رؤيته صلى الله عليه وسلم في المنام فإنها ممكنة شرعاً وعقلاً ، لكن لا يقال لأحد إنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم في منامه إلا لمن رآه على صورته المعروف بها ، قال البخاري بعد الحديث السابق : قال ابن سيرين: إذا رآه على صورته ، وقال ابن حجر في الفتح : ( وقد رويناه موصولاً .. عن أيوب قال: كان محمد -يعني ابن سيرين - إذا قص عليه رجل أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم قال: صف لي الذي رأيته ، فإن وصفه له صفة لا يعرفها ، قال لم تره" وسنده صحيح.
ووجدت له ما يؤيده فأخرج الحاكم من طريق عاصم بن كليب حدثني أبي قال: قلت لابن عباس: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم في المنام قال: صفه لي قال: ذكرت الحسن بن علي فشبهته به ، قال: قد رأيته". وسنده جيد.) انتهى
ومن رأى النبي صلى الله عليه وسلم على صورته المعروف بها ، وزعم أنه أعطاه وِرْداً أو أمره بأمر أو نهاه عنه ، فينظر فيه: فإن كان مما ثبت بالشرع وجاء به الكتاب أو السنة فالالتزام به التزام بالشرع وبما جاء به ، والرؤيا تأنيس للرائي ، وبشارة له ، وحث له على ذلك الخير المشروع ، وإن كان مما لم يثبت بالشرع فلا يكون حجة ولا يثبت به حكم شرعي ، ولا شعيرة تعبدية ، فإن الشرع الذي شرعه الله لنا على لسان نبيه صلى الله عليه وسلم قد كمل ، والدين قد تم ، ولم يرد فيه دليل على أن من رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم في المنام بعد موته وأمره بأمر أو نهاه عن أمر يكون ذلك دليلا وحجة ، بل قبضه الله إليه بعد أن أكمل لهذه الأمة ما شرع ، وبعد أن أمرهم بالتمسك به ، وعدم الأخذ بغيره ، ونهاهم عن الإحداث والابتداع فيه.