ماذا ستقول عن شخصك لو شاهدته بعد 30 أو 40 عاماً في صورة قديمة التقطتها وأنت شاب؟. هذا ما يعبر عنه السعوديون اليوم ممن احتفظ ببعض من صورهم العواطف والذكريات والشوق للماضي واللقاء بأصدقاء "زمن الطيبين"، من جديد، هو ما يحن إليه كثير من أصحاب هذه الصور القديمة، حيث يعمد بعضهم إلى إعادة تصوير المشهد في لحظة تحاول فيها النفس إعادة ما سرق منها من روح الشباب والأصدقاء الذين ما زالوا على قيد الحياة أو الذين توفوا مع ترك أماكنهم فارغة في الصورة، أو في لحظة حنين للقطة عائلية مع الوالد أو الإخوة، فترى الوجوه قد تغيرت وكبرت، وتبقى الصورة وقد تكلمت عن النفوس، وارتقت في مشاعرها الجياشة بالمحبة واللهفة إلى الماضي.
أرشيف الماضي يعود بقوة
عبدالله النودلي، المصور الوحيد في بريدة قبل نحو 45 عاماً، يمتلك أرشيفا يتجاوز المليون صورة، عاش تناقضات كثيرة حول صور فترة التسعينات الهجرية: "الكثير ممن أحرق بصورته عاد ليطلبها من جديد من الأرشيف لدي، فالغالبية قد تخلص من صورته قبل أن تصبح الصورة متعارفا عليها ومتداولة". وأوضح النودلي" أنه كان المصور الوحيد في بريدة ولم يحظ بقبول في تلك الفترة، حيث تعد الصورة من المحرمات، وهو ما جعل بعض الأشخاص يحتفظون بصورهم ويسجلون الكثير من ملامح حياتهم منذ بدايتها: "نرى المقارنات في من يحتفظ بصورة حيث يعود نفس الأشخاص ليسجلوا صورة مشابهة لما التقط لهم قبل سنوات طويلة، وهي ذكرى جميلة فرط فيها العديد من الناس وهم نادمون في الوقت الحالي". وتحدث النودلي عن أشخاص كانوا لايرغبون في التصوير قبل سنوات واليوم باتوا يبحثون عن بصيص أمل يعيد لهم صورا قديمة مرت عليها سنوات: يسألني هل لديك لي صورة التقطها في ذلك الوقت؟".
مرحلة غريبة
مدير جمعية الثقافة والفنون بالقصيم سابقا، سليمان الفايز، يرى أن السعوديين لم يتوسعوا بالتصوير إلا في الـ15 سنة الماضية، فيما مرت سنوات طويلة مع وجود الكاميرات لم توثق: "وهذا يرجع إلى عدم الاهتمام في ذلك الوقت بسبب غرابة الصور وعدم فهم تلك المرحلة". وأشار الفايز إلى أنه يحتفظ بصور ترجع لأكثر من 30 عاما وهو يحاول دوما تكرار تلك الصور بالوقت الحالي مع نفس الأشخاص: "قد ينقص شخص من الأصدقاء بسبب وفاته رحمه الله إلا أن مكان الشخص المتوفى يظل فارغاً". مضيفا أن إعادة التقاط الصور بنفس المكان والأشخاص يحيي الذكرى والقصص:واحتفظ بصوره وذكرياته".