نجاح محطة الخفجي يعيد الزراعة للمملكة
عبدالله صادق دحلان
في أول وأكبر مشروع لتحلية المياه باستخدام تقنية الطاقة الشمسية يقترب العد التنازلي لتشغيل محطة الخفجي لتحلية مياه البحر بطاقة 300 ألف متر مكعب من المياه بعد استكمال المراحل الأربع لإنشاء المحطة. وتعتبر هذه المحطة بديلة عن المحطة القديمة القائمة حاليا التي ستنتهي صلاحيتها وعمرها الافتراضي بعد عامين من الآن لتدخل التقنية الحديثة التي تبنتها شركة تقنية المياه المتقدمة والتابعة للشركة السعودية للتنمية والاستثمار التقني (تقنية) المملوكة لصندوق الاستثمارات العامة السعودي حيث أبرمت الشركة في يناير 2015، اتفاقية مع تحالف شركتي (أبيما وتيما) الإسبانيتين التابعتين لشركة (أبينجوا) الإسبانية عقد تصميم وتنفيذ محطة تحلية المياه باستخدام الطاقة الشمسية وبطاقة إنتاجية 60 ألف متر مكعب من المياه المحلاة يوميا، وذلك لاستهلاك محافظة الخفجي، وسيعقبها أربع مراحل إضافية للمحطة الجديدة لتصل الطاقة الإنتاجية إلى 300 ألف متر مكعب يوميا. والحقيقة هو توجه صحيح للحكومة السعودية ومبادرة متميزة لشركة تقنية المياه (تقنية)، وذلك ضمن مبادرات الدولة الجديدة ممثلة في صندوق الاستثمارات العامة نحو التوجه الجديد لسياسة المملكة الإقتصادية والتنموية. ورغم أنني كنت مؤيدا للمجموعة التي طالبت بوقف المشاريع الزراعية وعلى وجه الخصوص زراعة القمح والشعير نظرا لاستنزافها للمخزون المائي الوطني تحت الأرض حيث كشفت أحد التقارير انخفاض المخزون إلى مستويات مخيفة ونظرا لارتفاع تكلفة استخدام المياه المحلاة من محطات تحلية المياه التقليدية المعتمدة على البترول أو الغاز. كما أصبحت الإعانة المقدمة من الدولة للشركات الزراعية والأفراد المستثمرين في الزراعة وعلى وجه الخصوص القمح والشعير تمثل عبئا على ميزانية الدولة ومقارنة بالأسعار العالمية اتضح أن الاستيراد من الخارج هو الأوفر اقتصاديا أو التوجه للاستثمار في استصلاح أراضٍ زراعية في بعض الدول الأكثر اقتصاديا لزراعة المحاصيل التي تحتاجها المملكة وذلك لتحقيق الأمن الغذائي لسكان المملكة وتحقيق الوفر الاقتصادي لميزانية المملكة. ولهذا صدر قرار وقف الدعم ووقف الإقراض لبعض المشاريع الزراعية إلا أنه نتيجة الاكتشافات الصناعية الحديثة وتطور تقنية إنتاج الألواح الشمسية ذات الكفاءة المرتفعة جدا والمصنعة بعضها داخل المملكة بالتعاون مع مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية قد دفع إلى انخفاض تكلفة إنشاء محطات تحلية المياه، وبالتالي انخفضت أسعار المياه المحلاة وهذا قد يدفع صناع القرار الاستثماري في المملكة إلى التوسع في إنشاء محطات التحلية باستخدم الطاقة الشمسية لتوليد الكهرباء ولتحلية مياه البحر واستخدام المياه المحلاة في استخدامات غير استهلاك المواطنين مثل استخدامها في ري المشاريع الزراعية، وقد تتبنى هذه المشاريع الإنتاجية لتحلية المياه بالطاقة الشمسية بعض الشركات الزراعية أو شركات استثمارية أو شركة (تقنية) الحكومية صاحبة التقنية وتطرح الإنتاج للاستخدام الزراعي. وقد يكون من الأفكار إنشاء البحيرات الاصطناعية في المناطق الزراعية مما سيسهم في زيادة المخزون المائي تحت الأرض. وبالإمكان أن تتولى شركات أخرى الاستثمار في تمديد الشبكات لإيصال المياه المحلاة من السواحل إلى المناطق الزراعية. إن ما يدعوني اليوم للتراجع عن دعمي لوقف الزراعة المكلفة وغير الاقتصادية في المملكة هو تغير عناصر رئيسية في تكلفة تحلية المياه وأهمها تطور التقنية في إنتاج الألواح الشمسية وبالتالي انخفاض التكلفة في الإنتاج لتصبح أقل بكثير من تكلفة تحلية المتر المكعب الواحد بالطريقة التقليدية. بالإضافة إلى أن استخدام تحلية المياه في الزراعة كما أسلفت سيسهم في رفع مستوى المخزون المائي. وأخيرا أن استخدام الطاقة الشمسية في تحلية المياه سيوفر علينا نحو 50 % من استخدام البترول والغاز في محطات تحلية المياه والتي تقدر بنحو 500 ألف برميل يوميا، إضافة إلى الآثار السلبية لحرق البترول الأحفوري على تلوث البيئة مما يساهم في زيادة تلوث الأجواء. لهذا فإنني اليوم سأنضم إلى المؤيدين لشركة (تقنية) لتطوير مشاريع تحلية المياه بالطاقة الشمسية. وأتمنى على صناع القرار إعادة النظر في قرار وقف الشركات الزراعية لزراعة المحاصيل الزراعية الرئيسية شريطة استخدام المياه المحلاة بالطاقة الشمسية. وأمامنا فرصة تجريبية لمحطة الخفجي في حال نجاح التجربة بالإمكان تكرارها. لقد فاجأتنا سويسرا في الأسبوع الماضي بأول طائرة تطوف حول العالم بالطاقة الشمسية. وقد هبطت بسلام في مطار القاهرة في آخر محطة لرحلتها حول العالم. الطائرة السويسرية سولار إمبالس2 بعد أن حلقت أعلى الأهرامات وأتجهت للهبوط في مطار القاهرة. وهي طائرة تزن 2300 كجم وعرضها 72 متر وتستطيع أن تحلق على ارتفاع 2800 قدم. إن عصر الطاقة الشمسية سيغير الكثير في اقتصاديات الإنتاج والتشغيل في القرن الجديد.