ٍسأخصص هذا الموضوع لإلقاء الضوء على ما حدث في أسواق النفط العالمية من تغيرات جوهرية تسببت في هبوط أسعار النفط من مستويات ما فوق ال 100 دولار للبرميل في منتصف العام 2014 و حتى وصول سعر خام برنت لمستوى 27 دولار للبرميل في بداية فبراير من هذا العام ... و من ثم ارتداده للأعلى حتى وصل 53 دولار في شهر أواخر شهر يونية الماضي.
تلك المتغيرات الجوهرية هي ما وصفها وزير النفط السابق علي النعيمي بالتغيرات الهيكلية في السوق النفطية العالمية... و التي دفعت بالمملكة لتغيير سياساتها النفطية من دولة عرفت تاريخيا بالمنتج المتأرجح (swing producer) و لعبت دور مهم بتحمل مسؤولية توازن سوق النفط العالمية برفع الإنتاج أو خفضه لتحقيق الأسعار العادلة لتلك السلعة الاستراتيجية .
المملكة اليوم لا تزال مهتمة بلا شك بتوازن سوق النفط العالمية و عودة الأسعار لمستويات عالية و عادلة للجميع ... و لكنها ترفض أن يحدث ذلك على حساب مصالحها الاستراتيجية بخسارتها جزء من حصتها في سوق النفط العالمية لدول أخرى استفادت من ارتفاع أسعار النفط في الفترة ما بين 2009 و 2014 لتزيد من إنتاجها النفطي و الحصول على حصص من السوق النفطية على حساب المملكة بشكل خاص و معها دول الخليج العربي .... و بعض من كبار المنتجين في أوبك.
أتت تلك الزيادة الكبيرة في كميات العرض و التي عرفت بتخمة العرض في أسواق النفط العالمية من مصادر جديدة متعددة على رأسها النفط الصخري (shale oil) الأمريكي و الرمل النفطي أو الزفتي الكندي (tar sand) و هذان المصدران يكونان ما يعرف اليوم بالنفط غير التقليدي (unconventional oil)... بالإضافة لمصادر جديدة من النفط التقليدي أقل تأثيرا كالبحار العميقة و دول أخرى متعددة دخلت في نادي منتجي النفط الجدد في العالم عن طريق الاستفادة من ارتفاع أسعار النفط كالهند و أنغولا و كولومبيا و بوليفيا و غيرها من الدول ذات الإنتاج الذي لا يصل بعضها لنصف برميل في اليوم ... و لكنها مجتمعة و بالإضافة لتورة الإنتاج الكبيرة من النفط الغير تقليدي ... تسببت في تخمة المعروض ... و غيرت في هيكلية أسواق النفط العالمية بشكل جذري ... و إلى المستقيل المنظور على المدى المتوسط و البعيد إلى ما بعد العام 2020 ... أو حتى 2030.