بعد ان هيأ الله لهذه البلاد الوفرة والطفرة واتسع عيش الناس وانتشر التعليم توافدت إلينا مصنفات الكتب الإسلامية المطبوعة آنذاك في القاهرة وبيروت وغيرها من العواصم العربية وتلقفها الناس ثم بدأ البعض من حديثي العلم بأخذ القلم والشرح على مافي هذه الكتب تهذيبا وتنقيحا وتصحيحا ثم يأتي من بعده شخص اخر يزيد وينقص على من سبقه وهكذا ... ثم صارت تمنح الشهادات العلمية ودرجات الدكتوراه على نقاشات لاتحتاج لتوسع كالنفاس والمسح على الخفين وامتلأت المكتبات وتشعب العلم ومن لم يوفق او لم تخدمه قدراته في الذهاب إلى الأقسام العلمية كان كل ماعليه أن يأخذ أي كتاب من المكتبة ويشرح عليه ويستشهد ويستطرد ثم يأخذ الدرجة العلمية ويلبس البشت ويصبح ويمسي وقد اصبح واعظا يشار له في كل مكان .
ثم اختلف اهل الدين وبدأت التصنيفات والتبديع وأحيانا التفسيق والرمي بالجهل والضلالة على بعضهم الآخر فهذا جامي وهذا اخواني وهذا سلفي وخذ وخل .!
هم صعبوها على انفسهم من البداية وحملوا الدين مالم يحتمل ولو أخذوا من الدين كما اخذه أجدادنا لكنا اليوم افضل ..
في زمن جدي وجدك يا اخي الكريم لم يكن هناك واعظ .. كان هناك امام المسجد يقرأ ماتيسر وإن لم يحفظ كثيرا ولكنه كان تقي نقي سليم السريرة وهذا يكفيه عند ربه فليس الدين بكثرة الصلاة والصيام ولكن من اتى الله بقلب سليم ..
لم يكن دينهم ناقص ولو نظرنا إليه بمقاييس هذا العصر الذي انتشرت فيه الميكروفونات والذي اختلفت فيه الفتاوي وظهرت الفرق وصنف الناس ولن نرتقي فوقهم بالجنة درجات لأننا عشنا هذا العصر المزدهر بالمساجد الفخمة وبين ايدينا آلاف الكتب التي تشرح لنا الإسلام .!
قد يخرجك القوم اليوم من دائرة الإسلام لأنك لاترى اختلاط شيخهم بالاندلس جائزا ً.. الويل لمن يرى عيوب هذا الشيخ او ينتقده هذا الشيخ الذي قلت في الأول انه اخذ كتابا من الرف ولخصه واخذ عليه درجة واعظ ثم ألبسوه بشت التقوى وشيئا فشيئا أوصلوه إلى درجة التقديس ..
من يقرأ عن العصور الكنسية بأوروبا في عصور الظلام وكيف كان وعاظ الكنيسة يهيمنون على الحياة والناس حتى بدأت الناس تنفر من دينهم بل وفي نهاية المطاف نصبت المشانق لهؤلاء الوعاظ .؟!