قال كاتب وإعلامي فرنسي إن ربع المتطرفين الفرنسيين الذين انضموا للقتال مع تنظيم داعش الإرهابي مولودون في عائلات مسيحية ويهودية، مبيناً أن هذه النتائج تضع علامات استفهام أمام المجتمع الفرنسي حول قدرة هذا التنظيم على جذب هؤلاء الشباب. وأوضح رئيس التحرير قناة tv5 الفرنسية سليمان غيدور أن من قاموا بالعمليات الإرهابية في باريس في تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي هم شباب ولدوا ودرسوا وعاشوا بيننا، ويتمتعون بكل الحقوق، لكنه استدرك بقوله: «طبعاً هناك جماعات عنصرية، هناك مشكلات اقتصادية وبطالة، لكن ليس كل من يعاني هذه المشكلات اختار السبل الإجرامية».
وكان زغيدور يتحدث في محاضرة أقامها مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية مساء الاثنين الماضي بعنوان «الإسلام وفرنسا ضد الإرهاب» وحضرها رئيس مجلس إدارة المركز الأمير تركي الفيصل، وعدد من مسؤولي السفارة الفرنسية ونخبة من المثقفين والأدباء والمهتمين. وأشار الكاتب الفرنسي من أصل جزائري إلى أن انضمام هؤلاء الشباب لداعش أحدث نقاشاً اليوم في فرنسا عما إذا كانت هذه الظاهرة فرنسية أم أجنبية، مبيناً أنه على رغم أنهم أقلية وسط الجالية المسلمة، إلا أنهم أحدثوا أزمة لهم في المجتمع الفرنسي، مشيداً بتلاحم المجتمع الفرنسي ووقوفه صفاً واحداً ضد المساس بالأقلية المسلمة بعد عمليات باريس الإرهابية، وقال: «الإرهابيون وممولوهم ومن ساعدوهم لارتكاب هذه العمليات كانوا ينتظرون ويتمنون حدوث انفصام في المجتمع الفرنسي وأن تهاجم الأغلبية غير المسلمة الأقلية المسلمة وتهمشها وحدوث حرب أهلية داخل المجتمع، لكن ما حصل أنه وبشكل غريزي المجتمع قام كشخص واحد يقول لا للعنصرية والانقسام، لا تفرقونا كمجتمع سياسي، وهو أكبر درس نستنتجه من هذه الأزمة».
واستهل المحاضر حديثه بالتأكيد على أن الإرهاب كان يهدد الإنسانية منذ زمن طويل، وليس فقط فرنسا، لافتاً إلى أن العمليات الإرهابية التي استهدفت باريس ضربت فرنسا في قواها الحية وشبيبتها، وأردف: «عندما ترون صور الضحايا وأسماءهم ترون بانوراما لكل المجتمع الفرنسي، فبينهم مسلمون، مسيحيون، يهود، بوذيون، ومن أصول أفريقية، عربية، مغاربية، يهودية، كل الفسيفساء التابعة للمجتمع كانت هناك، وشعر المجتمع بهذه الضربة في صلب حيويته ككيان بشري إنساني وليس فقط كمجتمع سياسي».
إلا أن سليمان بن زغيدور أكد أن الإسلام هو الضحية أيضاً في هذا المسألة، وقال: «المجرمون يدعون أنهم تصرفوا باسم الإسلام وزعموا أنهم مسلمون، والتيارات المتطرفة توافقهم هذا الإعلان وتقول إن هذه العمليات ترجمة لروح الإسلام». وبحكم خبرته الطويلة في المجال الصحافي التي تمتد لأكثر من 40 عاماً، غطى خلالها نزاعات مختلفة في أميركا اللاتينية، الشرق الأوسط، البلقان، روسيا، وآسيا الوسطى، يؤكد زغيدور أن الإرهاب كان ظاهرة يومية في أوروبا إبان بداياته الصحافية، معدداً الكثير من الحركات الإرهابية الأوروبية، مثل حركة 11 نوفمبر في اليونان، والايرش في إنكلترا.