الرئيس معمر القذافي هو احد اغرب الزعماء العرب ويستحق بجدارة لان يوضع ضمن قائمة مجانين حكموا العالم لاسباب سنأتي على ذكرها خلال هذا الموضوع . ولد معمر القذافي في مدينة سرت الليبية في 7 يونيو 1942 وقتل في 20 اكتوبر عام 2011 , اي كان عمره عند موته 69 عاما ونصف تقريبا . قاد انقلاب عسكري هو برتبة عقيد في الاول من ايلول عام واصبح رئيسا للحمهورية العربية الليبية 1969 بعد ان اطاح بالملك ادريس السنوسي ملك المملكة الليبية , اي انه اصبح رئيسا وهو في عمر السابعة والعشرين .
4240:معمر القذافي 2.jpg
ومما يستدعي الانتباه ان القذافي تولى الحم في ليبيا بعد وقت قصير من اكتشاف النفط فيها . وقد حققت الدولة ايرادات خيالية , خصوصا بعد ارتفاع اسعار النفط في عقد السبعينات . وفي الوقت الذي كان يجب ن يكون الليبي من اكثر الناس ثراءا في الارض ظل انسانا بائسا في ظل حكم القذافي . حكم ليبيا حكما دكتاتوريا منذ ان تولى السلطة حتى مقتله في عام 2011 , وهي اطول فترة حكم لحاكم غير ملكي (رئيس) في التاريخ . تنحى عن الرئاسة كأسم عام 1977 واكتفى بلقب الاخ قائد الثورة الليبية , لكن هذا لم يغير من وضعيته كرئيس اوحد للبلاد . في عام 1970 عقد مؤتمر قمة عربي في طرا ,ويدعي القذافي بان الرئيس جمال عبد الناصر قال له بانه يرى فيه الامين على القومية العربية من بعده . وبالرغم من الشك الكبير في هذا الادعاء , لكن حتى لو جزمنا بان ما قاله كان حقيقة فان من المعتقد بان الرئيس ناصر كان في وقتها على درجة كبيرة من اليأس والاحباط اثر هزيمته في حرب عام 1967 مما كان يتطلب منه ان يحاول كسب اي رئيس يتعاطف مع قضية بلاده . في عام 2008 عقد اجتماع لزعماء أفريقيا وهيأ الترتيباتلكي يمنح لقب (ملك ملوك افريقيا) ومدافعا رئيسيا عن الولايات المتحدة الافريقية . العقيد معمرالقذافي شخصيه غريبة ومعقده ولا تستطيع التكهن بافكاره ولا تصرفاته لانه كان كثيرا ما يخالف أفكاره ومعتقداته .
ومن صفاة هذا الرجل الغريبة والتي تدعوا الى الشك بقواه العقلية انه قام بمجموعة من الاعمال الغير مالوفة في حكم بلده , فقد بنى نظاما غريب الأطوار لا نظيرله في العالم على الإطلاق ، ليس هو بالجمهوري ولا الملكي ، وإنما هو مزيج من أنظمة قديمة وحديثة . يدعي أنه لا يحكم وإنما يقود ويتزعم ، ولكن الواقع يشير إلى أنه يكرس كل الصلاحيات والمسؤوليات في يديه . كما مر القذافي خلال فترة حكمه الطويلة بالكثير من الأزمات ، ودخل في العديد من الصراعات سواء مع الدول العربية أو مع الغرب . بدأ حياته السياسية في الحكم راديكاليا وثوريا ، لكنه أصبح مع الوقت مقربا من خصومه السابقين لا سيما مع الدول الغربية التي أصبحت في السنوات الأخيرة من أبرز الشركاء التجاريين والأمنيين للنظام الليبي . ومن مطاهر غرابة هذا الرجل على سبيل المثال :
4241:معمر القذافي 3.jpg
1- استبدل الدستور الليبي لعام 1951 بمجموعة قوانين ابتكرها هو على شكل عقيدة سياسية سماها بالنظرية العالمية الثالثة ونشرها في كتاب سماه الكتاب الاخصر .
2- الغى نظام الحكم الجمهوري في ليبيا عام 1977 وأسس ما سماه بالجماهيرية الليبية العربية الشعبية الاشتراكية العظمى وعرفها بانها دولة شعبية تحكم نفسها بنفسها من قبل لجان سماها اللجان الشعبية . وقد استقال من منصبه كرئيس للجمهورية وقرر ان يتخذ له دور رمزي في اللجنة الشعبية العامة كقائد .
3- ظل يدعي باستمرار بان ليس له اي سلطة رسمية في ليبيا , لكنه ظل في واقع الامر حاكم ليبيا المستبد طيلة فترة تربعه على السلطة .
4- ظل يحيك المؤامرات على الدول الاخرى طيلة فترة حكمه , وظل يبتدع الازمات اقليميا ودوليا ويساهم في خلقها حتى اصبح يتصرف كما كان الاشقياء يتصرفون في مناطقهم اثناء العصور السابقة .
5- ظل ولفترة طويلة الزعيم الارهابي الاول في العالم من خلال تنفيذه ودعمه للعمليات الارهابية ومساندته للمنظمات الارهابية على مستوى المنطقة والعالم . فقد ثبت بانه كان المسؤول عن سقوط الطائرة الامريكية (بان اميركان) فوق مدينة لوكربي في بريطانيا ومقتل كل ركابها . كما قام باختطاف وقتل الزعيم الشيعي اللبناني موسى الصدر بعد اختفائه اثر زيارته لليبيا .
6- قام بتخزين الاسلحة الكيمياوية وحاول صنع الاسلحة النووية . وبعد القبض على صدام حسين في العراق اعلن تخليه عن تلك الاسلحة وفكك منظوماتها وشحنها الى الولايات المتحدة دون ان يطلب منه ذلك احد .
7- كان مهووسا بالوحدة , وظل لفترة طويلة من حكمه يسوق فكرة الوحدة مع الدول الاخرى , حيث عرض الوحدة على مصر وسوريا والسودان وتونس ووقع اتفاقيات بهذا الشأن لكنها جميعا لم تدخل حيز التطبيق .
8- كان شديد البطش بمعارضيه , فقد ملأ السجون بهم وكان ينفذ الاعدامات بشكل علني في الحرم الجامعي وبحضور الاف الطلبة . كما كانت حفلات الاعدام تنقل بالتلفزيون لاثارة الذعر في نفس الليبين بصورة عامة ومعارضيه بصورة خاصة .
9- قام باستخدام فرقة نسائية من الحارسات الشخصيات بالرغم من كونه صاحب اراء مناقضة في النساء , اذ اكد بكتابه الاخضر بان "مكان النساء هو البيوت لأن تكليفهن بوظائف الرجال يفقدهن أنوثتهن وجمالهن" . وتشير المعلومات القليلة المتوافرة عن حارسات القذافي إلى أن تعدادهن يصل لنحو 400 حارسة، وأنهن يشكلن وحدة ذات وضع مميز داخل القوات الخاصة المكلفة بحمايته
10 - كان يلبس ملابس غريبة غير مألوفة في المناسبات وعند لقائه بالرؤساء والشخصيات الاجنبية .
11 - كان عند زيارته للدول الاخرى لا ينزل بمضيف او فندق بل يقوم اتباعه بنصب خيمة لاقامته .
12- ألف عدد من الكتب التافهة , اشهرها (الكتاب الاخضر) .
13 - كان مولع بالمقتنيات الغريبة , فمن جملة ما كان يملكه مسدس ذهبي صنع له خصيصا من نوع بروانينج هاي باوار عيار 9 مليمتر، كتب عليه ( اللواء معزز 32..الفاتح .. شمس لا تغيب) .
14- قام بأيهاب كل البيوت المستأجرة لمن يقطنوها دون تعويض لمالكيها .
15- تصدر معمر القذافي قائمة أثرياء الزعماء العرب , حيث قدرت ثروته بـ 131 مليار دولار , مودعة اغلبها على شك لودائع واستثمارات في ايطاليا .
16- عرض في احدى المرات ان يرشح لرئاسة ايطاليا على اساس انه مواطن ايطالي بحكم ان ليبيا كانت مستعمرة ايطالية .
17- قام بدعم ايران خلال الحرب العراقية الايرانية وزودها عام 1985 بصواريخ سكود مما مكن ايران من قصف بغداد بالصواريخ ابتداء من ذلك العام وما أعقبها من سنين الحرب .
عيدي أمين دادا
4172:عيدي امين دادا.jpg
عيدي أمين دادا - بطل الملاكمة الأوغندي السابق من فئة الوزن الثقيل للاعوام (1951 ـ 1960) , هو الدكتاتور الذي حكم اوغندا في افريقيا بين الاعوام 1971-1979 . ولد عام 1925 وتوفي عام 2003 . انضم إلى قوات الاستعمار البريطاني العسكرية ضمن كتائب البنادق الإفريقية الملكية وشارك في قمع اضطرابات قبائل الماو ـ الماو التي ادمت كينيا في العام 1952 . وبعد ان كان مجرد مساعد طباخ في الكتيبة البريطانية لرماة أفريقيا «كينغز افريكان رايفلز» اصبح أمين دادا ضابطا أبان استقلال اوغندا في العام 1961 ثم سرعان ما علا شأنه ليصل الى رتبة لواء ويتولى منصب قائد الجيش الأوغندي في 1966 . أستخدم القوة العسكرية وقام بانقلاب عسكري في يناير 1971 وعزل الرئيس ملتون أوبوتي عن السلطة وتولى الحكم بدله . تميزت فترة حكمه بانتهاك صارخ لحقوق الانسان والقيام بشتى انواع القمع السياسي و الاضطهاد العرقي والقتل غير القانوني . اما في ما يتعلق بالفظائع التي طبعت حكمه ، فقد اسهبت شهادات وشائعات عديدة في الحديث عنها , ومما ذكر ان بين 100,000 إلى 500,000 قتيل حسب تقديرات المراقبين الدوليين ومنظمات حقوق الإنسان قد سقطوا ضحية لتلك الفظاعات . وقد حمل النيل جثثا كثيرة خلال سنوات حكمه وصلت الى البلدان الاخرى , كما عثر على جثة احدى زوجاته مقطعة اربا في سيارة . وتحدث خدم عملوا سابقا لديه عن وجود رؤوس بشرية موضوعة في الثلاجات في قصوره .
بين الاعوام 1977 – 1979 لقب عيدي امين نفسه بالقاب مختلفة مثل : صاحب السعادة ، والرئيس مدى الحياة , والفيلد مارشال , الحاج الدكتور عيدي أمين دادا ، (بيغ دادي) او الأب الاكبر , صليب النصر , قاهر الإمبراطورية البريطانية , اعظم رئيس دولة في العالم , كما للقب نفسه ايضا بـ"آخر ملوك اسكوتلندا" وذلك لإعجابه الشديد بمقاطعة اسكوتلندا ومحاولته الاقتداء ببروتوكولات العائلات المالكة البريطانية . وفي اوج حكمه اصبح لقبه البروتوكولي «صاحب السيادة فاتح الامبراطورية البريطانية ، الحاج الماريشال الدكتور عيدي امين دادا ، الرئيس مدى الحياة لجمهورية اوغندا ، القائد الاعلى للقوات المسلحة الاوغندية ، رئيس مجلس الشرطة والسجون» . وكان فخورا ايضا بمظهره وقال عن نفسه مرة (وجهي هو اجمل وجه في العالم , أمي وكل نسائي يقلن ذلك) .
عرف بهوسه واطواره الغريبة التي غذت الصحافة الدولية بستى الاخبار الطريفة . كما ذاعت شهرته كشخص خطر لا يمكن توقع افعاله , ولعله غرف من الذل الذي عاشه في طفولته ليلازمه عند كبره طبع ينزع الى الانتقام والعنف ومرض العظمة . شابت فترة حكمه الصراعات الأهلية الشديدة بين الأعراق المختلفة بأوغندا وشهد عصره عنفاً مستمراً واغتيالاتٍ للمنافسين السياسيين . اتهم من القوى الغربية بالكتاتورية , واتهم مرات عديدة بأنه من اكلة لحوم البشر , وقد اقر بأنه تناول مرة اللحم البشري لكن مرغما اثناء خدمتع في الجيش البريطاني عندما كان أسيرا لدى قبائل الماو الماو . لم يتوان عن الاستعانة بالروحانيات ليطعم سياسته العدائية للاجانب بالدين . فعندما طرد في 1972 عشرات الاف الهنود والباكستانيين من اوغندا قال انه قام بخطوته برؤية من الله وسمعه يقول «اذا اردت انقاذ اوغندا فمن الضروري طرد كل الاجانب من البلاد . ومن بين مظاهر جنون هذا الدكتاتور انه عرض على الرئيس التنزاني جوليوس نيريري الذي هو الد اعدائه في المنطقة ، تسوية خلافاتهما في حلبة الملاكمة ، علما بانه كان بطلا وطنيا للملاكمة . كما انه عرض ايضا المنازلة بحلبة الملاكمة مع رئيسة وزراء اسرائيل (غولدا مائير) . كما اقترح في عام 1981 بتنظيم نزال يواجه فيه بطل العالم السابق في الملاكمة محمد علي كلاي بشرط اجراء النزال في طرا بليبيا وان يكون معمر القذافي الحكم فيها وآية الله الخميني المقدم وياسر عرفات هو المدرب ، على حد قوله .
وفي احدى المرات فرض عيدي امين دادا ان يحمله اربعة بريطانيين بيض على هودج . وفي مناسبة اخرى اقال وزيرة الخارجية في حكومته الاميرة اليزابيث باغايا دي تورو التي اتهمها بأنها مارست الحب مع أوروبي في مراحيض مطار اورلي . عرف عنه انه كان مفتونا بهتلر فكتب في العام 1972 في برقية الى الأمين العام للأمم المتحدة «اذا كان هتلر ارسل ستة ملايين يهودي الى غرف الغاز» فهذا لأنه كان يعلم ان «اليهود ضد مصالح شعوب العالم . وفي العام 1973 اكد امين دادا الذي وصفه أحد رؤسائه العسكريين البريطانيين بأنه «لين العريكة لكنه ضعيف الدماغ» . كان شدسد اقناعة بأن هتلر كان محقا في تصرفه , الا انه عدل في آخر المطاف عن اقامة نصب تذكاري تخليدا للزعيم النازي . وخص القوة الاستعمارية البريطانية السابقة بتصريحات عديدة تنم عن التهكم فاقترح خصوصا «ارسال موز» لهم بالطائرة «اذا كانوا يفتقرون الى الغذاء» . ومن بين مبادراته «الدبلوماسية» اللافتة دعوة وجهها الى الرئيس الأميركي الاسبق ريتشارد نيكسون في 1976 للمجيء الى اوغندا «ليرتاح من فضائح ووترغيت» . وفي 1979 اقترح «نزع كل الاسلحة التقليدية من العالم وابدالها بقنابل ذرية يتم توزيعها بين الأمم» من اجل ضمان السلام الدولي .
قام عيدي أمين في فترة ما من فترات حكمه بما كان يعتقد أنها سلسلة من الإصلاحات الاقتصادية وكان منها أن قرر إبعاد الهنود الاسيويين الذين كانوا قد جاؤا إلى البلاد مع البريطانيين وبدؤا يؤسسون مجموعة من الأنشطة التجارية والأعمال والمشروعات المختلفة ، وأصبح لديهم باع في الاقتصاد الأوغندي . أبعدهم الجنرال أمين عن البلاد وأختار معظمهم بريطانيا كوجهة بديلة والتي رحبت بهم ومنحتم التسهيلات في قضية أصبحت تعرف فيما بعد في بريطانيا بقضية الهود الاوعنديين . في أبريل (نيسان) 1979 تم طرده من الحكم من قبل متمردون أوغنديون في المنفى قام بتسليحهم الرئيس التانزاني جوليوس نيريري , واضطر الى مغادرة البلاد والهرب الى ليبيا التي ما لبث ان طرد منها في اواخر العام 1979 , تم بعدها ابعاده إلى المملكة العربية السعودية حيث عاش في مدينة جدة حتى وفاته عام 2003 . وبعد اطاحته في 1979 قال «لم اخسر بلادي بل قمت باعارتها. وبما اني صاحب الحق فاني سأستردها يوما». ولعل اكثر تصريحاته طرافة تعود الى فبراير (شباط) 1981 عندما قال «منذ رحيلي لم تعد حقوق الانسان محترمة في اوغندا» .