هذه الآيات الأربع إنذار لأمة الدعوة المحمدية عربها وعجمها من عصر النور الأعظم إلى يوم القيامة ، لتعتبر بما نزل بغيرها كما ترشد إليه الرابعة منها
عن عائشة رضي الله عنها قال صلى الله عليه وسلم: إِذَا ظَهَرَ السُّوءُ فِي الْأَرْضِ، أَنْزَلَ اللهُ بَأسَهُ بِأَهْلِ الْأَرْضِ, قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ وَإِنْ كَانَ فِيهِمْ صَالِحُونَ؟ قَالَ: نَعَمْ, وَإِنْ كَانَ فِيهِ صَالِحُونَ, يُصِيبُهُمْ مَا أَصَابَ النَّاسُ ثُمَّ يَصِيرُونَ إِلَى رَحْمَةِ اللهِ وَمَغْفِرَتِهِ.
وقال القرطبي في التذكرة: إذا كثر المفسدون وقَلَّ الصالحون هلك المفسدون والصالحون معهم إذا لم يأمروا بالمعروف ويكرهوا ما صنع المفسدون، وهو معنى قوله: واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة
وأما قوله صلى الله عليه وسلم : ( فمن عرف فقد برئ ) وفي الرواية التي بعدها : ( فمن كره فقد برئ ) فأما رواية من روى ( فمن كره فقد برئ ) فظاهرة ، ومعناه : من كره ذلك المنكر فقد برئ من إثمه وعقوبته ، وهذا في حق من لا يستطيع إنكاره بيده ولا لسانه فليكرهه بقلبه ، وليبرأ .
وأما من روى ( فمن عرف فقد برئ ) فمعناه - والله أعلم - فمن عرف المنكر ولم يشتبه عليه ، فقد صارت له طريق إلى البراءة من إثمه وعقوبته بأن يغيره بيديه أو انه ، فإن عجز فليكرهه بقلبه .
وقوله صلى الله عليه وسلم : ( ولكن من رضي وتابع ) معناه : ولكن الإثم والعقوبة على من رضي وتابع .
وفيه دليل على أن من عجز عن إزالة المنكر لا يأثم بمجرد السكوت . بل إنما يأثم بالرضا به ، أو بألا يكرهه بقلبه أو بالمتابعة عليه . في زمن الفتن اكثر من قول يامقلب القلوب والابصار ثبت قلبي على دينك