يتابع عديد من الخبراء والاقتصاديين والمصرفيين العالميين وكثير من المؤسسات المالية والاستثمارية الدولية، تطورات الوضع الاقتصادي السعودي عن كثب، خاصة مع اقتراب موعد إعلان الميزانية التي تحظى باهتمام شديد، نظرا لما ستوضحه بشكل ملموس، والكيفية التي تترجم بها الحكومة السعودية لرؤيتها للترشيد الاقتصادي والضبط المالي، كما ستمثل إطارا ماليا محددا لـ"رؤية 2030"، وستجيب على أسئلة كثيرين حول الآليات التي ستتبناها المملكة لجذب الاستثمارات الدولية والمستثمرين الأجانب. وتوقع خبراء دوليون تحدثوا لـ"الاقتصادية" أن تسجل السعودية تقليصا في حجم العجز المعلن والبالغ 326 مليار ريال، وذلك نظرا للإجراءات والإصلاحات الاقتصادية التي اتخذتها المملكة خلال العام الجاري التي ستظهر آثارها الإيجابية على الموازنات المقبلة للدولة. وقال الدكتور تشارلز جرانت؛ الخبير الاقتصادي وأستاذ المالية العامة سابقا في جامعة ليدز، إن الميزانية السعودية لعام 2017 سترمي إلى تحقيق هدفين أساسيين لا غنى للمملكة عن تحقيقهما في المرحلة الراهنة، وهما خفض العجز المالي ودعم النمو الاقتصادي خاصة في الأجلين القصير والمتوسط.
وأضاف جرانت، أن البيانات الرسمية تشير إلى أن الرياض ستفلح في خفض العجز بصورة تفوق كثيرا كل تقديرات الخبراء الاقتصاديين، والجهود المماثلة المبذولة في دول الجوار الجغرافي، مبينا أن النجاح السعودي في تقليص العجز المالي بنحو الربع أو الثلث سيمثل أرضية قوية يمكن البناء عليها في مرحلة تالية، لمزيد من تقليص العجز المالي مستقبلا، بما يسمح بتقديم ميزانية أكثر توازنا وتعبر عن حقيقة الوضع الاقتصادي السعودي.
وأضاف قائلا: "الميزانية القادمة ستحمل رسالة حقيقية لرؤوس الأموال الأجنبية حول المدى الذي ستذهب إليه المملكة لتطبيق "رؤية 2030" على أرض الواقع، فأغلب التكهنات والتسريبات الراهنة تشير إلى أن الميزانية ستكشف عن مواصلة السعودية لعملية الإصلاح بمعدلات متسارعة، باعتبار أن المضي في هذا الاتجاه هو الخيار الوحيد الذي يمكن أن تسلكه الرياض، إذا أرادت رفع معدلات النمو عبر تنويع البنية الاقتصادية، لكن التنويع لابد أن يخرج بعيدا عن العباءة المعتادة للقطاع الحكومي، ويتيح للقطاع الخاص دورا أكبر لمواجهة التحديات المستقبلية للمملكة".