ولا تكونوا سببا في إملال الناس ، فيهربون عنكم الى غير رجعة
***جزاكم الله جنة الفردوس*** راعوا الحكمة في الموعظة والنصيحة
تألفوا قلوب الناس كما كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يتألف قلوب الناس
* هدي النبي صلى الله عليه وسلم في خُطبته
-----------------------------------------
بتتبع منهجه صلوات الله وسلامه عليه في خطبه، نجد أن خطبه كانت تتسم بالقصر دون الطول، بل كان صلى الله عليه وسلم يقول: ( إن طول صلاة الرجل وقصر خطبته مئنة من فقهه، فأطيلوا الصلاة، واقصروا الخطبة ) رواه مسلم . فقصر الخطبة علامة على فقه الرجل لكونه مطلعاً على جوامع الألفاظ، فيعبر باللفظ الموجز البليغ عن الألفاظ الكثيرة، فهدي النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك هو الاعتدال في خطبته بين التطويل الممل والتقصير المخل، وفي هذا يقول جابر بن سمرة رضي الله عنه: ( كانت صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم قصداً، وخطبته قصداً، يقرأ آيات من القرآن ويذكر الناس ) رواه أبو داوود ، ومعنى (قصداً): أي متوسطة بين الطول والقصر.
وكان ينتقي في خطبه جوامع الكلم، فيعلم أصحابه قواعد الإسلام وشرائعه العظام، وكان يوصيهم بما يقربهم إلى الله سبحانه وتعالى وإلى ما أعده لهم من النعيم المقيم في جنته، وينهاهم عما يقربهم من سخطه وناره.
وكانت خطبه عليه الصلاة والسلام لا تخلو من الآيات القرآنية، فصح عنه صلى الله عليه وسلم أنه كان يقرأ على المنبر {ونادوا يا مالك} (سورة الزخرف:77)، رواه البخاري ، وكان دائماً يضمن خطبه آيات التقوى، وصح عنه أنه كان يخطب بالقرآن حتى قرأ ذات مرة سورة ق كاملة على المنبر.
وكان صلى الله عليه وسلم يخطب في كل وقت بما تقتضيه حاجة المخاطبين ومصلحتهم
سئل الشيخ محمد بن صالح العثيمين في " لقاء الباب المفتوح " (70/227 - 228) سؤالا نصه :
فضيلة الشيخ ما حكم الموعظة في قصور الأفراح ، وفي العزايم ؟
الجواب : ( وأما في الأعراس فكذلك أيضا لم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يقوم خطيبا يخطب الناس ، ولا عن الصحابة فيما نعلم ، بل إنه لما ذكر له عائشة رضي الله عنها زفت امرأة لرجل من الأنصار قال : " يا عائشة ما كان معكم لهو فإن الأنصار قوم يعجبهم اللهو " فدل ذلك على أن لكل مقام مقالا ، ولأن الإنسان إذا قام خطيبا في الأعراس ، فإنه قد يثقل على الناس ، وليس كل أحد يتقبل ، قد يكون أحد من الناس ما رأى أقاربه أو أصحابه إلا في هذه المناسبة ، فيريد أن يتحدث إليهم ويسألهم ويأنس بهم ، فإذا جاءتهم هذه الموعظة وهم متأهبون للحديث مع بعضهم ، ثقلت عليهم ، وأنا أحب أن تكون المواعظ غير مثقلة للناس ، لأنها إذا أثقلت على الناس كرهوها ، وكرهوا الواعظ . ولكن لو أن أحدا في محفل العرس طلب من هذا الرجل أن يتكلم ، فحينئذ له أن يتكلم ، ولا سيما إذا كان الرجل ممن يتلقى الناس قوله بالقبول . كذلك لو رأى منكرا ، فله أن يقوم ويتكلم عن هذا المنكر ويحذر منه ويقول : إما أن تكفوه أو خرجنا . فلكل مقام مقال ، وإذا تلقى الناس الموعظة بانشراح وقبول كان أحسن ولهذا كان النبي صلى الله عليه يتخول أصحابه بالموعظة مخافة السآمة يعني الملل .ا.هـ.)