في قريش قديما كان الكاهن يقول لعابدي الصنم : ان الصنم يطلب منكم بقرة حتى يلبي طلبكم !!!
وطبعا الصنم لا يتكلم، ومن يريد البقرة ويستفيد منها هو الكاهن !!
ولو قال الكاهن للناس اريد بقرة لي لما أعطاه اياها أحد , لذلك تكون الحيلة بإيجاد صنم يعبده الناس ويقدسونه ويموتون في سبيله ويعظمونه ...
ثم يتصدر الكاهن الحديث باسم الصنم .. ويدعو الناس لتقديس الصنم وتعظيمه ..
حتى إذا طلب من عابدي الصنم شيئا باسم الصنم , دفعوه للكاهن وهم فرحون بل ينتظرون من الكاهن ان يخبرهم بأن الصنم قد تقبل عطاءهم !!!
قبل الحرب العالمية الثانية .. وفي خطاب لهتلر قال أنه سيصنع للالمان إلها يعبدونه في الارض بدل الله !! , إنه الوطن الالماني .. في سبيله يموتون ومن أجل عزته ورفعته يضحون !!!
طبعا الوطن وثن معبود من دون الله كالصنم .. لا ينطق. ومن يتحدث باسم الوطن هم السياسيون الذين يمثلون الكهان بالنسبة للصنم ...
وعندما يطلبون من الناس التضحية للوطن فهم إنما يطلبون من الناس التضحية من أجلهم ومن أجل بقاء سلطانهم أسيادا على بسطاء الناس ...
والناس العابدة للوطن فرحة ..
تموت في سبيل الوطن فيلقي عليها السادة اسم (شهيد الوطن) ..، بينما السادة لايموتون في سبيل الوطن ولا يجعلون ابناءهم يموتون في سبيل الوطن ..
لانهم هم الوطن ..
ومن أجلهم يموت عابدو الوطن ..
تسمع دائما كلمات ضخمة مثل(خزانة الدولة - ممتلكات الدولة - أراضي الدولة - هيبة الدولة – رئيس الدولة )
ويموت الجميع كي لا تسقط الدولة .. الدولة .. الدولة .. الدولة .
ولا يوجد أحد يسأل نفسه: ما هي الدولة ؟!!! .. ما هذا (المسمى الاعتباري) المقدس الذي تنسبون إليه كل شيء ؟
ومن حقه أيضا أن يسلب منكم كل شيء : دينكم .. أرواحكم .. كرامتكم .. لقمة عيشكم !!
ما هو هذا الوثن المقدس الذي تطلبون من الناس أن تجوع ليشبع هو؟
وتتقشف لينعم هو ؟؟
وتموت ليعيش هو ؟؟
وتُهان من أجل أن يحفظ هيبته ؟
في الحقيقة:
الدولة هي"وثن وهمي"،
تدعي وجوده مراكز قوى(الطاغوت) المغتصبة لسلطة الله, والمستبدة بعباد الله، حتى تتستر وراء اسمه، بينما كلمة "الدولة" لا تعني عندهم في الحقيقة إلا "سلطتهم" ومراكز قوتهم !! ..
وحتى يتقبل الناس فكرة الخضوع والإذعان لهم فهم يدّعون دائما : أن كل ما يفعلونه ليس لأنفسهم واسرهم، بل من أجل الدولة ومصلحة الوطن ".
يأخذون أموالك ويسرقون حقوقك ثم يدعون أنهم أخذوها لأجل أن يوفروا أموالا للدولة ومصلحة الوطن،
يهينونك شر إهانة ويستحلون دمك ثم يدعون أنهم يفعلون ذلك حفاظا على هيبة الدولة ومصلحة الوطن،
يستغلون الجنود في حفظ كراسيهم وسلطتهم ويزجون بهم في مواطن الموت ثم يدعون أنهم يحمون الدولة والوطن !!
إذ لو قالوها صراحة: (نحن نقتلكم ونهينكم ونسلب اموالكم لأجل سلطتنا) لما تقبلها أحد !
ثم إذا أرادوا أن يضفوا مزيدا من التقديس والتعظيم على هذا الوثن سموه باسمه الوطن المقدس،
* على سبيل المثال فى مصر يجعلون الشعب يردد وراءهم:-
"نموت نموت وتحيا مصر ،
نحن فداء لمصر ،
عاشت مصر حرة ... ".
إذا كان مطلوباً من الشعب أن يموت لتحيا مصر ؟
فلنا ان نتساءل: ماهى مصر حتى يموت الشعب ويسجن ويهان من أجلها ؟!!
إذن فمصر ليست الشعب ... هل هي الأرض ؟!!
إذا كانت الارض .. فمن وضع حدودها ؟؟
وهي حدود تتغير على مر التاريخ والثابت الوحيد هو الاسم فقط ؟؟،
بل معظم حدود الاوطان الحاليه وضعها المستعمرون (الانجليز والفرنسيون) ولم يصنعها جدي وجدك !!!
ثم هب أننا إتفقنا على حدود الارض ...
فهل الأرض هي التي تمتلك الناس أم الناس هم الذين يملكونها ؟؟
إنكم يا سادة لا يملك معظمكم شقته التي يقطن فيها , ومن ملك ارضا او شقة فانه يدفع عليها ضرائب لدولته وكأنه يستأجرها من رئيس الدولة وحزبه وحكومته !!!
بل جميعنا يدفع في أرض الوطن ثمن قبره الذي سيدفن فيه !!!
فأين هي أرضكم التي تموتون في الدفاع عنها ؟؟ إنها "أراضي الدولة" لا أرض الامة،
أراض يوزعها كاهن الدولة (رئيس الدولة) على أعوانه واتباعه ليملك ولاءهم له ويعطيها لرجال الأعمال الفاسدين والمستثمرين الأجانب ليتكسب هو وحاشيته من منافعها كما تكسب كاهن قريش من البقرة ؟
إذا فالدولة اوالوطن هي ليست الأرض !!!
فما المتبقى من معنى الدولة اوالوطن ليموت الناس دفاعا عنه ؟!!!
المتبقي يا ساده من مفهوم الدولة او الوطن هم ببساطة: أصحاب السلطة ومراكز القوة !.
وأنت مطلوب منك أن تجوع ، وتتقبل الإهانة ، وتموت من أجل بقاء سلطتهم ونظامهم ،
من أجل أن تحقق مصالحهم في استمرار حكمهم،
......هذه الفكرة العلمانية الشيطانية الصنمية الوثنية للدولة .. تتم تحت اسم الوطنية، فالوطنية التي يريدون زرعها في اذهان الناس معبوداً من دون الله تأليهاً وتقديساً وتعظيماً ، ما هي إلا خضوع لسلطتهم واطماعهم بشعارات زائفة , ويجعلون شريعتهم الوضعية العلمانية مكان شريعة الله حتى يسهل عليهم استعباد الناس المنتسبة الى الاسلام , ويتقبل الناس دين الملك وشريعته .
أما في دين الإسلام:
فالإنسان هو محل الاهتمام،
والحاكم هو خادمهم ،
والمجتمع كان هو المركز الذي تدور السلطة حوله،
لذا كان الحاكم عند المسلمين الأوائل يسمى"أمير المؤمنين" وليس أمير الدولة
وكان يتلقى بيعات الناس عن رضاً ،
والبيعة عقد بينه وبين كل فرد في رعيته،
والخزانة هي"خزانة المسلمين" أو"بيت مال المسلمين" وليست وزارة مالية الدولة!،
والمصالح"مصالح المسلمين"،
والأراضي هي"أراضي المسلمين" فمن أحيا أرضا مواتا فهي له ،
كل شيء مرتبط بالبشر وينسب للبشر، والبشر هم من يملكون الارض .
الجمادات سُخرت للأحياء وليس العكس ! ..
المجتمع بكل أفراده في الاسلام هم محل الاهتمام،
هم القوة،
هم المركز,
والله قد سخر الكون وشريعته لخدمة الانسان والحفاظ على ماله وعرضه ودمه ،
في مقابل شرائع بشرية جعلت الرئيس وحاشيته هم المركز , وسخر الحاكم شريعته لخدمته وخدمة حاشيته منتهكا أموال وأعراض ودماء عابدي الوطن الذين في حقيقتهم هم عابدون له .