أكد تقرير "وورلد أويل" الدولي أن منظمة أوبك لن تدع أسعار النفط تنهار لأنها معنية بشكل رئيسي بدعم الاستقرار فى السوق العالمية، في الوقت الذي تزيد فيه الولايات المتحدة إنتاجها بشكل قياسي.
وأوضح التقرير الدولي أنه في أقل من عشرة أعوام حفرت شركات النفط فى الولايات المتحدة 114 ألف بئر، كثير منها يستطيع أن يحقق ربحا حتى لو حدث انخفاض في أسعار النفط إلى 30 دولارا للبرميل.
وأشار إلى أن العام المقبل سيشهد تغيرات جذرية فى إنتاج النفط الصخري الأمريكي، حيث سيتغلب المنتجون في حقل بيرميان الرئيسي على عقبات واختناقات خطوط الأنابيب الخاصة بالنقل، وذلك بعد إضافة ثلاثة خطوط أنابيب جديدة بطاقة تصل إلى مليوني برميل يوميا.
ونقل التقرير عن مجموعة "فيتول" وهي أكبر شركة مستقلة لتجارة النفط في العالم أن تدفق الإنتاج الأمريكي من حقل بيرميان سيستمر في النمو وهو ما سيفرض كثيرا من التحديات للتعايش مع هذه المتغيرات الجذرية في السوق.
وذكر التقرير أن المنتجين يواجهون حاليا سيناريو مماثلا لما حدث في عام 2016 حيث سيناقش أعضاء تحالف المنتجين البالغ عددهم 15 عضوا من منظمة أوبك والحلفاء بما فيهم روسيا والمكسيك وكازاخستان إعادة معالجة طوفان الإنتاج الأمريكي المزدهر منذ أكثر من ثلاث سنوات.
وقال التقرير "إن التراجع الحاد في أسعار النفط بشكل واسع في عام 2014 كان بسبب تخمة المعروض وهو ما أجبر منتجي النفط الصخري الأمريكي على أن يصبحوا أقل حجما حتى يتمكنوا من التأقلم مع انخفاض أسعار الخام".
وأشار التقرير الى أنه قبل بداية الشهر الماضي كانت الأسعار عند مستويات قياسية بسبب مخاوف حينها على الإمدادات، وأدى ارتفاع الأسعار إلى ازدهار أنشطة الحفر، لافتا إلى تسارع النمو حاليا في هيوستن، وهي عاصمة النفط في الولايات المتحدة.
وأضاف أن "صناعة النفط الأمريكية خاصة الإنتاج الصخري في بيرميان جعلت منظمة أوبك في حالة تأهب ويقظة لمواجهة تحديات السوق بسبب المستجدات المتلاحقة.
إلى ذلك، أوضح لـ "الاقتصادية"، روس كيندي العضو المنتدب لمجموعة "كيو إتش أي" لخدمات الطاقة، أن اجتماع المنتجين في "أوبك" وخارجها يواجه في الشهر المقبل بالفعل عديدا من التحديات وفي سيناريو أشبه بعام 2014.
وأشار إلى أن الاختلاف هذه المرة يتمثل في أن هذه الظروف التي يواجهها المنتجون تجيء بعدما شكلوا تحالفا قويا بين منظمة أوبك وخارجها منذ عام 2017، لافتا إلى أن هذا التحالف سيطور استراتيجيات تعامله مع السوق وسيواصل نجاحاته السابقة في علاج مشكلات مثل ارتفاع المخزونات وتردي الأسعار ووفرة المعروض.
من جانبه، يقول لـ "الاقتصادية"، أندريه جروس مدير قطاع آسيا في شركة "إم إم ايه سي" الألمانية للطاقة، "إن أسعار النفط الخام ستستمر على الأرجح في حالة من التذبذب والتقلبات خلال الأسابيع المقبلة خاصة قبل الاجتماع المرتقب للمنتجين في فيينا وهو ما رصده عديد من المؤسسات المالية الدولية خاصة بنك جولدمان ساكس".
ونوه جروس بأن أغلب المنتجين غير راضين عن المستوى الحالي للأسعار خاصة حالة التدهور السريع وهو ما سيجعل فرضية خفض الإنتاج بمستويات مؤثرة تهيمن على الاجتماع المقبل للمنتجين في محاولة لاستعادة التوازن في السوق والقضاء على الفجوة المتسعة بين العرض والطلب من أجل التحفيز على العودة إلى صعود الأسعار وتعويض الخسائر.
من ناحيتها، تقول لـ "الاقتصادية"، ويني أكيلو المحللة الأمريكية في شركة "أفريكا إنجنيرينج"، "إن هناك حالة من القلق القوي على النمو الاقتصادي العالمي وهو ما يعد المحرك للطلب على النفط الخام"، مشيرة إلى أن الإنتاج الأمريكي في حالة وفرة واسعة، ما عزز تخمة المعروض وضغط بقوة على الأسعار خلال الشهرين الجاري والسابق.
ولفتت أكيلو إلى أن أوبك تواجه مرة أخرى ما يسمي بتسونامي الإنتاج الأمريكي وهي قادرة على التعامل مع الموقف بسبب خبراتها العميقة مع دورات اقتصادية صعبة سابقة، مشيرة إلى أن العام المقبل سيشهد تدفقات واسعة من الإنتاج الأمريكي وأن تعاون جميع المنتجين يمكن أن يسهل المهمة في ضبط المعروض ومواءمته مع الطلب.
وعلى صعيد الأسواق، انخفضت أسعار النفط أمس بعدما ارتفعت مخزونات الخام الأمريكية إلى أعلى مستوياتها منذ كانون الأول (ديسمبر) 2017، ما يذكي المخاوف من تخمة في المعروض العالمي، لكن حديث "أوبك" عن خفض الإنتاج يكبح الخسائر.
وبحسب "رويترز"، انخفض خام القياس العالمي برنت ثلاث سنتات إلى 63.42 دولار للبرميل، بعد أن هبط دولارا في وقت سابق من الجلسة.
وتراجع خام غرب تكساس الوسيط الأمريكي أكثر من دولار قبل أن يقلص خسائره ليجري تداوله منخفضا 15 سنتا إلى 54.47 دولار للبرميل.
ويبدو أن هناك قلقا من ظهور تخمة في المعروض قد تدفع الأسعار إلى مزيد من الانخفاض، فيما تتعرض سوق النفط لضغوط جراء ضعف الأسواق الآسيوية مع شعور المستثمرين بالقلق تجاه تباطؤ النمو العالمي في مواجهة ارتفاع أسعار الفائدة الأمريكية والتوترات التجارية.
ومن المتوقع أن تظل التداولات هادئة حتى يوم الإثنين المقبل بسبب عطلة عيد الشكر في الولايات المتحدة.
كما قد يتجه مزيد من النفط الأمريكي إلى السوق مع التخلص من اختناقات في خطوط الأنابيب في الولايات المتحدة في النصف الثاني من 2019.
وتفوق الزيادة في إنتاج الولايات المتحدة من النفط القدرة على نقل الخام الإضافي، ولمواجهة الزيادة في الإمدادات، تدرس "أوبك" اتفاقا لخفض الإنتاج خلال اجتماعها المقبل في السادس من كانون الأول (ديسمبر).
وأظهرت بيانات من إدارة معلومات الطاقة الأمريكية أن مخزونات النفط الخام في الولايات المتحدة ارتفعت 4.9 مليون برميل إلى 446.9 مليون برميل في الأسبوع الماضي مسجلة أعلى مستوياتها منذ أوائل كانون الأول (ديسمبر) 2017.
وشكلت الزيادة نموا للأسبوع التاسع على التوالي في أطول موجة ارتفاع منذ آذار (مارس) 2017.
وكان محللون قد توقعوا زيادة قدرها 2.9 مليون برميل، وكانت آخر مرة تنمو فيها مخزونات الخام لتسعة أسابيع على التوالي بين السادس من كانون الثاني (يناير) 2017 والثالث من آذار (مارس) 2017.
وأفادت الإدارة أن مخزونات الخام في مركز التسليم في كاشينج في ولاية أوكلاهوما هبطت بمقدار 116 ألف برميل.
وأظهرت بيانات الإدارة أن معدل استهلاك المصافي ارتفع بمقدار 423 ألف برميل يوميا.
وزاد معدل تشغيل المصافي 2.6 نقطة مئوية، وهبطت مخزونات البنزين بمقدار 1.3 مليون برميل إلى 225.3 مليون برميل، مقارنة بتوقعات محللين في استطلاع للرأي بانخفاض قدره 198 ألف برميل، والمستوى الجديد هو الأدنى منذ كانون الأول (ديسمبر) 2017.
وأظهرت البيانات أن مخزونات نواتج التقطير، التي تشمل الديزل وزيت التدفئة، هبطت بمقدار 77 ألف برميل، مقارنة بتوقعات بانخفاض قدره 2.8 مليون برميل، وارتفع صافي واردات الخام الأمريكية الأسبوع الماضي بمقدار 183 ألف برميل يوميا.
وخفضت شركات الطاقة الأمريكية عدد الحفارات النفطية هذا الأسبوع للمرة الأولى في ثلاثة أسابيع مع هبوط أسعار النفط لأدنى مستوى في أكثر من عام.
وقالت شركة بيكر هيوز لخدمات الطاقة، في تقريرها الأسبوعي الذي يحظى بمتابعة وثيقة، "إن عدد الحفارات النفطية النشطة في أمريكا انخفض بمقدار ثلاثة حفارات في الأسبوع المنتهي في 21 تشرين الثاني (نوفمبر) ليصل العدد الإجمالي إلى 885 حفارا".
وبعد زيادة متواضعة بلغت خمسة حفارات في الربع الثالث من العام، أضافت شركات الطاقة 22 حفارا منذ بداية الربع الأخير.
وعدد الحفارات النفطية النشطة في أمريكا، وهو مؤشر أولي للإنتاج مستقبلا، مرتفع عن مستواه قبل عام عندما بلغ 747، مع قيام شركات الطاقة بزيادة الإنفاق هذا العام لتعزيز الإنتاج للاستفادة من صعود الأسعار.