يحتج دعاة سفور المرأة بحديث رواه البخاري في صحيحه عن بن عباس رضي الله عنهما على جواز كشف المرأة المسلمة لوجهها وأنه ليس بواجب
قال الامام البخاري
حدثنا أبو اليمان، أخبرنا شعيب، عن الزهري، قال: أخبرني سليمان بن يسار، أخبرني عبد الله بن عباس رضي الله عنهما، قال: أردف رسول الله صلى الله عليه وسلم الفضل بن عباس يوم النحر خلفه على عجز راحلته، وكان الفضل رجلا وضيئا، فوقف النبي صلى الله عليه وسلم للناس يفتيهم، وأقبلت امرأة من خثعم وضيئة تستفتي رسول الله صلى الله عليه وسلم، فطفق الفضل ينظر إليها، وأعجبه حسنها، فالتفت النبي صلى الله عليه وسلم والفضل ينظر إليها، فأخلف بيده فأخذ بذقن الفضل، فعدل وجهه عن النظر إليها، فقالت: يا رسول الله، إن فريضة الله في الحج على عباده، أدركت أبي شيخا كبيرا، لا يستطيع أن يستوي على الراحلة، فهل يقضي عنه أن أحج عنه؟ قال: «نعم»
انتهى
قالوا لو كانت تغطية الوجه واجبة لأمرها الرسول صلى الله عليه وسلم بتغطيته ولم يسكت عنها فلما سكت دل ذلك على ان تغطية الوجه ليست بواجبة
والجواب
اولا : عند الحكم على اي حدث يجب النظر الى جميع جوانبه والاحاديث النبوية ترد احيانا مختصرة ثم ترد من طرق اخرى مطولة وفيها تفاصيل لم ترد في الحديث الاخر المختصر لأن المصنف قد يكتفي بالطريق المختصر لتأديته الغرض الذي بوب عليه
ثانيا : لذلك وردت الاشارة للخثعمية من طرق اخرى عند الامام مسلم وابي داوود من حديث جابر بن عبدالله رضي الله عنهما المشهور في مناسك الحج
وفيه (((وأردف الفضل بن العباس وكان رجلا حسن الشعر أبيض وسيما فلما دفع رسول الله صلى الله عليه وسلم مر الظعن يجرين فطفق ينظر إليهن فوضع رسول الله صلى الله عليه وسلم يده من الشق الآخر فصرف الفضل وجهه من الشق الآخر ينظر ))
قال في عمدة القاري في (الظعن): (وقال ابن سيده ... ولا يقال ظعن إلا للإبل التي عليها الهوادج ) انتهى.
وقال الحافظ في فتح الباري: (ظعينة وهي المرأة في الهودج ثم أطلق على المرأة مطلقا) انتهى.
وقال السيوطي: هي المرأة التي تكون في الهودج .
وقال في مشارق الأنوار على صحاح الآثار: (والظعينة: هم النساء وأصله الهوادج التي يكن فيها ... وحتى سمي الجمل الذي تركب عليه ظعينة ولا يقال ذلك إلا للإبل التي عليها الهوادج ) انتهى.
وقال في تفسير غريب ما في الصحيحين للحميدي: ( وأصل الظعائن الهوادج لكون النساء فيها وقد يقال لها ظعائن وإن لم يكن فيها نساء) انتهى.
الشاهد ان المرأة الخثعمية لم تكن كاشفة لوجهها بل كانت ساترة لنفسها في الهودج وكان الفضل ينظر اليها من خلاله هذا هو الاصل ... واما كشفها لوجها فله سبب يبطل احلام دعاة السفورفقد
ثبت أيضاً بالدليل من عدة روايات أن الخثعمية عرضها أبوها للنبي صلى الله عليه رجاء أن يتزوجها فعن ابن عباس عن الفضل بن عباس قال: (كُنْتُ رِدْفَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم وأعرابي مَعَهُ ابنةٌ لَهُ حَسْنَاءُ، فَجَعَلَ يَعْرِضُهَا لِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم رَجَاءَ أن يَتَزَوَّجَهَا قَالَ: فَجَعَلْتُ أَلْتَفِتُ إليها وَجَعَلَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَأْخُذُ بِرأسي فَيَلْوِيهِ وَكان رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يُلَبِّي حَتَّى رَمَى جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ) انتهى.
والحديث صحيح أخرجه أبو يعلى وأبو بكر بن أبي شيبة وصححه جمع من المتقدمين والمتأخرين.
1- قال الحافظ ابن حجر في فتح الباري (4/68) بعد أن عزاه إلى أبي يعلى: (إسناده قوي).
2- وقال الهيثمي في مجمع الزوائد (4/277): (رواه أبو يعلى ورجاله رجال الصحيح).
3- وذكره الحافظ ابن حجر في المطالب العالية ثم قال محقق الكتاب المحدث حبيب الرحمن الأعظمي وبعد أن رمز له بعلامة الصحة: (إسناده لا بأس به).
4- وذكر الحديث الحافظ البوصيري وسكت عنه ولو وجد فيه ما يقدح لبينه كعادته كما في إتحاف الخيرة المهرة بزوائد المسانيد العشرة.
5- وصحح الحديث الشيخ المحدث عبد القادر بن حبيب السندي في رسالته "الحجاب".
6- وقال محقق مسند أبي يعلي، حسين سليم أسد: (إسناده صحيح).
فالمفهوم من الحديث هو جواز عرض الرجل ابنته على اهل الخير للزواج وهذا مافهمه كبار ائمة الاسلام مثل
أ- الحافظ ابن حجر في المطالب العالية حيث قال: (باب عرض المرأة على الرجل الصالح).
ب- وقال الحافظ أحمد البوصيري صاحب كتاب إتحاف الخيرة المهرة: (باب فيمن عرض ابنته على من يتزوجها).
ت- وقال الحافظ الهيثمي في مجمع الزوائدباب عرض الرجل وليته على أهل الخيرة)