أجدني مشتاقا للعودة إلى كتابة القصة القصيرة بعد إنقطاع عنها
دام طويلا ،أفكاري مشوشة ، هل ارجع للكتابة مرة أخرى ؟
هناك شئ ما يدفعني للعودة إليها ، قبل بضع سنوات شاركت فيها
بكتابات كنت اعتبر نفسي إذا ما انتهيت منها قد انجزت عملا رائعا
يستحق الإشادة ، وإن كانت في نظر كبار الأعضاء هي مجرد
محاولات قصصية ، متى ما امتدحها أحدهم تنتابني حالة من
الزهو والسعادة الغامرة المتولدة عن إحساسي بالنجاح أو ربما
هو شعوري بالنصر .
النصر ! هذه الكلمة كلما مرت بي أحس بغصة لا أعلم سببها ..!
نصر أخذ قيمته بسبب تلك الإنكسارات التي نراها في عالمنا
العربي ، نصر لانعرفه إلا في مجال كرة القدم وإن كنا كذلك فشلنا
بها فأعتبرنا نصر فرق أسبانيا هو نصر لنا ، أسبانيا !
وهذه غصة أخرى ، إنجذابي لتلك الفرق قد يكون بسبب إعجاب
المهزوم بالمنتصر أو لأنني أحببتها لتكرار قصتها علينا بتلك
الأشعار الحماسية التي حفظتها منذو صغري وأنها كانت في يوم
من الأيام أرضا عربية تدعى الأندلس ، احيانا اعاتب نفسي بعد
أن أحكي لأبنائي عن عروبتها وأنني أتمنى أن يستعيدها
المسلمون من النصارى ، خوفا من أن يتسرب حديثي لمن في
نفسه مرض ، فيقال أني متطرف أو أني اربي ابنائي على الإرهاب ،
من يسمع ذلك ويبحث عنه في ارشيفه سيعلم أني لست كذلك ، لكن
من يضمن لي أنها سوف تقع تحت يد رجل شريف لايتزلف ليكسب
ثقة سيده الذي لن يتوان في التضحية بي حفاظا على صداقة
الأسبان ، أفكار تتوالد قد لاتعدو كونها وساوس زرعها فينا تربيتنا
على أن كل قول مخالف لوجهة نظر المسؤول هو جريمة تستحق
العقاب الأليم ، تلك المخاوف أشعر بها اذا احتدم النقاش مع أحد
الأعضاء في المنتديات الحوارية التي جذبتني رويدا رويدا
وابعدتني عن عالم الأدب والراحة النفسية إلى جدال بلا نهاية
غالبا مايكون عن الساسة والسياسة ، واحيانا عن الدين والعقيدة ،
لم ينلني من تلك المنتديات إلا تولد أسوء المشاعر المصاحبة
للغضب والعصبية التي قد يصل بعضها للتفسيق وربما للتكفير
حتى في مسائل الخلاف الفقهي كالجدال حول تغطية المرأة المسلمة
لوجهها ، كسبت من خلالها القليل من الصداقات والكثير من الأعداء ،
كرهت الدخول لتلك المنتديات بعدما ايقنت انها ليست إلا أداة
لضياع الوقت وجلب الأسقام النفسية والبدنية ، أحيانا وأنا
أناقش أحدهم يبدأ بإدخال أسماء لشخصيات إعتبارية في البلد
من باب خبث النية ، حتى إذا ما إنتقدت الفكرة أو قلت رأيي بصراحة
أخذ يشكك في وطنيتي وربما ضمني لأقصى اليمين تارة وتارة
أخرى لأقصى اليسار ، حتى وإن كانا متناقضين ! فأبقى على
أعصابي هل تمر تلك المحادثة بسلام كوني لا أثق في نزاهته
ولا في من تصل إليه ، فإن مرت بسلام ، فلا أقل من بقايا ألم
ومعاناة أفرزتها لحظات إنتظار الأسوء . أغلق جهازي لساعات هربا
من الدخول في تلك المهاترات التي لاطائل منها ، لكنني أجدها
ترافقني إلى حيث أسير بل إنها تزورني أحيانا في منامي ، ابحث
عن النقد اللاذع وكلمات التشفي لأمطر بها خصمي ظنا مني أني
احرز نصرا ، وكنت أرى الحق دائما معي وأستغرب من الطرف الآخر
إذا ما ناقشته كيف لا يقتنع برأيي بل أرى الواجب عليه الإعتراف بهزيمتي له ، وهو مالم يحدث أبدا ، فإن لم يفعل فإنني اعتبره
خصما لدودا لي ، يتحتم علي الإنتقام منه ، كانت النتيجة نارا
تضطرم بداخلي يشعلها كل حوار ادخله ، مع شخص مجهول
لا أعرف خلفيته ولا نيته ، بعضهم يعجبني ذكائه وإن خالفني
في قناعاته ، وبعضهم أشعر بغبائه من خلف الشاشة فألوم نفسي
أن نزلت لمستواه ، استمريت بتلك الكتابات ، حتى وصلت لقناعة
أنه مرض لايسعني إلا الهروب منه إن أردت النجاة ، وهانذا اعود
لمحاولاتي القصصية بحثا عن شئ من السعادة أو ربما بحثا عن
إحراز نصر لم أجده على أرض الواقع .