قبل سبعة عشر عاماً، وتحديداً في يونيو 2001 كتب المفكر الكويتي والوزير السابق أحمد الربعي - رحمه الله -، مقالاً تحذيرياً لنظام "الحمدين" في قطر، حذّره من مصير الكويت التي لعبت دوراً أكبر من حجمها وانتهى باحتلالها من قِبل العراق!
مقال الربعي؛ بصحيفة "الشرق الأوسط" جاء تحت عنوان "قطر والبحث عن دور"، وحمل كمية من النصائح المُحبة والخشية الصادقة على دولة قطر من ممارسات العصابة الحاكمة، وهو ما حدث بالفعل بعدما تمادي هذا النظام، ولعب أدواراً خطيرة في المنطقة انتهت بمقاطعة عربية وخليجية كبّدت النظام القطري عشرات المليارات من الدولارات، وعزلت قطر عن محيطها العربي والخليجي بخلاف السمعة السلبية التي حظيت بها هذه الدولة على المستويين الشعبي والدولي.
تفصيلاً؛ جاء في المقال "من منطلق المحبة والاحترام نكتب لأشقائنا في قطر عن ضرورة تهدئة اللعب في الساحتين العربية والدولية، والاهتمام بالشأن الداخلي، وترك ما لا يعني مصلحة قطر ولا يساعد على تنميتها".
وتابع "السياسة الخارجية لقطر تعاني ضجيجاً وارتفاعاً في نبرة الصوت، ولا تعكس الوضع الداخلي للدولة، وهناك مبالغة في لعب أدوار كبيرة في الخارج، بل البحث عن دور في كل مشكلة، والدخول في حل قضايا العالم، حتى لو كانت ضحية ذلك هي قطر نفسها. قطر تفتح مكتباً لإسرائيل في منطقة حسّاسة تجاه هذه المسألة وبخروج عن إجماع خليجي تجاه التطبيع، وفي الوقت ذاته تتدخل لحل مشكلة حركة حماس مع الأردن، وتحتضن قادة حماس التي هي أهم الحركات المعادية للتطبيع، والداعية إلى حل مشكلة الشرق الأوسط بالقوة، ثم تتورّط بقادة حماس فتنهي المسألة بأزمة حقيقية بين قطر والأردن.
وأضاف الربعي: "قطر خرجت علينا بحكاية «مبادرة» لحل الوضع العراقي، وهي تعلم أن دولاً عظمى صديقة للعراق، مثل روسيا وفرنسا، عجزت عن أن تغير شيئاً في الموقف العراقي تجاه هذا الوضع المعقد، وعرضت قطر مبادرتها المعروفة على العواصم الكبرى فرفضت هذه العواصم مجرد مناقشتها".
وأردف: "قطر تدخلت لحل مشكلات القرن الإفريقي، وتدخلت لحل مشكلة حسن الترابي مع الحكومة السودانية، وتطلق محطة فضائية تطرح قضايا حسّاسة في عديد من الدول العربية، في وقت لا تطرح القضايا الحسّاسة نفسها في الشأن الداخلي القطري حتى تبرّر للآخرين موقفها".
وحذّر قائلاً: "قطر تعيد تجربة الكويت في الستينيات والسبعينيات عندما اعتقدت أن باستطاعتها أن تلعب دوراً أكبر من دورها، حتى إن سياسياً عربياً مخضرماً قال في إحدى الجلسات «إن في العالم ثلاث دول عظمى هي روسيا وأميركا والكويت»، وكانت النتيجة أن دفعت الكويت ثمناً باهظاً لذلك الوهم".
وأضاف "لو أجرينا مسابقة نسأل فيها الناس في عديد من دول العالم عن أسماء وزراء خارجية دول متقدمة مثل الدول الاسكندنافية لما عرف أحد اسم أيٍّ منهم، فتلك الدول منشغلة بهمها الداخلي وتنميتها".
واختتم قائلاً "لا ندعو أشقاءنا في قطر إلى الانغلاق، فلديهم دورٌ تجاه أمتهم، ولديهم التزاماتٌ تجاه قضايا العالم كدولة عضو في المجموعة الدولية، ولكننا ندعو إلى عدم البحث عن دور مفقود، وعدم الاعتقاد بأن قيمة الدول تكمن في التدخل في كل قضية، والبحث عن قرص في كل عرس، فتلك سياسة أثبتت فشلها، ولا نريد لقطر إعادة أخطاء الآخرين!".