(قَالَ عَلِيٌّ رضي الله عنه: أَلا أُعَلِّمُكَ كَلِمَاتٍ عَلَّمَنِيهِنَّ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، لَوْ كَانَ عَلَيْكَ مِثْلُ جَبَلِ صِيرٍ دَنَانِيرَ لأدَّاهُ الله عَنْكَ، قُلْتُ: بَلَى، قَالَ: قُلْ: «اللَّهُمَّ اكْفِنِي بحَلالِكَ عَنْ حَرَامِكَ، وَأَغْنِنِي بفَضْلِكَ عَمَّنْ سِوَاكَ»)
- فائدة :
فضيلة الحلال الطَّيِّب ورذالة الحرام الخبيث، إذ أنَّ البركة والخير في الأوَّل ولو كان قليلًا، والمحقُ والشَّرُّ في الثَّاني ولو كان كثيرًا، قال الله تعالى: {قُل لاَّ يَسْتَوِي الْخَبِيثُ وَالطَّيِّبُ وَلَوْ أَعْجَبَكَ كَثْرَةُ الْخَبِيثِ فَاتَّقُواْ اللّهَ يَا أُوْلِي الأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُون} [المائدة:100]. "والصَّحيح أنَّ اللَّفظ عامٌّ في جميع الأمور، يتصوَّر في المكاسب، والأعمال، والنَّاس، والمعارف من العلوم وغيرها؛ فالخبيث من هذا كلِّه لا يفلح ولا ينجب، ولا تحسن له عاقبة وإن كثر، والطَّيِّب وإن قلَّ نافعٌ جميلُ العاقبة"(21). وقال تعالى: {يَمْحَقُ اللّهُ الْرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ} [البقرة:276]. المحقُ هو الذَّهاب والنَّقص ورفع البركة، ويُربي هنا الزيادة والنَّماء والبركة، فالله عز وجل: "يمحق مكاسب المُرَابِين، ويُرْبي صدقات المنفقين، عكس ما يتبادر لأذهان كثير من الخلق؛ أنَّ الإنفاق ينقص المال وأنَّ الرِّبا يزيده، فإنَّ مادَّة الرِّزق وحصول ثمراته من الله تعالى، وما عند الله لا ينال إلاَّ بطاعته وامتثال أمره، فالمتجرِّئ على الرِّبا، يعاقبه بنقيض مقصوده، وهذا مشاهد بالتَّجرِبَة: {وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللّهِ قِيلا} [النساء:122]"(22) ، فعلى العبد أن يسعى لكسب الحلال الطَّيِّب، ويرضى بما قسم الله له منه، ولا يغترَّ بكثرة الخبيث، فإنَّ عاقبته إلى قُلٍّ.