بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
]من أكثر الأفكار التي تم الترويج لها في سيرة الأديان و المذاهب إدعاء أن النبي يعقوب هو إسرائيل الذي خصت مختلف الكتب السماوية ذريته مكانة بالغة الأهمية في سيرة و تاريخ الأنبياء على الأقل منذ عصر موسى و أخيه هارون و بما أن جل الروايات الدينية الحالية أصلها إسرائيلي من يهودية و سامرية وحتى مسيحية فإننا لا نتوفر على دليل من نصوص ما قبل عصر موسى يؤكد لنا صحة أو خطأ هذا الطرح فلم يعد أمامنا من خيار سوى تقبل هذه الحقيقية التي نسجتها الروايات الإسرائيلية أو عرضها على نصوص القرآن الذي جاء لتصحيح جميع الأكاذيب التي دسها محرفي الكتب السماوية السابقة و إظهار مختلف الحقائق التي حاولوا إخفائها
إعتمد أصحاب المذاهب كعادتهم على الموروث اليهودي بدون تفكير و لا بحث و لا نقد للنصوص و يا ليت الناس تعلم فقط ما جاء في هذه النصوص من خرافات و تعدي صارخ على الذات الإلهية فعندما نعود لنصوص العهد القديم التي نسجت منها قصة أمر الله نبيه يعقوب بتغير إسمه إلى إسرائيل سنتفاجأ من هول الصدمة
]سفر التكوين الإصحاح
ثُمَّ قَامَ فِي تِلْكَ اللَّيْلَةِ وَاخَذَ امْرَاتَيْهِ وَجَارِيَتَيْهِ وَاوْلادَهُ الاحَدَ عَشَرَ
وَعَبَرَ مَخَاضَةَ يَبُّوقَ 23 اخَذَهُمْ وَاجَازَهُمُ الْوَادِيَ وَاجَازَ مَا كَانَ لَهُ. 24 فَبَقِيَ يَعْقُوبُ وَحْدَهُوَصَارَعَهُ انْسَانٌ حَتَّى طُلُوعِ الفجر وَلَمَّا رَاى انَّهُ لا يَقْدِرُ عَلَيْهِ ضَرَبَ حُقَّ فَخْذِهِ فَانْخَلَعَ حُقُّ فَخْذِ يَعْقُوبَ فِي مُصَارَعَتِهِ مَعَهُوَقَالَ: «اطْلِقْنِي لانَّهُ قَدْ طَلَعَ الْفَجْرُ». فَقَالَ: «لا اطْلِقُكَ انْ لَمْ تُبَارِكْنِي.27 فَسَالَهُ: «مَا اسْمُكَ؟» فَقَالَ: «يَعْقُوبُ». 28فَقَالَ: «لا يُدْعَى اسْمُكَ فِي مَا بَعْدُ يَعْقُوبَ بَلْ اسْرَائِيلَ لانَّكَ جَاهَدْتَ مَعَ اللهِ وَالنَّاسِ وَقَدِرْتَوَسَالَهُ يَعْقُوبُ: «اخْبِرْنِي بِاسْمِكَ». فَقَالَ: «لِمَاذَا تَسْالُ عَنِ اسْمِي؟» وَبَارَكَهُ هُنَاكَ. 30 فَدَعَا يَعْقُوبُ اسْمَ الْمَكَانِ «فَنِيئِيلَ» قَائِلا: لانِّي نَظَرْتُ اللهَ وَجْها لِوَجْهٍ وَنُجِّيَتْ نَفْسِي
يا للكارثة يعقوب يصارع الله الذي يسجد له من في السماوات و الأرض طوعا و كرها ثم يعجز الله عن الإنتصار عليه فيقوم بالغش لتخلص من قبضة يعقوب و مع ذلك لا يفلح و لم يترك هذا الأخير ربه للذهاب لقضاء أشغاله الكونية حتى باركه و غير إسمه من يعقوب إلى إسرائيل ! و ليت الأمر يتوقف عند ذلك فالله أصبح عندهم إله ضعيف الذاكرة يكرر نفس الكلام في أكثر من مناسبة حيث عاد و أمر يعقوب بتغيير إسمه إلى إسرائيل في موفق و مكان أخر كأنه لم يأمره في المرة الأولى
سفر التكوين الإصحاح 35
6
فَاتَى يَعْقُوبُ الَى لُوزَ الَّتِي فِي ارْضِ كَنْعَانَ (وَهِيَ بَيْتُ ايلَ)/هُوَ وَجَمِيعُ الْقَوْمِ الَّذِينَ مَعَهُ. 7 وَبَنَى هُنَاكَ مَذْبَحا وَدَعَا الْمَكَانَ «ايلَ بَيْتِ ايلَ» لانَّهُ هُنَاكَ ظَهَرَ لَهُ اللهُ حِينَ هَرَبَ مِنْ وَجْهِ اخِيهِ. 8 وَمَاتَتْ دَبُورَةُ مُرْضِعَةُ رِفْقَةَ وَدُفِنَتْ تَحْتَ بَيْتَ ايلَ تَحْتَ الْبَلُّوطَةِ فَدَعَا اسْمَهَا «الُّونَ بَاكُوتَ». وَظَهَرَ اللهُ لِيَعْقُوبَ ايْضا حِينَ جَاءَ مِنْ فَدَّانَِ ارَامَ وَبَارَكَهُ.[وَقَالَ لَهُ اللهُ: «اسْمُكَ يَعْقُوبُ. لا يُدْعَى اسْمُكَ فِيمَا بَعْدُ يَعْقُوبَ بَلْ يَكُونُ اسْمُكَ اسْرَائِيلَ». فَدَعَا اسْمَهُ اسْرَائِيلَ
]قصص خرافية و متناقضة فيما بينها تسيء للخالق قبل أن تسيء للعباد بينما نجد في القرآن ما يؤكد بما لا يدع مجال للشك أن يعقوب ظل إسمه كذلك حتى لحظة وفاته
]أَمْ كُنْتُمْ شُهَدَاءَ إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ إِذْ قَالَ لِبَنِيهِ مَا تَعْبُدُونَ مِنْ بَعْدِي قَالُوا نَعْبُدُ إِلَهَكَ وَإِلَهَ آبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِلَهًا وَاحِدًا وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ (133) سورة البقرة
]و سنجد دليلا إضافيا في سورة مريم التي ذكرت كل من إسم يعقوب و إسرائيل في نفس السياق فَلَمَّا اعْتَزَلَهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَكُلًّا جَعَلْنَا نَبِيًّا (49) وَوَهَبْنَا لَهُمْ مِنْ رَحْمَتِنَا وَجَعَلْنَا لَهُمْ لِسَانَ صِدْقٍ عَلِيًّا (50) وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مُوسَى إِنَّهُ كَانَ مُخْلَصًا وَكَانَ رَسُولًا نَبِيًّا (51) وَنَادَيْنَاهُ مِنْ جَانِبِ الطُّورِ الْأَيْمَنِ وَقَرَّبْنَاهُ نَجِيًّا (52) وَوَهَبْنَا لَهُ مِنْ رَحْمَتِنَا أَخَاهُ هَارُونَ نَبِيًّا (53) وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِسْمَاعِيلَ إِنَّهُ كَانَ صَادِقَ الْوَعْدِ وَكَانَ رَسُولًا نَبِيًّا (54) وَكَانَ يَأْمُرُ أَهْلَهُ بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ وَكَانَ عِنْدَ رَبِّهِ مَرْضِيًّا (55) وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِدْرِيسَ إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقًا نَبِيًّا (56) وَرَفَعْنَاهُ مَكَانًا عَلِيًّا (57) أُولَئِكَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ مِنْ ذُرِّيَّةِ آدَمَ وَمِمَّنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ وَمِنْ ذُرِّيَّةِ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْرَائِيلَ وَمِمَّنْ هَدَيْنَا وَاجْتَبَيْنَا إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُ الرَّحْمَنِ خَرُّوا سُجَّدًا وَبُكِيًّا (58) سورة مريم
في إشارة واضحة إلى كونها شخصيتين مختلفتين
ففكرة تغير إسم يعقوب لإسرائيل مجرد أكذوبة إسرائيلية قاموا بدسها عن طريق نصوص كاذبة لنسب أنفسهم إلى نسل إبراهيم عليه السلام بإدعاء أن يعقوب هو إسرائيل مستغلين تزامن تواجد ذريتهما في مصر في نفس الحقبة فإضطروا لإدخال بعض التعديلات التاريخية لتعزيز هذه الفكرة كمحاولة إيهام الناس بطول المدة الزمنية بين إبن يعقوب يوسف و موسى أول نبي موثق من بني إسرائيل لإعطاء المدة الكافية لنسل يعقوب ( إسرائيل بالنسبة إليهم ) للتكاثر و تشكيل أمة كبيرة
سفر الخروج إصحاح 12
40
وَامَّا اقَامَةُ بَنِي اسْرَائِيلَ الَّتِي اقَامُوهَا فِي مِصْرَ فَكَانَتْ ارْبَعَ مِئَةٍ وَثَلاثِينَ سَنَةً.
سفر الخروج إصحاح 1
6 وَمَاتَ يُوسُفُ وَكُلُّ اخْوَتِهِ وَجَمِيعُ ذَلِكَ الْجِيلِ. 7
وَامَّا بَنُو اسْرَائِيلَ فَاثْمَرُوا وَتَوَالَدُوا وَنَمُوا وَكَثُرُوا كَثِيرا جِدّا وَامْتَلاتِ الارْضُ مِنْهُمْ. " ]ثُمَّ قَامَ مَلِكٌ جَدِيدٌ عَلَى مِصْرَ لَمْ يَكُنْ يَعْرِفُ يُوسُفَ. 9 فَقَالَ لِشَعْبِهِ: «" ]هُوَذَا بَنُو اسْرَائِيلَ شَعْبٌ اكْثَرُ وَاعْظَمُ مِنَّا.
فهم كانوا مجبرين على ذلك لإثبات أن يعقوب هو إسرائيل و تبرير تحول عائلة مهاجرة إلى أمة كبيرة يخشاها فرعون و قومه لدرجة إدعائهم أن ملك مصر لم يكن على علم بنبي الله يوسف
لكن مرة أخرى ستقوم النصوص القرآنية بفضح هذه الكذبة و التأكيد على أن آل فرعون كانوا على علم تام بيوسف و رسالته التي ظلتتورقهم و تثير الشك في قلوبهم حتى مجيئ النبي موسى
]وَقَالَ رَجُلٌ مُؤْمِنٌ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَكْتُمُ إِيمَانَهُ أَتَقْتُلُونَ رَجُلًا أَنْ يَقُولَ رَبِّيَ اللَّهُ وَقَدْ جَاءَكُمْ بِالْبَيِّنَاتِ مِنْ رَبِّكُمْ وَإِنْ يَكُ كَاذِبًا فَعَلَيْهِ كَذِبُهُ وَإِنْ يَكُ صَادِقًا يُصِبْكُمْ بَعْضُ الَّذِي يَعِدُكُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ كَذَّابٌ (28)
سورة غافر
]وَلَقَدْ جَاءَكُمْ يُوسُفُ مِنْ قَبْلُ بِالْبَيِّنَاتِ فَمَا زِلْتُمْ فِي شَكٍّ مِمَّا جَاءَكُمْ بِهِ حَتَّى إِذَا هَلَكَ قُلْتُمْ لَنْ يَبْعَثَ اللَّهُ مِنْ بَعْدِهِ رَسُولًا كَذَلِكَ يُضِلُّ اللَّهُ مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ مُرْتَابٌ (34 سورة غافر
]بل حتى كتابهم المحرف يشهد على ذلك في نصوص أخرى و يؤكد قصر المدة الزمنية بين يعقوب و موسى حين ذكر أن أم موسى هي حفيدة النبي يعقوب سفر الخروج إصحاح 2 ]وَذَهَبَ رَجُلٌ مِنْ بَيْتِ لاوِي وَاخَذَ بِنْتَ لاوِي" 2 فَحَبِلَتِ الْمَرْاةُ وَوَلَدَتِ ابْنا" وَلَمَّا رَاتْهُ انَّهُ حَسَنٌ خَبَّاتْهُ ثَلاثَةَ اشْهُرٍ. 3 وَلَمَّا لَمْ يُمْكِنْهَا انْ تُخَبِّئَهُ بَعْدُ اخَذَتْ لَهُ سَفَطا مِنَ الْبَرْدِيِّ وَطَلَتْهُ بِالْحُمَرِ وَالزِّفْتِ وَوَضَعَتِ الْوَلَدَ فِيهِ وَوَضَعَتْهُ بَيْنَ الْحَلْفَاءِ عَلَى حَافَةِ النَّهْرِ وَوَقَفَتْ اخْتُهُ مِنْ بَعِيدٍ لِتَعْرِفَ مَاذَا يُفْعَلُ بِهِ
لاوي هو أحد ابناء يعقوب حسب التراث اليهودي و بغض النظر عن صحة أو خطأ ما جاء هنا فهو يناقض ما ذكرته النصوص السابقة حيث تم حصر المدة الزمنية بين يعقوب و موسى إلى ثلاث أجيال فقط مما يؤكد ما جاء في القرآن
ليس هذا فحسب بل سنجد نصا أخرا يخبرنا أن بني إسرائيل قد ورثوا الكتاب من سفر التثنية إصحاح 33
1 وَهَذِهِ هِيَ البَرَكَةُ التِي بَارَكَ بِهَا مُوسَى رَجُلُ اللهِ
بَنِي إِسْرَائِيل قَبْل مَوْتِهِ 2 فَقَال: «جَاءَ الرَّبُّ مِنْ سِينَاءَ وَأَشْرَقَ لهُمْ مِنْ سَعِيرَ وَتَلأْلأَ مِنْ جَبَلِ فَارَانَ وَأَتَى [مِنْ رَبَوَاتِ القُدْسِ وَعَنْ يَمِينِهِ نَارُ شَرِيعَةٍ لهُمْ. 3 فَأَحَبَّ الشَّعْبَ. جَمِيعُ قِدِّيسِيهِ فِي يَدِكَ وَهُمْ جَالِسُونَ عِنْدَ قَدَمِكَ يَتَقَبَّلُونَ مِنْ أَقْوَالِكَ. 4 ]بِنَامُوسٍ أَوْصَانَا مُوسَىمِيرَاثاً لِجَمَاعَةِ يَعْقُوبَ.
و هذه المعلومة نجدها بالحرف في القرآن
وَلَقَدْ
]آتَيْنَا مُوسَى الْهُدَىوَأَوْرَثْنَا /بَنِي إِسْرَائِيلَ ] الْكِتَابَسورة غافر
]فبني إسرائيل ليسوا أبناء يعقوب بل ورثوا منهم الكتاب في عهد موسى و هارون و سنجد نصوص أخرى من العهد القديم أكثر وضوحا في هذه النقطة
سفر أشعياء إصحاح 14]
لأَنَّ الرَّبَّ سَيَرْحَمُ يَعْقُوبَ وَيَخْتَارُ أَيْضاً إِسْرَائِيلَوَيُرِيحُهُمْ فِي أَرْضِهِمْ فَتَقْتَرِنُ بِهِمِ الْغُرَبَاءُ وَيَنْضَمُّونَ إِلَى بَيْتِ يَعْقُوبَ
سفر العدد إصحاح 24
17 أَرَاهُ وَلكِنْ ليْسَ الآنَ. أُبْصِرُهُ وَلكِنْ ليْسَ قَرِيباً يَبْرُزُ كَوْكَبٌ مِنْ يَعْقُوبَ وَيَقُومُ قَضِيبٌ مِنْ إِسْرَائِيل فَيُحَطِّمُ طَرَفَيْ مُوآبَ وَيُهْلِكُ كُل بَنِي الوَغَى. 18 وَيَكُونُ أَدُومُ مِيرَاثاً وَيَكُونُ سَعِيرُ أَعْدَاؤُهُ مِيرَاثاً.وَيَصْنَعُ إِسْرَائِيلُ بِبَأْسٍ 19 وَيَتَسَلطُ الذِي مِنْ يَعْقُوبَ وَيَهْلِكُ الشَّارِدُ مِنْ مَدِينَةٍ سفر أشعياء إصحاح 9
8 أَرْسَلَ الرَّبُّ قَوْلاً
فِي يَعْقُوبَt " ]فَوَقَعَ فِي إِسْرَائِيلَ
سفر أرميا إصحاح 2
4
اِسْمَعُوا كَلِمَةَ الرَّبِّ يَا بَيْتَ يَعْقُوبَ وَكُلَّ عَشَائِرِ بَيْتِ إِسْرَائِيلَ.
سفر ميخا إصحاح 3
]9
اِسْمَعُوا هَذَا يَا رُؤَسَاءَ بَيْتِ يَعْقُوبَ وَقُضَاةَ بَيْتِ إِسْرَائِيلَ الَّذِينَ يَكْرَهُونَ الْحَقَّ وَيُعَوِّجُونَ كُلَّ مُسْتَقِيمٍ.
لكن إذا لم يكن بني إسرائيل هم أبناء يعقوب فمن يكونون يا ترى و ماذا كان يفعلون في مصر في نفس الحقبة التي عاش فيها أبناء يعقوب ! و لماذا لا نجد لهم لا حس و لا أثر في قصة يوسف !
للأسف تمنعنا أفكار التراث المذهبي المسبقة من الإنتباه و تدبر أبسط الأشياء كهوية ملوك مصر في عهد النبي يوسف
[FONT=times new roman]وَقَالَ نِسْوَةٌ فِي الْمَدِينَةِ امْرَأَتُ الْعَزِيزِ تُرَاوِدُ فَتَاهَا عَنْ نَفْسِهِ قَدْ شَغَفَهَا حُبًّا إِنَّا لَنَرَاهَا فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (30) فَلَمَّا سَمِعَتْ بِمَكْرِهِنَّ أَرْسَلَتْ إِلَيْهِنَّ وَأَعْتَدَتْ لَهُنَّ مُتَّكَأً وَآتَتْ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ سِكِّينًا وَقَالَتِ اخْرُجْ عَلَيْهِنَّ فَلَمَّا رَأَيْنَهُ أَكْبَرْنَهُ وَقَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ وَقُلْنَ حَاشَ لِلَّهِ مَا هَذَا بَشَرًا إِنْ هَذَا إِلَّا مَلَكٌ كَرِيمٌ (31) سورة يوسف
]قَالَ مَا خَطْبُكُنَّ إِذْ رَاوَدْتُنَّ يُوسُفَ عَنْ نَفْسِهِ قُلْنَ حَاشَ لِلَّهِ مَا عَلِمْنَا عَلَيْهِ مِنْ سُوءٍ قَالَتِ امْرَأَتُ الْعَزِيزِ الْآنَ حَصْحَصَ الْحَقُّ أَنَا رَاوَدْتُهُ عَنْ نَفْسِهِ وَإِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ (51) ذَلِكَ لِيَعْلَمَ أَنِّي لَمْ أَخُنْهُ بِالْغَيْبِ وَأَنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي كَيْدَ الْخَائِنِينَ (52) سورة يوسف
فَبَدَأَ بِأَوْعِيَتِهِمْ قَبْلَ وِعَاءِ أَخِيهِ ثُمَّ اسْتَخْرَجَهَا مِنْ وِعَاءِ أَخِيهِ كَذَلِكَ كِدْنَا لِيُوسُفَ مَا كَانَ لِيَأْخُذَ أَخَاهُ فِي دِينِ الْمَلِكِ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مَنْ نَشَاءُ وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ (76) سورة يوسف
إمرأة العزيز تؤمن بالله نسوة المدينة يؤمن بالملائكة يوسف يأخذ أخاه في دين الملك فهل يعقل أن يتبعان دين وثني شركي ؟ و هل يعقل أن يجعل ملك مشرك نبي من أنبياء الله يحارب عقيدته على خزائن الأرض ! فكل هذه الأشياء توحي أن بني إسرائيل كانوا هم ملوك مصر قبل فرعون و أن هذا الأخير إستعبادهم بعد الإطاحة بهم من الملك كما كان شائعا في الأمم القديمة
و هنا نصل للسؤال الأهم إذا لم يكن إسرائيل هو يعقوب فمن يكون يا ترى !
]ذكر القران إسرائيل بشكل مبهم لكنه في المقابل أعطانا إشارات على هويته و حقبته
أخبرنا القرآن أن موسى ينتمي لذرية نوح
مثله مثل جل أنبياء بني إسرائيل كأخيه هارون و داوود وسليمان وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ كُلًّا هَدَيْنَا وَنُوحًا هَدَيْنَا مِنْ قَبْلُ وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِ دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ وَأَيُّوبَ وَيُوسُفَ وَمُوسَى وَهَارُونَ وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ (84) سورة الأنعام
مما يؤكد أن سلالة إسرائيل تنحدر من ذرية نوح أو بالأحرى إختلطت بذرية نوح لأننا سنجد في آية أخرى أن موسى و بني إسرائيل ينحدرون في نفس الوقت من سلالة شخص ركب مع نوح في السفينة
وَآتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَجَعَلْنَاهُ هُدًى لِبَنِي إِسْرَائِيلَ أَلَّا تَتَّخِذُوا مِنْ دُونِي وَكِيلًا (2) ذُرِّيَّةَ مَنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ إِنَّهُ كَانَ عَبْدًا شَكُورًا (3) سورة الإسراء
مما يعني أن ذرية نوح إختلطت بعد الطوفان مع ذرية الشخص المذكور الذي يعتقد العديد ممن ينكرون فكرة أن يعقوب هو إسرائيل أنه هو إسرائيل نفسه لكننا سرعان ما سنكتشف عكس ذلك في آية أخرى جاء من خلالها ذكر إسرائيل منفصلا عن الشخص الذي ركب مع نوح في السفينة أُولَئِكَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ مِنْ ذُرِّيَّةِ آدَمَ وَمِمَّنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ وَمِنْ ذُرِّيَّةِ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْرَائِيلَ وَمِمَّنْ هَدَيْنَا وَاجْتَبَيْنَا إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُ الرَّحْمَنِ خَرُّوا سُجَّدًا وَبُكِيًّا (58) سورة مريم
و في حقيقة الأمر هذه الآية توحي بوجود سلالتين متوازيتين من الأنبياء إختلطت مرتين
سلالة آدم المتمثلة على التوالي في كل من آدم و نوح و إبراهيم و عمرانإِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى آدَمَ وَنُوحًا وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ (33) ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِنْ بَعْضٍ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (34) سورة آل عمران
و سلالة إسرائيل و الشخص الذي ركب مع نوح في السفينة وو قد إختلطت سلالة آدم المتمثلة في ذرية نوح المرة الأولى بعد الطوفان مع ذرية الشخص الذي ركب في السفينة ثم المرة الثانية عن طريق إبراهيم و ذريته و في غالب الظن عن طريق ذريتي يعقوب و عمران مع نفس الذرية المتمثلة في بني إسرائيل
لكن يبقى السؤال من الأقدم إسرائيل أم الشخص الذي ركب في السفينة ؟ فالمنطقي أن تنسب الذرية للشخص الأكثر قدما فالقرآن نسب هذه الذرية لإسرائيل في إشارة واضحة على أنه الأكثر قدما تماما مثل ما نسبت ذريات نوح و إبراهيم و غيرهم لبني أدم
و سنجد إشارة واضحة في سورة المائدة توحي أن بني إسرائيل كانوا متواجدين منذ عصر آدم
[وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ بِالْحَقِّ إِذْ قَرَّبَا قُرْبَانًا فَتُقُبِّلَ مِنْ أَحَدِهِمَا وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ الْآخَرِ قَالَ لَأَقْتُلَنَّكَ قَالَ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ (27) لَئِنْ بَسَطْتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي مَا أَنَا بِبَاسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ لِأَقْتُلَكَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ (28) إِنِّي أُرِيدُ أَنْ تَبُوءَ بِإِثْمِي وَإِثْمِكَ فَتَكُونَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ وَذَلِكَ جَزَاءُ الظَّالِمِينَ (29) فَطَوَّعَتْ لَهُ نَفْسُهُ قَتْلَ أَخِيهِ فَقَتَلَهُ فَأَصْبَحَ مِنَ الْخَاسِرِينَ (30) فَبَعَثَ اللَّهُ غُرَابًا يَبْحَثُ فِي الْأَرْضِ لِيُرِيَهُ كَيْفَ يُوَارِي سَوْءَةَ أَخِيهِ قَالَ يَا وَيْلَتَا أَعَجَزْتُ أَنْ أَكُونَ مِثْلَ هَذَا الْغُرَابِ فَأُوَارِيَ سَوْءَةَ أَخِي فَأَصْبَحَ مِنَ النَّادِمِينَ (31) مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا وَلَقَدْ جَاءَتْهُمْ رُسُلُنَا بِالْبَيِّنَاتِ ثُمَّ إِنَّ كَثِيرًا مِنْهُمْ بَعْدَ ذَلِكَ فِي الْأَرْضِ لَمُسْرِفُونَ
سورة المائدة
فعلى إفتراض أن بني إسرائيل ظهروا بعد حقبة أبناء آدم لماذا تم ربط الحكم الذي كتب عليهم بسبب جريمة قتل إبن آدم لأخيه ألم تكن هناك جرائم مماثلة بعد هذه الحادثة طيلة القرون التي سبقت بعثة النبي يعقوب و ذريته ! فمن الواضح أن بني إسرائيل لهم علاقة مباشرة بتلك الجريمة و كانوا متواجدين حينها حتى أن الحكم الذي أنزل عليهم في التوراة
[نَّا أَنْزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا لِلَّذِينَ هَادُوا وَالرَّبَّانِيُّونَ وَالْأَحْبَارُ بِمَا اسْتُحْفِظُوا مِنْ كِتَابِ اللَّهِ وَكَانُوا عَلَيْهِ شُهَدَاءَ فَلَا تَخْشَوُا النَّاسَ وَاخْشَوْنِ وَلَا تَشْتَرُوا بِآيَاتِي ثَمَنًا قَلِيلًا وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ (44) وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ وَالْأَنْفَ بِالْأَنْفِ وَالْأُذُنَ بِالْأُذُنِ وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ فَمَنْ تَصَدَّقَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَهُ وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ (45)[سورة المائدة
الذي ينص على إفتداء النفس بنفس مماثلة يخالف النص السابق الذي أعلن أن من قتل نفس واحدة كأنما قتل الناس أجمعين فعلى ما يبدوا أن هذا الحكم كان حكما مؤقتا في عصر أبناء آدم الأوائل الذين كانوا معدودين على رؤوس الأصابع مخافة القضاء على على هذه السلالة المختارة التي وصفتها الآية بالناس
]و هنا نجد أنفسنا أمام ثلاثة إحتمالات
الإحتمال الأول أن بني إسرائيل ليسوا من بني آدم و يمكن هنا الإستدلال على ذلك بهذه الآية ]وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا (70سورة الإسراء
حيث توحي بوجود أمم أكثر تفضيلا من بني آدم أو مثلهم في المفاضلة حيث ذكرت الآية تفضيلهم على كثير من الخلق و ليس كل الخلق خصوصا أننا نجد في القرآن عدة آيات تخبر بتفضيل بني إسرائيل على العالمين
[وَلَقَدْ نَجَّيْنَا ]بَنِي إِسْرَائِيلَمِنَ الْعَذَابِ الْمُهِينِ (30) مِنْ فِرْعَوْنَ إِنَّهُ كَانَ عَالِيًا مِنَ الْمُسْرِفِينَ (31) وَلَقَدِ اخْتَرْنَاهُمْ عَلَى عِلْمٍ عَلَى الْعَالَمِينَ ](32) سورة الدخان[
" ]وَلَقَدْ آتَيْنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ سورة الجاثية
لكن هذا لا يبين سبب ربط بني إسرائيل بجريمة قتل إبن آدم لأخيه مما يحيلنا إلى الإحتمال الثاني أن آدم قد أنجب إبنه القاتل من إمرأة تنتمي لذرية إسرائيل فإستمر معه نسل إسرائيل و بالتالي كان الحكم موجها لأبنائه الذين حملوا نسل إسرائيل و ينتمون في نفس الوقت لبني آدم
أو أن إبن آدم القاتل هو نفسه إسرائيل و أن آدم قد أنجبه مع إمرأة تنتمي لسلالة مختلفة عن سلالة آدم و زوجته التي دخلت معه الجنة و ذريتهما لذلك نجد القرآن يفصل بين ذرية إسرائيل في الخطاب عن باقي ذرية آدم فحسب بعض الروايات و الأساطير اليهودية التلموذية فإن آدم قد تزوج من إمرأة تدعي ليليت قبل إمرأته التي إشتهرت في سيرة الأديان بإسم حواء و في بعض الأحيان قد نجد في الأساطير جزء من الحقيقية و هذا الإحتمال يبقى الأقرب للواقع خصوصا عندما نعود للآية
كُلُّ الطَّعَامِ كَانَ حِلًّا لِبَنِيإِسْرَائِيلَإِلَّا مَا حَرَّمَإِسْرَائِيلُعَلَى نَفْسِهِ مِنْ قَبْلِ أَنْ تُنَزَّلَ التَّوْرَاةُ قُلْ فَأْتُوا بِالتَّوْرَاةِ فَاتْلُوهَا إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (93) فَمَنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ (94) " ]سورة آل عمران
]فهذه الآية توضح أولا أن إسرائيل ليس نبيا لأن الأنبياء لا يحرمون من تلقاء أنفسهم و حتى لو فعلوا فإن الله يمنعهم و ينبههم كما حدث مع النبي محمد
يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاتَ أَزْوَاجِكَ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (1) سورة التحريم
ثانيا و بالرجوع إلى الروايات اليهودية و المسيحية فإن سبب عدم تقبل قربان إبن آدم القاتل يعود لعصيانه لأمر الله الذي أمر به إبني آدم بتقديم الذبائح كقربان حيث كان قد حرم على نفسه ذبح و قتل الحيوانات و إكتفى بتقديم ثمار الأرض فهل يكون هذا هو الطعام الذي حرمه إسرائيل على نفسه ؟
و تبقى هذه كلها إحتمالات الشيء الأكيد أن شخصية إسرائيل تبقى غامضة في القرآن إلى أن يأذن الله تعالى ببيانها لكنها ليست في أي حال من الأحوال شخصية النبي يعقوب