استوقفتني كثيراً هذه العبارة التي أرسلها أحد الإخوة في منتدانا الشامخ لرجل يشتكي من قلة الراتب وضعفه وأنه لا يسد حاجته
فكان هــــــذا الــــــــرد :
( زين احمد ربك اخر عهدي بالراتب 1427 هـ ومن ذاك الوقت لليوم الراتب تراب ولاضمان ولاوظيفه ولاتعديل مهنه ولاحرمه ولاولد ولاشي ميت على قيد الحياه والعمر 40 سنه وسلامتك المهم احمد ربك نسيت اقول قرض من بنك الراجحي 77 الف وانتظر القبض بسببه في اي لحظه .. تحياتي )
أولاً أسال الله أن يُفَرّج هَمّه وهَمّ كل مسلم
اعلموا أيها الإخوة : أن الله سبحانه وتعالى قدّر الأرزاق والمؤمن عليه أن يتقي الله وأن يرضاء بقضائه وقدره وأن يبذل الأسباب في كسب العيش . فالله أنعم علينا بالنعم الظاهرة والباطنة ( وإن تعدوا نِعمةَ الله لا تحصوها ) ولا يزال المؤمن في نِعمةَ الله إن أصابته سراء شكر فكان خيراً له ، وإن أصابته ضراء صبر فكانَ خيراً له ، وعليكم بالقناعة فإنها والله كنزٌ لا ينفد وذخرٌ لا يفني فالقناعة غنى بلا مال ، وعز بلا جنود ولا رجال . ما هي القناعة ؟ القناعة هي أن يرضى الانسان بما قدّر الله عليه في هذه الحياة الدنيا وأن ينظر إلى من هو أقل منه في العافيه والمال والأهل فإن ذلك أقرب إلى معرفة النعمة وشكرها ، ولا تنظروا إلى من هو فوقكم في هذه الأشياء فإن ذلك يؤدي إلى القلق وكفران النعمة فالمعافى في بدنه أو ماله أو أهله ينظر إلى من أُبتلي بشيء من ذلك ليعرف قدر نِعمةَ الله عليه ، وإن كان هو مبتلى بشيء من ذلك فلينظر إلى من هو أعظم منه ابتلاءً يقول الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : ما من مصيبة تُصيب العبد إلا وفِي الوجود ما هو أعظم منها فإن كانَ غنياً فلينظر الى الفقير وإن كان فقيراً فلينظر الى من هو أفقرَ منه ممن لا يملك من حُطام الدنيا شيئا جاء رجل إلى يونس بن عبيد رحمه الله ( من كِبار التابعين ) يشكوا الحاجة والفاقة وأصابه همٌّ وغم فقال له يونس : أيسُركَ ببصرِكَ مائة الف قال : لا يقول له أيسرك أن تؤخذ منك نِعمةَ البصر فتصبح أعمى وتُعطى مائة الف طبعا رفض قال له : فبسمعك ؟ وتعطى مائة الف قال : لا قال له فبعقلك ؟ أي تؤخذ منك نِعمةَ العقل وتصبح مجنون وتعطى مائة الف قال : لا
ثم أخذ هذا التابعي الجليل يذكره بِنِعمَ الله عليه . فقال له : أرى لَكَ ميئين الألوف أي ميئات الألوف وتشكوا الحاجه . نعم. ذكره
بِشَيْءٍ قد غاب عنه وهي نِعمةَ العافيه والصحة. ومهما أُصيب العبد في دنياه فإن ذلك ليس بشيٍ عند سلامة دينه الذي
هو عِصمة أمره في دنياه وأُخراه
وكلُ كسرٍ فإن اللهَ يجبرهُ
وما لكسرِ قناة الدين جبرانُ
الدين الاسلامي ولله الحمد هو الكسب الذي نعتزُ به ونُفاخر ، وهو الذخر الذي نُعِدَهُ لليوم الآخر ، الدين هو التجاره التي
تُنجي من العذاب الأليم ، وتُقرّب العبد إلى المولى الرحيم . فيا أيها المبتلى اصبر
على البلوى واذكر من هو أكثر منك وأعظم ضررا ثم انظر الى ما أنعم الله عليك من الإيمان فاستعن به على مقاومة المصائب بالصبر ومقابلة النعم بالشكر .
اللهم اجعلنا ممن إذا اُبتلي صبر وإذا أنعمتَ عليه شكر ، وإذا أذنب استغفر .