1- حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول صلاة الجماعة تفضل صلاة الفذِّ بخمس وعشرين درجة)
وجه الدلالة : دلَّ الحديث على أنَّ الجماعة سنَّةٌ مؤكدةٌ ، وذلك من عدة وجوه :
الوجه الأوَّل :جعل الحديث الجماعة سبباً لإحراز الفضيلة ، وهذه علامة السنن ،أي :أنَّ الجماعةَ سنةٌ مؤكدةٌ
الوجه الثاني:قوله صلى الله عليه وسلم (صلاة الجماعة تفضل صلاةَ الفذِّ)) دلَّ على أنَّ الصلاتين صلاة الجماعة وصلاة الفرد اشتركتا في الفضيلة ، فلو كانت صلاة الفرد غير مجزءة لما كانت لها فضيلة أصلاً ،وهذا يدل بجلاء على أنَّ صلاة الجماعة سنةٌ مؤكدةٌ, وليست واجبةً.
الوجه الثالث: من المعلوم أنَّ المفاضلة تكون حقيقتها بين فاضلين جائزين ، والمفاضلة هنا واضحة بين صلاة الفذِّ وصلاة الجماعة ، مما يعني أنَّ كلتا الصلاتين جائزٌ، وهذا دالٌ بوضوح على سنية صلاة الجماعة .
الوجه الرابع : قد أتى الحديث بلفظ "تفضل"وبلفظ "تزيد" و وبلفظ "تعدل" وبلفظ "أفضل"، وأيضا قد حَدَّ رسول الله المفاضلة بِسَبْعٍ وَعِشْرِينَ دَرَجَةً فَلَوْ لَمْ تَكُنْ لِصَلَاةِ الْفَذِّ دَرَجَةٌ مِنْ الْفَضِيلَةِ لَمَا جَازَ أَنْ يُقَالَ إِنَّ صَلَاةَ الْجَمَاعَةِ تَزِيدُ عَلَيْهَا سَبْعًا وَعِشْرِينَ دَرَجَةً وَلَا أَكْثَرَ وَلَا أَقَلَّ لِأَنَّهُ إِذَا لَمْ يَكُنْ لِصَـلَاةِ الْفَـذِّ مِقْـدَارٌ مِنْ الْفَضِيــلَةِ فَـلَا يَصِـحُّ أَنْ تَتَقَدَّرَ الزِّيَادَةُ عَلَيْهَا بِدَرَجَاتٍ مَعْدُودَةٍ مُضَافَةٍ إلَيْهَا .
----------------------
4 - عن جابر رضي الله عنه أنّ النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( من أكل البصل والثوم والكراث فلا يقربنّ مسجدنا فإنّ الملائكة تتأذى مما يتأذى منه الإنسان)
هذا لفظ مسلم, وللحديث شواهد كثيرة.
وجه الدلالة : هذا الحديث صريح في التخلف عن الجماعة في المساجد بسبب أكل الثوم ، واللازم عن ذلك أحد أمرين : إما أن يكون أكل الثوم مباحاً وصلاة الجماعة غير واجبة على الأعيان أو تكون الجماعة واجبة على الأعيان ،ويمتنع أكل الثوم ،وقد سكت النبي r عن النهي عن أكل الثوم ،والقاعدة لا يجوز تأخير البيان وقت الحاجة ، والسكوت في معرض الحاجة بيان [20] أي أن أكل الثوم مباح ،ويستلزم منه جواز الصلاة في المنزل لأن لازم المباح مباح ، ويؤكد هذا قوله ( ليس لي تحريم ما أحل الله ) فهذا يستلزم ألا تكون الجماعة في المسجد واجبة على الأعيان ، فأكل الثوم جائز ،ومن لوازمه : ترك صلاة الجماعة في حق آكله للحديث ،ولازم الجائز جائز فترك الجماعة في حق آكله جائز ،وذلك ينافي الوجوب عليه
ويؤيده أنّ جمهور العلماء - عدا بعض الظاهرية - قالوا بجواز أكل البصل والثوم ونحوهما.
قال الإمام ابن دقيق العيد- مقرراً هذ الاستدلال:
[ وتقريره أن يقال: أكل هذه الأمور جائز بما ذكرناه, ومن لوازمه: ترك صلاة الجماعة في حق آكلها للحديث, ولازم الجائز جائز, فترك الجماعة في حق آكلها جائز , وهذا ينافي الوجوب عليه ]. أ هـ [الإحكام شرح عمدة الأحكام 402]
فدل على ماذكرناه.
أخرج من أكله من المسجد إلى البقيع لكنه لم يأمرهم بعدم أكله قبل الصلاة بل قال لا أحرم حلالا !!! و تأخير البيان عن وقت الحاجة لا يجوز
قال ابن عبد البر في التمهيد : وفي هذا الحديث من الفقه أيضا أن حضور الجماعة ليس بفرض لأنه لو كان فرضا ما كان أحد ليباح له ما يحبسه عن الفرض، وقد أباحت السنة لآكل الثوم التأخر عن شهود الجماعة، وقد بينا أن أكله مباح فدل ذلك على ما وصفنا وبالله عصمتنا، ألا ترى أن الجمعة إذا نودي لها حرم على المسلمين كل ما يحبس عنها من بيع وقعود ورقاد وصلاة وكل ما يشتغل به المرء عنها، وكذلك من كان ( من أهل المصر ) حاضرا فيه لا عذر له في التخلف عن الجمعة أنه لا يحل له أن يدخل على نفسه ما يحبسه عنها، فلو كانت الجماعة فرضا لكان أكل الثوم في حين وقت الصلاة حراما، وقد ثبتت إباحته فدل ذلك على أن حضور الجماعة ليس بفرض والله أعلم وإنما حضورها سنة وفضيلة وعمل بر. انتهى
------------------
5 - بسر بن محجن عن أبيه محجن أنه كان في مجلس مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فأذن بالصلاة فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم فصلى ثم رجع ومحجن في مجلسه لم يصل معه فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم ما منعك أن تصلي مع الناس ألست برجل مسلم فقال بلى يا رسول الله ولكني قد صليت في أهلي فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا جئت فصل مع الناس وإن كنت قد صليت." أخرجه النسائي (857)، وأحمد (16442) وصححه الألباني
في صحيح النسائي وحسنه شعيب الأرناؤوط في تخريج سنن الدارقطني
وجه الدلالة : لو كانت صلاة الجماعة واجبة لماذا لم ينبه الرسول عليه الصلاة و السلام الصحابي على ذلك و قد صلى في أهله و لا نقول أن لذيه عذر فالرجل لحق بصلاة الجماعة !!!! و بما أن تأخير البيان عن وقت الحاجة لا يجوز دل الحديث على إقرار الرسول عليه الصلاة و السلام للصحابي على صلاته في أهله رغم إمكانية لحاقه بصلاة الجماعة !!! و هذا دليل واضح في عدم وجوبها