اعزاءي المتابعين لي ، نظراً لانني مغادر الان في سفر ، وقد تذكرتكم ، وتذكرت متابعتكم لي الى ان وصل عدد المتابعين لي عدد كبير ، وانا اقدر لكم متابعتكم لي ، واعتبره كرم منكم .
فلقد حببت ان اترك لي ذكرى بينكم ، حتى اعود ان شاء الله من السفر ، واكمل لكم ما قد بديته معكم من عربون صداقه ومحبه ، وهذه القصه ، اورد لكم بدايتها وبعد عودتي من السفر ان شاء الله اكملها معكم حتى نهايتها :
طلع القمر وانكشف الامر
رحل فصل الربيع عن ديارهم ، ونزل في ديارهم الصيف ، كآنه ضيف ثقيل نزل على رجل بخيل ، فلقد هبت عليهم رياح البوارح بغبارها وسمومها الافح ، والناس بداءت تخفف من هدومها ، وتختصر في علومها ، وجفت المراعي والعشب ، والشجر يبست اغصانه وصارت حطب ، وجفت الغدران فلم يعد يردون عليها العربان ، واصبح حلال البدو عند بيوتهم مارح ولم يغدو في الصباح سارح ، بسبب عدم وجود المراعي والكلاء لاقريب من البيوت ولا بعيد في الخلاء ، فآجتمع الرجال في المساء ، فشربوا القهوه وصلوا صلا العشاء ، ودار بينهم الحديث عن وضعهم وحالهم وحال حلالهم وعيالهم ، فقررو ان يرحلوا بعد ثلاثة ايام بكامل الفريق ويكون رحيلهم بعد فكت الريق ، ليرحلوا الى ديار تقع في الجنوب عن ديارهم ، في وادي ذي زرع ونخيل وعين فواحه في وسط واحه ، فبدوء اهل الخيام بجمع اثاثهم وربط متاعهم ليسهل تحميله على الجمال وقت الترحال ، وكان من ظمن اهل الفريق رجل كبير في السن ولديه سبعة من الاولاد وبنت واحده ، وكانت البنت هي وحيدة امها وليست لها اختوات وقد سمتها علياء ، فهي ثامنة الاخوان الاشقاء ، واخر العنقود بعد الاولاد ، فهي محبوبه عند امها وكل ساعه امها الى صدرها تضمها ، ولا تكلفها بعمل حتى لو تحس الام بتعب وثقل .
كانت البنت في اخر سنوات الطفوله ، فهي ذات اثنا عشر ربيع ، ومن يحاول يوصف جمالها في محاسنها يضيع ، فهي تحتوي على جميع المحاسن ، فاالحلاء في دمها ولحمها ساكن ، عليها كرته من سندس اخضر، فهي بها تتمخطر ، وعلى صدرها قبة زرقاء ، زرقتها كزرقة السماء ، مزخرفة بالنقوش كآنها بنت من بنات الملوك ، وزينت اكمام كرتتها بقصب ، كآنه ذهب ، وكفوفها مخضبه بالحناء المخضوب ، كآنه شفق على مزن ابيض وقت الغروب ، تنظر للمتحدث بطرف عينها ، لكي لا يفتنه حسن خدها وجبينها ، كلامها تنطقه بآدب وفصاحتها كآفصح شيوخ العرب اذا علا على المنبر واشرهب ، اذا مرت بين الفريق ، اتجهت اليها الابصار شاخصه ، وبقيت الافواه فاغره ، مشيها كآن بها وجل فلاريث ولا عجل ، لديها اخوه شجعان ، فلهم بين الرجال مهابه ، فهم كالذيابه ، يخافونهم الشجعان ، من يوم ماكانوا صبيان ، اشرق يوم الرحيل وعزموا على الرحيل ، واتجهو الى الوادي اللذي فيه الواحه ، فنزلوا في طرفه ، والمزارع تكنفه ، قريب من الواحه فالواحة بجنبها قريه صغيره ، يسكنها مزارعين ، لديهم في هذه الواحة نخيل وزراعه ودكاكين ، فبنوا البدو خيامهم واحضروا رعيان الحلال في المساء حلالهم ، بعد يومين من السفرحافله بالعناء والتعب ، وفي الصباح ، سرحوا حلالهم الى اسفل الشعاب ، ومعه الرعيان والكلاب يحرسونه من الذياب والنهاب ، وبعد ان انتصف النهار توجهو بالحلال الى الماء بعد ان شبع من الكلاء ، اسقو حلالهم من طرف النهر وارتوو وقيلوا تحت ظل الشجر .
وبعد صلاة العصر ، هبت نسايم بارده اعلاناً بدخول وقت المساء ، فعلو حلالهم بالماء ، وحملوا قربهم على جمالهم ، ثم اتجهوا الى خيامهم ، أجتمع الرجال كعادتهم في مجلسهم في وسط الفريق ، والنار تتلهب كآنها نار حريق ، واحضروا معاميل قهوتهم ودارت بينهم سوالفهم وقصصهم ، ومن خلفهم البنات والنسوان يستمعون لقصص الرجال في الحاضر وماضي الزمان ، تتخللها قصايد جميله ويزيد من جمالها حس الربابه اللذي يسحر الالباب اذا صاحبها جر صوته بالمسحوب وسحب القوس على وترها المسبوب .
وفي صباح اليوم التالي توجهوا النساء والبنات الى العين اللتي تقع وسط النخيل ، للشرب من ماءها العذب وتعبيت القرب ، فتجمعوا حول نبع العين اللتي تنبع بقوه كآن اندفاعها ، اندفاع رجل ذي مروه بكامل القوه للدفاع عن شرف فتاه اراد خبيث ان يسحب من على جسمها العباة .
فهي هذه الاثناء ، سمعو صوت ضعيف من خلف الصريف ، يقول هذا هو المكان يا راكان .....