عمر أحد التجار المعروفين في سوق المال والأعمال ، فهو يمتلك عدة شركات يعمل فيها مئيات الموظفين وقد عين بها مدراء وفنيين و مستشارين أجانب يعملون معه في إدارة تجارته والتخطيط للمشاريع الجديدة ، ومدراء علاقات عامة للتسويق ، والتمليق ، تخصصهم بياعين كلام ، وغسالين إدغمه ، فهم يعملون معه برواتب عاليه ، ولهم نسبة في الأرباح ، فيجتهدون في كسب المزيد من المال ، فلا يفرقون بن حرام وحلال ، فهمهم الوحيد زيادة راس المال ومضاعفة الأرباح ، فهم كالعبيد يعملون ليلاً وصباح .
يعملون بلا ضمير، والغفير منهم عامل نفسه مدير ، حقيقتهم عمال ، ولكن الواحد منهم دجال ، يلبسون جاكتات وكرفتتات ويعملون أنفسهم بهوات ، فينخدع بهم المستهلك التعبان ، فيشتري منهم البضاعة بغالي الأثمان ، فيغشون ويخدعون وينصبون ، ويغيرون الماركات ، ويزورن العلامات ، ويسوقون بضاعتهم في الاسواق بالغش والنفاق .
وقد أقنعوا أبو سارة بأنه إذا وظف سعوديين فسوف يخسر تجارته ، فالسعوديين كسلانيين ، ولا يصبرون على مشقة العمل ، وهم في الحقيقة كذابين ، ولكنهم يعرفون أن طبيعة أغلب السعوديين ، لا يحبون الغش ، ولا يحبون النصب والأحتيال ، فلا يردون أن يكشفون أمرهم ، وسترهم ، فأكثر الشركات ، الذين يعملون بها أجانب وتعتمد في بيعها على خداع الناس ، في الوزن والمقاس ، فيسوقون على المستهلكين المساكين بضاعة في كراتين ، وقد تلاعبوا في أنواع البضاعة وكميتها ، فالكرتون اللذي كان مليان حجمه قللوا كميته فلم يعد به الا نصف وزنه .
وقد أقنعوا عمر بأن ينشيء مصنع في المنطقة الصناعية ، وإن يستورد بضاعة صينية ، وسوف يقومون بتغيير البضاعة في كراتين ويطبعون عليها صنع في السعودية
فهم في الغش ماهرين ، وعليه متدربين ، وسوف تدر عليهم هذه العملية ملايين .
فأنتشر غشه بين الناس ، فزادت خسائر المستهلين بسبب رفع الأسعار عليهم في بضائع ردية ، وتصريفها عليهم بخداع وسوء نيه ، وزاد ربحه في الدنيا ، فكانت الألسن تلهج عليه بالدعاء لرب السماء ، بأن ينتقم منه فهو تاجر يغش الناس وينصب عليهم ويخسرهم ، فلم يحس بطعم السعادة في حياته فهو يتمنى مماته ،
وقد تزوج عمر عدة مرات ولم يوفق في حياته الزوجية ، فقد كانت حياته حياة نكد وضجر ، رغم مايمتلكه من قصور وسيارات فخمه ، وسفريات إلى كل القارات ، لا أنه لا يحس بطعم الحياة السعيدة ،وقد طلق زوجته بسبب مشاكل بينهم مستمرة ونكد في الحياة ، فتقوم بينهم المشاكل من أتفه الأسباب ويكثر بينهم اللعن والسباب والطلاب ، فطلقها بعد مشاكل ودعاوي في المحاكم ، وقد أنجبت له بنت وسمتها سارة ، وأخذتها لتعيش معها عند أهلها ، ومنعت عنه شوفتها ، وقد كره بسبب ما لقي من زوجته من بهذله وعناد الزواج والحريم ، وصار لوحده في بيته مقيم لعدة سنين .
وبعدما تخطى سن الخمسين سافر لأحدى الدول الخارجية وتعرف على فتاة بأحد الفنادق ذات الخمسة نجوم ، وكانت هذه الفتاة من النجوم ، فتزوجها ، وأغدق عليها المال ، ولكنها مشغولة عنه بالفن والحفلات ، والسهرات ، والسفريات ، وكان مهيي لها كل الأمكانيات ، فكان جلوسهم مع بعضهم قليل ، فنادراً ما يتسامرون في الليل ، فهو مشغول مع مجتمعه وإجتماعاته في شركاته ، وهي مشغولة مع صديقاتها وحفلاتها ، وسفرياتها.
وكان والد سارة قد تكونت لديه أرصدة بألاف الملايين ، فهو يتبرع بها للاعبين والفنانين ، ولكن ليس في أمواله نصيب للمساكين ، فهو يحب الظهور في الأعلام ، ولا يريد أن يكون مغمور في الظلام ، فهو يبحث عن الشهرة ، حتى لو كانت مع فاسدين في سهره ، فهو يرى أن مجتمع الأثرياء هم الاقوياء ، فبالمال تهدم الجبال وتهزم الرجال ، وأن مجتمع الفقراء مجتمع سخيف ، وأنهم مساكين ومتخلفين ، والا كانوا مثله أصحاب تجاره ومال ، وأن ماله قد حصل عليه بالجد والمثابرة والعمل الدؤوب . وأنه رجل مكافح ومثابر ، فهو يصرح في الصحف والأعلام بأنه قد جمع أمواله بكده وجمع هذه الأرصدة ريال ريال ، وأنها حلال زلال ، وأنه في بداية حياته كان عامل يحفر القبور في المقابر ، فهو رجل مكافح ومثابر .
فهو ينظر الى الطبقة الكادحة ، بأنهم قد وقعوا في أخطاء فادحه ، وأنهم سبب التخلف ، وأن بهم غباء والا لكانوا مثله أغنياء وأثرياء .
بعدما ما وصل والد سارة سن الستين ، بداءت عليه الشيخوخة تؤثر ولمزاجه تعكر ، وأصيب بكل الأمراض من ضغط وسكر وزهايمر ، فلا يستطيع أن يتذكر ولا من اي شارع قد مر . فأهملته زوجته وصرحة له عدة مرات بأن الحياة معه لا تطاق فتجرع كلماتها حسرات وأخرجها آهات ، فهي تريد الحرية في الخروج والذهاب في الأحتفالات ، ولا تريد أن تبقى معه مرافقه في البيت فهي لا زالت شباب ، وحرام أن تندفن معه في التراب .
كان من يقوم على خدمته أثناء تعبه الشغالات والسواق ، وقد إستسلم لأمره وأنساق ، وبقي على حاله هذه عدة شهور ثم ، زاد عليه مرضه ، فدخل المستشفى وبقي به عدة أيام ورجع لبيته ، وفي أحد الأيام وجدوه ميت في الحمام ، فلم تفعه أمواله في حياته ولا بعد مماته ، فلم يقدم للناس خير ، ولم يقدم لنفسه خير .