توقعات "متشائمة" ترصد بوادر ركود عالمي على الأبواب وسط اضطراب الأسواق وتقلبات أسعار النفط
حذّر خبراء من أن أزمة مالية مقبلة قد تضرب الاقتصاد العالمي في 2020، ويتوقع أن تكون تداعياتها أكثر إيلاما من أزمة 2008، حيث الركود الاقتصادي العالمي وخسائر صناديق التحوط، وارتفاع مستويات الديون السيادية لمستويات عالية. وبحسب الخبراء فإن الأزمة المقبلة سوف تتفاعل ببطء، ولكن بثبات ولسنوات عديدة، وحسب تقارير مصرفية دولية تبدو التوقعات بالنسبة لحدوثه الوشيك مُجَدوَلة لعام 2020، وقد تكون مع انطلاق الانتخابات الأميركية المقبلة، وهناك العديد من المؤشرات التي يتبادلها الخبراء والإستراتيجيون كسبب رئيسي لهذه الأزمة الوشيكة، حيث تبرز أصوت رائدة في مجالات الاقتصاد والمال، محذرة من سبب جوهري قد يشعل الأزمة، وهو توقيت الحافز المالي الأميركي الحالي الذي قد يتم إيقاف مفاعيله عام 2020 حيث يتجه النمو إلى أقل المستويات.
بوادر الأزمة "الطاحنة" كما وصفها المتخصصون في حديثهم لـ"إندبندنت عربية" قد تكون أكثر إيلاما، حيث ستأخذنا إلى كساد يصعب معالجته بسرعة، وغلاء وبطالة وارتفاع فاحش للأسعار، وكلها توقعات "متشائمة" قد تستمر لسنوات، وحينها ليس بالأمر السهل احتواؤها مع جو التوتر والاضطراب العالمي".
أما العاصفة المقبلة توقعتها المديرة العامة لصندوق النقد الدولي كرستين لاغارد في حديثها الأخير في دبي: "من أن الاقتصاد العالمي ينمو بشكل أبطأ"، محذرة من "عاصفة اقتصادية محتملة". وحذرت المسؤولة الدولية من أنه "عندما تتلبد السماء تكفي شرارة برق واحدة لبدء العاصفة".
يشار الى أن صندوق النقد الدولي خفض الشهر الماضي توقعاته، للمرة الثانية خلال أشهر، لوتيرة النمو العالمية التي باتت مقدّرة بنسبة 3,5% لهذا العام، بعد أن سجلت 3,7% في عام 2018. وخفّض الصندوق تقديره أيضاً للنمو لعام 2020 ليصبح 3,6% أي بانخفاض 0،1 %.".
الاقتصاد العالمي لم يتعاف من أزمة 2008
هنا يري المحلل الاقتصادي والمصرفي السعودي فضل بن سعد البوعينين "أن الاقتصاد العالمي لم يتمكن من التعافي الكلي من أزمته السابقة التى اندلعت في عام 2008، لا سيما أن بعض دول الاتحاد الأوروبي ما زالت ترزح تحت ضغوط الديون السيادية، والبعض الآخر يعاني من ضعف النمو الذي يعتبر انعكاساً حقيقياً للاقتصاد، خصوصا في ألمانيا وفرنسا، أكبر اقتصادين في منطقة اليورو التي تعاني من ضعف القدرة على تحمل الصدمات المفاجئة، ما يجعلها أكثر عرضة للانكشاف في حال حدوث أزمة محدودة وتطورها لأزمة شاملة. وهذا ما أكدته مديرة صندوق النقد الدولي كريستين لاغارد التي أشارت إلى أنّ دول منطقة اليورو ليست مرنة بما يكفي للصمود أمام أزمة اقتصادية جديدة".
وأضاف البوعينين" إن الولايات المتحدة الأميركية على جانب آخر تعاني من مشكلتين: الأولى ارتفاع الديون السيادية إلى مستويات قياسية لا يمكن التعامل معها علاوة على أن القطاع المالي الأميركي يعاني أيضا من ارتفاع نسبة الديون المتعثرة وإمكانية تعرض البنوك لأزمة جديدة قد تجر العالم إلى حافة أزمة جديدة". لافتاً إلى أن المشكلة الثانية تكمن في ضعف النمو الذي يؤكد أن قراءة البنك الفيدرالي لنسب التضخم قبل رفعه الفائدة والتي كانت خاطئة مما حدا بالرئيس دونالد ترمب اتهام البنك المركزي بالتسبب بضعف النمو بسبب رفعه أسعار الفائدة، وبغض النظر عن المتسبب في ذلك إلا أن ضعف النمو يؤكد معاناة الاقتصاد الأميركي الذي يؤثر في جميع اقتصادات العالم".
وبيّن الاقتصادي البوعينين "أن متغيرات العائد على السندات الأميركية يشير إلى أن الأسواق تنذر بحدوث أزمة ما مستقبلاً وتربطها بضعف النمو، وللإشارة فقد انخفضت عائدات سندات الخزانة لأجل 10 سنوات في الأيام الماضية بنسبة 2.42%، أي أقل من الثلاثة أشهر، ما يشير إلى أن الأسواق ترسل إشارات متشائمة حول مستقبل الاقتصاد". موضحاً "أن الأسواق المالية تحركت وفق رؤية تشاؤمية للاقتصاد الأميركي وبالتالي العالمي وهذا لا ينتج مصادفة، بل اعتمادا على بحوث ودراسات معمقة وتجارب تاريخية دقيقة".
وقال البوعينين "إن الحرب التجارية بين أميركا والصين من جهة والاتحاد الأوروبي من جهة أخرى ستؤثر سلباً في اقتصادات الدول، وبالتالي نموها الذي تهدده معوقات أخرى ستزداد سوءا بتلك الحرب، ومن المتوقع أن تغذي هذه الحرب التجارية إذا لم تعالج الأزمة المالية المقبلة".
ورداً على سؤال عن انعكاسات الأزمة المتوقعة على دول الخليج أجاب "بأن أي أزمة عالمية ستنعكس على دول المنطقة من خلال ثلاثة محاور رئيسة، الأول: انعكاس الأزمة على أسعار النفط وحجم الطلب، وهذا سيؤثر بحدة على دول النفط الخليجية، والثاني: مرتبط بالاستثمارات الخليجية في الأسواق الغربية التي ستتأثر سلبا بأي أزمة مقبلة، والأمر ينطبق على الاستثمار في السندات الغربية التي قد تتعرض لمشكلات مستقبلا". مضيفاً: "إن المحور الثالث لانعكاسات الأزمة على دول الخليج يرتبط بالقطاعات المالية وسيكون حجم تأثرها متوافقاً مع حجم انكشافها على القطاعات المالية العالمية المتضررة". وأعرب البوعينين، عن أسفه الشديد عن أن دول الخليج تستبعد حدوث أزمة عالمية وهذا خطأ فادح، فالحذر واجب خاصة أن الدول الكبرى ومنها الصين بدأت بمراجعة استثماراتها في السندات الأميركية وزيادة حيازتها من الذهب بشكل لافت وكأنها تنتظر نشوب الأزمة.