هنا . دعاني الى الغداء قبل التمرين .
- انت واثقة ؟ اظنه سيتناول الغداء برفقة بول . على كل اجلسي .. يجب ان يخرج بعد قليل .
كانت على وشك ان تسألها عن المسرحية عندما خرج تالبوت من مكتب بول .. فتهللت اساريره ما ان راى بيرل ..
تقدم اليها ليطبع قبلة على وجنتيها .
- كيف تتمكنين من الظهور اجمل كلما وقع بصري عليك ؟ قد يعتقد المرء انني بعد هذه السنوات كلها قد اعتدت على الجميلات غير انني لااحسبني التقيت بمن يشبهك من قبل .
فابتسمت بيرل له :
- لا يمكنني ان اعبر عن مدى سعادتي بهذا القول هذا الى انني اشعر بالشعور ذاته تجاهك . ولكنني اخشى ان بام غير موافقه لنها حذرتني منك بسبب سمعتك الرهيبة .
فهز تالبوت رأسه وقال لباميلا :
- لم اكن اعلم ان علي اذا رغبت في غزو قلب بيرل ان اغزو قلبك اولا . وما دام الامر كذلك سأبدأ اليوم فأدعوك للغداء .
فردت باميلا :
- آسفه تالبوت احب مرافقتكما . انما امامي عمل كثير علي انهاؤه .
وانتبهت الى ان عينيه توقفتا وراءها . التفتت فاذا بها تجد بول واقفا في الباب . وضع تالبوت ذراعه على كتف بيرل , وحدق باسترخاء في وجه بول :
- منذ متى وانت تدير مركبا للعبيد هنا ؟ الا تعطي عبيدك فرصة للغداء؟
فنظر بول الى باميلا بازدراء:
- ولماذا تسأل ؟ هل تذمرت باميلا ؟ لقد اوضحت لها ان عليها في بعض الاحيان تناول الغداء في المكتب . فهذا العمل لعين وهذا ما تعرفه جيدا , فإن كان لديها اعتراض فيستحسن ان تتذمر امامي لا امام الزبائن .
كان كلامه موجها الى تالبوت ولن عينيه لم تبرحا وجه باميلا . لم يؤثر كلامه في تالبوت .
- بالعكس .. لم تتفوه باميلا بكلمة تذمر . اماالأي الذي ابديته لك فهو رأيي الخاص. كنت ادفعك الى الخجل من نفسك لتسمح لها بتناول الغداء برفقتنا اليوم.
- لا اعترض على ذلك . لقد كان يوم الامس مرهقا .. ولكن العمل الاكبر منه انتهى ولم يبق الا عمل على الكمبيوتر اتمامه .
- اتفقنا اذا . ادعو الجميع الى الغداء . يستحسن ان تتحرك حالا لئلا اتأخر انا وبيرل على التمارين .
انضمت باميلا اليهم منزعجه . نادى تالبوت تاكسيا واعطى السائق اسم مطعم ايطالي شهير , كان فيما مضى احد القصور القديمة في ضواحي لندن
وقد تأسس في اواخر القرن الماضي لذا كان ديكوره يعكس تلك الحقبة . فالجدران مكسوة بخشب السنديان الاسود , والسجاد الاحمر يغطي ارض الغرفة المضاءة بنور خافت ..
كان الجو كله يعطي المرء انطباعا انه يتناول طعامه في مكتبة من مكاتب القرن الـ 19
كان بول وتالوبت معروفين هناك فاستقبلا والفتاتين في غرفة خاصة راح يفها احد السقاة يهتم بطلباتهم . بدأت الوجبة بكبد الاوز اللذيذ .. ثم طلب تالبوت الوجبة التالية
فطالما اعتقدت باميلا ان الطعام الايطالي مشبع بالبهارات , ولكن تلك الوجبة كانت خفيفة لذيذة ومعدة بمهارة .. واكتمل رضاها عندما ختمت الوجبة بالقهوة الثقيلة الغنية ...

حين غادروا المطعم قال تالبوت ان عليه وبيرل ان يتوجها حالا الى المسرح وهكذا تركا باميلا وبول يعودان الى المكتب وحدهما .
بعدما انطلق التاكسي الذي يقل تالبوت وبيرل التفت بول الى باميلا :
- انه يوم جميل كان الغداء فيه لذيذا . ما رأيك لو نعود الى المكتب سيرا ؟
- فابتسمت :
- انا معتادة على السير لأنني فتاة ريفية . اتذكر ؟ لكن ألست مستعجلا على العودة ؟ الساعة توشك ان تبلغ الـ2 والسير سيؤخرنا على الاقل نصف ساعه .
- الم اقل لك انه ليس لدينا ساعات عمل محدده , وليس هناك من يحاسبك مادمت معي .
ارتفعت يده فطوقت خصرها وكأن تصرفه هذا طبيعي جدا :
- جيد انك ارتديت حذاء يناسب السير ففيه لن تجدي صعوبة في مجاراة خطواتي .
اشتدت ذراعه حول خصرها والصقها به متابعا سيرة بسرعه . فأحست بأطراف اعصابها تتوتر من لمسته . كان يسير عفويا
ومع ذلك يبدو انه يقصد في بعض تصرفاته ان يظهر مدى اهتمامه بها ولكن أي اهتمام هذا وهي حائرة في نظرته اليها .
فتارة يبو انها لا تمثل له الا موظفة اقل من عادية, واخرى تحس انه ينتقم من خداعها له .
وما من مرة نظر اليها كامراة جذابة ولكن ألم يسبق ان قال لها ان لا مجال للمقارنة بينها وبين سوزي التي هي بالنسبة له نموذج المرأة المرغوبة . ولكن على الرغم من ذلك ولسبب لا تعلمه كان يتعمد ازعاجها بالمزاح تارة وباثارتها اخرى .
عندما مر بالهايد بارك ؟ سارا على العشب الاخضر حيث كانت انغام الموسيقى المتنوعه المرحه تنبعث من كل مكان , فتوقفا ليصغيا الى شاعر يلقي اششعاره على انغام غيتاره.
جلس بول على العشب وجذبها لتجلس قربه ثم وضع رأسها على كتفه .
بدأ قلبها يخفق بجنون لكن انغام المغني وصوته الناعم تناغما مع الجو الرومانسي فأسكتا اجراس الانذار التي دقت في دماغها
وعندما استلقى جاذبا رأسها الى صدره لم تقاول بل تنهدت هانئة قانعه بتوسد صدره الذي راحت تنبعث منه خفقات متسارعه ولكنه لم يكتف بالاستلقاء فحسب بل راحت يده تداعب اعلى ذراعها . جاذبا ايها اليه اكثر فأكثر بحنان شديد .
تلاشت دفاعات باميلا وما عادت تعبأ باهتمامه او بحبه لسوزي .. فلا يهمها الآن الا الشعلة الدافئة التي كانت تنتشر في جسدها وهي متمدده بأمان بين ذراعيه القويتين .
علمت انها ستقنع بهذا الوضع ولو دام الى الابد . انه احد ايام الخريف الدافئة الممتعه .وقد اشعرها دفء هذا اليوم بالنعاس الذي سرعان ما غلبها .
جعلتها حركة مفاجئة تنفض مذعورة , لكنها تماسكت ودفنت رأسها اعمق في الدفء الذي تنعم به غير راغبة في خسارة الراحة الكسولة التي كانت تجري في عروقها فتأوهت منزعجه وهي تحس انفاسها ترتفع وبوضعها يتغير .
اختفت الوسادة الناعمه التي كان خدها يستريح عليها وهاهي مستلقية على ظهرها لا تسندها الا يد قوية كانت تمشط شعرها ساحبة الدبابيس ببطء منه لتفلته بضربات ناعمه .
لامست شفتان رقيقتان عينيها الاولى ثم الاخرى ... ففتحتهما لتحدق باهداب متعبة من النوم الى وجه بول الخالي من التعبير ...
احست بنفسها تتساءل بكسل ماذا يفعل بول هنا ... ولكنها كانت هادئة مرتخية بحيث لا تستطيع القيام بأقل حركة فتابعت الاستلقاء دون حراك تحت ذراعه , ثم لم تلبث ان احست بوجهه يقترب منها .
راحت يده الطليقة تتحرك بشكل دائري في شعرها المنسدل فوضعت يديها على صدره تبعده عنها وتنسل من تحته لتتخلص منه .
فتركها بسرعه وجلس يمرر اصابعه في شعره , فيما راحت عيناه تتفرسان فيها وهي تسوي بلوزتها بأصابع مرتجفه ثم وقفت لتسد تنورتها ولتمسح تنورتها عنها ما علق بها من عشب .
كانت حمرة المغيب تخيم على الحديقة العامة , فنظرت الى ساعتها وهتفت غير مصدقة :
- الـ5,30 لقد غفونا انا آسفة ... بول النوم ينقل الناس الى دنيا غريبة يا آلهي كيف نمت . اخشى الا تعاقبني على نومي هنا ايضا . اقسم انني غفوت دون ان انتبه اعلم انك لن تصدقني لكنني فعلا لا ارغب في فعل ما يعرض عملي للخطر.
استعاد صوت بول نبرة رجل الاعمال القاسي :
- لا باميلا , لن افعل ما قد يؤثر في مستقبلك المهني . اهذا ما تريدينه من حياتك ؟ لا حاجه بك للعودة الى العمل اليوم .سأرافقك الى منزلك ثم استقل سيارة اعود بها الى المكتب لأخذ سيارتي .
هزت باميلا رأسها :
- لن اعود الى المنزل فلدي معهد اليوم , وبما انني قريبة منه فسأتوجه اليه فورا , لا تخش شيئا فسأكون بخير وحدي .
فهز بول رأسه:
- حسنا .. اذا كان هذا ما تريدينه ... ولكن متى ينتهي درسك ؟
فكرت لحظات :
- حوالي الـ9,30 , لماذا ؟
- مجرد سؤال ؟ ارك فيما بعد .
ثم ارتد على عقبيه دون ان يتفوه بكلمة اخرى .
كانت الدروس المسائية تعطي باميلا دفعا جديدا في هذه الليلة وفيما هي غارقة في نقاش مع افراد صفها سمعت صوتا مألوفا يناديها فأستدارت مذهولة لتواجه بول غراينجر :
- بول ...ماذا تفعل هنا ؟
لوح لها رفاقها مودعين عندما توجهت نحو بول الذي تقدم بدوره واضعا ذراعه بشكل عفوي على كتفيها .
- كان لدي اعمال ابقتني اطول مما توقعت .. لذا فكرت ان اقلك مادمت في الجوار .
فتح لها باب سيارته وانتظر حتى جلست ثم دار حول السيارة ليتخذ مقعد القيادة .
- اضفى الى ذلك رغبتي في الاعتذار عما بدر مني ظهر اليوم ..ز فلا اريد لما حدث ان يؤثر في العمل .
فتنهدت :
- لا تكن سخيفا . لم يعن لي الامر شيئا .
فأبتسم :
- يسرني شعورك هذا . ما اروع ان اسمع رأيا مطمئنا من امرأة خشيت ان اكون قد افزعتك او اثرت فيك رغبة عاطفية ؟ لكنني لم افعل على ما يبدو .
نظر اليها وكانه يرتقب ردا ما . فأشاحت بوجهها عنه لئلا يرى ارتجاف شفتها :
- لا ... بالطبع لا . لقد اخبرتك بشعوري .
فتنهد ساخطا وهز رأسه .
اطبق الصمت على رحلة العودة الى المنزل الذي ما ان اصبحا امامه حتى قال لها :
- اراك غدا صباحا .
استندت الى بابها تصغي الى وقع اقدامه , تفكر في انه يحبها مثله بلا قلب . احمرت خجلا عندما تذكرت ما كان سيحدث لولا استعادتها وعيها في الحديثة .. لو حدث ما تخشاه لتحقق انتقامه المجنون .
ولرماها بعد ذلك وعاد الى دفء ذراعي سوزي يضحك طوال الوقت على ما انجزه من انتصارات .


نهايه الفصل السابع

صـ ـدى‘آلآهـ ـآت 02-18-2012 01:07 AM

8 - بيت على الشاطئ :

حين وصلت باميلا الى المكتب في الصباح التالي ، وجدته مكتظا بأشخاص لم تعرفهم.
كان حرس المبنى يحاولون إخراجهم .
وعندما سألت ما الأمر أعطاها أحدهم آخر نسخة من مجلة نسائية معروفه .
دخلت باميلا مكتبها لتتكئ بارتياح على الباب سعيدة بالهرب من الفوضى العارمة خارجا .
ثم لم تلبث أن جلست على مكتبها وراحت تنظر الى غلاف المجلة التي رأت فيها صورة بول غراينجر بين عدة صور
يتصدرها العنوان التالي : أشهر عشرة عزاب في العالم .
فتحت باميلا المجلة الى حيث المقال عن بول ...
ذكر المقال عمر بول وحدده بخمس وثلاثين سنه ، ثم وصفة بأنه مليونير عصامي ،
يهوى سباق السيارات والتنس ...ثم ذكر أسم شركته وعنوانه قبل أن يخوض في تفاصيل ما يجذب النساء إليه .
كانت غارقه في قراءة المقال عندما رن حرس الهاتف ، فالتقطت السماعة وحينها هاجمها صوت بول الغاضب :
- هل شاهدت مقال تلك المجلة اللعينة؟
- أجل ..أنا اقرأة الآن ...لقد أصبحت مشهوراً.....
سمعته يشتم بصوت خفيض :
- دعكِ من هذا إن سمحت باميلا ؟ فلا أحب في هذا الموقف ما يدعو الى المزاح .
شقتي محاصرة بالمراسلين المتطفلين ، الراغبين في معلومات إضافية، وبالنساء المعاديات اللواتي يطالبن بالحصول على مايريد الأعزب.
كيف الحال في المكتب ؟
- كان هناك مشهد مرعب عندما وصلت . لكن الحرس يخرجونهم من المبنى .
وأنا أتصور أن معظمهم بات في الشارع الآن.
- أف لهم...لدي عمل متراكم لا يخولني التعامل مع الصحافيين ، ومع النساء المجنونات .
أصغي إلي باميلا . عودي الى منزلك لتوضبي حقيبتك لأننا سنسافر بضعة أيام.
ترددت باميلا:
- نسافر...؟ لا أفهمك؟
بدا السخط في صوت بول :
- هيا باميلا...لقد عانيت اليوم كثيرا من نساء حائرات ..لذا أرجوك، وفري علي هستيريتك فلا أقترح عليك رحلةة حب بل رحلة، من أجل إنهاء مالدي من عمل .
واضح أننا لن نستطيع العمل في المدينة ومادام الأمر كذلك ، فلماذا لا أستخدم منزلي الريفي الواقع في هاستنغز الذي آمل أن أجد فيه بعض الخلوة.
فقلة من الناس يعرفون بأمرة ، وأحمد الله لأن المجلة لم تأتِ على ذكرة.
-لا أستطيع السفر معك بول . لن يبدو الأمر لائقا . ماذا سيقول الناس؟
- أتعلمين باميلا أنه موقف لا يصدق ، فبينما خناك عدد هائل من النساء المنتظرات خارج بابي المتوسلات الراجيات الأنفراد بي أجد سكرتيرتي التي أحتاج الى خدماتها وكأنها
ستمضي أيامها مع رجل مفترس . أسمعي باميلا ، كان يجب أن تعرفي أنه لو قدر أن يحدث شئ بيننا لحدث في الحديقة العامة أمام الناس.
وأعود فأؤكد لك أنني لن أفرض عليك ما لا تريدين .أريد فقط أن يستمر العمل في مؤسستي حتى تنتهي هذه الموجه المجنونه.
وحتى يكون لي ذلك أحتاج الى خدماتك والى مكان هائ من أجل القيام بعملي .
صدقيني ، ليس جسدك بأمر جديد علي ، أنا واثق أنني قادر على أبعاد يدي عنك...
إلا إذا كان تفكيرك المتأمر يأمل العكس؟
غضبت باميلا ، لكنها رفضت أن تلتقط الطعم، فكلما جهل مشاعرها كلما كان خيرا لها .
فما من علاقة قد يقودها اليها ستكون حسنة العاقبة.
- أنا أسفه بول . لكنني أعجز عن تصوري نفسي معك في عزلة على شاطئ البحر في منزل ريفي صغير .لماذا لا تصطحب معك السيدة تاوتسند؟
- يجب أن تبقى السيدة تاوتسند لتدير المؤسسة ..ثم من قال لك إننا سنكون في عزلة ....
هذا ما اخترعته بنفسك ..ففي المنزل المديرة والساقي ، وهذا يعني أن كل شئ سيكون على ما يرام.
أتعلمين أنك تبدين ضيقة الأفق بالنسبة لأمرأة تدعي التحرر؟
كانت باميلا سعيدة لعدم تمكنه من رؤية وجهها أو حمرة الحرج التي تتسل إليه.
بدت فعلا متزمتة حتى لنفسها ، فكان أن أكرهت نفسها على الموافقه ، وعندما أطلقت مموافقتها تناهت إليها ضحكته العميقة الغنية وهو يقول :
- باميلا ..أنت لا تتوقفين أبدا عن إدهاشي ، اقصدي منزلك لتوضبي حقائبك . سأمر بك بعد ساعة إنما أنتظري خارجا ، فلا أريد تضييع مزيد من الوقت.
بعد ساعة كانت تجلس قرب بول الذي كان يقود السيارة بحذر بين إزدحام سير المدينة الخانق ، ولكن لم يمض وقت حتى حول سيره الى الطريق الدولية المفضية الى هاستنغز .
سألها يكسر الصمت غير المريح الذي خيم على جو السيارة منذ صعودها إليها :
- تبدو أفكارك بعيده الآف الأميال ، فما الذي يحزنك على هذا النحو؟
- كنت أفكر في المزرعة متسألة كيف لإنسان أن يترك جمال الريف ليسكن في مدينة مكتظة؟
فهز كتفه :
- لقد رغبت في مستقبل مهني في عالم المال . ولا مجال لتحقيق رغبتك هذه دون العمل في المدينة .
فهناك الحركة وهناك النجاح .
فهزت رأسها :
- أعتقد أنك على صواب . لكنني أتمنى الحصول على إثارة المدينة ودفء العائلة . ولكنني أطلب الكثير أليس كذلك؟
- لا أدري باميلا ، ألم تفكري قط أنه ربما ليس مقدرا لك أن تصبحي سيدة أعمال ؟
أنا أؤمن بقدرتك على النجاح لو صممت على هذا ، إنما أتساءل عما إذا كنت مستعدة لدفع الثمن .
فقله هم الأزواج الذي يتمتعون بالزواج من نساء ناجحات في أعمالهن. يحب الرجل أن تكون امرأته ناعمة هادئة ، لا ديناميكية ومنافسة.
أجل ، الرجل يريد أن تكون زوجته كسوزي هاليداي .
فالفتيات العاملات عظيمات للمرح بضع ساعات ، ولكن عندما يريد الرجل الزواج فإنه يطلبه من فراشة ناعمه لتخفف عنه ما عاناه من مشقات العمل .

ولتوفر له ولأولاده المنزل اللائق .
سكرتيرة لينه العريكة في المكتب ، ومن ثم الحب بين ذراعي زوجة أنيقة لطيفة ، وعلى المرأة أن تختار بين الحب والعمل .
ولكن . لماذا تهتم ؟ فالرجل الوحيد الذي تريده هو الرجل الوحيد الذي لن تستطيع الحصول عليه .
حولت تفكيرها عن عذابها الداخلي ، لتفكر في مشاكل بول :
- من أين للصحافة هذه المعلومات بول ؟ ترى ألا يمكن مقاضاتهم على أنتهاكهم خصوصياتك ؟
- لا أظن أن لدي مقومات قضية يبدو أنني شخصية عامة شهيرة لذا علي أن أتوقع أن تكون حياتي كتابا مفتوحا .
وعرضة للأنتهاك على يد أي قلم صحفي يبحث عن موضوع شائق يكتب عنه . باختصار ، ليس لي حياة خاصة .
وأعتقد أن علي ألا أتذمر فليس لدي نصف المشاكل التي يعانيها تالبوت أدجلي مثلا...
اسمعي ، يبدو أنه جاد تماما فيما يتعلق بزميلتك ، فهل هي ميتعدة للتعامل مع شخص مثلة ؟
- اوه ..إنها فتاة ناضجة تستطيع العناية بنفسها.
فكر لحظات قبل أن يقول :
- وماذا عنك باميلا ؟ أيمكنك العناية بنفسك؟
ورمقها بنظرة استفهامية ، ولكنها لم تحس بالتوتر ، بل مالت الى نافذة السيارة وردت بهدوء وثقة :
- بالطبع أستطيع العناية بنفسي.....يجب عليك أنت بالأخص معرفة قدراتي . فقد تأثرت حتى السيدة تاوتسند بقدراتي قبل أن يذهلها تفير مظهري .
- لم أقصد مهاراتك العملية باميلا بل مهاراتك النسائية .
أشعر بأنك على الرغم من كلامك الشجاع عن تحررح وانطلاقك فلا زلت فتاة ريفية بسيطة في أعماق قلبك.
فردت باميلا بغضب مكبوت :
- حسنا ..عليك أن تغير فكرتك هذه ..إياك أن تسمح لهذا الأنطباع بأن يستحوذ على تفكيرك . فلا تحسبني بسيطة وغبية غير متحذلقة كسوزي هاليداي .
- نعم لقد تباحثنا أمر أختلافك عنها ، ألم نفعل ؟
ثم صمت ، ربما يبحث في نفسه عن الفوارق بينهما .
أيتمنى لو اصطحب الأخرى ؟ أنبئت نفسها لأنها وافقت على مرافقته .
فقد يكون هذا بالنسبة له عمل رتيب .
ولكنها تعلم أن تورطها العاطفي سيجعلها عاجزة عن إبقاء علاقتها به علاقة عمل على مدار أ{بع وعشرين ساعة.
ابتعد بول عن التفكير في سوزي وراح يتكلم عما يمر بهما من مناظر .
- هل جئت من قبل الى الساحل باميلا ؟
- لا ..فقد أمضيت معظم وقتي في المدينة .
فضحك :
- غريب . لا يصدق أهل الريف منى يصلون الى المدينة .
وأهل المدينة يتوقون لحياة الريف . أظنها القصة القديمة عن كل ممنوع مرغوب . على كل ، أظنك ستستمتعين بالشاطئ . فالمنطقة مختلفة عن الريف والمدينة في آن معا .
وأكثر ما أحبة فيها هو قربها من البحر . فما أروع أن يرى المرء المياة مندفقه الى مالا نهاية .
نظر إليها مبتسما وقد طافت عيناه فوق جسدها بطريقة موحيه جعلتها تتحرك بقلق في مقعدها .
لكن قلقها سلاه فتمتم بكل براءة :
- هناك بكل تأكيد بهجة كبرى في استكشاف الكنوز المخبأة تحت سطح جليدي .
وتابع مزاجه الرائق مصفرا بجذل :
أحست باميلا بالسخط ، لأنها وجدته مصمما على مضايقتها .
كيف ستتمكن من محادثته بشكل متمدن مادام ينظر إليها وكأنها شخص يهوى المزاح معه والتلاعب بأعصابة ؟
أسندت ظهرها ، وجلست في مقعدها متوترة . وأخيرا أغمضت عينيها ، فلا حل خير من النوم ، فلا يمكن لأحد حتى هو نفسة أن يجادل شخصا نائما .
استيقظت باميلا فراحت تنظر ببطء الى الخارج وهناك رأت أن السير قد تلاشى من حولهما وأن الأماكن السكنية المنتشرة على الطريق العام قد أصبحت
أجدد وهي متباعده أكثر من المباني التي كانت تراها في بدء الرحلة .
سألها بول :
- هل استرحتِ جيدا ؟ فقد غرقت في النوم فغاب عنك تأمل أجزاء مثيرة للاهتمام .
كانت المنطقة التي مررنا بها مشجرة باستثناء بضع مزارع ، وها نحن الآن في منطقة تكتظ بالمساكن .
التي دمرت جمال الأرض . هذا الطريق العام يتوسع أكثر فأكثر باتجاه دوفر . الميناء الرئيسي على القنال .
وكلما ازداد اتساعها اندفع الناس لشراء المساكن على الساحل حتى يكاد يتصل البناء بين المدن .
أنا لا أحسد الأزواج الذين يمضون الساعات الطويلة على هذا الطريق للوصول الى زوجاتهم وأطفالهم الذين يتمتعون بحياة الريف .
- أيعني هذا أنك لن تعرض نفسك لمثل هذا الأرتحال اليومي الطويل في سبيل تأمين حياة ممتعه لعائلتك؟
فكر قليلا ثم رد بحذر :
- لا أعرف ما أجيب لأنني في الواقع لم أفكر في بناء عائلة ، فما بالك بالحياة التي تفكرين فيها .
لكنني لا أتصور أن زوجتي ستسعد في منزل صغير بعيد عن إثارة المدينة .
كما لا أستطيع تصور نفسي أجز العشب في مرجه . وأنضم الى ناد تنس محلي ...لا ...
أظن أن على حياتي البقاء على حالها ، وهلى زوجتي أن تواجه متطلبات حياة ذات مستوى رفيع .
هز رأسه فجـأة ، وكأنه لا يصدق :
كيف وصلنا الى بحث هذا الموضوع ؟
لا أرى حقا كيف لحياتي الخاصة أن تهمك ، فعلاقتنا في مطلق الأحوال علاقة عمل . أليس كذلك؟
أحست باميلا بألم نابع من كلامه الساخر ونظرته :
- صحيح ..بالطبع . وأطنني كنت أحاول أن أكون مؤدبة مع الرئيس .
- أفهم هذا . فأنت لا تريدينني أن أعلق أهمية على الحديث الذي كنا نناقشة ، صحيح؟
أعني ، لا يمكن أن تفكري في مشاركتي منزلا ريفيا في ضواحي بعيدة عن المدينة . . أليس كذلك؟
- لا أعتقد هذا كما لا أعتقد أننا نقوم بهذه الرحلة حتى تتخاصم ، فلا مجال لنجاح زواج قد يقوم بيننا .
كان وجه بول مشعا ببسمة تلوي شفتيه :
- ومن أتى على ذكر الزواج ؟ هذه العلاقة الدائمة لم تتطرق إليها في حدثنا . كنت أسألك فقط عن إمكانية مكوثنا في منزل واحد.
ما يدهشني كل الدهشة أن تفكر امرأة متحررة مثلك في علاقة مزعجة كالزواج. ظننت دوما أن الزواج هو للفتيات القديمات الطراز .
الطراز الكلاسيكي الممل . هل تفهمين ما أعني ؟
عم السكوت السيارة وظل بول ينتظر ردا ، ولكن باميلا كانت قد غرقت في عبوس مضطرب .
تفكر في أفكار بائسة ، لن تعترف له ابدا أنها كانت تفكر في شكل الحياة إن تزوجته .
ولكنها على الرغم من حبها له لا تستطيع العيش معه في بيت واحد.
لأنه سيكون ذلها الأخير . ولأنه به سيحقق انتقامه منها لقاء خداعها .
تصورت أنه سيجبرها على حبه ليستطيع بعد ذلك هجرها ليتزوج بسوزي هاليداي .
حسنا ..لن تسمح له بذلك لأنها لن تدعه يعرف أنها على الرغم من استقلاليتها الخارجية .
هي من الداخل مفعمه بالأنوثة كسوزي بل أكثر.
جذبها بول من أفكارها بصوته الساخر الرقيق :
- حسنا باميلا ..لم تجيبي عن سؤالي ..ما رأيك لو نسكن معا ؟
قد نحصل على شقة صغيرة رائعه في مكان قريب من المكتب وعندئذ لن أضطر الى اجتياز تلك المسافة خارج لندن وصولا الى شقتي بل سنتمكن من حمل العمل معنا الى المنزل .
ثم بالطبع ، متى رحل الوفاق عن العلاقة ، يكن كلانا حر في اختيار شريك جديد.
- وماذا عن سوزي ؟ ألن تعترض؟
- ما من مشكلة فهي تعرف أنني لست ملاكا . ولا تتوقع مني الأخلاص ، وستفهم أن علاقتي بك مختلفة عن علاقتي بها .
لذا لن تفتعل أية مشكلة ...أتعلمين ؟ نحن راشدان ، متحرران ، لا يحول بيننا ما يمنعنا من إقامة علاقة..
فأنت فعلا جذابة ، ومختلفة كل الأختلاف عن سوزي.
تدفق غضبها عندما قارنها بسوزي . لكنها أجبرت نفسها على التحدث بطريقة وقحة لم تألفها من قبل :
- قد تتمكن من إبقائي في العمل بتهديداتك . لكن ما من مجال لإجباري على أن اكون أكثر من سكرتيرة عندك.
أعلم أنك مستثمر بارع .
وأنني أتعلم منك أكثر مما سأتعلمه من رب عمل آخر .
ولكنك لا تعجبني ، ولا تعجبني مداعباتك . فلماذا تظن إذن أنني قد أرغب أن أقيم علاقة معك خارج العمل ؟
فضحك :
- أتعلمين باميلا ... أظنك على حق . فمن الغباء التام تدمير علاقتنا الحالية بالتورط العاطفي . أنت تثيرين إعجابي كما لم يحدث مرة.
لذا لا أحب أن أرى الحب يبلد حدة تفكيرك.
- لا تقلق ... لن ترى تفكيري بليدا أبدا .
بدت كلماتها شجاعة، لكنها أملت أن تكون صحيحة . فهي لم تستطع منع نفسها من الوقوع في حبه .
ولكنها ستبذل المستحيل لمنعه من أكتشاف أمرها . فلن تستطيع صبرا على قوته وسخريته .
تغيرت أثناء تبادلهما الحديث المناظر ثانية . فالمنازل الآن أكبر حجما وأشد تباعدا ، فيها الأرض مشجرة . انعطف بول بالسيارة جنوبا ، ثم تنهد مسترخيا:
- أشعر حالما أترك الطريق الرئيسي أنني أفضل حالا....من الآن فصاعدا الطريق الريفية ذات اتجاهين . نعم السير عليها أبطأ ولكنها مريحة.
راحت باميلا تتأمل ما يمران به من بلدات ريفية كانت تبدو فيها المنازل أشبة بقبلات صغيرة مؤلفة من طابق واحد مطلي بعضها باللون الأبيض ولكن العديد منها حولته تقلبات الطقس وهواء البحر الى الرمادي .
انعطف بول عن الشارع الرئيسي الى ممر داخلي مرصوف بالحصى يحمل لوحة كتب عليها ( طريق خاص) .
تعرجت الطريق بين أشجار الصنوبر ثم قرب شاطئ رملي ، كان يقع عنده منزل منخفض واسع مغطى بأشجار الأرز الصنوبري .
تقدم بول بالسيارة الى سقيفه من المبنى ، فترجل ليخرج الحقائب التي حملها ودخل الى المنزل تاركا باميلا تقتفي أثره ، كان أرنست وروميلا الساقي ومدبرة منزلة قد سبقاه الى المنزل ، فقد شمت باميلا
رائحة المقبلات المتصاعدة من المطبخ.
تنسّم بول رائحة الهواء :
- آه ....روميلا تطبخ لنا ( لازانيا ) أنتظري حتى تتذوقيها .
ناول بول الحقائب لأرنست ، ثم اقتاد باميلا الى المكتبة على الرغم من أن أثاث سائر المنزل من الخيزران المريح، كانت المكتبة امتداد لمكتبة في المدينة .
كتب عن عالم الاستثمارات تملأ رفوف الجداران ، وآلة تلكس على أحد جوانب طاولته .
جلس وراء مكتبة حيث راح يخرج الأوراق من حقيبته الخاصة.
بعد ذلك طلب من باميلا الاتصال بالسيدة تاوتسند ، ثم بدأ الاتصال بالسوق المالية على جهاز التلكس.
يسجل الأسعار التي كانت تظهر آمامه . قالت باميلا بضع كلمات مناسبة للسيدة تاوتسند . ثم حولت المخابرة الى بول الذي تحقق من بعض المعلومات معها قبل أن يبلغها عن العنوان الذي عليها الاتصال به.
شريطة أن تبقى هذه المعلومات سراَ عن الجميع .
ثم أصبح صوته عصبيا :
- وماذا أفعل لأبعدهم عني .....؟
حسنا.... إذا كانوا يعتقدون أن سوزي خطيبتي فلا تنكري الخبر ، فعندئذ قد يتركونني وشأني.
أغلق السماعة وأخذ يلعن ساخطا .
خفق قلب باميلا لأن أسوأ مخاوفها تحققت أخيرا .
لقد أعترف بول أنه سيتزوج من سوزي .
عضت على شفتها ، ثم أدارت وجهها لتخفي دمعة انسلت فجأة من عينيها .
كان ما تبقى من اليوم شبيها كل الشبة بأيام المكتب ، حتى نسيت باميلا أين هما ، ولكن إعلان خطبة بول الوشيكة لم تفارق عقلها .
كانت اللازانيا التي أعدتها روبيلا لذيذة ، وكذلك كان طبق الكركند والقريدس والسمك السابح بصلصة البندورة المبهرة .
والسلطة الغنية الخضراء والخبز الفرنسي الذي خبزته بنفسها.
أسندت باميلا ظهرها الى مقعدها بعد القهوة ووضعت يدها على معدتها :
- لا أذكر آخر مرة تمتعت فيها بوجبة كهذه . أشعر أنني متخمة وما علي إلا التمدد على فراشي.
فأبتسم بول وتقدم الى كرسيها :
- لا ..لا .. إن أحد الأشياء التي تجهلينها عن الحياة هنا هو أنه بعد وجبة متخمة ، نقوم عادة بنزهة على الرمال . فاذهبي وارتدي كنزة صوفية ، فهواء البحر بارد وقت المغيب .
عندما عادت بكنزتها كان بول ينتظرها وهو حامل سترة واقية .
أمسك بيدها وقادها الى البحر بعدما طلب منها أن تترك حذاءها في نهاية الممر.
ما زال المغيب في نزاعة الأخير.
والشاطئ يغفو تدريجيا مما أرسل موجات استرخاء في أطراف باميلا المتعبة.
جلس بول فوق الرمال قرب الماء جاذبا باميلا معه.
- هذا هو الوقت المفضل عندي . أحب الجلوس ومراقبة آخر إشعاعات الشمس منعكسة فوق سطح الماء.
التفت ذراعاه حول كتفي باميلا التي جذبها اليه بلطف حتى استقر رأسها بسهولة على صدرة .
كانت الحركة سريعة وطبيعية بحيث لم يتسن لباميلا المقاومة.
فقررت التمتع بصفاء وسكون تلك اللحظات مطمئنة هانئة للمسة بول الحنون تراقب الشمس النارية وهي تختفي في البحر .
حين أظلمت الماء ارتعدت باميلا ، فالتفتت الى بول ، تحس بقلق ، ولكن تصرفها هذا يناقض ما قالته له في وقت سابق من هذا اليوم.
وعليها أن تكون أكثر حذرا .
- أعتقد أن علينا العودة الآن.
اشتدت قبضة ذراعه على كتفيها عندما حاولت الوقوف :
- لا تقلقي ...فما هو قادم أجمل ، بعد دقائق تظهر النجوم فالقمر سيبدو انعكاسه فوق المياة مميزا ، لذا لا أريد أن يفوتك منظرة.
فعادت تستقر على صدره ثانية . ترمي مخاوفها جانبا . وما قال حدث ، فقد تهادت النجوم تدريجيا ، وكأن شخصا ما يضيء سلسلة من الشموع في كل مكان .
وما هي الا دقائق حتى أطل القمر ، مشعا ، مرسلا هالة من الضوء الذهبي على سطح الأرض .
كان منظرة مؤثرا حقا كما وعدها بول ، فالفتت إليه وعيناها تلمعان بالإعجاب.
التفت بول إليها أيضا ، فلما التقت عيونهما أرجعها بلطف الى الوراء حيث استلقت فوق الرمال وعندئذ فتحت فمها لتحتج ،
ولكنه أخرس كل احتجاج قد يصدر منها .
كان لطيفا ، رقيقا ، ناعما يمسد لها شعرها ويفرشة على الرمال الناعمة .
تأوهت ثم راحت تمرغ رأسها في الرمال ، لا تعرف ماذا تريد ،
وحاول إسكات أي شك قد يكون في نفسها هامسا :
- أريدك باميلا .أريدك لي ، لي وحدي .
بلغت كلماته مسمعيها وكأنها آتية من حلم ..ولكنها ليست كلمات حب بل كلمات رغبة.
فهو لم يقل إنه يحبها . وهي لا تشك في إنه يرغب فيها .
شد ذراعيه حولها برهانا على هذا ...
ولكن ما زالت تملك القدر الكافي من احترامها لنفسها لتمنع توقها من القيام بعمل قد تندم عليه الى الأبد.
فرفعت يديها الى صدره ، ودفعته عنها :
- لا ....لا ! لقد وعدتني بألا تجبرني ....فاتركني ..أرجوك لا أطيق ذلك.
جلس بول ناظرا إليها :
- سبق أن قلت إنني لن أجبرك على شئ ومازالت عند كلمتي . ولكن إياك أن تنكري رغبتك في منذ قليل .
فلماذا تقاوميني ؟
هبت باميلا على قدميها وصرخت بهستيريا :
- لست ألعوبة بين يديك تستخدمها ما شئت .أنا إنسانة حرة في أختيار من أشاركة عواطفي .
أنا لا أريد أن تشاركني فيها .
وهرعت الى المنزل ومنه الى غرفتها التي أغلقت بابها خلفها .
وقفت ساخطة خافقة القلب بجنون ، حتى بدأ لها أن صداه سيملأ الغرفة الصامتة.
ثم سمعت الباب الخارجي يفتح ويغلق ، وخطوات بول تتقدم الى غرفتها ، قرع الباب قرعا خفيفا .
- باميلا ..اسمحي لي بالدخول ، أريد محادثتك.
أحست باميلا وكـأن ثقلا يضغط على صدرها ...
- لا ...ليس بيننا ما يقال ....أرجوك أبتعد.
مرت لحظات صمت مترقب ، أغمضت فيها باميلا عينيها وشدت يديها بقبضتين . ثم تناهى صوت بول اللطيف
من وراء الباب :
- حسنا ...باميلا ..سنتحدث في الصباح . أرجو أن تكوني أفضل حالا بعد ليلة هانئة.
ابتعد عن الباب ثم سمعته يدخل الى غرفته .
تلاشى تماسكها وارتجف جسمها توترا . فغطت وجهها بيديها واتجهت الى النافذة .
فيما كانت أصابع الفجر الرمادية تتسلل من النافذة ، حملت حقيبتها الصغيرة وغادرت المنزل .
تسير نحو البلدة لتستقل الباص ، للبدء برحلة طويلة الى لندن .



نهايه الفصل الثامن

صـ ـدى‘آلآهـ ـآت 02-18-2012 01:08 AM

9- رحلة العمر

مادت اشجار الصفصاف الباسقة وتلاعبت نسمات ايلول القوية بالاغصان قطعة قطعه ... ان اوائل الخريف ونهاية الصيف موسم جميل جدا في الريف الانكليزي وكأنه مكافاة للطقس قبل ان يهجم برد الشتاء القارص .
قعدت باميلا قرب البحيرة وشعرها المخملي الاشقر تبعده عن وجهها عقدة من الساتان الازرق المتناسق مع لونها ولون عينيها ثم اسندت ظهرها الى جذع شجرة سنديان غليظة راسخة في القدم .
وراحت تقضم ورقة عشب خضراء بكسل وهي تحدق الى المياه الهادئة ... كان كل ما يحدق بها في هذا الوادي المزروع هادئا ساكنا حتى صعب عليها ان تتصور ما مر بها من عذاب في الاسابيع القليلة الماضية .
لقد وجدت اخيرا ان الضغط المزدوج الذي يمارسه عليها بول برغبته في الانتقام وبرغبته في جسدها هو اكثر من ان تطيقه .
بعدما تركت منزله في منتج هاستنغز عادت الى لندن فوضبت اغراضها واستقلت قطارا متوجها الى موطنها حاولت بيرل ان تحصل على تفسير منها ,
ولكنها لم تقل شيئا بل دفعت لبيرل حصتها من ايجار الشهرين المقبلين ووعدت بالعودة عما قريب .. مع انها سرا كانت تشك في العودة .
راقبتها بيرل تكتب رسالة استقالتها التي ارسلتها بريديا قبل ان تباشر بتوضيب حقائبها . اتصل بول لكنها رفضت التحدث اليه
وقبل ان يجد الوقت الكافي للعودة من هاستنغز كانت في طريقها الى بلدتها الصغيرة حيث يعيش والدها .
هاهي ذي تجلس هنا في الهواء النقي المنعش غير راغبة في العودة الى المدينه . والداها سعيدان بعودتها لأنهما لم يوافقا اصلا على فكرة مكوثها في لندن وهما في الوقت الحالي يترقبان زواجها من رجل يعيش في مجتمعهما .
كانا يتوقان ان تستقر مع زوج ما في مزرعه حافلة بالاحفاد بأصواتهم الدافئة الحبيبة .
وظفت باميلا في المصرف المحلي . وكان الجميع حتى مدير المصرف السيد أولدفيلد , متأثرين بفطرنتها المالية , اما انطوني ابن السيد أولدفيلد فقد كان قطعا يظهر لها اكثر من اهتمام عابر وكانت تعلم ان تشجيعا صغيرا منها قد يقوده الى طلب يدها .
ولكنها لن تتمكن ابدا من الزواج به فهو لم يطلق عقال قلبها ولم يدفعه الى الخفقان كما كان يفعل بول غراينجر علما ان بول لم يكن يفكر فيها الا في الاستيلاء عليها ليرميها بعد ذلك جانبا .
لا جدوى على اية حال من التفكير في العودة الى المدينة ... فما تزال واثقة من تمسك وتصميمي بول على افساد اية فرصة قد تمنحها وظيفة ما .
ربما كان على حق فيما يختص بها ربما قدر لها الا تكون سيدة اعمال .
اشار تهشم اوراق الاشجار اليابسة الى ان في الغابة كائنا ما , رفعت باميلا رأسها متوقعه رؤية ظبي صغير او سنجاب او حيوان من الحيوانات المختلفة القاطنة في تلك الارض الخصبة ,
ولكنها عوضا عن ذلك شاهدت وجها لم تفكر قط في انها ستراه ثانية . كان بول يقف هناك ينظر اليها .
دوى صوتها بغضب مذهول :
- انت ... ماذا تفعل هنا ؟ انها املاك خاصة . اسمع ما عدت موظفة عندك لذا انا غير مضطرة لتحمل رفقتك بعد الآن .
وهمت بالوقوف ولكن يده القوية اعادتها الى الارض وصرخ غاضبا :
- اجلسي ! مازلت صعبة المراس كما كنت دائما . لن اعضك ان ازعجت نفسك بعض الشيء وتصرفت كامراة متمدنه لما انتهى بنا الامر الى الجدال .
انخفض الى الارض وجلس الى جانبها . لكنها لم تتراجع :
- ولم اكون مؤدبة معك انا ارفض ان تكون بيننا علاقة ؟ اشكرك لأنك دفعتني الى مغادرة لندن محطما بذلك احلامي بمستقبل مهني . الا تظن انك عاقبتني بما فيه الكفاية؟ احذرك .. لن تقدر على فعل المزيد لذا من المستحسن ان تعتبر القضية منتهية .
- هذا ما افكر فيه بالضبط باميلا . لقد قررت انا اسامحك على خداعك لي وانا هنا هنتظر اعتذارك .
هبت باميلا على قدميها واقفة وراحت تحملق اليه مدهوشة :
- تريد مني ان اعتذر ؟ يالك من وقح ! لقد اعترفت بأن تنكري كان خطأ جسيما واعتذرت عنه منذ زمن بعيد . ولكنك ضخمت الامر حتى اقنعت نفسك بالانغماس في الانتقام مني . ثم وبعد ان دمرت آمالي بمستقبل عملي تتبعني الى بلدتي متوقعا مني الاعتذار ثانية ؟ ستسمع اعتذاري ان دخل ابليس الجنة !

- امسك بول بيدها وجرها حتى تجلس قربه :
- اوه ... توقفي عن هذا باميلا . اقسم انك مهوسة بالامور المأساوية حتى يكاد يليق بك التمثيل اكثر مما يليق ببيرل .. لم الحق بك الى هنا .. ولولا انغماسك في بؤسك منذ مدة لعرفت ان ثمة سباق سيارات يجري في سهول ميدلاند . وانا كما تعلمين اهوى سباق السيارات وكنت قبل هذا السباق قد امضيت اسبوعين محاضرا في جامعه برمنغهام محاضرات تتعلق بالاقتصاد وسوق القطع . وهكذا تجدين انني في رحلة عمل لا في رحلة انزال العقوبات عليك . علمت بيرل انني قادم الى هذه المنطقة فطلبت مني زيارتك للاطمئنان على صحتك ولما سألت امك عنك اخبرتني انك تتنزهين في الغابة .. والآن .. اتظنين ان بأمكاننا تبادل حديث طبيعي .دار رأس باميلا لقد جاء بول لدافع نبيل بناء على طلب بيرل سرعان ما ادركت ان تصرفاتها معه كانت طفولية ولكن انى له ان يعرف شيئا عن العذاب الذي سببه لها حبها له ؟
- انا آسفة بول . انت في غاية اللطف . ولكننا كما تعرف في خصام دائم حتى بت غير قادرة على تصور وجود علاقة متمدنة بيننا ... كيف حال بيرل ! لم اسمع شيئا عنها منذ مدة .
- اعرف , ولهذا طلبت مني المجيء فعلاقتها بتالبوت علاقة جادة ولن يدهشني ان يتزوجا قريبا على اية حال بيرل ستضطر الى تسليم الشقة الا اذا اردت الاحتفاظ بها لنفسك.
لم يدهشها ما سمعته عن بيرل وتالبوت , فقد لاحظت قبل ان تغادر لندن شدة تقاربهما .
- اعتقد انك كنت مخطئا بشأن تالبوت اذن فهو ليس زير نساء كما صورته لي .
فهز بول رأسه :
- لن اعترف بهذا تمام فلنقل ان بيرل استطاعت ترويضه.
فابتسمت باميلا بحزن :
- انا سعيده لأجلها . اعرف انها تحبه حقا واعرف ايضا انهما سيعيشان في سعاده . اظنهما مهما قلت عنهما من افضل الاشخاص الذين عرفتهم .
فكر بول بحذر قبل ان يقول :
- ربما انت على حق . ولكنهما مؤخرا لم يكونا لطيفين معي . لقد طلبت مني بيرل ان اقول لك انني لن اقف في وجهك اذا عدت الى لندن لقد شرحت الموقف كله , واظنني كنت قاسيا معك لذا اعتذر عما در مني وأوكد لك ان بأمكانك استعادة وظيفتك في مؤسستي ان شئت كما اعد بألا اضايقك بعد الآن .
وقفت باميلا ثم نظرت الى بول ساخرة :
- هكذا اذن ... بكل بساطة ! تدمر حياتي كلها ... تجعلني اهرع الى حضن اهلي .. ثم تأتي الى بلدتي معتذرا عن قسوتك طالبا مني العودة , وما ذلك الا لأن احد زبائنك عاتبك على فعالك ... حسنا ... انس الامر ! قد لا تكون هذه البلدة مثل لندن ولا هذا المجتمع مثل مجتمع المال , لكن الناس هنا يحترمونني .
وقف بول ليمسك ذراعها بقسوة :
- مازلت كما انت . لم تسمعي كلمة مما قلته لك ...؟ انا لم آت معتذرا ! وما من احد في الدنيا يجعلني افعل ما لا اريده . وليس هناك في الدنيا مال يكفي لإجباري على فعل شيء ما ضد ارادتي .. كنت احاول ان اكون مهذبا كيسا معك . وهذا ما لا يفهمه على ما يبدو عقلك الصغير الملتوي . لا ادري كيف انقل رسالتي الى عقلك الاعوج هذا . انت اشد امرأة مراسا قابلتها في حياتي .
نظرت باميلا الى عينيه الرماديتين العاصفتين بتحد :
- ولماذا تتعب نفسك ؟ لم لا تنساني ولم لا تتركني وشأني ؟ .
جذبها بول اليه ساحقا ذراعيها بعنفه كانت ذراعاه الفولاذيتان تأسرانها وعيناه الحادتان تلمعان وكانهما قطعتا الماس لكن فيهما رقة ما مستترة تخشى الظهور وكان صوته اجش متهدجا وهو يقول لها :

- ليتني استطيع ان اتركك وشانك . لكنك تلاحقينني ليل نهار وكانك ساحرة وثنية . احس برغبتي فيك عندما نفترق ولا استطيع منع يدي عن ملامستك عندما ألقاك . لن تهربي الى أي مكان في العالم قد اعجز عن ايجادك فيه .

وضمها اليه بعناق محموم فشعرت بالعذاب بين ذراعيه . كانت اصابعه تداعب بلطف كل ذرة من بشرتها التائقة اليه فأشتد توتر باميلا حتى الانهيار
استرخت ذراعاه عندما احس بتجاوبها ومد يده بدوره ليشد رأسها الى عنقه ... سحب بول انفاسا عميقا فيما شعرت هي بان حبها يكاد يفجر قلبها .
- اريدك باميلا.. من الجنون مقاومة ما نحس به معا .
شاهدت باميلا الرغبة تطل من عينيه فتجمد الشوق الذي اشعله حبها له . الرغبة ... أهذا كا ما يشعر به تجاهها...الرغبة؟ سعى اليها ليحصل على ما يريده ولينهي عذاب شوقه ؟
ومتى اشبع شوقه اليها ورغباته الجسدية يغدُ جريا للزواج بسوزي التي سيمنحها الحب والاحترام اللذين يكنه الرجل
ارسلت هذه الفكرة رعشة بارده الى عروق باميلا فانسلت من بين ذراعيه دافعه صدره عنها بيديها .
فاجأه العنف المباغت في حركتها فوقف ينظر اليها مرتبكا لكن الرغبة المشتعله في عينيه ما تزال ترسل شررها .
كان خوفها من سيطرته عليها وشعورها بالقرف من تجاوبها المستكين اليه يزيدها غضبا الى غضب .
- اكرهك ! انت كالآخرين . لن اكون ألعوبة بين يديك فأنا انسانة لا لعبة الكترونية . عد الآن ! عد الى سيارات السباق والى عملك او اىل العوبة اخرى تستطيع ان تجد عندها التسلية التي تنشدها . دعني وشأني ! انت تقرفني .
ثم هرعت لا تلوي على شيء والدموع تتدفق على وجهها .
وصلت الى المنزل ثم اتجهت فورا الى غرفتها متجاوزة امهاالتي سألتها عما اذا رات الشاب الذي يزورها . فهزت رأسها وتابعت سيرها الى غرفتها لتغلق الباب وراءها . فقد كانت تعبه من الركض ومن قلبها الخافق .
كانت الدموع قد جفت من مآقيها عندما سمعت هدير محرك سيارة فأسرعت الى النافذة وهناك رات بول يبتعد .
كان حنين في قلبها يطالبه بالرجوع ... ولكن عقلها قال لها ان هذا خير لها .
مرت الاسابيع التالية دون احداث تذكر ولكنها خلالها كانت تظهر مهارتها في حقل المال في المصرف وقد بدا لها السيد أولدفيلد سعيدا الى اقصى حد لأن اهتمام ابنه طوني بها قد تزايد .
وقد قام بما في وسعه لتشجيعه على هذه العلاقه . ولكن عواطف باميلا كانت متحجره , فربما لم ينل بول منها ما يريد ولكنه سرق بكل تاكيد قلبها .
كانت مسرحية بيرل قد اخذت تجول في الاقاليم بعد نجاحها الساحق على مسارح لندن . وكان النقاد قد حيوا بيرل لبراعتها وتوقعوا ان تلع في افق الفن ...
اكتملت سعادة باميلا عندما استلمت منها رسالة صغيرة ولكن سعادتها كانت اكبر عندما قرأت دعوة الى حضور حفلة عرسها قبل اسبوعين من انتقالهما لعرض المسرحية في المسرح المكشوف في ريجنت بارك .
تلقت الدعوة بمشاعر مختلطه فهي مسرورة باقدام بيرل وتالبوت على الزواج , ولكن معرفتها ان بول سيكون جاضرا مع سوزي ربما جعلها تعيد التفكير ثانية .
غير انها قررت اخيرا ان علاقتها ببيرل اهم من تفسدها من اجل بول . لقد دمر لها حتى الآن عددا كبيرا من الاحمها لذا لن تسمح له بحرمانها من سعادتها برؤية بيرل عروس .
قادت باميلا سيارتها بنفسها الى لندن نعم لا تنكر انها تكره اجتياز هذه المسافة كلها , ولكنها الطريقة الوحيدة للانتقال ومعها هذه الهدايا كلها لبيرل , هذا عدا ملابسها .
كان بيرل وتالبوت قد استأجرا جناحا لهما في الفندق حيث ستتم مراسم الزفاف لذا كان لباميلا الشقة كلها في كينغستون .
من حسن حظها ان ازدحام السير كان خفيفا فتمكنت بذلك من الوصول قبل الوقت المحدد .
في الشقة اغتسلت ثم راحت تعد ما ترتديه للحفلة . كانت باميلا قد اختارت ثوبا اشترته يوما بتهور عندما خرجت مع بيرل وهو اغلى ثوب اشترته في حياتها .
والواقع انها ماكانت لتشتريه لولا اصرار بيرل يومذاك لذا بدا لها من المناسب ان ترتديه ليوم الزفاف .
الفستان بسيط مصنوع من الحرير الاسود الناعم , ياقته مستديره بسيطه ولكن بضيق عند الخصر قبل ان ينسدل الى الكاحلين بخطوط ناعمه متهدله . لم يكن للفستان ميزة خاصة ولكنه انتعش عندما التصق بحنايا جسد باميلا التي بدت وهي مرتديته خلابه ساحرة وكأنه صنع خصيصا لها .
شكرت بيرل في سرها لإصرارها على شرائه فقد بدت بالفستان انيقة جذابة وكانها احدى الممثلات الشهيرات اللاتي يعملن مع بيرل .
اما الحذاء الاسود اللماع العالي الكعبين فقد اظهر رشاقتها وطولها المديد , ثم بعد ذلك اكملت زينتها بسلسلة ذهبية تدلت من عنقها وبسوار ذهبي جميل .
تدلى شعرها البراق مسترسلا على كتفيها فأضاء وجهها بشعاع طبيعي لا اصطناع فيه رمت على كتفيها الكاب المخملي الاسود وتوجهت الى التاكسي الذي طلبته .
اكتظت غرفة الاستقبال بالضيوف فضغطت باميلا نفسها لتمر بين الجموع بحثا عن بيرل وتالبوت واخيرا شاهدت بيرل واقفة بين مجموعه ضخمة من الناس . حينما شاهدتها بيرل ركضت اليها تعانقها بحرارة .
- اوه يابام ... ما اسعدني ان اراك لقد اشتقت اليك كثيرا .
وصاح صوت رجولي عميق مرتفع :
- اجل ... لقد احست بالوحدة حتى قررت اخيرا التفتيش عن رفيق جديد .
رفعت باميلا رأسها فشاهدت تالبوت يضحك لها وهو يقترب من بيرل واضعا يده بتملك حول خصرها النحيل :
- من هذه المخلوقة الساحره العائدة من البرية ؟ ترى هل خبأتها عني لئلا اعدل عن ان اصبح مواطنا مستقرا ؟
فضربته بيرل بين ضلوعه مداعبة :
- توقف عن هذا تالبوت . انا من دفعتها الى شراء هذا الفستان . ولكنني لم استطع اجبارها على ارتدائه لذا اعتبر ارتدائها اياه اطراء لي الليلة . فلا توترها والا غضبت مني لأنني اجبرتها على شراءه .
- حسن جدا يا عزيزتي. انا لن اتجادل مع عروسي الليلة . في الحقيقة يا بام تبدين ساحرة . لكن للآسف حياتي الرومانسية ما عادت ملكا لي , فأنا مرتبط لذا سأحاول ان ابحث لك عن رفيق يضفي قليلا من النكهة على حياتك .
- لا بأس بي هكذا تالبوت . سأكون على ما يرام وحدي . فأنا كما تعلم اعرف بعض الحاضرين الليلة .
كانت باميلا غارقة في حوار عميق مع والد بيرل عندما نظرت الى الغرفة فطالعها بول غراينجر .
امسكت اصابعه السمراء القوية بكأسه الطويلة فيما اتكأ جسده بعفوية الى المدفأة . بذلته السوداء المحاكة يدويا زادت من سطوته . فتعجبت باميلا من تأثير وجوده فيها ...
لو ابتسم لها لرمت نفسها بين ذاعيه طوعا ,, تتوسل اليه حتى يسامحها ويتقبل حبها . ولكن عينيه كانتا تجولان فيها بدون اهتمام .
دهشت باميلا لعدم وجود سوزي معه .. لماذا لا ترافقه احداهن الليلة ؟ربما سوزي تتحدث الى شخص آخر ؟ ولكن بعد نظرة سرية شاملة للغرفة اكتشفت ان لا اثر لها . فحارت في ما تفكر وتحركت مع الاخرين الى الغرفة التي ستقام فيها مراسم الزواج مشتتة الذهن .
لا حقتها عينا بول طوال مراسم الزواج, وخلال حفل الاستقبال فيما بعد .. كان وجهه جامدا عابسا دائما , وكانت كلما احست بنظرته البارده الرمادية تستقر عليها تقتنع اكثر فأكثر بأنه لم يتوقف لحظة عن كرهها .
ولكنها ادركت الآن ان الحب اهم عندها من أي مستقبل مهني , والحب الوحيد الذي تتوق اليه , هو حب بول . ولكنه يكرهها وهو الى ذلك سيتزوج بسودزي لذا عليها اقناع نفسها بالوظيفة التي تقوم بها في بلدتها الصغيرة .
ودع بيرل وتالبوت ضيوفهما وغادرا المكان لبدء شهر عسلهما المنعزل عن الناس في مزرعه تالبوت البعيده شمالا . كانت باميلا تحاول تجنب تقدم الضيوف وتدافعهم عندما سمعت صوتا مألوفا قربها :
- لا بأس في هذا جيفري .. سأعتني ببام الآن .
لكن الرجل شد بيده على ذراع باميلا :
- انس الامر يابول . فستكون هذه الحسناء رفيقتي ... ابحث عن تسلية اخرى الليلة !
وقبل ان يعرف احد ما حدث كان بول قد هجم على الرجل الذي ارتد الى الوراء راميا الى الارض باميلا التي اصطدم رأسها بمؤخرة كرسي .
عندما انحنى بول عليها حاولت الاحتجاج واهنة ولكنه حملها بين ذراعيه , ورأسها ما يزال يؤلمها .
- لا احتاج رعايتك وعنايتك فما عدت سكرتيرتك . دعني وشأني !
لكنه تجاهل اعتراضاتها :
- انت لست في وضع تعرفين فيه ما تقولين او تفعلين . لا ادري مادهاك بام .. تأتين الى هنا مرتدية فستانا وكانك ملكة من ملكات الجمال , ثم تبدئين بالتحدث مع ذلك المتطفل . الديك فكرة عما كان سيحدث لو تركتك معه ؟
- ما كان ليحدث أي شيء ! انا قادرة على العناية بنفسي . انت تصدق دائما اسوأ الامور عني .. لايمكنك تحمل ان يجدني رجل آخر مرغوبة كما تجد سوزي .
- دعي سوزي وشأنها .
واعطى حارس الباب بطاقة سيارته ليحضرها .. فكان ان اسرع الحارس الذي قاد السيارة الى حيث يقف بول . وضع باميلا في المقعد الامامي وهناك غرقت في النوم من جراء سقطتها تلك .
عندما استيقظت في الصابح التالي , احست وكأن رأسها بالون منفوخ على وشك الانفجار , كما احست بفمها جافا .
دفع نور الشمس الشاحب المتسلل من النافذة الآلم الى رأسها فأشاحت وجهها عنه . ولكن ما هي الا فتره قصيرة حتى استردت وعيها فوجدت انها ليست في رغفتها في الشقة او في منزل اهلها .
كان للغرفة مظهر رجولي ... فالسجاد بني غامق والجدران مكسوة بورق جدران لونه عاجي قاتم . والاثاث بسيط جميل والنافذه مغطاة بالخيزران الاسود .
تذكرت بسرعه الليل الفائت كما تذكرت بول وهو يحملها ويضعها في السيارة ... ولكنها لا تذكر شيئا بعد ذلك ... فماذا تفعل هنا بحق الله ؟
كان فستان السهرة والكاب ملقيين على كرسي مجاور وما كانت ترتدي الا ثيابها الداخلية . فارتجفت حرجا ورفعت رأسها عن الوسادة ...
لكن الما اعمى بصرها واجبرها على اعادة رأسها الى الوسادة . كانت تعلم ان عليها مغادرة هذه الغرفة , ولكنها مريضة بحيث لن تتمكن من الحراك فتأوهت متألمة ثم اغمضت عينيها .
تصاعد صرير خفيف للباب وهو ينفتح ببطء , ثم اعقبته خطوات ناعمه في الغرفة ففتحت باميلا عينيها واذا به يقف بجانب السرير.
جعلت نظرة واحده الى الجسد المألوف عيناها تنفتحان على وسعهما . ابتسم لها بول وعيناه قلقتان :
- ارى انك عدت الى عالم الحياة ... كيف حالك الآن ؟
اغمضت باميلا عينيها من جديد :
- رهيبة !
فهز رأسه :
- لست دهشا , نظراً لحجم الضربة التي تلقاها رأسك . لكن لا تقلقي قال الطبيب ان بضع ساعات من الراحة ستشفيك . احضرته البارحة ليعاينك لكنك كنت غائبة عن الوعي .
- اظنني احتضر.
فضحك بول :
- حسنا , اشكري ربك لوضعك هذا فهو على الرغم من خطورته غير مميت , وعليه ستستردين عافيتك غدا . اما الآن فما عليك الا اغماض عينيك طلبا للراحة . لقد فقدت وعيك في السيارة , لذا حملتك الى شقتي ثم استدعيت الطبيب وكنت قبل وصوله قد وضعتك في الفراش ولأنك دون شك لا ترغبين ان يفسد النوم ثوبك , نزعته عنك .
- اتقصد انك انت من نزع عني ملابسي ليلة امس ؟
فكشر عن وجهه مازحا :
- اخرجي من هذه الالاعيب فأنا اؤكد لك انني لم امسك .هيا عودي الآن الى النوم , فلست في حالة تخولك الدخول في نقاش ... سأتحدث اليك فيما بعد عندما تصبحين افضل حالا .
ترك الغرفة مغلقا الباب بهدوء وراءه اما هي فتاهت في سبات عميق مضطرب . وعندما استيقظت منه كان المغيب في هذا اليوم الخريفي قد خيم على الغرفة ...
ففتحت عينيها ببطء تتأمل ما يحدق بها فكان ان اتجهت نظرتها الحائرة الى الكرسي الذي قبعت عليه ملابسها , ولكنها التقت بعيني بول المتفرستين .
- لقد نمت النهار بكامله ... كيف انت الآن ؟
حركت باميلا رأسها من جانب الى اخر ورفعته عن الوساده ثم رفعت الغطاء الى كتفيها قبل ان تجلس .
- انا بخير .
صمتت ثم اضافت على كره منها :
- اشكر لك عنايتك بي . لا اريد التطفل عليك اكثر لو سمحت احضر لي ثيابي واترك الغرفة , سأرتديها واعود الى منزلي .
هز بول رأسه وهو يتقدم ببطء الى السرير. كانت عيناه تطوفان فيها وكأنهما تمتلكانها . فخفق قلب باميلا وطفق يخفق بجنون حتى كادت لا تسمع كلماته لارتفاع ضرباته .
- ليس الآن . سيحل الظلام قريبا . لذا ليس من الحكمة التجول ليلا. امضي الليلة هنا , وانا اقلك صباحا الى المنزل هذا اذا كنت مصرة على الذهاب .
وابتسم بعجرفه .
احست باميلا بضعفهما الكامل امامه . نظرت اليه :
- ارجوك بول ... دعني اذهب الى البيت .. لا اريد التشاجر معك ابدا .
انحنى بول فوق السرير ليضع يده تحت ذقنها فرفع وجهها واذا عيناه تلتقيان عينينها .
- اذن لا تتشاجري معي ... ذا كل ما كنت اريده من دائما ...وانت تعلمين هذا . فلا اطلب منك الا التوقف عن مشاجرتي والبدء بأن تحبيني .
ضمها الى صدره فابتعدت عنه :
- لا تلمسني ... ارجوك ... لا تلمسني !
- انت اطلبين المستحيل . لا يمكنني ابعاد يدي عنك ولو اردت .
وكأنما ليبرهن عن صدق كلامه راحت عيناه تتأملانها بشغف فيما راحت يداه تداعبان وجنتيها وعنقها . فقالت بصوت متوسل :
- بول !
لم تكن واثقه مما تريد , اتريد منه ان يتوقف او ان يستمر ولكن بول لم يكن حائرا لأنه سرعان ما اطبق عليها منعا لأي احتجاج قد يتصاعد الى تفكيرها , كلاما كان ام فعلا . وضع يده خلف ظهرها فأحست فجأة بصدمة عندئذ ثابت الى رشدها ثانية .
فرفعت راحتي يديها تدفعه بعيدا عنها , فتراجع ,لكن عينيه تركتا وجهها فتشنجت واجهشت بالبكاء مرتجفة ... عندئذ تحول تعبير وجهه الى الحيرة والارتباك :
- ما الخطب الآن ؟ لن افهمك ابدا باميلا .
- لقد سلبتني كل شيء ... مستقبلي , كرامتي , وحبي . ولم تترك لي أي شيء .. حتى جسدي .!
ابتسم بول لكن صوته كان متهدجا :
- انت محقه يا حبيبتي . اريد منك كل شيء ... اريد معرفة كل ذرة من كيانك .
ورفع رأسها بإصبعه ثم التقط وجهها بين يديه :
- اريد عقلك وتفكيرك وجسمك . دون اسرار .. دون تنكر ... ودون ان يكون بيننا شيء .
مدت باميلا يدها لتوقف يده الممتده .
- بول لا تفعل هذا .
وانسلت من بين يديه دافنه رأسها في الوسادة قائلة له بتشيج باك :
- اريد الذهاب الى البيت بول ... لا يمكنني البقاء هنا ... ليس الآن ... احبك حبا جما ... حبا لا اقوى معه على رؤيتك تبتعد عني الى ذراعي سوزي .
امسك بول بكتفيها :
- اهذا ما تظنين ايتها الحمقاء الصغيرة ! اتظنين انني اهدر هذا الوقت كله لو كنت ارغب في علاقة عابرة ؟ الا تعلمين انك اوقعتني تحت سحرك منذ اللحظة الاولى التي نظرت فيها الى عينيك وانت تركضين في الشارع ؟
ابتسم وقد رأى نظرتها المصعوقة :
- هاتان العينان الزرقاوان الدافئتان كان لهما تأثير مدمر في نفسي . حتى ذلك التنكر الرهيب لم يمنعني من الرغبة فيك .ظننت نفسي افقد عقلي لرغبتي في امرأة اشبه برقيب التدريب في الجيش . واشكر الله لانقطاع الكهرباء ذاك اليوم ... عندما عدت وشاهدتك في شقتك علمت انني وجدت امرأة لن استطيع نسيانها . لكنك كنت مستعره غضبا ومصصمة جدا على مقاومتي .. فلم استطع تركك ترحلين ... لهذا السبب هددتك .. كنت مضطرا لإبقائك الى جانبي بأية وسيلة ممكنة .
مسدت يده شعرها , ثم اجرعه بلطف الى كتفيها . واكمل هامسا :
- اريد الزواج بك ... هذا ان لم تعترضي على التخلي عن وصفك كأمراة متحررة .. وهذا امر عادي , فأنا لم احظ بحريتي منذ التقيت بك .
بدا الذهول على باميلا :
- تتزوجني ؟ لكنك قلت للمجلات انك ستتزوج سوزي .
فضحك بول :
- سوزي فتاة مجتمع عابثة تافهة وعلاقتي بها كانت للتسلية فقط . اتعلمين انني لم ارها منذ خرجت معي تلك الليلة؟نعم تلك الليلة التي وجدت انني لا افكر الا فيك . وان كنت تذكرين عدت الى المكتب لأخرج معك . لم اقل يوما لها انني احبها . ولم اطلب منها قط الزواج ... وما قلت للمجلات اننا مخطوبان الا لأن ذلك كان الطريقة الوحيدة لأبعاد اولئك النسوة المجنونات عن دربي ... ولم اقل لك انني احبك لأنني كنت اخاف ان افزعك فتهربين مني , لأنك كنت كلما لمستك او اقتربت منك تقفزين كالمجنونة . لكني لم اعد اخاف .. اتعلمين انك تتكلمين اثناء نومك ؟ لذا .. لدي اسباب قوية للاعتقاد بأن تمثيليتك الصغيرة قد وصلت الى نهايتها . لقد اكتشفت باميلا الحقيقية . باميلا ... باميلا التي ستكون زوجتي وام اطفالي , والتي ستشيخ معي حتى نصبح عجوزين . احبك باميلا .. واريد منك ان تتزوجيني . اتظنين ان بأمكانك ان تكوني سعيده مع زوج له مهنتي ؟
رمت باميلا نفسها بين ذراعيه ودفنت رأسها في صدره :
- اوه .. بلى يا بول ... مليون مرة نعم ! اظنني احببتك .. منذ رأيتك , لكنني كنت اضع ذلك التنكر الكريه . ثم بعد هذا كنت دائما غاضبا . فظننتك لن تسامحيني , وعندما اخبرتني سوزي انكما متحابان ظننت ان لا طائل من وراء أي شيء .
رفع بول رأسها بلطف :
- احبك بجنون , والطريقة الوحيدة لأنجو من جنوني هو بقاؤك الى جانبي لأحظنك بين ذراعي ولأعانقك .. ولكن الآن .. اظن ان من المستحسن التوجه الى منزل والديك .. فلا اثق بنفسي ان بقيت معك على انفراد وانا لا انوي ان افسد نواياي الشريفة تجاهك .
فابتسمت باميلا بسرور :
- حسنا ياحبيبي , انما لا تنس ان امامنا رحلة طويلة .
وفعلا امامهما رحلة طويلة انما هي رحلة العمر السعيدة.



تمـــــــــــــمت بحــــــــ الله ــــــــمد


الساعة الآن 04:58 AM بتوقيت مسقط

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.
Search Engine Optimization by vBSEO 3.6.0 Designed & TranZ By Almuhajir

Adsense Management by Losha

جميع الحقوق محفوظة لمنتديات شمس الحب

1 2 3 4 6 7 8 9 10 11 12 13 15 16 17 18 19 20 21 22 23 28 29 30 33 34 35 36 37 39 41 42 43 44 45 46 47 48 49 53 54 55 56 57 58 59 60 61 62 63 64 65 66 77 78 79 80 98