أذكر قبل سنيات أني قرأت مقالة لكاتب ساخر؛ تحدث فيها عن المطارات، وكيف أن بصرك قد يقع على شخص لا يعني لك شيئًا؛ فيما أن هناك من يتحرق قلبه شوقًا لهذا الذي لم تلق له بالًا.
في مطار القاهرة شهدت موقفًا مؤثرًا ولا يخلو من طرافة.
أثناء خروجنا من صالة المطار إلى البوابة الخارجية التي لا يسمح بدخول الآخرين إليها، كان هناك أم مصرية في انتظار ابنها المغترب -على ما يبدو-، وما أن رأت محياه حتى اقتحمت الصالة دون وعي وهي تقول: أهوه، أهوه!
ثم احتضنته وهي تبكي مقبلةً كل ما يقع عليه بصرها من ابنها، بما في ذلك يديه!
كان العساكر ينادون عليها ويقولون: ممنوع، ممنوع، ولكنها كانت في عالم آخر ودنيا جديدة!
سمعت أحدهم يقول للعسكري أن هذه السيدة من ساعات واقفة هنا تنتظر الطائرة قبل موعدها!
إنها الأم، وكفى!
ولأنها مصر فإن حكاياها لا تنقضي؛ فخذ الثانية:
أثناء تسجيلي الدخول إلى الفندق قال لي موظف الاستقبال: أعطني جواز السفر الخاص بزوجتك! فقلت: أنا وحدي؛ إلا إذا كنت عاوز تجوزني فما عنديش مانع 🙂
قال: يا بختكم تقدروا تتجوزوا! ثم رفع كم يده وأبان لي الصليب الموشوم على رأس كفه!
قلت له: عندنا مثل شعبي يقول: "زيجة نصارى" كنايةً عن الارتباط الذي يصعب فكه.
ثم أخذ بنا المزاح مشارب مختلفة، وقد خشيت أن أقول له أسلم وتكون مثلنا؛ إذ إني لا أضمن ردة فعله.
قلت: الإسلام يسر لا حرج فيه؛ فقد شرع الزواج، وشرع الطلاق، ومن لم تكفه واحدة فقد شرع له التعدد مثنى وثلاث ورباع، والتعدد فيه منافع للأنثى، فهو يحتوي المطلقة والأرملة ويقضي على العنوسة، والتي لم تعرفها أجيال المسلمين قبل محاربة التعدد وتشويهه.
عمومًا: الكلام أخذ مساربه، ولكنها مصر، وأنا أحب مصر.