وروى عقيل بن خالد عن ابن شهاب
أن مروان بن الحكم وعبد الله بن الزبير اجتمعا ذات يوم في حجرة عائشة - رضي الله تعالى عنها - والحجاب بينهما وبينها، يحدثانها ويسألانها، فجرى الحديث بين مروان وابن الزبير ساعةً وعائشة تسمع، فقال مروان:
فمن يشأ الرحمن يخفض بقدره ... وليس لمن لم يرفع الله رافع
فقال ابن الزبير:
ففوض إلى اله الأمور إذا اعترت ... وبالله لا بالأقربين أدافع
فقال مروان:
وداو ضمير القلب بالبر والتقى ... فلا يستوي قلبان: قاسٍ وخاشع
فقال ابن الزبير:
ولا يستوي عبدان، هذا مكذب ... عتل لأرحام العشيرة قاطع
فقال مروان:
وعبد يجافي جنبة عن فراشه ... يبيت يناجي ربه وهو خاشع
فقال ابن الزبير:
وللخير أهل يعرفون بهديهم ... إذا اجتمعت عند الخطوب المجامع
فقال مروان:
وللشر أهل يعرفون بشكلهم ... تشير إليهم بالفجور الأصابع
فسكت ابن الزبير ولم يجب،
فقالت عائشة رضي الله عنها: يا عبد الله، مالك لم تجب صاحبك!
فوالله ما سمعت تجادل رجلين تجادلاً في نحو ما تجادلتما فيه، أعجب إلى من تجادلكما؛
فقال ابن الزبير: إني خفت عوار القول فكففت،
فقالت عائشة رضي الله عنها: أما إن لمروان إرثاً في الشعر ليس لك من قبل صفوان بن المحرث الكناني - وكانت أم مروان آمنة بنت علقمة بن صفوان.