نحن لانتعاطف مع اﻹرهاب واﻹرهابيين على وجه اﻹطلاق من أي جهة صدر اﻹرهاب منها ، وﻷي سبب من الأسباب ، ولسنا بحاجة إلى من يزايد علينا في ولائنا وتضامننا مع وطننا وأمننا وقادتنا وعلمائنا ، ﻷن من يتعاطف مع اﻹرهابيين فهو عدو لوطنه وأمنه وشعبه وقادته ، ولكننا نتعاطف مع أمتنا العربية واﻹسلامية التي تحاك ضدها المؤامرات ...
وهناك قواعد رئيسة للتعامل مع الدول والتيارات والجماعات الإسلامية ، لئلا يستغل اﻷعداء هذه الفوضى في تعميق الجراح ، وإنهاك اﻷمة اﻹسلامية ، وهدم ثوابتها ، والنيل من مقدراتها ... وقادتنا في السعودية وعلماؤنا بلا أدنى شك قد طبقوا هذه القواعد ، وهم الذين يعلمون غيرهم تلك القواعد ، حفاظا على وحدة اﻷمة اﻹسلامية وهويتها وأمنها واستقرارها ... وهذه تلك القواعد التي تطبق كاملة لا مجتزأة :
1- اﻷسس والجوهر والعمق :
قبل أن نصدر أحكامنا على أي دولة أو تيار أو جماعة فيجدر بنا معرفة اﻷيدلوجيات والعقائد والفلسفات واﻷسس الفكرية التي تقوم عليها تلك الجهة التي نحن بصدد التعامل معها وتقويم كيانها في نظامها وكينونتها ، في ضوء عقيدة أهل السنة والجماعة ومنهج السلف الصالح ، ومن ثم نصدر بصددها ما يناسب وضعها دون تحامل أو مجاملة على نحو موضوعي نزيه عادل يتعامل مع الله قبل أن يتعامل مع البشر ، ومن ثم نتعامل معها على هذا اﻷساس ، أما إذا كنا نتعامل مع الجميع بلا وعي وبلا تمييز ، ومن منطلق المصالح فقط ، ولانعرف العدو من الصديق ، فسوف يأتي اليوم الذي ننظر فيه إلى الصديق على أنه عدو ، وننظر فيه إلى العدو على أنه صديق ، وسوف نمر بمراحل مدلهمة من الفوضى والعبث ، مما يترتب على ذلك انحرافنا عن الطريق السوي ، وانتكاس المعايير لدينا ، وانقلاب الموازين عندنا ، والعبث بهويتنا ، وتحويلنا إلى أمة مخترقة في مبادئها وأسسها ، فمثلا دولة إيران ليست مشكلتنا معها بصفتنا أمة مسلمة مجرد سياساتها الطائفية ، ولكن مشكلتنا الحقيقية معها أيدلوجياتها وعقائدها واﻷسس التي يقوم نظام حكمها عليها ، والذيول التي تتبعها هنا وهناك ، مثل الحوثيين وحزب الشيطان والنصيريين والمليشيات الشيعية .!!! وما تلك السياسات العنصرية لدى إيران إلا مظهر واحد فقط لجوهر ذلك النظام !!!
2 - اﻷمة الواحدة ، وليست أمة
التصنيفات :
يجب أن يكون تعاملنا مع المسلمين جميعهم بلا استثناء ، منطلقا من ثوابت اﻷمة اﻹسلامية الواحدة ، ﻷن أمة الإسلام أمة واحدة ، وليست أمما شتى ، بنص القرآن الكريم ، فما بال أمتنا اﻹسلامية قد تحولت إلى فرق وتصنيفات وتقسيمات ومذاهب شتى ؟؟!! أليس المسلمون سواسية ، لهم مواصفات وخصائص ليست مجالا للمزايدات والمهاترات ، خلعها عليهم دينهم اﻹسلامي ، ولم تتفضل بها عليهم أي اتجاهات سياسية أو وطنية أو عرقية ، فتسحبها عند الغضب ، وتمنحها عند الرضا ؟؟!! ولماذا نمزق أمتنا اﻹسلامية ؟؟!! ولمصلحة من ؟؟!! فنشير إلى هذا بأنه وهابي ، وهذا سلفي ، وهذا إخواني ، وهذا من حماس ، وهذا من الجماعة الفلانية !!! أليسوا مسلمين كلهم ؟؟!! لماذا نصنف المسلمين ونمزقهم ؟؟!! ومن الذي يقف خلف هذا التمزيق ؟؟!! وإلى متى تظل أمتنا مشتتة مبعثرة ؟؟!! وهل هذا يقوي المسلمين ؟؟!! أم يضعفهم فيجعلهم فريسة سهلة ﻷعدائها ؟؟!! كيف ندعي التقدم والرقي ونحن نعيش بهذه العقلية العنصرية الضيقة ؟؟!! لماذا لا نتعامل مع أي جماعة من منطلق عقيدتها ودينها الذي تدين به ، والمحك هو مذهب أهل السنة والجماعة ، مذهب السلف الصالح ، وإذا انحرفت فنتعامل معها على قدر انحرافها ، وعلى هذا الأساس ؟؟!! لماذا نعيش بهذا الفكر اﻹقصائي ؟؟!! ماذا تقول عنا اﻷمم اﻷخرى ؟؟!! هل ننتظر منها أن تقول لنا : يا أمة ضحكت من جهلها اﻷمم ؟؟!!
لماذا لا نساهم في توحيد الجماعات والتيارات الإسلامية في منظومة واحدة ، ونعمل على بلورة رؤاهم وإستراتيجياتهم وأهدافهم في تضامن وتعاون على البر والتقوى ، وجمع الكلمة ، وتوحيد الصف ، لتتجه الجهود صوب اﻷعداء الحقيقيين ، بدلا من أن تكون العداوات بين الجماعات الإسلامية ذاتها ، كما رفع راية التضامن اﻹسلامي جلالة الملك : فيصل بن عبد العزيز آل سعود رحمه الله ؟؟!!
3 - الحكم يصدر من أهل الاختصاص :
إذا جعلنا الطبيب يخطط لنا المدن ، وجعلنا المهندس يداوي لنا المرضى سقطت المعايير ، واضطربت الموازين ، وانتكست المقاييس ، وفسدت الحياة ، واختل نظام العيش فيها ، والحكم الذي يصدر إزاء الجماعات أو التيارات أو الدول هم أهل الاختصاص فقط ، فإن كان الموضوع يتعلق بالدين والعقيدة والفكر واﻷيدلوجيات فالذي يحكم فيه هم أهل الدين وعلماء الشريعة الإسلامية ، وإذا كان الموضوع يتعلق بالسياسة والعلاقات بين الدول فالذي يحكم فيه هم أهل السياسة ، وإذا كان الموضوع يتعلق بالاقتصاد فالذي يحكم فيه هم أهل الاقتصاد ، وهكذا ، ولايصح أن يعتدي أهل اختصاص على موضوعات ليست من اختصاصهم ، وإلا تحولت الدنيا إلى فوضى ، ولم يعرف الصحيح من السقيم ، وموضوع الاختصاص في اﻷنظمة من النظام العام فلا يجوز المساس به ، وإلا تحول المساس به إلى اغتصاب للسلطة ، فمثلا عندما تنحرف أي جماعة إسلامية عن صراط الله المستقيم فالذي يحكم على انحرافها من عدمه هم أهل الدين وعلماء الشريعة الإسلامية ، ﻷن الموضوع يتعلق باختصاصهم ، ولايجوز ﻷهل السياسة أن يصدروا حكما على تلك الجماعة المنحرفة ، ﻷن موضوعها ليس من اختصاص السياسيين ....!!!
4 - التوثيق والشواهد :
من السهل أن ترمي خصومكم بشتى التهم ، ومن السهل أن ترفع ضدهم دعاوى ومطالبات ، لكن الذي يعول عليه هو اﻷدلة المعتبرة قانونا ، والمستندات والوثائق ، والشواهد والوقائع ، ولايجوز أن تلقى التهم جزافا ، أو تستغل الخلافات السياسية في النيل من الخصوم ، كما اتهمت إيران بلادنا باﻹرهاب كذبا وبهتانا ، نتيجة التفجير الذي وقع على أرضها ، لكنه اتهام عار عن الصحة تماما ، فهي لا تملك الدليل على ذلك ، ونحن عندما نتهمها باﻹرهاب لانتهمها جزافا ، بل لدينا واقع حي يشاهده كل أحد في إرهابها في العراق وسوريا واليمن ولبنان ، وعندما نتهم أذنابها كحزب الشيطان والحوثيين والمليشيات الشيعية فلدينا آلاف الوقائع أيضا ، وعندما تلقى تهمة خطيرة مثل اﻹرهاب على أي جماعة إسلامية فلابد أن يكون هناك وقائع وشواهد لايرقى إليها الشك على تورط تلك الجماعة بها ، وفق مقاييس سمات اﻹرهاب ، كالمشاركة في التفجيرات مثلا ، أو دعمها لوجستيا وماليا ، أو التحريض عليها ، أو الدعوة إليها ، ونحو ذلك ، ولايجوز بحال من الأحوال أن تتهم أي جماعة إسلامية باﻹرهاب دون أدلة ، أو لمجرد أسباب سياسية ، كما اتهمت إيران بلادنا باﻹرهاب ﻷهداف سياسية صرفة ، ولا يليق بنا أن نتهم اﻵخرين باﻹرهاب بناء على أقاويل الخصوم السياسيين ....وإلا ضاعت المصداقية ، ولا يعرف حينئذ البريء من المذنب ، وتحولت الدنيا إلى فوضى ، فكما لاتقبل اتهامات اﻵخرين لنا باﻹرهاب بلا دليل فكذلك لايجوز أيضا أن نتهم اﻵخرين باﻹرهاب بلا دليل !!! وبلادنا السعودية لايمكن أن ترمي أحدا باﻹرهاب دون مستمسكات وأدلة وشواهد ، هذا محال !!!
5 - مصادر المعلومات :
نحن في عصر المعلومات والعولمة ، لكن هل كل المعلومات دقيقة وصحيحة ؟؟!! أكيد لا ، فالمعلومات اليوم أشبه ماتكون بسلع اﻷسواق ، فيها اﻷصلي والمقلد ، وفيها الجيد والرديء ، وفيها الراقي والمنحط ، وهي أيضا درجات ودركات ، وهكذا ، ولابد أن تكون مصادر معلوماتنا ذات مصداقية عالية جدا ، وتتميز بالحيادية والموضوعية والنزاهة ، فلا نأخذ المعلومات في تعاملنا مع اﻵخرين من اﻷعداء ، كما لانأخذها من اﻷصدقاء أيضا ، ﻷن اﻷعداء يجردون من كل فضيلة ، ويلصقون كل عيب ، واﻷصدقاء يجردون من كل عيب ، ويلصقون كل فضيلة ، فهل نأخذ معلوماتنا عن الجماعات الإسلامية من الليبراليين والعلمانيين ؟؟!! طبعا لا ، وهل نأخذ معلوماتنا أيضا عن الجماعات الإسلامية من الجماعات الإسلامية نفسها ؟؟!! طبعا لا ، إذن نأخذها من المحايدين المنصفين من غير اﻹسلاميين ومن غير العلمانيين ، وهل المصادر اﻹلكترونية تؤخذ بلا تمحيص وتحليل ؟؟!! طبعا لا ، وهل نكتفي بتصديق المصدر دون إخضاعه للمعايير القانونية ؟؟!! طبعا لا ...!!!
6 - السياسات واﻵليات :
يجب ألا نتعامل مع أي جماعة أو تيار من منطلق تصنيفنا له ، فنقصيه لكونه وهابيا أو إخوانيا أو سلفيا ، بل يجب أن يكون التعامل معه على أساس سياساته وآلياته على أرض الواقع ، والنظرة لاتكون منصبة على التصنيف ، وإنما تكون على البرامج الماثلة للعيان بشواهدها ووقائعها ، ولايهمنا في ذلك من أي فصيل أنت !!! المهم مابرامجك وسياساتك ، حتى لاتخسر اﻷمة اﻹسلامية طاقات هائلة هي في أمس الحاجة إليها ، ولا تكتفي بعناصر رديئة في إنتاجها أوخدماتها لمشروعات اﻷمة اﻹسلامية التي تنتظر الكثير !!!
7 - معيار الدين الإسلامي :
لايصح أن يكون تعاملنا مع اﻵخرين منطلقا من اﻷهواء والرغبات والمصالح الشخصية ، وإلا أصبح أصدقاء اﻷمس هم أعداء اليوم ، وأعداء اليوم هم أصدقاء اﻷمس ، ﻷن معاييرنا متغيرة باستمرار ، ومتناقضة أحيانا ، وأصبح المحك هو المصلحة وليس الدين والمبدأ ، ولن يصدق معك صاحب المصلحة كما يصدق معك صاحب الدين والمبدأ أبدا ، فصاحب الدين ثابت معك في السراء والضراء ، وصاحب المصلحة لايثبت معك إلا في السراء ، ويفر منك في الضراء ، وعندما نتعامل مع الدول والجماعات الإسلامية والتيارات من منطلق الدين فإننا نمتنع من الاعتداء عليهم أو إلصاق التهم بهم بلا دليل ، لماذا ؟؟!! ﻷن وازع الدين يمنعنا من ذلك ، لكن لو كانت المعايير هي المصلحة فسوف أنظر فقط إلى أين تكون مصلحتي ، ولا يهمني غيرها !!! وعلى قدر مكاسبي أقف معك ، ولن أقف معك للمبادئ ﻷنها ليست في حساباتي أصلا !!!
8 - العدو اﻷصيل ، واﻷعداء المستترون !!!
هناك أعداء أصلاء في عداوتهم ، متفق عليهم من الجميع ، مثل الكيان الصهيوني ، واﻻستعمار الغربي ، والعدو الروسي ، والعدو اﻹيراني ، هؤلاء هم حملة لواء العداء ضد أمتنا العربية واﻹسلامية في مشهد السياسة اليوم ، ولكن هناك أعداء مستترين يعملون لصالح اﻷعداء اﻷصلاء ، يأكلون معنا ويشربون ، ويحضرون المؤتمرات معنا ، ونتعامل معهم على أنهم أصدقاء أشقاء ، لكنهم في سياساتهم ومصالحهم يخدمون العدو الحقيقي ، ويسعون إلى زعزعة أمن وطننا ، فهل نقف منهم متفرجين ، كلا ، ولكن نتعامل معهم وفق القواعد الرئيسة السابقة من تحقيق المستمسكات والشواهد المبنية على أصول ، لكشفهم وتحذير اﻷمة من شرورهم ، ولكن هناك علامات لﻷعداء المستترين ، منها أن العدو اﻷصيل يمتدحهم في تصريحاته ، ولا يمكن أن يمتدح العدو اﻷصيل صديق اﻷمة اﻹسلامية أبدا ، فامتداحه ليس مجانا ، ومنها أنهم يحاربون الدعاة وعلماء السلف ، ومنها أن هدفهم المال فقط ، وليس المبدأ ، ومنها أنهم يقفون صفا واحدا مع أعداء الإسلام من الليبراليين والعلمانيين ، ومنها أنهم يساهمون في طمس الهوية الإسلامية من خلال نشر ثقافة التغريب في دولهم ، ومنها عقد اللقاءات السرية مع اﻷعداء اﻷصلاء التي تستهدف التآمر على اﻷمة اﻹسلامية وزعزعة اﻷمن والاستقرار فيها .... فلابد من الانتباه لهذه القاعدة ، وهي قاعدة العدو اﻷصيل والعدو المستتر ...
9 - العداوة العامة لا الخاصة :
ليست العداوة محصورة فقط ضد كراسي الحكم والرئاسة في دولة ما ، بل إن العداوة الحقيقية هي الموجهة ضد الدين الإسلامي ، وضد عزة المسلمين ، فلابد أن نرتفع ونسمو إلى مصالح اﻷمة اﻹسلامية العليا ، ومامصلحة الكراسي التي ترفع راية الإسلام إلا مجرد وسيلة فقط لتحقيق مصالح اﻷمة الواحدة في دينها وعلو شأنها ، على أساس أنها أمة قائدة لامقودة ، شاهدة على اﻷمم اﻷخرى ، وأي قيمة في رمز من الرموز السياسية عندما يؤيدني ويؤازرني في تثبيت حكمي في بلدي المسلم ، مادام يعمل ضد ديني ، وضد مصلحة أمتي اﻹسلامية لصالح أعداء الإسلام ؟؟!!
10 - تآزر الحكام والعلماء :
قادة الدول اﻹسلامية في أمس الحاجة إلى علمائها الشرعيين ، من أجل الاستشارة والنصيحة ، لئلا تزل القدم بالقادة في تعاملهم مع الدول أوالجماعات الإسلامية أوالتيارات السياسية ، والعالم الشرعي في اﻹسلام يأمر ، واﻷمير ينفذ ، والعلماء والقادة هم ولاة أمر المسلمين في الدول ، وطاعة الشعوب لهم في طاعة الله عبادة ، يتعبدون الله بها ، وبلادنا في المملكة العربية السعودية السعودية تجسد هذا التلاحم والوحدة بين قادتها وعلمائها وشعبها ، ضد أي دولة أو جماعة تتربص ببلادنا الشرور واﻵثام ... والله الموفق .
المشرف التربوي : عبدالعزيز بن محمد المقوشي .
إدارة تعليم محافظة البكيرية .
المواضيع المتشابهه 
قواعد التعامل مع الدول والتيارات والجماعات الإسلامية !!! 
العرض الشجري
