لن تنال الاحترام والتقدير ما دمت تكذب وتتنطع بماليس فيك ولا تملكه
أن يحاول الإنسان تحسين مستواه الإجتماعيّ أمر طبيعيّ ومقبول. لكن أن يحاول إدّعاء ما ليس عليه، فما هو إلاّ محاولة يائسة لرفض واقعه الذي قد لا يكون مُرضياً لغروره وصورته الذاتيّة!
إنّ «الفشخرة»، أي محاولة ظهور المرء بصورة مغايرة تماماً لما هو عليه، هو بالدرجة الأولى تمثيل على الآخرين، لا بل على الذات. ويبقى الدافع الأساسي هو الرغبة في الإندماج في المجتمع وتسلّق السلّم الإجتماعيّ بسرعة هائلة حتى يتربّع الإنسان مع ذوي النفوذ والرقيّ للدخول إلى النشاطات والحفلات وصالونات الشرف. بات الجميع يتداولون أنّ المال والنفوذ يحدّدان المكانة الإجتماعية، بعيداً عن الشخصيّة والثقافة والشهادة والأخلاق. لذلك يلجأ غالبيّة «الجهلة» إلى محاولة التنقيب عن الفرصة المناسبة للظهور، متعالين، مغرورين، نافشين ريشهم المزيّف كالطاووس، يختالون بين الناس ليتداولوا آخر الأخبار، لا بل ليصبحوا هم حديث المجتمع.
لكن في النهاية، ليس كلّ ما يلمع ذهباً... فالناس أذكى بكثير من الوقوع في فخّ المظاهر الخدّاعة، لأنّ الأصل لا يُشترى وغالباً ما يغلب الطبع التطبّع.
قد يرى البعض في الإدعاء والتباهي إتخاذ أكثر من منزل أو سيّارة أو إنفاق مال لا يملكونه حقاً، أو حتى «مدّ الرجلين أبعد من البساط» وتخطّي الإمكانات المادية المتواضعة، لكن هذا يؤدّي إلى خسارات فادحة في العمل والمنزل وحتى على نطاق العلاقات والصداقات.
تقول أبو سمرا: «نحن نهتمّ بتطوّر الإنسان وتماشيه مع متطلّبات الحياة، بيد أننا لم نتوصّل بعد إلى دراسات معمّقة عن تأثير الحياة اليومية والعادات والتقاليد على نفسية المرء ومجرى حياته. إذ لم تحدث بعد مساءلة بين الحياة العادية والحياة المثالية. فالكلّ يريد أن يصبح كذا وكذا، وهذا أمر مثاليّ، لكننا لا نلتفت الى حياتنا العادية التي هي الأهمّ.
إنّ إبتكار أكاذيب وإدعاء الغنى لن يوصلا صاحبهما إلى مكان، إذ إنّ المحيطين به قادرون على كشف أوراقه بكلّ سهولة من أوّل زلّة. ونرى ذلك بوضوح عند بعض الذين يغتنون فجأة، ويكونون من طينة سيئة، فتكون علامات المجد الباطل ظاهرة عليهم وواضحة وضوح الشمس، مع أنهم يملكون الإمكانات المادية، لكنهم يفتقرون إلى حسن التصرّف. فالإكثار من المجوهرات أو التحف أو السيارات والثياب ليس بمعيار للغنى ولا يحدّد المكانة الإجتماعية، وهذا أمر يجب أن يكون واضحاً للجميع».
القناعة كنز لا يفنى، ومَن رضي بما لديه تقدّم في الحياة وحقق المزيد من النجاحات والإزدهار.