يوجد في سوق الأسهم السعودية عدد كبير من شركات التأمين يصل عددها إلى 36 شركة، هذا العدد الكبير من الشركات يجب تقليصها من وجهة نظر البعض وخاصة أنها لا تحقق أرباحا، علما بأن بعض شركات التأمين تحقق أرباحا عالية جدا، فالمسألة ليست مسألة تتعلق بهذا القطاع؛ بل في الإدارة.
بعض رؤساء مجلس الإدارة يَعْتَبِرُ ترأسه لمجلس إدارة أي شركة صيدا ثمينا لا يمكن التفريط به، فأرصدة الشركة تتحول لحسابته الخاصة مع مرور الوقت، ولا تمضي سنوات حتى تجد الشركة مديونة وفي حالة شلل تام.
سأضرب لكم مثالا واحدا ألا وهو شركة سند للتأمين؛ حيث ترأس مجلس إدارتها مجموعة إداريين، ونشطت كأي شركة بإصدار وثائق تأمين، وبعد سنوات من وجودها في السوق السعودية اتضح أنها شركة خاسرة بطريقة غير معقولة، وعليها شكاوى كثيرة جدا في مؤسسة النقد (بعض هذه الشكاوى مجمدة لعدة سنوات لم يبت بها بعد)، هنا تدخلت مؤسسة النقد لإصلاح الوضع، وقامت بالتالي:
– إيقاف إصدار شركة سند للتأمين لوثائق التأمين؛ حتى تقوم الشركة بتسوية كل المخالفات التي قامت بها؛ حيث كانت تماطل في سداد التأمين المفترض عليها سداده.
– طلبت مؤسسة النقد من شركة سند بتغيير مجلس الإدارة كاملا.
قبل إيقاف شركة سند من إصدار وثائق التأمين بدأ سعر السهم ينزل بطريقة احترافية؛ فخلال 3 أشهر نزل سعر السهم من 36 ريال إلى عشرة ريالات، ثم بدأ بالارتفاع بالنسبة القصوى عند افتتاح السوق من يوم الأحد وحتى يوم الخميس؛ في يوم الخميس افتتح بالنسبة القصوى ثم أقفل السوق على انخفاض بنسبة 8% حيث أصبح هناك تصريف قوي على السهم، بعد إقفال السوق أعلنت مؤسسة النقد وقف إصدار شركة سند للتأمين من إصدار وثائق تأمين، وفي يوم الأحد أصدرت هيئة السوق المالية قرارا بتعليق تداول سهم سند للتأمين في السوق المالية السعودية (تداول) ابتداءً من يوم الأحد 7 سبتمبر 2014م؛ حتى تحل الشركة مشكلتها مع مؤسسة النقد.
ماذا عملت مؤسسة النقد؟، وكيف تسرب وقف نشاط شركة سند؟، ومن هم المستفيدون، ومن هم الخاسرون؟، هل حقا وقفت مؤسسة النقد موقفا حازما لتصحيح وضع الشركة؟.
النتيجة التي آلت إليه شركة سند للتأمين أصبح كالتالي:
– من تسبب بخسارة شركة سند للتأمين وهم أعضاء مجلس الادارة نجوا من المحاسبة، بل وسهلت مؤسس النقد خروجهم من الشركة بشكل مشرف.
– من يمتلكون كميات كبيرة من الاسهم استطاعوا التخلص من اسهمهم.
– صغار المساهمين ممن ضخوا أموالهم في شراء هذا السهم وخاصة في الأسبوع الأخير، وممن تورطوا به ولم يبيعوا في اليوم الأخير لجأوا إلى مؤسسة النقد لاستيضاح الخبر، وكان موظفو المؤسسة يبسطون الوضع للمساهمين بأن الوضع بسيط وأن الشركة سترجع للتداول، وكل ما هناك بعض المطالب على شركة سند وأن أعضاء مجلس الشركة الجدد جادون في تصحيح الوضع.
– مؤسسة النقد ألقت شركة سند في البحر مكتوفة الأيدي، وأخذت تصرخ تطالبها بإنقاذ نفسها، وذلك بأن مؤسسة النقد قطعت عن شركة سند أي فرصة لتستعيد عافيتها؛ بأن منعتها من إصدار وثائق تأمين؛ الذي هو مصدر دخلها، وهي شركة لديها موظفون يريدون رواتب؛ فشيء طبيعي أنها بعد سنة أو سنتين تعلن إفلاسها.
– استمر الوضع أشهر وأشهر، وكل فترة تهدئ شركة سند مساهميها بأن الوضع لا يدعوا للقلق، وأنها ماشية في الطريق الصحيح، وأنها لديها مشروع زيادة رأس المال، ثم مشروع تخفيض رأس المال، انتظرتم كثيرا ما بقي إلا القليل، أشهر معدودة وترجع للتداول، ثم توجت هذه التصاريح بـ:
– سند للتأمين تعلن سحب ملف زيادة رأس المال المقدم لهيئة السوق بتاريخ: 28/ 11/ 2016م.
– سند للتأمين تعلن سحب ملف تخفيض رأس المال المقدم لهيئة السوق بتاريخ: 06/ 12/ 2016م.
– مجلس إدارة شركة سند للتأمين يقرر تصفية الشركة الاختياري، في أول حالة من نوعها في تاريخ سوق الأسهم السعودية.
– هيئة السوق المالية تقرر إلغاء إدراج أسهم شركة سند للتأمين من السوق السعودي بتاريخ 2017/ 05/10م.
في الختام لدي بعض الأسئلة:
– من خلال إشراف مؤسسة النقد على شركات التأمين، هل حققت مؤسسة النقد إصلاحا على شركة سند؟، وهل إشرافها سلبي أم إيجابي؟.
– أين هم من تسبب في إفلاس شركة سند؟، وهل مؤسسة النقد المشرفة على شركات التأمين عاجزة عن تتبع مسار أموال شركة سند؟.
– من دفع ثمن خسائر شركة سند؟، هل هم أعضاء مجلس الإدارة السابقون؟، أم المشترون في آخر أسبوع لتداول سهم سند؟.
– ما ذنب المتداول الصغير الذي لم يجن شيء من هذا السهم؟.
– هل أنظمة مؤسسة النقد تغض الطرف عن الكبار وتبطش بالصغار؟.
– لماذا صمتت مؤسسة النقد ولم تحرك ساكنا حتى حلت الكارثة؟.
– ما مدى سرية قرارات مؤسسة النقد، وهل تسريب خبر إيقاف شركة سند جاء من باب الصداقة أم دفع ثمنه؟.
– هل قرار تصفية شركة سند قرار حكيم يهدف إلى خدمة المصلحة العامة، أم أنه نتيجة تصفية حسابات؟.