حيثما قلّبتَ النظر في التاريخ الإسلامي منذ ولادته إلى يومنا هذا، قروناً وأحقاباً؛ وعقوداً وأياماً؛ تدرك بناظريك أن للباطل صولةً ثم يُكسَع، وجولةً ثم يُهزَم، وشرارةً ثم ينطفئ، وأنه ما بقي الباطل على الدوام رغم تنوّعه، ويبقى الحق منتصراً وعزيزاً ومنيعاً لأنه الشرع، فلا يهمّنَك الباطل في صولته، وجولته، وشرارته، فهي كما قدمتُ لك؛ إلى زوالٍ.
وما تراه اليوم من انتشار الباطل إنما هي قرونُ الشر يُظهرها الله لتُقطع، فكما أن بعض البدع تظهر لتُقطع وأهلها، فكذلك الفسق وأهله، غير أننا حين تلك الصولة والجولة والشرارة نعتصم بحبل الله المتين، كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم بفهم السلف الصالح، فلا نزيد ولا ننقص، ولا نعتمد الآراء، فنحن كما قال الصفديُّ في لاميته:
واصبر على كل ما يأتي الزمان بهِ
------------------ صبر الحُسام بكفِّ الدّارع البطلِ
نعم، إنه لتجيش صدورنا غضباً، غير أننا لا نقول ولا نفعل إلا ما يُرضي الرب، ولا يرضيه سبحانه وتعالى إلا شرعه ودينه، فلا نتدخل فيه برأيٍ معارض، وإن زخرفتْه النفس، ووجدنا عليه أعواناً، بل نلتزم السنة، فإنها العاصمة، وإنها الحسام القاطع، والبرق الخاطف، وشفاء الصدور، وإنها وإنها، وإنها النجاة عند تحقق الهلاك.