فهي نهاية كل اسبوع آرحل من المدينة اللتي اسكن بها الى مزرعتي اللتي تبعد عنها قرابة 700 كيلومتر ، انتظر يوم الخميس وانا كآنني انقلي في صاج حميس ، يزداد في نفسي الطفش واذا فكرت في الرحلة يسامرني السهر ، واحس في نفسي بسبب جلوسي في المدينة بالملل والقهر ، ولكنه الدوام اللذي يحبسني عن الانطلاق الى مكان الانسجام ، طوال خمسة ايام ، وانا من البيت الى العمل ، حتى شعرت بالملل ، كآنني جمل في معصرة سمسم ، يحس بالضيق ويريد ان يتنسم ، قد غطت عيناه فهو يدور في مكان مظلم ، فهو حول المعطرة يدور وللانطلاق في مكان السعة يشتاق ويحلم .
عند نهاية الاسبوع وفي مساء كل يوم اربعاء ، نتواصل بالتصالات نحن الرفقاء والخوياء لكي نتفق على وقت الخروج من المدينة ، ونذهب الى محل الهدوء والسكينة ، فنحن اصدقاء اوفياء ورجال كرماء واتقياء ، فيعتذر من كان لديه شغل مهم ، ويوافق من كان ليس لديه امر يشغله مهم ، فآحيانا نكون خمسة خوياء ، واحياناً يقل العدد الى اثنين ، وبعض المرات اذهب وحيد ، وليس معي من يؤنسي سواء القصايد والشيلات .
عندما تشرق شمس يوم الخميس ، احس في نفسي فرح شديد فهو عندي يوم عيد ، وتمر علي ساعات الدوام كآن كل ساعة يوم بالتمام .
فما ان انهي فالعمل صلاة الظهر الا وانا احس بالقهروالظجر ، كآنني ماكث في الدوام شهر ، واذا حان وقت الخروج من العمل ، انطلقت على عجل ، فسيارتي مجهزة من الصباح ، فلا احب ان اذهب الى البيت وارتاح ، بل استمر في المسير قبل العصير ، وآمر على خوياي اللذين سوف يذهبون معي بسيارتي ، فنتغداء في الطريق ، ونحس بالحرية كآننا كنا مساجين ، ونرمي بعمايمنا ونغني كآننا مجانين ، انه حب الرحلات ، والولع بالطلعات .
في طريقنا الى ديرنتنا ومزرعتنا ومكان طلعتنا وجمعتنا ، نمر على محطات بنزين ، ونصلي صلاة العصر ، وفي المحطة الثانية نصلي صلاة المغرب والعشاء ، جمع وقصر .
ونتزود من البقالات بالاشياء اللتي يحتاجونها من يطلعون في رحلات ، فآصحاب البقالات يعرفوننا ، من كثر التكرار على بقالاتهم ، وعمال المحطات يعرفوننا من كثر من نتزود بالوقود من محطاتهم .
ولكن لفت انتباهنا رجل كبير في السن ، معه ونيت ددسن ، قد رآيناه عدة مرات في الطريق ، يقود سيارته وحيد ، واحياناً يصلي معنا في مساجد المحطات ، نلقاه امامنا ، ونطلع من المسجد ويبقى خلفنا، يرمقنا بنظره ، ثم يغض بصره ، ولا نعلم من اي منطقه هو ولا سبب تنقله ، فهو يظهر علاه التآني والهدو .....